المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لـو سترته بثوبك



mo7b
25 Jul 2005, 08:56 PM
لـو سترته بثوبك
يتشوّف الإسلام إلى الستر ، ويتطلّع إلى إخفاء الزلات ، وكتمان العيوب .
إذ أن إفشاء ذلك يعيب صاحبه بالدّرجة الأولى
وهو سبب لفشوّ الفاحشة ، وانتشار الفساد .
ولذلك لما جاء هَـزَّال بن يزيد الأسلمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورفع له شأن ماعز
والله يا هزال لو كنت سترته بثوبك كان خيرا مما صنعت به . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي في الكبرى .
ومِن هُنا جاء الحث على ستر المسلمين والمسلمات .
فقال عليه الصلاة والسلام : من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة . رواه البخاري ومسلم .
وفي الحديث الآخر : من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة .
وهذا الستر مُتعلّق بالمعاصي والآثام لا أن يستره بالكسوة ونحوها .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
قوله " ومن ستر مسلما " أي رآه على قبيح فلم يظهره ، أي للناس ، وليس في هذا ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه .
وقال الإمام النووي رحمه الله :
في هذا فضل إعانة المسلم وتفريج الكرب عنه ، وستر زلاته .
وقال حافظ المغرب ابن عبد البر رحمه الله :
فإذا كان المرء يؤجر في الستر على غيره ، فستره على نفسه كذلك أو أفضل ، والذي يلزمه في ذلك التوبة والإنابة والندم على ما صنع ، فإن ذلك محو للذنب إن شاء الله .
وروى في التمهيد بإسناده أن عمار بن ياسر رضي الله عنه أخذ سارقا ، فقال : ألا أستره لعل الله يسترني .
ولكن مَـنْ هـو الذي يُستر عليه ؟
قال الإمام النووي رحمه الله : المراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ، ممن ليس معروفا بالأذى والفساد .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
واعلم أن الناس على ضربين :
أحدهما :
من كان مستوراً لا يُعرف بشيء من المعاصي ، فإذا وقعت منه هفوة أو زلة ، فإنه لا يجوز هتكها ولا كشفها ولا التحدث بها ؛ لأن ذلك غيبة محرمة ، وهذا هو الذي وردت فيه النصوص ، وفي ذلك قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) والمراد إشاعة الفاحشة على المؤمن فيما وقع منه واتُّهم به مما بريء منه ، كما في قضية الإفك .
قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمر بالمعروف : اجتهد أن تستر العصاة ، فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام ، وأولى الأمور ستر العيوب .
ومثل هذا لو جاء تائبا نادماً وأقرّ بحده لم يفسره ولم يستفسر ، بل يؤمر بأن يرجع ويستر نفسه ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ماعزاً والغامدية ، وكما لم يستفسر الذي قال : أصبت حداً فأقمه عليّ ، ومثل هذا لو أخذ بجريمته ولم يَبلغ الإمام ، فإنه يُشفع له حتى لا يبلغ الإمام ، وفي مثله جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم . خرجه أبو داود والنسائى من حديث عائشة .
والثاني :
من كان مشتهراً بالمعاصي ، مُعلناً بها ولا يبالي بما ارتكب منها ، ولا بما قيل له هذا هو الفاجر المعلن ، وليس له غيبة كما نصّ على ذلك الحسن البصري وغيره ، ومثل هذا لا بأس بالبحث عن أمره ، لتُقام عليه الحدود ، وصرح بذلك بعض أصحابنا ، واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم : واغد يا أنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها . ومثل هذا لا يُشفع له إذا أُخِذَ ولو لم يبلغ السلطان ، بل يُترك حتى يُقام عليه الحدّ لينكّف شـرّه ، ويرتدع به أمثاله . قال مالك : من لم يُعرف منه أذى للناس ، وإنما كانت منه زلة ، فلا بأس أن يُشفع له ما لم يبلغ الإمام ، وأما من عُرف بشرّ أو فساد ، فلا أحب أن يَشفع له أحد، ولكن يُترك حتى يُقام عليه الحدّ . انتهى .
وقد صحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : إن الله ستّـير يُحب الستر .
والعجب من أُناس يسترهم الله فيأبون إلا هتك الأستار !
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ، ثم يصبح وقد ستره الله ، فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه . رواه البخاري ومسلم
ومن هذا الباب أن يقع المسلم الفاحشة ، أو يُسافر في لهوه الفتّان ، ثم يرجع يُحدّث أصحابه بما فعل ، فهذا يحمل الوزر مُضاعَفاً ، فيجمع على خطيئته خطايا :
فيحمل الوزر من حيث أنه ارتكب ما حرّم الله عز وجل ، ومن حيث جُرأته على محارم الله جل جلاله .
ويحمل الوزر من حيث أنه هتك ستر الله عليه ، وجاهر بمعصيته .
ويحمل الوزر من حيث أنه زيّن الفاحشة لغيره ، وجرّاه عليها ، وربما تكفّل له بالدلالة على الشرّ !
وأسوأ من هذا أن يُفاخر بالجريمة ، ويفتخر بالفاحشة .
وأسوأ منه أن يُفاخر في جرائم آثام لم يفعلها ! ليظهر بين أقرانه بصورة البطل المغوار ، صاحب المغامرات ، والليالي الملاح !
ومن هتك الأستار أن تضع المرأة ثيابها في غير بيت زوجها .
ولذا لما دخل نسوة من أهل الشام على عائشة رضي الله عنها فقالت : أنتن اللاتي تدخلن الحمامات ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت الستر فيما بينها وبين الله عز وجل . رواه الإمام أحمد وغيره .
ونحن لم نؤمر أن نتتبع عورات عباد الله ، ونهتك ما ستر الله عنا منهم
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ، ولا أشق بطونهم . رواه البخاري ومسلم .
وهذا على جميع المستويات
فعلى مستوى الجماعة
قال معاوية رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنك إن اتّبعت عورات الناس أفسدتهم ، أو كدت أن تفسدهم . فقال أبو الدرداء : كلمة سمعها معاوية من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعه الله تعالى بها . رواه أبو داود بإسناد صحيح .
وعلى مستوى الأفراد
قال عليه الصلاة والسلام : يا معشر من أعطى الإسلام بلسانه ، ولم يدخل الإيمان قلبه ، لاتؤذوا المؤمنين ، ولا تتبعوا عوراتـهم ، فإنه من تتبع عورات المؤمنين تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته .
وفي رواية : يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم [ – وفي رواية – : لاتؤذوا المسلمين ولا تُعيّروهم ، ولا تتّبعوا عوراتـهم - ] فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم يتتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ، وهو حديث صحيح .
فليحذر الذين يخوضون في أعراض عباد الله ويتتبّعون عوراتهم ، ولو زيّن لهم الشيطان أعمالهم أنهم لا يقصدون من وراء ذلك إلا النُّصح لعباد الله ، وتحذير الأمة !
فاجتهدوا – عباد الله - في ستر الآثام .
" من أصاب من هذه القاذورات شيئا ، فليستتر بستر الله " رواه الإمام مالك .
فمن ابتُلي بشيء من هذه القاذورات – وهي ما يوجب الحدّ – فليستتر بستر الله .
نسأل الله أن يسترنا فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض .

