المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقتطفاات للـ د.أفراح الحميضي



الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:13 PM
طلب مني الأخ كيكوووو ندوات للـد. أفراح الحميضي وسأعرضها هنا لتكتمل الفائده

===========================

ملخص ندوة
المرأة في المستشفيات.. مالها وما عليها






أقامت إدارة التوعية الدينية بالشئون الصحية لمدينة الرياض

بالتعاون مع مؤسسة الإعمار الخيرية
الندوة النسائية الثانية للعاملات في المجال الصحي

بعنوان
المرأة في المستشفيات.. مالها وما عليها
وذلك يوم الخميس الموافق 20 من شهر شعبان 1424هـ

بدأت الدكتورة أفراح الحميضي
مديرة عام الإدارة لتوجيه وإرشاد الطالبات، محاضرتها بالحديث عن مشروعية الحجاب في المستشفيات، قائلة:

'يحزنني أن أتحدث عن مشروعية الحجاب وأهميته في مجتمع إسلامي، ولو كان لدينا مبادرة مثل مبادرة نساء الصحابة رضوان الله عليهم، وحرصهن على إرضاء الله عندما نزلت سورة الحجاب، لما كنا بحاجة أن يكون موضوع الحجاب، موضوعًا مهمًا وكثير الطرح في هذه الأزمنة.

وتساءلت الدكتورة الحميضي: 'بادئ ذي بدء،
هل الحجاب عادة أم عبادة؟ أهو عادة لهذه البلاد فقط؟ أم عبادة لجميع المؤمنات؟ هل هو تقليد درجت عليه نساء هذا الوطن؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'المرأة عورة'.

وقال العلماء في هذا الحديث: 'إن جميع أجزاء المرأة عورة في حق الرجال الأجانب، وأن على المرأة الالتزام بالحجاب الشرعي تصديقًا لكتاب الله عز وجل، وإيمانًا بالتنزيل'.

ويقول ابن عباس تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:59]، إن الله تبارك وتعالى أمر نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة، أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن'.

قصص وعبر:

وأشارت الحميضي إلى أن ما ينطبق على حجاب المرأة المسلمة خارج المستشفى، هو ذاته ما ينطبق عليها داخل المستشفى، وأن المرأة المسلمة خارج أسوار المستشفى، هي ذاتها داخل تلك الأسوار، بل إن الأمر يزداد أهمية بحكم الاختلاط.

وبينت الدكتورة أن الحجاب عبادة، تتعبد المرأة لله به، خوفًا ورجاءً من الله تعالى، وفي الحجاب تحقق الرضى والتسليم والامتثال، سواء وصلت المرأة إلى القناعة بأهميته أم لم تصل.

قال الله تعالى في كتابة الكريم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36].

وذلك أجر الصبر على هذه الطاعة في زمن قل الصابرون فيه، يقول الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10]، وتعقب الحميضي بالقول: لكن أي حجاب نتحدث عنه؟ لعلنا نرى أن جميع بلاد العالم الإسلامي تأمر بالحجاب، لكن الاختلاف بماهيته فقط.

يقول ابن حجر رحمه الله: 'لم تزل عادة النساء قديمًا وحديثًا، أن يسترن وجوههن عن الرجال الأجانب'.
والله مما يثلج الصدر، ويفرح القلب، أن نرى المسلمات حديثات العهد بالإسلام، وهن يتمسكن بالحجاب، في حين نرى المسلمات اللواتي ولدن على دين الإسلام، وتربين عليه، أخذن يتخلين عن الحجاب.

يقول أحد الأطباء: 'سافرت مع أمريكي وزوجته الأمريكية المسلمة لنحضر مؤتمرًا في أمريكا، وتوقفنا عند ثلاث مطارات، ما رأيت منها لا ظفرًا ولا وجهًا'.

وتتعجب الدكتورة من هؤلاء الفتيات اللواتي تخلين عن حجابهن في حين يحمل التاريخ لنا القصص الكثيرة التي تحمل العفة واعتزاز المرأة بسترها، من تلك القصص ما حدث من أن أحد خلفاء بني العباس غضب على أهل [بلخ] فحكم عليهم بدفع الجزية، فخلعت امرأة غنية منهم، فستانها المرصع بالمجوهرات لدفع الجزية، وعندما رآها الخليفة أمر بإرجاعه إلى أهل بلخ، وعفا عنهم، وعندما ردوه إليها قالت: والله ما ألبس لباسًا وقفت عليه عين أجنبي، فبنت به مسجدًا، وما زاد من ثمنه، دفنته تحت المسجد.

وبينت الدكتورة الحميضي، أن التزام المرأة بالحجاب يحولها إلى داعية متحركة، دون أن تتفوه بأي كلمة.

تقول طبيبة ألمانية: 'كنت أكتب بحثًا عن الأورام الخطيرة عند النساء في بلدي، وأردت أن أتوسع في البحث لأرى مدى انتشار هذه الأورام في المجتمعات الأخرى، فسافرت إلى النمسا، فوجدت الأمراض ذاتها، وقد نصحني الأطباء بأن أذهب إلى مجتمع تختلف عاداته وديانته عن عادتنا، لأثري بحثي، فسافرت إلى بلد مسلم، وتفاجأت حين لم أجد أثرًا لهذا الذي أبحث عنه، وحين سألت عن السبب أجابوني أنني لن أجد مثل هذا المرض هنا، لأن هذا البلد بلد حجاب'.

كما أشارت الدكتورة إلى أن الغرب يعرف تمامًا مدى القوة التي نكون عليها حين نلتزم بشريعتنا، وتلتزم المرأة بحجابها، لذا يسعون دومًا إلى التدخل لنزع حجاب المرأة والخروج على عفتها، وما قاله رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، خير دليل على ذلك، حين قال: 'لن يستقيم حالنا في الشرق، ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة، ويغطى به القرآن'.

إنما فيمن تلبسه:

وعن نقاط الضعف الموجودة في اللباس الذي ترتديه العاملات في القطاع الصحي، قالت الدكتورة منى محمد العواد، استشارية أمراض النساء والولادة في مجمع الرياض الطبي: 'تحصل في المستشفيات بعض التجاوزات من بعض العاملات في المجال الصحي، على الرغم من أن وزارة الصحة وضعت مواصفات محددة تلتزم فيها جميع العاملات، تكون موصوفة بالحشمة، فلا يصف ولا يشف، لكن العيب ليس في اللباس، إنما العيب فيمن تلبسه، وللأسف فإن الأمر يزداد سوءًا في المستشفيات غير التابعة لوزارة الصحة.

وتحدثت الدكتورة أفراح الحميضي عن الضوابط الشرعية في لباس الطبيبات قائلة: 'عمومًا، فإن الضوابط الشرعية في اللباس، هي ذاتها الضوابط الشرعية في الطبيبات وهي: أنه يستوعب جميع البدن، أن لا يكون فيه زينة، أن لا يشف ولا يصف، أن لا يكون اللباس مطيبًا ولا مبخرًا، ولا يشبه ثياب الرجال.

أن يكون خاليًا من التصاوير، وأن تكون مادته من حلال.

الاختلاط:
وعن حكم الاختلاط وأضراره تقول الدكتورة الحميضي: 'يحدث الاختلاط في العيادات الطبية وفي المستشفيات وفي أماكن الانتظار، والاختلاط آفة من الآفات، وفيروس الأمراض، ويتكلم الشيخ عبد العزيز بن باز [رحمه الله] عن هذه الفتنة التي غزت كثيرًا في المجتمعات، وأن البعض يستند على صحة الاختلاط بدراسة بعض ظواهر النصوص الشرعية، ولكن الذي يدرس حقيقة هذه النصوص يعلم أصولها، وروى قصة نساء الصحابة وهن يداوين الجرحى في إحدى غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم.

وبين العلماء إلى أن الظرف كان استثنائيًا، حيث كانوا في حالة حرب.

والدليل على هذا الشيء، ما ذكره العلامة محمد بن إبراهيم آل شيخ حيث يقول: 'اختلاط الرجال بالنساء له ثلاث حالات:

الأولى: اختلاط النساء بمحارمهن من الرجال، وهذا لا إشكال فيه.

والثانية: اختلاط النساء بالأجانب لغرض الفساد، وهذا لا إشكال في تحريمه.

والثالثة: اختلاط النساء بالأجانب في دور العلم والحوانيت والمكاتب والمستشفيات والحفلات ونحو ذلك، وهذا فيه أقوال'.

وتشير الدكتورة الحميضي إلى أنه إذا كانت صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد لمنع الاختلاط، فالأولى أن تبتعد المرأة عن الاختلاط في الأماكن الأخرى.

روى الإمام أحمد في 'المسند' عن أم حميد، امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما، أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: 'يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك، فقال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك، خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك، خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي'.

توووبي كونتوونيووو

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:14 PM
وكذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها'.

ووصفه أول صفوفهن بالشر، والمؤخر منهن بالخير، ما ذلك إلا لبعد المتأخرات عن الرجال، وعن مخالطتهم ورؤيتهم، وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك.

ووصف آخر صفوف الرجال بالشر، إذا كان معهم نساء في المسجد، لفوات التقدم وقربه من النساء اللواتي قد يشغلن باله.

فإن كان الشارع توقع حصول ذلك، في مواطن العبادة، مع أنه لم يحصل اختلاط، فحصول ذلك إذا وقع اختلاط من باب أولى، فيمنع الاختلاط من باب أولى.

مواقف محرجة للطبيبات:

وعن بعض المضايقات والمواقف المحرجة التي تتعرض لها الطبيبة جراء الاختلاط، تتحدث الدكتورة العواد:

من المواقف المحرجة التي نتعرض لها كعاملات في المجال الطبي، أننا نضطر أحيانًا لأن نشرح لزوج المريضة، حالة مرض زوجته، والذي يكون في أغلب الأحيان ـ الخاصة في اختصاصي ـ موضع العورة.

كذلك نضطر في برامج التدريب التي تقام في المستشفى، أن نعلم الأطباء الجدد، كيف يقومون بفحص المريضة، إضافة إلى التعامل مع الإدارة [الرجال] ومناقشتهم في الحالات التي ترد إلينا، وهذا قطعًا يفتح مجالاً لتداول الأحاديث فيما بيننا.

ويزيد الأمر سوءًا ما نراه من حال بعض الأطباء والطبيبات نتيجة الاختلاط من وضع يد الطبيب على كتف الطبيبة، أو تقبيل الطبيب للطبيبة عند التقائهما أو وداعهما، هذا عدا ما وصل إليه الأمر في بعض الحالات، أن تتحدث الطبيبة عن أسرار حياتها الشخصية لطبيب معها.

وهذه قصة:

دخل بزوجته وهو يجرها على كرسي متحرك، وآلام الولادة تعتصر جسدها، أراد يد طبيبة آمنة، تحمل له ابنه أو ابنته القادمة للحياة، لكنه لم يجدها.!! وقف الطبيب عند باب الغرفة ليمنع دخول الزوج، وقال: 'دعها .. سأقوم بتوليدها فلا تقلق'!!
رفض الزوج عرض الطبيب وأصر على استدعاء الطبيبة، مما أثار غضب الطبيب الذي رد غاضبًا: 'أنا المناوب الآن، إن أردت أقوم بتوليدها فاصمت، وإلا فخذها إلى مستشفى آخر'، أخذ الزوج زوجته وخرج بها من المستشفى، باحثًا عن مستشفى آخر يجد فيها طبيبة تولد له زوجته.
مثل تلك الحالات تتكرر في المستشفيات بشكل كبير وللأسف، وغيرها كثير من القصص التي تجعل بعض النساء تفضل الداء على الدواء في مثل تلك المستشفيات.

وطرحت عواد بعض المقترحات، من أجل تفادي الضرورة للاختلاط:
إنشاء كلية طب نسائية لأمراض النساء والولادة، تسد حاجة المجتمع بطبيبات متخصصات، وبهذا لن تحتاج المرأة لكشف عورتها أمام الرجال، كما أن ذلك سيؤدي إلى تخريج عدد كبير من الطبيبات لسد النقص الذي تتركه بعض الطبيبات نتيجة انشغالها بمسؤوليات بيتها وأولادها، ويخفف أوقاتها المناوبة عليها.

من يشتهي ميتة...؟!!

للأسف يحدث في كثير من المستشفيات كشف العورات، التي حرص الشارع الحكيم على حفظها، حول ذلك تتحدث الدكتورة منى العواد، عن الواقع الذي تعايشه، بصفتها طبيبة في مستشفى:

يحتاج الطبيب من أجل القيام بتشخيص الأمراض، لفحص المريض وكشف عورته، والأصل أن الشرع يحرم كشف الإنسان عن عورته، إلا عند الضرورة، لكن ما يحصل أن تنكشف عورة المرأة على الرجل، وهو ما لا ضرورة له في حالات الولادة. حيث تتوفر طبيبات النساء والولادة، ويحصل ذلك إما عند طلب المريضة أن يولدها طبيب لعدم ثقتها في الطبيبة، أو عندما يتمسك الطبيب بمناوبته، ويصر على إجراء كافة حالات الولادة وإن رفضت المريضة ذلك.

وعن الضوابط الشرعية في مسألة كشف العورات، تقول الحميضي: سمعت قصة حدثت في هذه الأزمنة، وهي من عجائب القصص: امرأة من أهل الجوف مريضة بالقلب، يقول ولدها 'ذهبنا بها إلى الأردن، وسكنا في الفندق ننتظر وقت إجراء العملية، ومنذ وصولنا إلى هناك وأمي تدعو وتصلي: إن كان على أثر هذه العملية ستموت وقد انكشف حالها للأطباء، تدعو الله أن لا يكشف حالها.

جلسنا نشرب الشاي وقت العصر، وهي في غرفتها على سجدتها تدعو، دخلنا عليها ولا زالت على سجدتها، حتى قبض الله روحها فقد استجاب الله دعاءها، وما كشف لها عورة أمام الرجال'.

وعلى الرغم من أن موضع العلاج ليس موضع شهوة، ومع ذلك فالأولى أن تكشف على المرأة، فالمرأة إذا ماتت وليس معها ذو محرم يغسلها، قال البعض: يقوم بتغسيلها الرجل الموجود، ولكن يرتدي بيده حائل، لئلا تمس بشرته بشرتها.

وقال الأكثرية: تيمم ولا تغسل، بل إن بعضهم قال ـ مثل الإمام الأوزاعي ـ تدفن كما هي.

وهذا وهي ميتة، ومن يشتهي ميتة؟!!

فكيف حال من تنبض الحياة فيها.

وتحث الحميضي المترددات على العيادات إن كان هناك شيء لله فيه مقالة، فبإمكانها أن تقول: 'لا' ويكون ذلك من حقها، لأن سكوتنا هو الذي جعل مستشفياتنا تقدم صورة غير واقعية لمجتمع مسلم.

وخرجت الندوة بتوصية تناشد فيها الحميضي الصالحات والصالحين، بأن يكون لدينا في هذا البلد، مشروع حضاري نأمن فيه على عوراتنا.

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:15 PM
أورام البناء الثقافي



د.أفراح بنت علي الحميضي


الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فحين تنبض الثقافة بهمّ الأمة، وحين تمدّ الأمة الثقافة بمقومات صمودها وعوامل بقائها وأصالة منبتها ونبل مخبرها، وإذا توثَّقت العلاقة بين الطرفين؛ كان ذلك مدعاة لسيادتهما جميعاً، وإذا تهاوت تلك العلاقة فلا بقاء لواحدة دون الأخرى.
وحينما يكون للأمة رسالة يحملها مثقفوها عبر أقنية الاتصال لإبلاغها دعوة للخير للعالم أجمع، يعيشون آنذاك حالة من الهمّ والقلق لأجلها. وإذا انتفى ذلك وفضل المثقفون سلك طريق غير معبَّد وأسلوب غير ممهَّد وطريقة ومنهج مرسوم بالعبثية والمصلحة الفردية، عند ذاك يظهر الخلل بين الجذر والساق، بين الأمة والثقافة، فلا الساق بقادر على السمو والعلو، ولا الجذر يستطيع وهبه مقومات شموخه، وتغدو العلاقة حالة من العقوق.

وفي هذه الوريقات أضع مبضع الجراح على ورم البناء الثقافي، مستحثة المثقفين والمثقفات لمهمة استئصاله قبل أن يتشعَّب فيهلك الجسم الواهن.

الورم الأول: الفجوة الواسعة بين المثقف المحلي ومطالب ورغبات وهموم وتطور المجتمع، والمعنى المقصود: اتساع المسافة الزمنية بين المراحل التاريخية للتطور الثقافي، وهو أمرٌ قد يُلبس بعض المثقفين التهمة حين يقفزون قفزات واسعة متجاهلين المراحل التي يمرّ بها المجتمع دون وعي بأنَّ قفزاتهم قد تبعد بهم عن أرض الواقع.

الورم الثاني: ضعف الجانب الإبداعي لدى المثقف المحلي، حتى غدت التكرارية والتلقي من الآخرين سمت بعض المثقفين.

الورم الثالث: انتفاء الهمّ الثقافي الذي يدافع عنه المثقف ويسعى لإجلائه، فقد يدور في دائرة من النرجسية والخيالية أو العبثية أو الحداثية وما بعدها، وهذا الانتفاء يجعل مساهمات المثقف هزيلة ضعيفة لا تصمد أمام تيارات العولمة وأعاصير التغريب.

الورم الرابع: وضع حدود بين الثقافة العربية والإسلامية، وهي حدود تدلُّ على ضيق أفق واضعيها في فهمهم الشامل لمفهوم الثقافة الإسلامية؛ ممَّا يؤدي إلى تهميش الأصول الثابتة التي ترتكز عليها الثقافة الإسلامية، وبالتالي تحييد قضية الولاء والبراء.

الورم الخامس: استلهام تجارب وثقافات الآخرين دون غربلة لما ينالنا ويمسّ ثوابتنا، ويدخل في ذلك أيضاً المحاور الثقافية التي يدور حولها النص والمصطلحات والجمل التي تعارض أسسنا وقيمنا.

الورم السادس: سعى بعض المثقفين إلى الإيهام بأنَّ هناك خطاباً أنثوياً خاصاً مع ما يجرَّه ذلك من رفض لصيغ الأمر والنهي الواردة في الشرع، والتي يدخل في محتواها الجنسين؛ إذ طالما ـ في فهمهم ـ أنَّ للأنثى خطاباً يوجه لها، فهي غير ملزمة بالخطاب الآخر، وفي ذلك نكسة وعصيان.

الورم السابع: شعور بعض المثقفين أنَّ العادات والتقاليد عنصر كبح لإبداعاتهم، ولهذا فهم يستغلون الفرص للخروج من إطاراتها إلى عوالم أوسع ومجالات أفسح للتقليد والالتحاق بركب الآخر، حتى وإن قاده ذاك الآخر إلى مصير منبوذ، فلا هو ابن أمته، ولم يشأ الآخر أن يتبناه.

الورم الثامن: عدم إدراك بعض المثقفين للحدود التي يجب أن يقفوا عندها في محاولاتهم التجديدية وكتاباتهم الأدبية والتاريخية، بل وحتى العلمية، فهناك حدود لا تمس وثوابت لا تجس، يجب أن يقفوا عندها؛ فالذات الإلهية والعبادات والقرآن وسيرة الرسول وتراجم الصحابة والتابعين وعاداتنا الأصيلة ولغتنا العربية ليست مجالات للتغيير والتبديل والعبث.

الورم التاسع: حصر مفهوم الثقافة بالدراسات الأدبية والنقدية والتاريخية، واعتقاد ذلك يُحجم مفهوم الثقافة ويضيّق أفق المثقف الذي هو إنسان مبدع.

الورم العاشر: المثقف مجدد، وهو إذا حمل همّ بيئته كان مفجراً لآمالهم معالجاً لأولادهم. وكثير من المثقفين لا يكونوا مماثلين للنابغة الجعدي أو الذبياني، وإنَّما تبدأ سيرهم الثقافية في صغرهم، فتتولاهم أسرهم رعاية واستنباتاً ورياً حتى تنهض هاماتهم الثقافية وتسمو سوقهم الإبداعية الإيجابية، ولا يتأتى ذلك إلا إذا أدركت أسرهم أنَّ مجتمعاً بلا ثقافة إيجابية أو مثقفين إيجابيين، سيستسلمون بلا وعي تحت وقع الإعجاب بالآخر.

الورم الحادي عشر: استعجال كثير من المبتدئين نشر إنتاجهم دون وعي لمدى نضجهم وكفاءتهم، ومن ثم قد تتلقاهم وسائل الإعلام بالدعاية والتلميع دون أن يكون ذاك المثقف قد حوى تجربة ثرة تمكنه أن يعرضها حيث يشمخ مغزاها ويسمو معناها مثلما يعلو إطارها اللفظي وبناؤها الشكلي.

الورم الثاني عشر: تجاوز بعض المثقفين أطر مجتمعهم، متناسين أنَّ الثقافة نتاج عقول الأمة، وهي أعظم راسم للهوية ومحدد للبناء المستقبل. وبمعنى أدق: كثير من المثقفين يتناسون أنَّ تمايز الثقافات يعني تمايز الأمم، وهو أمرٌ ينعكس على تمايز وجودها على الخارطة التاريخية.

الورم الثالث عشر: سعى بعض المثقفين إلى العالمية ولو على حساب غموض تصرفهم وأطروحاتهم وعروضهم، فيفضلون كونهم في هوامش مجتمعهم على أن تكون نصوصهم الثقافية في هوامش العالم، مما يعكس وجود فجوة هائلة بينهم وبين الجماهير، فلا هم الذين أخذوا بيد الجماهير إلى العالمية وفق ثوابت وأصول، ولا هم الذين استطاعوا أن يدخلوا العالمية تحت مظلة ثقافية واضحة قادرة على الصمود.
يقول شوقي عبدالأمير: "أنا لا أعترض أن يُقال عن شعري إنَّه شعري نخبوي؛ لأنَّه لديَّ هم في القصيدة، وحتى يواكب هذا الهم أي قارئ يجب أن يكون لديّ حقيبة معينة. أنا لا أعتقد أنَّ مهمتي كشاعر هو تحميس الجماهير أو إرضاؤهم، ولا أظن أنَّ الهدف العميق للشعر هو مواكبة الشعب بكل شيعاته وطوائفه بأحاسيسهم اليومية وعواطفهم المباشرة، هذا صعب في مشروعي الشعري الذي الهدف منه تأسيس رؤيا جديدة للعالم.. نحن مطالبون بأن نأخذ بعين الاعتبار بكتابة نص جديد، وإلا سنظل على هامش العالم، فالشاعر إما أن يقع على هامش المجتمع الذي هو فيه، أو يقع النص الشعري على هامش العالم، أنا أفضل أن أشتغل في هامش المجتمع من أجل نصّ شعري يقع في قلب السؤال الحضاري لا العكس" اهـ. (نقلاً عن: مجلة اليمامة، ع1592 ص266،265).

وبعد، فإذا كان ذلك حصيلة فحص مبدئي للبناء الثقافي لجعله صامداً أمام محاولات فرض العولمة الثقافية، فإنني أخلص إلى بعض التوصيات:
* من الضرورة أن يولد المثقف في مجتمع ويرضع من مجتمعه وتنبثق أفكاره منه، وحيث تكون علاقته بالمجتمعات الأخرى والثقافات المغايرة علاقة احتكاك وصقل، لا ذوبان.
* من وظائف المثقف أن يجدِّد نفسه ويكثر من الإطلاع، وأن يُدعم بين جوانحه موضوعاً يُسير أطروحاته ومناقشاته، على أن ينبع ذلك الموضوع من حاجات بيئته.
* مثلما يدافع ساسة فرنسا وبريطانيا عن الثقافتين الفرنسية والإنجليزية من ذوبان بعضهما في بعض؛ يجب أن يقف مثقفونا نفس الموقف من الثقافة الإسلامية، بل إنَّ الأمر يجب أن يتعدى الدفاع إلى عرضها كنموذج خلاص من الضحالة الفكرية التي تفرق العالم، كيف وهي تحوي من مقومات الصمود ما لم يتوفر لغيرها، ومن المتوقع إذا دفعها أبناؤها إلى جدار العولمة أن تكون اللبنة الظاهرة فيه؟
* ضرورة أن يدرك المثقفون عامة، وأصحاب النظريات الثقافية خاصة، أنَّ لهم أن يمارسوا إبداعاتهم التجديدية في كل شيء إلا الثوابت.
* على المسارعين إلى العالمية أن يدركوا أنَّ الأدب الإنجليزي العالمي لم يكن عالمياً، إلا بعد أن ذاب في المحلية الإنجليزية، والأدب الفرنسي العالمي لم يكن عالمياً إلا بعد أن خرج من بوتقة اللغة الفرنسية، أو ليس حرياً بنا أن ندخل العالمية تحت مظلة الثقافة الإسلامية؟
وحفظ الله أمتنا.

المصدر : لها أون لاين

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:15 PM
بيدين، بكتفين، بخطوتين معاً



د.أفراح بنت علي الحميضي


دخلت الأم وهي تجرُّ خلفها ابنتها حتى وصلت إلى غرفة المعلِّمة "....." ثمّ ضربت على المكتب بيدها وابنتها تسمع وترى وهي تقول: اسمعي، ابنتي لا تكذب، أنت الكاذبة.. إنَّها لم تفعل ما يوجب التوبيخ. حينها وقَّعت الأم على أوَّل درس في احترام المعلِّمة أو المربية.
أتعلمون ما الذي فعلته الطالبة؟ عفواً، لقد أخرجت لسانها على المعلِّمة، ثمَّ أحضرت أمَّها لتترافع عنها..!

****

ولمّا عطفت تلك المعلِّمة المستجدة على الطالبة الصغيرة؛ وذلك بأن لفتت انتباه إدارة المدرسة، لتوجيه الأهل نحو نظافة شعر ابنتهم ولم تُفلح، فتكفَّلت هي بتلك المهمَّة وقامت ببخ شعر الطالبة بمبيد القمل.. وكجزاءٍ لفعلتها البيضاء هذه جاءت الأمّ إلى المدرسة ودخلت غرفة المعلمات وسألت: أين المعلِّمة "....."؟ وحين أجابت المعلِّمة: أنا، واجهتها الأمُّ بزخَّات من البخّاخ نفسه لتؤكد بشكل عملي: قم للمعلم وفِّه التبجيلا.

****

وفي اجتماعات نسوية عديدة تُطحن المعلِّمة بين الأضراس وتلوكها الألسن، فهذه أمٌّ تقول :"والله الدعاوي (الدعوات) التي تبي تجيها لوما نجحت بنتي.." وهذه التلميذة الصغيرة التي تتكئ بذراعها على فخذ أمّها تسمع وتستقي أسلوباً جديداً في التعامل مع معلِّمتها لتكون أول من ينفِّذ بعد ذلك، فإذا خرجت من الاختبار وكانت أجوبتها رديئة، أمطرت معلّمتها، بل حتى مَنْ راقبت على الاختبار بوابل من الدعوات المضادة. أما إذا كانت أجوبتها مرضية، فالمعلِّمة أول من يُحرم من دعوة صادقة. وحين يثنى على معلّمة ما لحسن أدائها وتربيتها وطريقة تعليمها، ترتفع راية "نكران الجميل" مردِّدة "عساها تحلِّل راتبها بعد...".