الصريح
25 Jul 2005, 09:29 PM
اخي mo7b

مااحوجنا للاكثار من ذكر المعاني السامية والخصال الحميده للسلف لايقاف النزيف الاخلاقي الذي حل بالمسلمين

فالستر والتسامح والقناعة والايثار وكف اللسان نرى نقائضها انتشرت ففضح عورات الناس وكشف زلاتهم تتردد ولاتردع

والجشع غلب القناعةوالنميمة في اوج مجدها واللسان السليط الذي يجرح اقرب الناس 0

اكثر من المعاني النبيلة لطس مايناقضها بارك اللة فيك معينا على الخير ودال علية 0

الزعيم
25 Jul 2005, 10:12 PM
الله يعطيك الصحة ويجزاك الف خير أخي / محب mo7b

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:40 PM
الله يبارك فيك أخوي محب

الافندى
25 Jul 2005, 10:46 PM
جزاك الله خير اخينا العزيز ... mo7b
http://www.rafha.com/vb/attachment.php?attachmentid=1411&stc=1

ليث
26 Jul 2005, 12:59 AM
الله يستر علينا وعليك....... جزاك الله خير

حكيم
26 Jul 2005, 01:17 AM
بين الفينه والاخر يغيب عنا مثل هذه المعاني السامية... لكن بوجود اناس امثالك اخي mo7b لا يبقى اي عذر ..
فلله درك كم من قارئ سيعتبر وكم من قارئ سينقل وكم من قارئ سيمنع وكم من قارئ سيلتزم الصمت..

كل ذلك ولك ان شالله الاجر العظيم..

الراشد
26 Jul 2005, 01:25 AM
مااحوجنا للاكثار من ذكر المعاني السامية

الراشد
26 Jul 2005, 01:26 AM
مااحوجنا للاكثار من ذكر المعاني السامية ...........

ابو مشعل
26 Jul 2005, 01:29 AM
الله يستر علينا وعليك....... جزاك الله خير

الاشراف
26 Jul 2005, 03:03 AM
بين الفينه والاخر يغيب عنا مثل هذه المعاني السامية... لكن بوجود اناس امثالك اخي mo7b لا يبقى اي عذر ..
فلله درك كم من قارئ سيعتبر وكم من قارئ سينقل وكم من قارئ سيمنع وكم من قارئ سيلتزم الصمت..

كل ذلك ولك ان شالله الاجر العظيم..
............

العزام
26 Jul 2005, 04:25 AM
اخوووي mo7b الله يجزاك كل خير

ومشكور

القنـــــاص
26 Jul 2005, 01:15 PM
جزاك الله خيـــــــــــــــــــــر

صلفيق بن الصمة
26 Jul 2005, 11:57 PM
جزاك الله خير

هاجس
27 Jul 2005, 12:53 AM
جزاك الله خير
اختيارك جدا موفق
الموضوع مهم الله لايحرمك الاجر
مشكوووووووووووووووووووور

mo7b
29 Jul 2005, 08:31 PM
أحبتي في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... جميعا

اشكر جميع من شارك وتفاعل وقراء وشاهد

واسأل الله ان ينفعنا بما قلنا وسمعنا وان يرزقنا القول النافع والعمل الصالح وان يجعله حجة لنا لا علينا
ونسأله سبحانه ان يكون خالصا لوجهه.

اللهم لا تؤاخذني بما يقولون.. ... واغفر لي مالا يعلمون.. واجعلني خيراً ممّا يظنون