وإذا ذهبت إلى بعض المدارس ورأيت بعض الطالبات يتراكضن مندفعات إلى فصولهن وهن يرددن: " جاءت نورة، فاطمة، حصة.. أمل... إلخ" فاعلم أنَّها أسماء معلماتهن قد تجرَّأن على نطقها ـ استخفافاً ـ بدون لقبها التربوي أو العلمي.
وبعض الطالبات تكبر ويكبر معها أسلوب معاملتها لمعلِّمتها بحسب ما تستقيه من البيت، فحين تخرج الطالبة من غرفة المقابلة الشخصية التي تختبر مدى صلاحيتها لدخول الكلية، تدلف الأم بسرعة إلى حيث تجلس من أجرت المقابلة وهي تقول لها:" اسمعي عاد لازم تقبلونها.. لأنّها تبي تجلس على ها الكرسي مثلك"!

وفي نطاق مدارس الأولاد نسمع عن قصص كثيرة يُساء فيها للمعلّمين، ويمارس المراهقون عنفوانهم على المربين استعراضاً أمام بعضهم البعض.
فهذا معلِّم يخرج من مدرسته يمسح بطرف (شماغه) قطرات عرقه التي تصببت على جبينه بعد يوم شاق، فإذا بعض من طلابه قد عبثوا بسيّارته.
وهذا آخر يدخل فصله ليمارس دوره التربوي، فإذا بأحد الطلاَّب يرميه بشيء ويتوارى ليُضحك الطلاب، وآخر يرفع صوته على معلِّمه ليمارس أمام زملائه أوَّل ثمار رجولته.
وآخر يحضر والده إلى المدرسة ليسأل عن معلِّم مادة "...." فإذا حضر أمطره بوابل من السباب أمام ولده، إذ كيف يعطي ابنه درجة ضعيفة، وهذه المادة في نظره أساساً "تافهة"!!
في كلّ ما سبق من الحوادث، يتضح أنَّ هناك فجوة واسعة بين البيت والمدرسة. إنَّ قضية العلاقة بين الطرفين لا بدَّ أن تكون قوية وتسير في مسار واحد، وليس مسارين متضادين؛ لما لذلك من تأثيرات ملحوظة في تعزيز الدور التربوي الذي تضطلع به المدرسة ولا تستطيع أن تمارسه وحدها. وهو أمر أكَّده وأقرَّه الباحثون التربويون.
فالحقيقة العلمية في ذلك أنَّ العلاقة الإيجابية القائمة على التكامل بين الطرفين تُسهم بدرجة كبيرة في التأثير على النتاج العلمي والتربوي والنفسي للجيل، بعكس ذلك لو سادت علاقة اللا ثقة بين الطرفين، إذ إنَّ تأثيراتها تتضح في فشل كثير من البرامج التربوية، التي لا يمكن تحقيق نتائجها إلا "بيدين وبكتفين وبخطوتين معاً".

فالبيت والمدرسة ثغران على سور الأمّة، فهل رأيتم ثغرين يتهاجمان؟!
لا بدَّ أن تتكامل جهود الطرفين، المدرسة بما تمثّله من معلمين وإدارة، والبيت بما فيه من ولاة أمر، في أن يصبَّا جهودهما للارتقاء بالنشء خلقياً أولاً وثانياً وثالثاً.. وعلمياً... إلخ.
هذا الأمر قد لا تدركه بعض البيوت، فالجهود التي تبذلها بعض المدارس لا تلقى صدى لدى كثير من الأسرة، بل إنَّ بعض الأسر ـ كما أسلفت من قصص واقعية ـ لا تسهم بأيّ دور في دعم إيجابيات العلاقة بين الطالب أو الطالبة، والمربِّي أو المربِّية، أو في التأكيد على مكانة المعلِّم السامية في نفوس النشء، والدور الأسري في ذلك لا يمكن أن نتجاهله، فالأُسر تستطيع أن ترفع المعلِّم أو المعلِّمة شأواً أو توضع بهم دركاً.
ولو تفهَّمت كلّ أسرة أنَّ جهودها في ذلك تعني جيلاً مقدراً للعمل، مقدراً للعلماء.
ولو استوعبت كلّ أسرة بقطبيها "الأب، الأم" أنَّ ذلك لا يحصل تلقائياً، بل لا بدَّ من أن تحرص على تنشئة النشء عليه، والتأكيد لدى الأبناء "ذكوراً وإناثاً" أنَّ احترام المربين والمربيات احترامٌ للأمهات والآباء؛ لتشابه الأدوار.
ولو أدركت الأسر أنَّ مؤشر التربية لسلوك النشء والناشئات يظهر في التعامل والعلاقة بين الطلاب بعضهم مع بعضهم، ومع معلِّميهم ومعلِّماتهم.. لو أدركت كلّ الأسر ذلك، لما عانت الأمَّة من أزمة تعامل وسلوكيات يؤيدها أو يعارضها مسار النجاح والرسوب سلباً أو إيجاباً، والله الموفق.

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:16 PM
للنساء: جرعة فقه تقي من غوائل الجهل



د.أفراح بنت علي الحميضي


علينا أن نعترف وبخجل شديد أنَّنا نحن النساء أو أغلبنا ـ إذا صحَّ التعبيرـ لا نملك الحد الأدنى من التفقه في الدين، خاصة فيما يخصُّ أمورنا النسائية الخاصة.

فمنا من لا تعرف كيف تؤدي الصلاة كما يجب، الفرق بين الركن والواجب، أحكام سجود السهو، ولربّما صلَّت صلاة غير كاملة فلا تجبرها بذلك السجود؛ لجهلها به، أو لربما أتت به في غير موضعه، ومن النساء من لا تعرف أوقات الصلاة، فلرُبَّما صلَّت بعد خروج الوقت أو صلَّت قبل دخول الوقت؛ حرصاً على عدم فوات الصلاة لارتباطها بحفلة ما!
ومن النساء من تتساهل في الوضوء فلا تتم غسل أعضائها، خاصة إذا كانت مستعدة لحفل ما وكانت بكامل زينتها ولا تريد أن يمسّ الماء بشرتها... إلخ.

ومن النساء من لا تعرف أحكام الزكاة، فلربّما كانت من ذوات الأموال، لكنَّها لا تعلم كم نسبة الزكاة التي يجب عليها أن تخرجها. ومن النساء من لا تعلم بأحكام اللباس والزينة، وما هي حدود المباح والمحظور في ذلك، فلربما امتنعت عن لبس ما هو حلال أو لبست ما هو ممنوع شرعاً وعُرفاً.
ولا يقتصر الأمر على هذا، فكثير من النساء يجهلن أحكام الدورة الشهرية وما شابهها، فبعض النساء لا تعلم مثلاً أنَّ الكدرة بعد الطهر لا تعني شيئاً.. وأنَّ الكدرة قبل الطهر تعني شيئاً.
وأنَّه لا يجوز لها أن تؤخر الغسل أو تقدمه إلا حسب حالها، وإن شئتم أن تستدلوا على مدى جهلنا نحن النساء بهذا الأمر اللصيق بنا، فاستمعوا إلى برنامج "سؤال على الهاتف" من الإذاعة لتروا أنَّ أغلب الأسئلة المقدّمة من النساء ـ خاصة في شهر رمضان ـ حول موضوع الدورة الشهرية، أسئلة مكررة، فحواها واحدة.

أظنُّ أنَّ الأمر جدُّ محرج؛ ألاَّ يكون لدينا حدُّ أدنى من التفقه والفقه في هذا الموضوع الملازم لنا من بواكير أعمارنا، حقيقة كما قال شيخنا محمد الصالح العثيمين: إنَّ مشاكل النساء في هذا الموضوع "بحرٌ لا ساحل له" إلا أنَّ هناك ثوابت في هذه المسألة لا بدَّ لكل امرأة أن تعلمها.
ممَّا يثير الاستغراب أنَّه بقدر ما توسَّع التعليم وتعدَّدت تخصصاته ومجالاته، إلا أنَّ جهلنا نحن النساء بهذه الأمور الفقهية قد زاد بشكل لا يُتصوَّر أبداً.
هل التفقيه في الدين مسؤولية الأسر، أم المدارس، أم هو مسؤولية المجتمع عموماً، أم أنَّ الأمر شخصي؟
هل مناهج الفقه لم تعد تفي بحاجات المرأة والأسرة ومستجدات الحياة؟ أم أنَّ تدريس هذه المادة لم يعد يخرج عن الإطار النظري؟
هل اهتمامات النساء تشتتت من التفقه في الدين إلى اهتمام بتفسير الأحلام؟ وموضات الأزياء؟!
أين دور الأم والأب في تفقيه أفراد الأسرة بالحدِّ الأدنى الضروري من الفقه؟ أين دور الأم بالذات في تبصير ابنتها بأمور النساء فتحرص على تزيينها بالفقه كما تحرص على تزيينها بالذهاب؟

لماذا لا نسمح لأنفسنا باقتطاع شيء من أوقاتنا لنكتسب به زاداً نتبلَّغ به إلى آخرتنا.. ونسقيه لأبنائنا مع أول رشفة حليب؟
إنَّ تفقه الأم والمرأة عموماً في دينها يمنحها ثقة في النفس لا تتأتَّى لمن يجهل ذلك؟

كثير من النساء يخرجن من بيوتهن بعد الطلاق الرجعي ويجهلن أنَّ المفروض عليهن أثناء العدة البقاء في بيوتهن، فتضيع من أجل خروجهن فرص عديدة لرأب الصدع ما كانت لتضيع إلاَّ بسبب الجهل بهذه الأحكام وبالحكمة من هذا التشريع.
وهل امرأة تعرف أحكام العدَّة والحداد مثل امرأة تجهل ذلك؟! بعض النساء تكلِّف نفسها ما لا طاقة لها به بسبب غلبة بعض العادات السيئة ونصائح بعض جهلة النساء ممَّا يجعل فترة الحداد والعدَّة كابوساً مظلماً، والله لم يكلِّف نفساً إلا وسعها.
وهل امرأة تعرف أحكام الزواج وحقوقها وواجباتها مثل امرأة تجهل ذلك، فإمَّا أن تثير مشاكل عديدة بينها وبين زوجها بسبب جهلها بحقوق زوجها أو مطالبتها بما ليس لها، أو لربّما ضاعت حقوقها بسبب تساهلها فيما لها، فلا حقٌّ طالبت به ولا واجبٌّ أدَّت.

إنَّ تفقه المرأة في دينها بقدر ما هو واجب لتعلّم أمور دينها، فهو واجب ليحميها من أخطار الجهل وغوائله.. فيما لها وعليها، فهل أدركت كلّ النساء أنَّ حاجتهن للفقه أشد من جرعة الماء عند الظمأ؟!

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:17 PM
هوس نسائي..!



د.أفراح بنت علي الحميضي


هل يمكن أن نحصر الثِّقة بحجم له أبعاد رياضية يُقاس بالأرقام؟ لا أعتقد ذلك، فالثقة التي ينالها أي شخص لها حجم معيّن، وهو حجم معنوي مبني على قدرات واستعدادات ووظائف جسمية ونفسية، وهي قائمة على أداء الواجبات قبل المطالبة بالحقوق، ومعتمدة على قاعدة لا إفراط ولا تفريط. وحتى يكسب الإنسان ثقته بنفسه، عليه أولاً أن يؤدي حقّ نفسه، وحتى يكسب ثقة غيره به، عليه أن يراعي حقوق الآخرين، ثمّ إنَّ أية محاولة لنيل المكاسب باستغلال ثقة الآخرين في الشخص، أو بتوسيع حجم هذه الثقة سيؤدي حتماً لخسائر للطرف الآخر. أو على ذات الشخص، وهي خسائر قد تكون غير منظورة أو غير آنية لكنّها خسائر. بينما تظلّ الأرباح ـ رغم هامشيتها ـ خاضعة لعملية تضخيم إعلامي وتلميع إعلاني واسع يخدع الأبصار، حتى إذا قرب إليه الحاذق الفطن لم يجده شيئاً.

وبعيداً عن هذا السياق النظري، نرى تاريخ الحركة النسائية العالمية مثالاً تطبيقياً لاستغلال الثقة للحصول على مكتسبات هامشية رثَّة الهيئة، متعثِّرة الخُطى، منتكسة المفاهيم.

فالمرأة الغربية استغلت ثقة الرجل بها للحصول على ما تراه مكسباً لها، حين أُهينت كرامتها وإنسانيتها داخل مجتمعها وزمنها هي، وجعلت من ذلك حبلاً تجرَّه كلّما أرادت أن تحصل على تنازلات من الرجل عن حقوقه لتكسب هي بدافع أنَّها أهل للثقة.

فلا كلمة للرجل عليها، ولا تدخل من الرجل بأحواقها (خصرها) حتى لو كان هذا الرجل زوجاً أو والداً، فإذاً هي تعمل لوحدها، تسافر بمفردها، تسكن مستقلّة عن أسرتها، تصادق من شاءت، تقيم أية علاقة بمن شاءت، تعمل ما تريد، تخلّت عن تربية أبنائها وعن أسرتها، وعدَّت ذلك قيداً يعوق تقدُّمها وحاجزاً على طريق نهضتها.
وبعد هذا الركض هرولت بعض "المهووسات" المفتونات بالنموذج النسائي الغربي خلف ذات الخطوات دون نظر أو فحص للنتائج التي وصلت إليها تلك المرأة.

فأدارت المهووسات أن يستطلعن بقامتهن، فإذا بهن قد قُلعن من جذورهن.

وعُقدت المؤتمرات خفية وعلانية، وأُديرت الندوات، ودُبِّجت المقالات لتطارد مجداً سراباً يعتقد أنَّ المرأة الغربية قد وصلت إليه، وبينما المهووسات يركضن ويتراكضن ويندبن حظوظهن العاثرة وحقوقهن السليبة، تقف المرأة الغربية لتعيد حساباتها، فإذ ذاك المجد وهم، وتلك الحرية عبودية لشهوات الجسد والنفس، وبدأت الصيحات تتعالى في الغرب من المرأة ذاتها: (أعيدوني للمنزل) (اشتقت لأطفالي: أنا بحاجة لهم)، وأصبح غذاء الأسرة حول مائدة واحدة احتفالية تسعى لها كثيرٌ من الأسر، وبدأت الأبحاث تزداد حول اجتماعية الأسرة والعوامل التي تساعد على بقاء كيان الأسرة صامداً، وما إلى ذلك من الدراسات والأبحاث التي تدعم إحساس الغرب بالمشكلة.

وبينما هم يسعون لذلك، تمضي المهووسات اللاهثات خلف السراب، لا يقدِّرن خطورة المرحلة التي تمرُّ بها الأمّة، ولا ينظرن كيف مزَّقت الأربطة الأسرية، ولا كيف شوّه الجمال بدخان المصانع، ولا كيف أُهمل البناء الاجتماعي فانهارت العلاقات الاجتماعية عامّة والزوجية خاصَّة.

ولا كيف أُهمل الأبناء حيث تُركوا فريسة الوحدة وسوء التربية والأمراض النفسية.
ولا للقيم التي ذابت في براميل الماديات.
ولا للأمراض التي نشبت كناتج معلوم للحريات الشخصية، ولا للعادات التي تنكر لها، بل ولا للشرائع التي انتهكت.
أقول: لم ينظرن لذلك كله، والسعيد من وُعظ بغيره، فمن الطبيعي أن يخطئ الإنسان، لكن ليس من الطبيعي ألاّ يتعلّم من أخطاء غيره!

وعدم الإحساس بالثورة التي بين يدي أي إنسان هو الغفلة بعينها، فما منحه الإسلام للمرأة من حقوق وثقة، لم ولن تستطيع أي شريعة أن تصل إليه، هو ثروة فرّطت بها المهووسات، فمن ينتقص من حقوق المرأة التي أقرَّها الإسلام هو هاضم تلك الحقوق. ومن يطالب بأكثر ممَّا أعطاها الإسلام هو معتدٍ على حق.

شهادة المرأة نصف شهادة الرجل.. حقيقة.
وذاكرة الرجل أقوى من ذاكرة المرأة.. حقيقة.
وعضلات الرجل أقوى من المرأة.. حقيقة.
والمرأة بحاجة لقوامة الرجل.. حقيقة.

والأصل في عقد الزواج (القائم على السكن والمودَّة) البقاء والديمومة ، لا على التحرر والانقياد للشهوات.. حقيقة.
والأصل في خلق الله للبشر، أن يجعلهم زوجين ذكراً وأنثى، لا جسداً واحداً، حقيقة لا بدَّ أن يذكرها كل ذي وذات عقل راشد.

وماذا بعد؟ سعت الغربية لتحقيق شخصية مستقلّة عن نساء الأرض، وطفقت المهووسة خلفها لتكون نسخة كربونية منها.
فإذ الزي هو الزي، وإذ التفكير هو التفكير، وإذ تصفيف الشعر يشبه تصفيف شعرها، فلا تفرّد بالطموحات ولا تميّز بالآمال، ولا إحساس بعظم المسؤولية.
وماذا بعد مرّة أخرى؟ هل من الممكن أن تنجب المهووسات بالنموذج الغربي جيلاً يقدِّر الأصالة ويرعى الجذور ليقف شامخاً صلباً في زمن الانحناءات..؟
رعاكم الله..!

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:17 PM
لمـــــاذا .. 8 مارس؟؟



د.أفراح بنت علي الحميضي


ما الذي يسعى إليه المُمجِّدون ليوم 8 مارس من كل عام وهو المسمى اليوم العالمي للمرأة؟
ما الذي يرومه المدندنون بحقوق المرأة المدنية؟
ما الذي يهدف إليه رافعو شعارات الحقوق السياسية للمرأة؟ على أي ساحل يريدون أن ترسو سفينتهم التي جعلوا شراعها آلام النساء وآمالهن وحقوقهن المسلوبة.. وجعلوا أنفسهم ربابنة هذه السفينة يوجِّهونها كما يريدون؟!
في اليوم العالمي المذكور أخرج كثير من الكُتَّاب والكاتبات مقالات حول ما يجب أن يكون عليه وضع المرأة من إعطائها حقوقها المدنية، وإبراز مكانتها كشريك للرجل، وانتقد بعض هذه المقالات وضع المرأة في كثيرٍ من الأقطار التي ما زالت تضع المرأة بمرتبة دونية بالنسبة للرجل، وأشارت تلك المقالات إلى أنَّ التقارير الدولية تُجمع على أنَّ العالم الإسلامي هو المقصود بالدول المُجحفة بحق المرأة! في ثنايا تلك المقالات نجد أسطراً مخبوءة تحاول أن تبرز للمرأة حقوقاً ـ بخلاف ما أقرَّه لها الإسلام ـ إذ تُورد تلك الأقلام أنَّ الإسلام كرَّم المرأة، لكن التقاليد الموروثة هي المسؤولة عن واقعها المعاصر، وهذا لا غبار عليه، لكنَّ هذه الأقلام تحاول أن تقلِّب صفحات التاريخ للوصول إلى أمثلة لنساء مسلمات تبوأنَ مكانهن في المجتمع، ويضرب بعض الكُتَّاب بعائشة رضي الله عنها مثلاً، وأنموذجاً للنساء المسلمات اللاتي حصلن على حقوقهن السياسية والعسكرية، يقول أحدهم:"ألم تكن عائشة خطيبة مفوّهة وقائدة حربية مرموقة تتقدَّم الرجال للحضِّ على الثبات في مواقع القتال"؟

ثم هم من أجل هذا يمجِّدون وصول المرأة في بعض الأقطار إلى مناصب عضو في المجالس البلدية أو الاستشارية أو وزيرة أو نائبة، بل نائبة لرئيس الجمهورية، ويطالبون بأكثر من ذلك؛ بحجّة أنَّ التنمية في المجتمعات لا يمكن أن تتم إلا بمشاركة طرفي المعادلة المرأة والرجل، بل إنَّ من اللازم ألاَّ تكون المرأة العضو المشلول الذي يعوق التنمية.
أقول: إنَّ المقالات الكثيرة التي خرجت تدندن باليوم العالمي للمرأة، والتي حاولت أن تأخذ من الإسلام ـ دون وعي ـ ستاراً لأهدافها ـ قد خلطت قولاً صالحاً بآخر سيئ.

فنحن نقرُّ ونؤمن بأنَّ الإسلام كفل للمرأة أولاً إنسانيتها في وقت كانت كثير من المجتمعات الأوربية تتخبَّط حول إنسانية المرأة وتناقش: هل المرأة إنسان أم مخلوق أخر؟!

ثم إنَّ الإسلام كفلَ للمرأة كرامتها وحقوقها وواجباتها، فلم تأت آية في القرآن تحثُّ على عمل صالح أو تشير إلى جزاءٍ لهذا العمل، إلا وقد شطر الإسلام ذلك بينها وبين الرجل.

من جانب آخر حمَّل الإسلام الرجل مسؤوليات وحمَّل المرأة مسؤوليات، وفي هذا الإطار، الرجل له القوامة {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ..} "النساء :34".
والمرأة تُحظى بمكتسباتها من قوامة الرجل عليها؛ ذلك أنَّ قوامته عليها ليست تسلطاً ولا إلغاءً لشخصيتها، وإنَّما حفاظاً عليها وتكريماً لها، كيف وقد جعل من أساسيات قوامة الرجل التكفُّل بالإنفاق عليها؟ والرجل من واجباته الرعاية لأسرته، والشريعة لا تجعل ذلك الحق ممنوحاً بلا رابط، بل "وهو مسؤول عن رعيته".

وفي خلال ذلك لا يهمِّش الإسلام دور المرأة، وإنَّما "والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها". وهذه الرعاية التي أَوكلت الشريعة المرأة لأدائها لا تتحقق بخروج المرأة ومزاحمة الرجال وتولِّي مناصبهم بحجَّة المشاركة في البناء والتنمية، ذلك أنَّ هذا يُعدُّ خلطاً للأدوار وإهمالاً للواجب.

إنَّ وظيفة المرأة في تربية أسرتها ورعايتها عملٌ يعجز عنه الرجال، لكنه موافقٌ ومناسبٌ لتكوينها ولطبيعتها، كما أنَّ عمل المرأة مع بنات جنسها بما يخدم مجتمعها - من تدريس وطب وخلافه - عمل ضروري به تحصل إزالة الجهالة، وتحقيق للمصلحة التي لا تتحقق إلا بممارستها ذلك العمل، إذ يتعذّر تصدِّي الرجال له.

لكنَّ المطالبة بتولِّي المرأة لمناصب سياسية وإدارية تزاحم بها الرجل وتحكم من خلالها على الرجال ومحاولة تقليب التاريخ لإيجاد الحجَّة والدليل ثمَّ تحويره لصالح ذلك الرأي.. هذا يعدُّ خارجاً عن الحكمة والنظرة الثاقبة السويَّة.
إنَّ عائشة رضي الله عنها لم يُعرف عنها أبداً في التاريخ أنَّها قادت جيشاً، بل هي مُحدثة وناقلة سنّة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لنا، وما نُقل عن قيادتها جيشاً أمرٌ مغلوط عليها رضي الله عنها، فلم تقم إلاَّ بمحاولة الإصلاح بين المسلمين. هل من الحكمة أن تريدوا منا أن نتخذ عائشة قدوة في أمر لم تفعله ولا يصح منَّا أن نذكره عليها؟ أم من الواجب أن نجعلها قدوة في عملها الشرعي؟

هل من الحكمة أن يُخرجنا ـ دعاة اليوم العالمي للمرأة ـ من مهامنا التي لا يستطيع كائن من كان أن يقوم بها لنقوم بمهام غيرنا؟

هل من الإنصاف أن نكلِّف أنفسنا فوق طاقتنا، حيث نؤدِّي أدوار غيرنا؟

هل من المعقول أن نغفل تكوين المرأة ونطالبها بما فوق طاقتها؟ فلكم أن تتخيّلوا حين تصل المرأة إلى منصب رئيس الدولة كما يطالب البعض، ثم تتعرَّض لما يتعرَّض له النساء من دورة شهرية وحمل وولادة، بل حين تأخذ إجازة أمومة، فتصبح الدولة بلا والٍ، عفواً بلا والية..!

أقول: الحكمة الحكمة يا منظِّري قضايا المرأة.

أيُّها الكُتَّاب.. إنَّ التنمية التي تطالبوه المرأة للمشاركة فيها، لا تتم خارج المنزل فقط، إذا كان الرجل يقودها من المصنع، فالمرأة تنجب وتربِّي ذلك الرجل وتقودها من المنزل. ويبقى شيء واحد أيُّها الكُتَّاب من رجالٍ ونساء: أليس فيكم كاتب رشيد؟.

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:19 PM
معلِّمة بشهادة جـلاد!!



د.أفراح بنت علي الحميضي


في بداية العام الدراسي وحين استوينا على مقعدنا المتصل (حين كانت تلك المقاعد متصلة بعضها مع بعض وليس حال المقاعد الآن) ثلاث طالبات صغيرات على مقعد خشبي متصل بطاولة ذات درجين، حين دخلت المعلِّمة إلى غرفتنا ولأنَّها أكبر منَّا ولأنَّ أعمارنا وأحجامنا أصغر وأصغر منها، فقد أخذنا نتطلّع إليها من أسفل إلى أعلى، رافعين قامتنا متطاولين برقابنا محدقين بنظراتنا إليها.
معلِّمتنا هذه التي دخلت علينا الفصل ولأوَّل مرة نراها، لم تكن في حصتها الأصلية، بل كانت في حصّة احتياط أو فراغ (ويبدو أنَّ حصّة الفراغ هذه لا يزال لها من اسمها نصيب).
جلست المعلِّمة على الطاولة التي أمامنا بعد أن حشرت الطالبات في زاوية الكرسي المتعلِّق بها، ثمَّ خطر لها فكرة أن تقطع وقت الفراغ هذا بالسؤال المعتاد عن أسماء الطالبات، أو لعلّها الرغبة الحقيقية في التعرُّف على أسمائهن، وبدأت سلسلة الأسماء تتابع، فلانة، فلانة، فلانة.. حتى جاء دوري وحيث كنت في حال يرثى لها من الخوف منها (ولا أدري حتى هذه الساعة لماذا؟!) وبعد أن تقلّصت كل الكلمات على شفتي وبعد أن تقزَّمت في مكاني على ضآلة حجمي آنذاك، خرج اسمي من فمي "أفراح" ردّت معلمتي بكلمات ما زالت منقوشة بذاكرتي: "اسم على غير مسمي"!
خرجت هذه العبارة من فمها ونسيتها قبل أن تخرج من فصلنا، لكنّها حفرت في عمق ذاكرتي أخاديد موجعة.. على غير مسمى لماذا؟ هل بيني وبينها سابق موقف؟
معلِّمتي التي عرفت اسمها بعد ذلك "رجاء"، لأي شيء ترجوها تلميذة صغيرة مثلي بعد أن صدمتني فزادت خوفي استياءً منها حينذاك، وحين كنت تلميذة أو بالأحرى عجينة تلميذة، لم تكن تستهويني "أبلة رجاء" ولا حصّة "أبلة رجاء"، وكانت هي عندي "اسماً على غير مسمي".
هيّجني مقال للدكتور الفاضل "مساعد المحيا" وأثار في نفسي زوابع من الشجون والذكريات، بل سلسلة من المشاهدات والمرئيات ماضياً وحاضراً، حتى إذا وصلت إلى نهاية المقال ورفعت رأسي إلى عنوانه وقرأت "هؤلاء المعلِّمات من أين لهن القسوة؟!" سللتُ قلمي وكتبت: أمَا زالت المشكلة موجودة في مدارسنا، هل هناك من لا يزال يضجُّ بالشكوي، ويرفع صوته بالأنين؟ .. أبعد هذا التطور في إعداد المعلِّمة وتمكينها من مهنتها بالمواد التربوية والتطبيقات العملية، أتكون هناك من تحمل شهادة جلاد؟
لا،لا.. حتماً ليست كلّ المدارس بؤراً للرعب، وليست كلّ المعلمات والإداريات يحوين بين صدورهن قلوباً قدّت من صخر.. لا.. وجذبتني الذاكرة مرّة أخرى إلى الصف الذي كنت فيه "اسماً على غير مسمى" آنذاك، حين كانت معلِّماتنا خريجات معاهد المعلِّمات، عندما كانت نفوسنا الغضّة البرئية تجد لها مرتعاً تنمو فيه في حصّة "أبلة نورة فالح السعدون" و"أبلة نورة عبيد السعدون" ، بل "أبلة هيا الفليح" التي كنّا حين نمرُّ على منزلها ونحن في طريقنا إلى المدرسة، فتمضي معنا أمً حولها بناتها، وحين كانت تحتوينا جميعاً "أبلة لولوة النعيم" لمّا كانت خطوطنا تتعثّر فتقيمها حتى غدت شبيهة بخط "أبلة لولوة" . وعندما نخرج إلى ساحة المدرسة لا تزال تحرّكات وتوجيهات إدارية مدرستنا "أبلة سارة الأحمد" محفورة في ذاكراتنا.
معلِّماتي لم يكنَّ خريجات كلية تربوية أو دورة إدارية، لقد تلقين من المواد التربوية أبسطها، لكن العملية التعليمية عندهن كانت أشمل من تعويدنا تهجية الحروف وقراءة الأرقام وضبط عملية الحضور صباحاً بأسلوب عسكري جاف.
أقول: كانت أشمل من ذلك لتغدو العملية التعليمية عملية توجيهية تربوية، بل كانت بعض معلِّماتنا يمارسن مهنة الأم البديلة في فترة مكوثنا في المدرسة.

ما التطور الذي حدث؟ ألم يبلغ عدد الكليات التربوية عندنا أكثر من ستين كلية تربوية؟ ألم تتخرّج لدينا كل سنة الآلاف من المعلّمات؟ ألم نجتهد في كلياتنا في دارسة المواد التربوية والنظرية والعملية المعينة على تحقيق الأهداف السلوكية؟
ألم يهتموا بدفتر التحضير وطريقة التحضير؟ قالوا لنا في البدء: تكتب طريقة التحضير بأسلوب رأسي تشمل الهدف العام، الخاص... إلخ.
ثم غيّرت الطريقة تبعاً لتطوُّر الدراسات التربوية إلى طريقة عرضية، فقلبت المعلَّمات دفاترهن وكتبن ذات الدرس ولكن بطريقة عرضية أفقية..

وبعد ما الذي تغير؟ لا شئ! لماذا لا تشمل تلك الدراسات أسلوب علاقة المعلمة بطالباتها؟ ما حدود تلك العلاقة؟ لماذا لا يُجرى اختبار تحمُّل نفسي لكل متخرِّجة ترغب في الانضمام لسلك التربية والتعليم؟ .. فليس كل امرأة قادرة على أن تكون معلِّمة وليست كل معلِّمة قادرة على أن تكون مربية، وبالتالي فليست كلّ معلِّمة على استطاعة أن تبني علاقات موجبة مع الطالبات مستندة إلى فهم صحيح لنفسياتهن، فبعض الطالبات تردعهن النظرة، وبعضهن لا يبالين حتى بالعقاب البدني.

المشكلة موجودة، نعم، والمعلِّمات الإداريات اللاتي يفقدن الشفافية في التعامل السليم مع الطالبات موجودات، وحيث إنَّني لا أريد أن تكون هذه الأسطر مزيداً من النعي لواقع موجود لا نستطيع أن نغمض أعيننا عنه، فإنِّي أؤكد على:

* أنَّ من لوازم العملية التربوية أن تدرك المعلِّمات والإداريات وأولياء الأمور أنَّ العلاقة بين المدرسة والمنزل يجب أن تتعدى كونها كيانين في إطار المجتمع إلى كيان واحد كبير، فما تبنيه المدرسة يجب أن تتعاهده البيوت، وما تحرص عليه البيوت يجب أن تدعمه المدرسة.

* أن تبحث المعلِّمات والإداريات عن أفضل الضوابط التي تحكم سلوكيات الطالبات بأسلوب لا ينفِّر التلميذة من المدرسة، بل يجعلها مكان شوق لهنّ كل صباح، وبهذا تكون المدرسة معامل للسلوك الحسن ومختبرات للتربية والتقويم.

* "العملية التعليمية التربوية مهمة إبداعية" جملة لو دوَّنتها كلّ معلِّمة على دفتر تحضيرها وكلّ إدارية على ملفاتها لأغنتنا عن كثير من التعاميم.

* سلامة النيّة لا تغني عن التثبت، فعلى الإداريات ـ دون ممارسة أي نوع من أنواع الشد مع الطالبات ـ الاتصال بأولياء أمورهن للاستيضاح حول تأخرهن أو أي تصرُّف لا تستطيع إدارة المدرسة تفسيره.

* القسوة أقبح إطار يؤطر السلوكيات الفاسدة فيزيدها قبحاً، ولا يخرج إلا من النفسيات المستبدة المتهالكة، وهي المؤشر العادل للشعور بالنقص.

* الطالبات يخطئن، نعم، لكن هناك ألف طريقة وطريقة لتقويم اعوجاجهن واستثمار طاقاتهن، فكم حطّمت القسوة جدار الثقة بين المعلِّمة والطالبة، وكم اقتلعت عاصفة القسوة شجرة الطموح، وكم دمَّرت القسوة والاستهزاء نفسيات بريئة، وكم أورثت القسوة اللامبالاة والتحدي.. ودمتم.

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:20 PM
محصّلة التشبُّه: عرى الأجساد، خواء العقول!!



د.أفراح بنت علي الحميضي


القاعدة الغائبة عن مُنظِّري القواعد الحضارية أنَّ الحضارة لا ترتبط بالزمن سلباً أو إيجاباً، وإنَّما ترتبط مع مجموعة من المفاهيم والتطورات والقيم والممارسات العملية المنبثقة من ثوابت ومسلَّمات عقائدية شرعية.
وكتطبيق اجرائي لهذه القاعدة في مسألة "التستُّر والعرى" وهي مسألة مرتبطة بالإنسان منذ أن أوجده الله، نجد أنَّه كلما قرَّب الإنسان من الأولى قرَّب من الرقي والحضارة، لأنَّ المسلَّمات الشرعية تنادي به، وكلّما قرَّب من الثانية كلَّما بعد عن المأمول من الحضارة أو التحضُّر.
ولأنَّ الإسلام دين حضاري فإنَّ تعليماته جاءت مواكبة للمعاني الصحيحة والسليمة للفطرة الإنسانية، لذلك جاءت تشريعاته وأحكامه شاملة كاملة؛ شاملة لكلِّ جوانب الحياة وكاملة لا يشوبها نقص.. وكيف لا يكون كذلك، ومشرِّع الأحكام هو الخبير الحكيم العليم، ومن أجل ذلك جاء اهتمامه بالملبس دليلاً واضحاً على شمولية تشريعاته.
فاللبس في الإسلام يقرِّب الإنسان من إنسانيته، والعري في غير موضعه يجذبه إلى الحياة البهيمية.
واللبس في الإسلام حفظ عن الأعين الفضولية وعن الأعين التي لا تستحق أو لا يحلُّ لها النّظر إلى ما لا تملك.
واللبس في الإسلام طاعة للمولى أولاً وآخراً، لذلك كان لا بدَّ من تنفيذ تلك الطاعة بحسب ما يراه مشرِّع الأوامر والنواهي، لا بحسب أهواء منفِّذيها وشهواتهم.

ولهذا كان من المفروض أن تتوفَّر في اللبس عدد من الشروط حتى يتواكب مع المعاني الإسلامية في الحفظ والصون، وحتى يتحقق الغرض الأساس من اللبس، وهذه الشروط تتمثَّل في:
1- أن يكون من مال حلال لا شائبة فيه.
2- أن يكون ساتراً لمفاتن الجسم ويتحقَّق هذا الشرط بتوفير الأمور الآتية:
أ ـ غير شفَّاف "صفيق".
ب ـ غير ضيِّق "واسع".
ج ـ طويل.
3- إذا كان من لباس النساء ممَّا لا يمكن ستره عن الرجال لطبيعته "كالعباءة ونحوها من غطاء الوجه" فلا بدَّ أن يتوفَّر فيه شرط أساس وهو ألاَّ يكون زينة في ذاته، بل ساتراً للزينة.
4- ألاَّ يحوي ما يدلُّ على تشبه الجنسين بعضهما ببعض، فليس للذكر ارتداء ملابس النساء، وليس للنساء ارتداء ما يرتديه الرجال.
5- ألاَّ يحوي ما يدلُّ على تشبُّه المسلم أو المسلمة بغيرهما من أتباع الديانات الأخرى.
6- ألاَّ يكون ثوب شهرة، وهو ما غلا ثمنه أو عجب شكله بحيث تشتهر به المرأة أو الرجل.
7- ألاَّ يحوي منكراً كالتصاوير المحرَّمة أو فاحش الكلام.
هذه شروط الملبس في الإسلام، ودعونا نطبِّقها على واقعنا رجالاً ونساءً فماذا نجد؟
نجد من الرجال من يلبس الثوب الشفَّاف تحته السروال القصير فلا يستر عورته في الصلاة.
ونجد من الرجال من يرتدي السروال القصير عند ممارسته الألعاب الرياضية ونجد من الرجال من يتشبَّه في لبسه بالغرب، أو الشرق، من لبس القلائد أو ما احتوى تصاوير، أو كتابات قد تحوي في بعضها شركيات.
أمَّا النساء فاذهبوا في جولة ـ حماكم الله وثبَّتكم ـ إلى كثير من المجتمعات النسائية، فمن النساء من تلبس القصير الذي يظهر ما يجب أن يخفى منها، فقد لبست بعضهن ما تحت الركبة وما أعلى من الركبة، بل حتى أظهرت بعضهنَّ شيئاً من أفخاذها، ولا يقتصر الأمر على هذا، فقد تمرَّغت بعض النساء في وحل العرى اتباعاً للموضة؛ فهذا مفتوح من جهة صدرها حتى لا يكاد يخفي سوى ثدييها، أو يشفَّهما أحياناً، وهذا مفتوح من جهة ظهرها حتى قد أظهر كلّ أو نصف عمودها الفقري، وهذا مشقوق من أسفل حتى كشف ساقيها لا، بل فخذيها. وهذه ملابسها طويلة لكنّها شفَّافة إذ أهملت عن عمد وضع غلالة تحتها تستر جسدها فشفَّ ذلك الأمر عورتها، وهذه لبست البنطال تشبهاً بالرجال، وتلك قد لبست ملابس أشبه ما تكون بقمصان لاعبي السلّة تظهر ذراعيها مكشوفتين حتى الإبطين وما أعلى منهما.
وهذه لم يعجبها جسمها الأُنثوي فرغبت في تغيير شكلها ولم يكن لها وسيلة لذلك سوى اللبس وتسريحة الشعر، فعمدت إلى شعرها فقصَّته مثل شعر الذكور، ثمَّ لبست ما يشبه البدلة الرجالية ـ الأفرنجية ـ وفوق ذلك حرصت على ألاَّ تضع في وجهها أية زينة وعلى ألاَّ تلبس أي حليّ.

أقول ذكَّرتني هذه الموضة ـ التي أتمنّى أن تكون كذلك ومثلما تمضي مضى غيرها ـ بموضة "الجنس الثالث" التي انتشرت في بعض مناطق الخليج قبل فترة، فلم تعييني الحيلة أن أطلق عليها "جنساً رابعاً" ونجد من النساء من أنفت من شكل وجهها ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ فتلك قد قصَّت شيئاً من شعر حواجبها، وأخرى قد حلقت حواجبها كلّها ورسمت حواجب لها تغيرها حسبما تشتهي، وتلك لم يعجبها لون عينيها فأبدلتهما بعدسات بلون ما تلبس، وتلك خشّنت ما نعم من شعرها وأخرى.. وأخرى..!
هذا هو واقع كثير من النساء والرجال فيما يخصُّ مسألة العري والتستر، والذي كان نتيجة حتمية للخواء العقلي الذي يعيشه بعض الأفراد، أقول خواء لأنَّنا لو طرحنا على أولئك أي موضوع فكري أو ثقافي أو حضاري بسيط لظهر عري العقول الحقيقي وظهر أنَّ تلك الأجساد قد كُشفت بعد أن سحب الرداء منها وغطيت به العقول ليستر ضحالة الفكر ورداءة التطبيق لأمور الشرع.
وتبعاً للقاعدة الحضارية التي أشرت إليها أوَّل المقال، فإنَّ تفسير ما يحدث الآن من عري أو شبه عري أو تشبُّه أو شبه تشبُّه، هو انتكاسة حضارية، وقلب للمفاهيم الفطرية وخواء فكري وتبعية ضعيف غِرٍّ لقوي ماكرٍ.
ودمتم.

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:21 PM
الطلاق ولعبة النَّار



د.أفراح بنت علي الحميضي


الأصل في الزواج بناء حياة سعيدة مستقرَّة مفعمة بالحب مزدانة بالتفاهم، فتصبح الأسرة التي خرجت من بذرتين اتحدتا نبتة شامخة بسوقها مورقة بأوراقها مزهرة بزهرها. وبتشابك أغصان تلك الشجرة المباركة يظهر فيء بارد جميل يتخلله بصيص من ضوء الشمس، فتغدو لوحة مبدعة. إنَّ حال تلك الشجرة بتشابك أغصانها حال تلاحم أفراد الأسرة بدءاً من الزوج والزوجة وانتهاءً بالأبناء إخوة وأخوات.
هذا هو الأصل في الزواج.
في الماضي كان المجتمع كلّه يغرِّد كعصافير الدوري فرحاً مستبشراً بخطبة فلان وفلانة وزواج فلان وفلانة، وبمثل هذا الانبساط والسرور يحدث الضيق وتظهر الهموم بطلاق فلان وفلانة من النَّاس حتى ولو لم يكن هناك معرفة بهما. الطلاق الواحد كان يربك عدداً كثيراً من الأسر، وتزداد حالة الهمّ والمشاركة الوجدانية إذا خلَّف ذلك الزواج المنهار أولاداً.
حالة طلاق واحدة كانت تهزُّ المجتمع، تجعله يتحسَّب ويحوقل؛ لأنَّ درجة إدراكه لخطورة الأمر تبدو عالية، ورغم أنَّ كثيراً من حالات الطلاق في الماضي لم تكن تحدث إلاَّ بعد محاولات مستميتة لرأب ما تصدع من بنيان الأسرة، ورغم أنَّ كثيراً من الحالات لم تكن لتحدث أيضاً إلاَّ في أصعب المواقف، فهذا رجل لا يصلي، وهذا رجل سكير لم يرتدع، وعلى قلَّة هذه الحالات كان الطلاق نادراً، أو هو في بعض الأزمنة والأحايين معدوم، أمَّا من جهة الأسباب المتعلقة بالمرأة، فما كان المجتمع يفصح عنها غالباً، ستراً لها ورغبةً في أن يأتيها رزق آخر أو زوج آخر، وكانت الكلمة الدارجة "فلانة تركت أو تركها زوجها، الله يستر علينا وعليها".
لم يكن معهوداً أن يكون عدم إنجاب المرأة سبباً في الطلاق، إذ كان الزوج يتزوَّج ثانية أو ثالثة أو رابعة ولا يترك الأولى، بل تبقى في ذمَّته معزّزة مكرَّمة.
ولم يكن معهوداً أن يكون ضعف حال الرجل وقلة ذات يده سبباً في طلب الطلاق، إذ يُعدُّ ذلك الطلب عيباً في المرأة وسوءاً في تربيتها، وهذا لم يحدث إلا نادراً.
ولم يكن معهوداً أن يكون طلب الاستقلال عن بيت العائلة "الحمولة" سبباً في الطلاق؛ لأنَّ ذلك الطلب لم يكن موجوداً، إذ كان البيت على اتساعه أو ضيقه يشمل الأسرة كلها الجد والجدَّة، الأم، الأب، الأولاد، وربما تزوَّج من الأولاد من تزوَّج وسكن معهم في نفس المنزل يحويهم جميعاً.
ولم يكن معهوداً أن يكون تذمُّر المرأة من أم الزوج أو والد الزوج سبباً في الانفصال؛ ذلك أنَّها كانت تعد نفسها منذ قدومها لهذا البيت "ابنة لهما" توليهما رعاية قصوى وتقوم راضية بخدمتهما، ويزداد اهتمامها بهما كلّما تقدَّما في السن، وعلى قدر ما تقدِّم الزوجة لوالدي زوجها من معروف تزداد منزلتها عند زوجها.
ولم يكن إرهاق المرأة بأعمال المنزل سبباً في طلب الطلاق، وبالرغم من ندرة وجود الخادمات أو انعدام وجودهن في المنازل، ورغم قيام المرأة بكل الأعمال المنزلية بدءاً من غسل الملابس وكيِّها وكنس وترتيب المنزل إلى طبخ الطعام، وانتهاءً برعاية طلبات الزوج وتربية الأولاد، إلا أنَّ ذلك كله لم يكن سبباً يستدعي أن تصرخ المرأة طلباً للفكاك، بل كانت تعمل راضية قانعة محتسبة الأجر.
ولم يكن معهوداً أن يكون شكل المرأة أو الرجل سبباً في الطلاق؛ لأنَّ القناعة ملأت قلبيهما، فالرجل قد رضي باختيار أمّه أو أخته والمرأة رضيت بموافقة ولي أمرها، ولم يكن الشكل الهدف النهائي الذي تسقط عنده كل الخيارات الأخرى، كان الرضا بالحل الوسط هو الذي يطغى، فلا تطرُّف في هذه المسألة، وكلا الطرفين يرضيان بالمقسوم.
ولم يكن معهوداً أن يكون راتب المرأة سبباً في الطلاق؛ لأنَّه نادراً ما كان لها دخل، وإذا كان فالذي يحدث أن توظِّف المرأة ما بيدها من دخل لصالح بيتها وأسرتها، فتلك التي تغرس أو تحرث أو تخدم في بيوت جيرانها أو تخيط أو تطحن أو تعلِّم القرآن أو القراءة أو تحلب أو تبيع ما أنتجته يدها من أعمال يدوية... إلخ.. لم تكن تدّخر ما تملكه لها وحدها، ولم تكن تنفرد به؛ لأنَّها تدرك أنَّ الزواج ليس شركة مالية "هذا لي وهذا لك" "هذه أسهمي وتلك أسهمك"، بل كانت ترى الزواج مؤسسة اجتماعية هي تعني هو، وكلاهما يعنيان نحن، ولم تكن "الأنا" موجودة آنذاك.

.. ولم يكن معهوداً كذلك أن تتهاوى البيوت وتستحيل نارها رماداً لغياب ربِّ الأسرة عن بيته شهوراً، بل سنوات في سعيه لطلب الرزق.
فقد كان منتشراً في بعض المناطق أن يسافر الزوج من منطقته إلى بلاد بعيدة.. وكانت مسافة السفر ذهاباً تأخذ زمناً يقدَّر ويُقاس بالشهور وليس بالساعات.. ومثلها طريق العودة، وحين يغيب الزوج عن منزله شهوراً، بل سنوات، تمكث المرأة في منزلها راعية لبيت زوجها، حافظة لفراشه، ساهرة على أولادهما، تكون لهم أباً وأمَّاً في الوقت نفسه، تشتعل في صدرها جذوة الشوق لزوجها والد أبنائها، تلوح بالأمل بين فينة وأخرى على طيفه يمر، تطوي الأيام تلو الأيام، والشهور في إثر الشهور، والسنوات تجرُّ خلفها السنوات، وليس لها إلاَّ راية الوفاء ترفعها على سارية الذكرى.
وحين تقترب عودة الزوج، ربّ الأسرة "أبو العيال" حينئذ لا تسأل عن الشوق الذي يعمر قلب الزوجة، سنوات مضت حافلة بما فيها من ذكرى وشجن، فهذا الولد الذي تركه يحبو هل سيعرفه وقد غدا صبياً عتياً؟ وتلك الزوجة التي تركها شابة نضرة هل سيعرفها وقد خطَّ البعد والفرقة تعاريجهما على وجهها؟
ورغم مرور تلك السنين، إلاَّ أنَّ الزوجة لم تكن تفكِّر مجرَّد التفكير في الطلاق، بل تكون دوماً بين عامين، عام يمضي لا تزال ذكرى زوجها عابقة فيه، وسنة ستأتي علَّها تكون آخر مرحلة من مراحل السفر، حين يرخي الليل سدوله، وينوخ الجمل بحمله ويلتقي البحر بأشعة الشمس الآفلة، حين تنطفئ جذوة الشوق لتشتعل جذوة اللقاء والوفاء، حينها تنسى الزوجة كل تلك السنين تغدو لحظة عابرة.. ومضة شهاب في سماء الانتظار.
وكان الزوج يحفظ للمرأة وفاءها ويقدِّر لها صبرها، ورغم أنَّ بعض الأزواج ربَّما قد يكون له أسرة أخرى في غربته، إلاَّ أنَّ ذلك لا تعده المرأة خيانة لها؛ لأنَّها تدرك أنَّ الرجل لا يستغني عن أسرة وزوجة تعفَّه في سفره وفي حلّه، وتعلم أنَّ ذلك البعد لمصلحة الأسرة التي يعمران بنيانها، ويشدَّان سقفها بحبال الودّ والإخلاص بعضهما لبعض، وأنَّ لحظات البعد، عفواً سنوات السفر، (مُكره أخاك فيها لا بطل)، وأنَّ الأمل باللقاء والعودة أقوى من أفكار الفرقة والافتراق والطلاق.
عفواً، يبدو أنَّني استرسلت في تلك الخاطرة التي اقتحمت عليّ أفكاري، فإنَّ ما كن يفعلنه نساؤنا في الماضي من ركوب أصعب أنواع الصبر، أمرٌ يعجز القلم أن يمضي دون أن يسطِّره فخراً بهنّ لصبرهن ووفائهن، وفخراً برجالنا الذين لم تكن تثنيهم قلَّة مصادر الرزق في ديارهم، فيسعون في مناكبها قاطعين المفاوز والوديان والجبال سعياً وراء اللقمة الحلال.
أعود.. ولم يكن معهوداً أن تشترط المرأة أن تستقر في نفس مدينة أهلها أو حيِّهم، فقد تتزوَّج المرأة ويمضي بها زوجها إلى منطقة بعيدة عن حيِّها، أماكن نشأتها، لعبها، طفولتها، فتمضي وهي مودِّعة أهلها وداع من لا يعتقد بلقاء.. أقول: لم يكن منتشراً أنَّه إذا لم يتم شرطها أن تطلب الطلاق؛ لأنَّها تدرك أنَّ بعدها عن أهلها لا يعني نهاية كل شيء، وأنَّ ما تسعى له من بناء أسرة مع زوجها قد يحتمل فيه كل شيء، حتى لو بعُدت عن أهلها.
ولم يكن معهوداً أن تثير المشكلاتُ الصغيرة الزوجَ أو الزوجةَ فتطلب الزوجة الطلاق، أو يتحدَّاها الزوج فيرمي بكلمة الفراق في ساعة غضب، فهذه المشكلات لم يكن دورها سوى أن تثير بعض زوابع خفيفة سرعان ما تمضي؛ لأنَّ هناك أعظم منها ممَّا يهتمون به ويشغل فكرهم من بناء أسرة قوية ومن سعي لطلب الرزق.
إضافة إلى أنَّه على رغم صغر سن الأزواج آنذاك، إلاَّ أنَّ قلّة عدد حالات الطلاق بهذا السبب أمرٌ يثير التفكير، أهي حكمة وأناة ولين جانب امتاز بها الزوج والزوجة، أم أنَّ هناك ظروفاً أخرى من إحاطة الأهل بهذه الأسرة الوليدة ومشاورة الأهل وأصحاب الحكمة وأولي النهى فيما يستجدُّ من بوادر المشكلات لها دور في تقليل عدد حالات الطلاق، وفي تثبيت أركان هذه الأسرة؟!

ينتابني شعور بالكآبة والضيق حين أتذكّر أنَّ نسبة (30%) من حالات الزواج في إحدى العواصم العربية الكبرى مصيرها الفشل، حسب إحصاءات نشرتها الصحف نقلاً عن مصادر رسمية، ويختلجني إحساس غامض: هل نسبة (70%) الباقية تمثِّل الحياة الزوجية السعيدة؟
لماذا (30%)؟! هل غدت كلمة "طالق" أو "طلِّقني" أسهل من "السلام عليكم"؟! هل من يعنيهم الأمر من زوج وزوجة لا يفهمان ماذا تعنيه تلك الكلمة؟! وما التوابع واللواحق والنتائج والآثار والمصائب التي تترتّب على تلك الكلمة؟!
دعكم من أنَّ بعض الطلاق رحمة، فهذا لا أعنيه، ولكن ما أقصده حين تغتال تلك الكلمة حكمة الرجال وصبر النساء، ويعزف بها على جرح الألم والفراق، حين تئن البيوت وتتسع الجراحات، وحين تتضعضع المنازل لأسباب تذكِّرنا بنزاعات الأطفال على أشيائهم، لكنَّ الأطفال سرعان ما يعودون ويدملون جراحهم، أمَّا الكبار فإنَّ جراحهم تظلُّ تثعب دماً.

ولعلِّي في عجالة سريعة أضع القلم على أسباب هذا الجرح النازف كما أعتقدها:
أولاً: غياب الحكمة:
يُمدح الرجل بالحكمة والاتزان، وكذلك المرأة؛ حين يكون من أوَّل مواصفاتها أنَّها امرأة رزينة (متأنية عاقلة). إنَّ غياب تلك الصفة يعني انهيار الحياة السعيدة ثمَّ سقوط برج الزواج. لكن الملاحظ أنَّ كثيراً من النَّاس يفتقر إلى الحكمة في اتخاذ القرارات، وخصوصاً قراري الزواج والطلاق، وهما القراران اللذان يرسما منعطفاً خطيراً في حياة الفرد.
فزيجات كثيرة تتم دون السؤال الكافي من الزوج عن المرأة، وعن تربيتها، عن دينها ومقدار تمسُّكها به وحرصها عليه، فقد يكتفي كثير من الرجال بالمواصفات الخارجية.
وزيجات كثيرة تتم على عجل دون سؤال عن الزوج، إذ يُكتفى أيضاً بمقدرته المالية أو نسبه الرفيع.. أو حتى أين سيقيم حفل الزفاف.. وأين سيمضي بزوجه شهراً من "العسل"؟!
وهنا تختفي الحكمة!
وتختفي الحكمة أيضاً حين يكون من أسباب الطلاق توافه الأمور، فهذه امرأة طُلِّقت لأنَّها لم تجد طبخ وجبة ما! أين الحكمة؟! وأخرى طلَّقها زوجها حين أفسدت آلة من أدوات المنزل! وثالثة اختلفت وجهات نظرها مع وجهات نظر زوجها، فكان الطلاق حاسماً لهذا الخلاف!! ورابعة.. وخامسة..
وهذا زوج أخذته العزَّة فرمى كلمة الطلاق على زوجته تحدياً حين طلبت ذلك.. وغير ذلك، أمثلة كثيرة توضِّح أنَّ الحكمة قد غابت أو غُيِّبت في مثل تلك المواقف، والحكمة مطلوبة من الطرفين، لكنَّها في حق الرجل أوجب؛ وذلك لأنَّ زمام الأمور بيده، والمرأة قد تستعجل في لحظة انفعال وغضب فتطلب الفراق، لكنها حين تسمع الكلمة سرعان ما تعود إلى نفسها فتندم، ولات ساعة مندم.
لو يدرك كلا الطرفين أنَّ الاستعجال في اتخاذ القرارات وارتجالية المواقف ينتج عنه عواقب وخيمة لكليهما! لو أدركا.. لكان للحكمة موقف هنا.



يتبع ...

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:21 PM
ثانياً: كثرة المغريات والمثيرات:
البساطة التي ترتكز عليها أمور النَّاس في السابق أوجدت السماحة في المعاملة، على عكس تعقيد الحياة وكثرة المغريات اليوم.
بعض حالات الطلاق في الوقت الحاضر نتاج الانغماس في تلك المثيرات، فهذا زوج انجرف أمام مغريات القنوات الفضائية، فبدأ يقارن بين زوجته وبين "النساء الفضائيات" فزهد بما لديه على أمل أن ينال ما يرى.. وهذه زوجة أغرتها الحياة الدنيا وملذّاتها فلم تقنع بما لديها وبنصيبها الذي كتبه الله لها، وبدأت تقارن بين حالها وحال مثيلاتها أو حال من هو أعلى منها جاهاً وحسباً، فزهدت في زوجها؛ رجاء أن يأتيها فارس على صهوة جواد أبيض!

ثالثاً: استقلالية الرأي:
استقلالية الرأي أمر محمود إلاَّ في بعض الحالات، حين يفرز ذلك الأمر قرارات عشوائية لا ترتكز على المصلحة العامة، والانفراد باتخاذ قرارات مصيرية بهذا الشكل الارتجالي أمر سيئ العاقبة. مشاورة أهل العلم وأصحاب العقول الراجحة والآراء الصائبة في كثير من النزاعات أمر قد يقلِّص حالات الطلاق، خاصة عند كثير من الناس ممَّن يفتقد القدرة على احتواء مشكلاته بنفسه، ولنا في القرآن خير معين حين يأمر بإرسال حكم من أهله وحكم من أهلها للصلح بين الطرفين.

رابعاً: الجهل بالغرض من الزواج:
كثيرون يرون أنَّ الزواج يعني وجهاً جميلاً وبيتاً منظَّماً وعشاء فاخراً. وكثيرات يرين أنَّ الزواج رجل غني وحرية واسعة وانطلاق بلا حدود. لكن ثمَّة غرضاً يجهله بعض الأزواج، وهو أنَّ الهدف من الزواج تحقيق السعادة لكلا الطرفين دون ضرر أو إضرار بأي طرف آخر.. وحتى تتحقق هذه المسألة فعلى الطرفين الاهتمام برعاية حقوق كلّ منهما، واحترام تلك الحقوق في إطار الحرص على عدم تبادل الأدوار بينهما، فالزوج رجل والزوجة امرأة، فحين تمتشق المرأة القوامة.. وحين يضحِّي الرجل بغيرته متساهلاً مع زوجته؛ يصهل خيل الطلاق؛ لأنَّ الرجل مهما قدَّم من تنازل سيطالب بتلك القوامة وهي حق من حقوقه، والمرأة مهما نشدت الرجل أن يمنحها حرية أكثر وأن يخفف من غيرته ستطالب بها يوما؛ً لأنَّها ستدرك أنَّها المظلَّة التي تقيها عواصف الحياة، وإذا حدث الرفض من أي الطرفين لواقع تبادل الأدوار هذا فسيصهل خيل الطلاق، سيصهل الخيل!! ويغدو الطلاق لعبة نار يلهو بها من يشاء.

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:22 PM
Power Rangers والبقية ستأتي..



د.أفراح بنت علي الحميضي


(Power Rangers) فيلم أجنبي مُترجم يخدم فئة الطفولة المبكِّرة ومرحلة سن المراهقة (سن 10ـ20) يطرح العديد من الأفكار المتناقضة لمعالم الأديان، وما سأعرضه هنا كمثال للعديد من الأفلام التي توجد بين يدي الأطفال والمراهقين بعلم وغفلة من الوالدين أو بجهل منهم، وهو ينتشر في أسواقنا وتتلقَّفه أيدي النشء ليصيغ في نفوسهم ـ هو وأشباهه الكثير ـ نماذج سيئة وقيما مدمِّرة؛ أقلّها تمجيد الإنسان الغربي ومنحه قوة تنافس، بل تتفوَّق على قوة الله العظيم ـ أستغفر الله ـ.
تتمحور قصّة هذا الفيلم حول مجموعة من الفتيان والفتيات يصارعون قوى الشر (الشيطان) وهم يخوضون لأجل تحقيق النصر عليه وعلى أعوانه العديد من المعارك، تنتهي بانتصارهم في نهاية المعركة.
أفي هذه القصة غبار؟
لا أعتقد..
ما المشكلة إذاً؟
.. تابعوني وتعالوا معي.
في خبايا هذا الفيلم يحدث المحظور، ولأنَّ التوجيه والإيحاء يأتي بطريقة غير مباشرة، فإنَّ تأثيراته تكون أوقع وأشمل.. كيف؟
تبدأ قصّة هذا الفيلم بتلك العبـارة ـ واستغفروا الله وأنتم تقرؤون وبعد ما تقرؤون ـ..:
(منذ عدّة قرون هناك أسطورة تقول إنَّ "زوردن" انتقل إلى مدينة تُسمَّى "بستان الملائكة" لتأسيس مركز قيادي لإنهاء صراعه إلى الأبد ضد الشيطان.. وبمساعدة الأمين "ألفا" تمكّن من تأسيس ستّة أفراد في سن المراهقة مدهشين، وأعطاهم القوّة التي تحوّلهم إلى آدميين خارقين في القوى.. واليوم نستكمل ذلك المعتقد..)..
تتوالى أحداث الفيلم بعد ذلك بصورة إيقاعية سريعة جذَّابة تشدّ الانتباه، إذ يبرز "سيناريو" الفيلم هؤلاء الستّة كأبطال أسطوريين قادرين خارقين، بأيديهم تجري المعجزات، يستمدُّون قوّتهم من كائن أعلى منهم وأقوى، وهي قوة (زد) المتحكِّمة في الأرض، ويصارعون قوة شر هي قوة الشيطان (ايفن أزو)، هؤلاء الأشخاص الستّة ـ وبالمناسبة هم فتاتان وأربعة فتيان ـ لهم القدرة على الاختفاء والظهور حسب إرادتهم، ولهم القدرة على جلب الحياة للكائن الذي يستمدّون منه قوتهم من كوكب آخر هو الكوكب "فايروس".
أمَّا الشيطان فقد مُنح في الفيلم قدرة إعجازية مدمّرة خارقة متحكِّمة قادرة على تدمير الكوكب وعلى إبادة الكائنات وعلى إيجادها ـ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ـ..
في أثناء الفيلم من الممكن أن تسمع أو تقرأ هذه العبارات:
(.. يدخل كلّ منَّا روح حيوان يريد أن يخرج..)
(.. إنَّ مع "الننجا" كل شيء يصبح سهلاً..)
( لتحرسكم أرواح حيواناتكم..)
( .. أوزو.. أعط الكائنات الحياة..)
(.. الحيوانات المقدَّسة..)
في أثناء الفيلم تحلّ أرواح حيوانات "الننجا" في أرواح الأفراد الستّة لتمنحهم قوة تضاعف قوّتهم المفقودة..
أمَّا خاتمة الفيلم فحين استطاع الأفراد الستّة إحياء زعيمهم الكائن حينما نقلوا له شيئاً من قوَّتهم وروحهم فحيا وعاش!!
أستغفر الله العظيم من هذه الطامة، أقصد الخاتمة!
قارئي الكريم.. قارئتي الكريمة:
وإذ أعتذر بداية ونهاية لكما حين لوّثت مسامعكما ومدارككما بهذه الألفاظ والعبارات التي داست على معاني التوحيد والدين، فإنّي أؤكد لكما أنَّ هذا الفيلم وأمثاله الكثير يُباع ـ وهذه حقيقة مؤكدة! ـ بل إنَّ كثيراً ممّن يشاهد الفيلم من النشء يتعلّقون بشخصيات هذا الفيلم الذين نجحت صناعة السينما في جعلهم أساطير تتعلَّق بهم نفوس الشباب ولا تنفك ـ حفظ الله أبنائي وأبناء المسلمين ـ.
وحين عُدتُ إلى نفسي أقلِّب وأتذكَّر ما سمعت وما رأيت، أبحرت دون أن أشعر إلى عرض البحر حتى عادت موجة أفاقتني وأعادتني إلى شاطئ الواقع أتذكّر.. وأتذكَّر.. غفلتنا حين جعلنا أمور التربية آخر اهتماماتنا، وحين جرفتنا محبّتنا لأبنائنا إلى أن نسلِّط من الغفلة سيوفاً ننخر بها جذور عقيدة للتوِّ قد نبتت في وجدانهم، فبدلاً من أن ننمِّيها بالاهتمام والرِّيّ، إذ بنا ـ بدافع محبّتهم وتدليلهم وبدون ترسيخ وتثبيت لمعتقدهم وتأصيل لسلوكهم ـ دفعنا بهم أو دفعناهم إلى ما يهشِّم بقايا الإيمان في نفوسهم دون أن نكوِّن فيهم هاجس الغيرة على تلك العقائد والمحبّة لها والحرص عليها، كمن يطلق ابنه في حلقة سباق ضد وحوش فلا يمدّ له يد عونٍ أو سلاحاً يعينه!
إنَّ هذا الفيلم وأمثاله تدمِّر أساس العقيدة في نفوس أبنائنا من خلال عرض قائم على استخدام أحسن الفنون السينمائية والتلفزيونية والتحكُّم المثير بالحركة والصوت، فيعمل هذا الفيلم بقوة أثناء العرض في نفوس المشاهدين.. وتعمل تأثيراته فيهم بعد انتهاء العرض.
ولأنَّ أمثال ذلك الفيلم كثيرة، فإنَّ النتيجة تعمل كرياح عاصفة شديدة دائمة مستمرة على صخرة في فلاة تنحت منها حتى تغيِّر معالمها الأولى!

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:23 PM
أصواتٌ تطرب لها الذئاب!!



د.أفراح بنت علي الحميضي


حدَّثتُ نفسي ذات مساء: لو سار الذئب خلف الحملان، لقلنا: شأنه وطبيعة جُبل عليها... فكيف وقد سارت الحملان تتهادى بحسنها وتثغي بصوتها تريد أن تلفت انتباه الذئب؟! إنَّ ذلك معاكس لطبيعة الأشياء، وللمعروف والسائد.

وحدَّثتُ نفسي ذات مرَّة: هل يفترض أن يوجد في العالم ذئاب وحملان على صور آدمية؟ أقصد: بشراً يحاكون الذئاب والحملان في تصرفاتها، فالأولى تخدع الثانية، والثانية تنخدع بالأولى، ثمَّ ألا يكفيها ما ترى وما يقع لمثيلاتها من الحملان حتى تتعظ؟
أطلت، ولكن ألا ترون أنَّ بعض النساء تحاكي الحملان في تصرُّفاتها عن سذاجة (سأفترض ذلك!) فهي لا تدرك أبعاد السلوكيات التي تقوم بها، ونتائج ما تقوم به، ومقدار التنازلات التي تقوم بها عن "طيبة" ـ عفواً أخطأت ـ "عن غفلة"! أعتقد أنَّ ذلك أصوب.
والذئاب التي تأتيها هذه التنازلات تنتظر التفاتة من هذه الحملان حتى تهجم عليها بعينها وبلسانها أو حتى تفترسها بيدها.
ألا تعتقدون أنَّ من السذاجة لدى بعض النساء تنعيم الصوت عند محادثة الرجال؟ والرجل ـ أي رجل ـ يهزَّه صوت المرأة، فكيف والصوت ناعم منعَّم. ومهما كانت وسيلة المرأة؛ محادثة مباشرة أو عبر هاتف، أو حتى مذيعة في إذاعة أو تلفاز، وأيَّاً كان هدف هذه المحادثة؛ فإنَّ هذا لا يعذرها بتنعيم صوتها وترخيمه والتغنُّج فيه.

تقول إحداهن: ذهبتُ لمحل كبير يوجد فيه مختلف أنواع البضائع، وتتعدَّد فيه منافذ البيع، وبينما أنا منهمكة في الشراء إذ بفتاة شابة "متبرِّجة" تتجه إلى أحد العاملين في السوق وهي تحمل بيدها صندوقاً يحوي لعبة من ألعاب الأطفال، ثمَّ تتكلَّم مع هذا العامل بصوت ناعم وبأسلوب فيه دلال تقول: "ما أدري أين أحاسب على هذا، هنا أم هناك؟" عفواً.. أريد منكم ـ حفظ الله أسماعكم ـ تنعيم صوتكم وأنتم تقرؤون هذا السؤال!

تقول صاحبتنا ـ التي تروي القصة: لفتت هذه بصوتها وبحركاتها ودلالها كلّ من حولها، وإذ بمارد ضخم يخرج من بين البضائع يتوجَّه للفتاة صاحبة السؤال بأسلوب أكثر نعومة من أسلوبها، يقول وهو يكاد يأكلها بعينيه: حاسبي في أي مكان، هنا أو هناك، وابتسامته شتت تقاطيع وجهه الجامدة وكأنَّما عثر على ضالته.
أوَ ليس من السذاجة أن تنعم الفتاة صوتها في الهاتف، وبخاصة إذا كان المتحدِّث رجلاً، بل والتحدُّث معه بأسلوب فيه رخاوة؟

ما رأيكم بهذا المقطع من محادثة هاتفية تتكرر كثيراً حتى تبلَّد الحس في إنكارها واعتقدنا أنَّ ذلك نوع من الذوق، أو ما يسمِّيه الغربيون "الإتيكيت":
اسمعوا حفظ الله أسماعكم:
الرجل: مساء الخير.
المرأة: مساء النور.
الرجل: فلان موجود؟
المرأة: لا يا عيوني، خرج لـ... إلخ.
هل هناك داعٍ لهذه التفاصيل وتلك الكلمة التي خرجت ببراءة، (عفواً، بسذاجة)؟!
الرجل: إذاً مع السلامة.
المرأة: عفواً يا عيوني، من أقول له؟".
وهل هناك داعٍ لهذا الاستفسار وإطالة المكالمة، خصوصاً وهو المتصل، ويفترض أنه حريص على أن يترك اسمه؟
تبدأ السذاجة عند بعض النساء بتوزيع الألفاظ الناعمة بدون حساب، ولاحظوا بعضهنّ وهي تبيع جزءاً من حيائها وحشمتها من أجل حفنة ريالات "تكاسر" البائع بها!! وادخلوا بعض المحلات لتجدوا فتاة تخلو بالبائع في المحل، وليس بينها وبينه إلاَّ طاولة البضائع، تحاجج البائع في ثمن بضاعة بعبارات على شاكلة "علشاني، الله يخليك، ولا أرتاح إلا أشتري من عندك". فإذا غُلِّف كلّه بأسلوب منمّق وصوت ناعم فكيف النتيجة؟!
أو ما رأيكم، والأمر مُشاهد ومُلاحظ وغير مخفٍ، حين تكشف المرأة جزءاً من وجهها للبائع بين فينة وأخرى، مدعية فحص البضاعة؛ لتستدر بفعلها ذلك عطفه لينزِّل لها من الثمن بضعة ريالات.
أوَ ليس من السذاجة حين تذكر الفتاة للبائع تفاصيل حاجتها بالتفصيل الدقيق المُخجل؟
ـ أريد قميصاً لونه كذا يناسب بشرتي..!
ـ أريد "..." مقاس كذا..!
أوَ ليس من السذاجة قيام بعض الفتيات بتجريب أنواع الكحل (أقسم بالله رأيتها بنفسي).. أو بعض أدوات الزينة في المحل، وأمام أعين البائعين الجائعة؟!
أوَ ليس من السذاجة دخول بعض الفتيات إلى الأسواق بعطرهن وتبرُّجهن، بل قيام بعضهن بتجريب أنواع العطور أمام البائع، بل أحياناً يجرِّب البائع لها ذلك العطر على معصم يدها، وتسلِّمه إيَّاها طائعة مختارة!
ساذجات بعض فتياتنا إلى درجة أنَّ السذاجة قليل في حقّ تصرُّفاتهن، وهنّ يسعين عن جهل للذئاب، والذئاب تهزُّ الذيل في ولهٍ بانتصار يتلوه انتصار.
أقول: متى تتنازل المرأة عن ذلك اللهاث الذي أِشقاها وتبني لها شخصية متزنة متمسِّكة بأصول قويمة تأخذ منها صمودها وقوتها وتستظلُّ بظلِّها؟!
حينها لا تستطيع الذئاب أن تعوي ولا تطرب!

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:23 PM
ما لم يدركه الرَّقيب



د.أفراح بنت علي الحميضي


أحاسيسٌ كثيرة تختلجني حين أفكِّر في هذا الموضوع؛ كيف سأستطيع أن أدوِّنه.. أن أصيغه إلى ألفاظ وعبارات تعني ما أقصده، ولا يتعدى ذلك إلى تفسيرات أخرى.. هل ما سأحيله إلى جُمل من الصعوبة رسمه بالقلم؟ .. أليس ما أعنيه واقعا يُرى ويُسمع؟
بلى.. بلى.. أجبت نفسي.
إذن.. ما وجه المُحال هنا؟
وأجبت نفسي مرَّة أخرى: هل سيصدِّقني الناس أم سيقولون: ضخّمت موضوعاً محجماً.. أم سيقولون تخيُّلات أو ... أم.. أو؟!
ودون أن أنتظر سؤالاً وردَّاً، عزمت على أن أفل قلمي من غمده، وللقارئ أن يعذرني إذا ظَنَّ أنَّي تجاوزت حد المعقول، فله منّي وعد ألاَّ أذكر إلا الواقع من الشواهد، فما أنا إلاَّ نذير قوم.

***

دلفتُ إلى محل لبيع المواد الغذائية والكماليات، تدفع عربة الحاجيات أمامها، وهي تعبر معابر ذلك المحل متنقلة من ركن إلى أخر، لم يكن هناك شيء يجذب في حركتها، لكن تلك الفتاة التي تتبعها كانت محل جذب واستدارة الرؤوس نحوها، لقد لفتت انتباه الكثير ممَّن رآها بما ترتديه من ملابس تظهر من جسدها أكثر مما تستر، أتذكرون حين قلت لكم "فتاة"؟! نعم، كانت فتاة عمرها يتجاوز اثنتي عشرة سنة، أما جسمها فأكبر من ذلك، ما كانت ترتديه عبارة عن سروال قصير يسمّونه "شورتاً" وقميصاً، لكم أن تتخيّلوا بشاعة المنظر حين تنتقي الأم بين معروضات المحل ما تشاء، وتعرض ابنتها بهذا الزي لتلتهمها كل عين جائعة ونفس عطشى..!

وتابعوا معي:
أمام كثير من مدارس البنات، حكومية أو أهلية ـ الأمر سيَّان ـ لك أن تقف حائراً لترى المأساة التي يصنعها كثيرٌ من الأهالي بأيديهم.. فهذه طفلة لا تفقه من الدنيا شيئاً سوى أناشيد تحفظها من معلّمتها في الروضة، يمسك السائق بيدها وأحياناً يحملها على صدره إلى بوابة الروضة، هل السائق الأجنبي موضع أمانة؟! رسالة إلى كل المفرِّطين.
وهذه فتاة في المرحلة المتوسطة أو الثانوية تركب وحدها مع السائق!! وتلك سيارة يقودها سائق بجوار خادمة ـ لا أدري زوجته أم لا؟! ـ مهمتها توصيل الطفلة الصغيرة إلى المدرسة، وبينما تنهمك الخادمة في حديث مع السائق، تخرج الطفلة رأسها من نافذة السيّارة لتتبع ذلك بكتفها ثمّ بنصف جسدها، والسيّارة تتهادى في الطريق.. تتهاوى الطفلة يمنةً ويسرةً.
وبجوار باب مشغل نسائي جلس السائق ينتظر "فلانة" التي دخلت، بينما أُوكل له حمل الصغيرة حتى لا تشغل أمَّها، وهذه الصغيرة ذات السنوات الأربع على أقل تقدير، ترك السائق لها حرية الحركة، فحيناً تقفز هنا، وحيناً أخرى تركض هناك، وأذكركم.. في الشارع كان لهو البريئة!! ومرَّة يمسكها بيده يرفعها تارة على كتفه وتارة يجلسها وتكون على رجله.. عفواً ـ أكاد أختنق ـ لن أكمل! أؤجل التعليق إلى النهاية..

تابعوا معي:
كنت أسمع فلم أصدِّق، قيل لي إنَّ هناك بعض الفتيات يقمن بقياس الملابس قبل شرائها في نفس المحل، حينها كنت أظنُّ ـ على أسوأ تقدير! ـ أنَّ هناك موضعاً مهيأً في المعرض لهذا الغرض، وأقول "على أسوأ تقدير"؛ لأنَّه في ظل انعدام الرقابة وقلَّة الأمانة في هذا الزمن فإنَّ هذا يُعدُّ تقديراً سيئاً وحالة سيئة ـ لا تتعجّبوا ـ.. قيل لي: ليس هناك موضع مهيأ لهذا الغرض، وإنَّما تختار موضعاً في المحل وتختفي خلف حامل ملابس أو ركن معيَّن، أو تسترها من حضرت معها، ثمَّ تقوم بلبس ما تشتريه، وغالباً يتم قياس السراويل "البنطال" والتنانير..!
بعد كلّ ما قيل لي لم أصدِّق حتى رأيت بعيني، لا بل بعيني الاثنتين، فحين هممتُ بمغادرة المعرض، لمَّا لم أجد بُغيتي فيه، إذ بإحدى المتسوِّقات منزوية خلف حامل الملابس وقد رفعت عباءتها من خلف، بحيث أظهر ذلك كلّ ما سترته العباءة..! تذكرت حال الأنصارية التي حاول أحد اليهود أن يكشف ما خُفي منها تحت جلبابها فاستغاثت بأحد المسلمين.. أقول: يظهر أنَّ صاحبتنا هذه نسيت وهي في غمرة قياس الملابس أن تنزل عباءتها بعد أن أنهت مهمّتها.. عموماً عدت إليها وأشرت إلى عباءتها مذكِّرة إيّاها.. مخجلة إيَّاها، ولكن يبدو ألا حياة لمن تنادي! ويا قلبي لا تختنق، بل احترق، ولن أعلِّق.. بل انتظروا.

وتابعوا معي:
وبينما تدخل الفتاة بكامل زينتها، وقد زادها لبس عباءة التبرُّج زينة، إلى محل لبيع الحلوى، يقف بالباب ـ باب المحل ـ ذلك الشاب الذي يلاحقها ويتلفَّظ بأعلى صوته بألفاظ مغازلة لها على مسمع ومرأى كلّ من في الطريق، أنا واحدة منهم، حيث كنت أنتظر في السيارة، وكنت أختنق من هذه الإسفاف والتبذُّل.. ومن المسؤول؟
وتابعوا ـ عفواً ـ أريد أن أذكر أنَّني هنا لا أحصر، بل أمثِّل، وسأواصل إن شاء الله تعالى..
فهذه نماذج قد تمرّ أمامنا أو أشباهها، فننساها، وقد تنسينا الحياة أحداثها، بينما تتفاعل آثارها لتخرج بمواقف أشدّ، وفي غياب الأمر والنهي والعيب والمسموح والممنوع؛ تكون تلك الوقائع سهلة بسيطة أمام القادم، ويكون النداء الحالم "عسى زمان مضى أن يعود" هو الرجاء، وهذا ما نخشاه.. والله يرعاكم.

وتابعوا معي...
.. وفي كثير من المشاغل النسائية تجاوزات لم يدركها الرقيب، بل لم يصل إليها.. عشرات الصور لنساء غربيات وشرقيات في أوضاع مختلفة، عارضات قصَّات شعورهن مع أجزاء من أجسادهن العارية معلَّقة على جدار أحد المشاغل كوسيلة إغراء للوصول إلى جُحر الضب بأيسر الطرق.
وفي زاوية أخرى تستقرُّ عشرات المجلات على طاولة تحوي آلاف النماذج لأزياء مسخ لا تقبل التأنيث ولا التذكير، ولا تملك انتماءً لثقافة أصيلة تهوي عندها أهواء كثير من النساء.
وفي جانب آخر من ذلك المشغل سُتر جزء ووُضع على باب ذلك الجزء "ممنوع الدخول"، حيث كانت غرفة العمليات ـ عفواً.. ليست جراحية ـ إنّما.. ـ وعفواً مرّة أخرى؛ فلم أرد أن أخدش مشاعركم ـ إنَّما غرفة إزالة الشعر من أجزاء الجسم، وهناك يحدث ما لم يدركه الرقيب، حين ينزع الحياء من أجل الجمال الممقوت، وتتمادى بعض النساء في التنازل بدءاً من ذراع وساق وحتى... إلخ!
وبين تلك الزاوية وهذا الجانب، تلمح الخياطة فلانة والمصممة فلانة و"الكوافيرة" فلانة، بملابسهن التي يخدشن بها الحياء العام، والخاص.. وأين الرقيب؟!

وتابعوا ـ حفظ الله حواسكم ـ:
حين كتبتُ قبل سنوات مضت: اقرأ عن الهاتف وسوء استخدامه وضرورة مراقبة الأهل لاستخدام الأبناء له ذكوراً وإناثاً.. كنت أتألَّم على جهل مني ـ لا على القصص التي أسمعها أو أقرؤها عن ضحايا ذلك الجهاز، وإنَّما لأنّي كنت أظنُّ أنَّ ذلك خنق للحرية الشخصية.. وحين أفقتُ على قصص وقعت بين يدي ممَّن وثقوا ووثقن بي.. ممَّن خاضوا أو خضن أوحال المعاكسات؛ أدركت خطأ تصوُّري واحتقاري لكثير من الشرر..!
وأفيقوا كما أفقت:
تقول إحدى طالباتي:
"لم تكن صديقاتي يصدقن أنَّي الوحيدة من بينهن التي لم يسبق لي أن حادثت شاباً في الهاتف".
وتقول أخرى:
"كنّا مجموعة صديقات، القاسم المشترك بيننا الاستمتاع بالحياة كما نريد، وإن اختلفت توجهاتنا العلمية.. بعضنا قد عُقد قرانها، ومنّا من خُطبت، وكثيرات من مجموعتنا ما زلن دون ارتباط.. كان مدار حديثنا دائماً المعاكسات.. ماذا قال لي.. وماذا قلت له، حتى إنَّ بعضنا كانت تتطوَّع بإيجاد شاب لكل صديقة تفقد صديقها.."!
وتقول أخرى:" كانت البداية حين كشفت عن جزء من وجهي، رغم أنَّي كنت منقبة؛ لأدقق في البضاعة المعروضة على الطاولة الزجاجية أمام البائع، وهناك وفي غفلة من أخواتي اللائي كنّ يصحبنني، رمى لي البائع برقم هاتف المحل، وكانت لحظة الفراغ بين انتهاء المرحلة الثانوية والتسجيل في الكلية، هي اللحظة القاتلة، حين سللت سماعة الهاتف لأطعن بها أنوثتي وحيائي وحشمتي، وبدأت سلسلة مكالمات.. لقد كنت أتسلى.."!!
وأخرى.. وأخرى.. ولولا خشية الإطالة لسردتُ من الحكايا والقصص التي تبلغني ما قد يؤرِّق ليلكم.
حين تسحب الفتاة أو الفتى سلك الهاتف ويتواريا عن أنظار الأهل.. وحين يسمح للأبناء بالحديث في الهاتف دون حدود زمانية، ودون معرفة مع من تتم المحادثة.. حين ذاك يقع المحظور، وقد يصعب الرتق!
وفي هذا المسار قد لا يدرك الرقيب كيف يُساء استخدام الإنترنت، فتابعوا معي مقالاً آخر بهذا الخصوص قريباً.

وواصلوا معي:
وفي إطار بعيد عن تصوُّرات الأهل والمربين، قد يكون التوسُّع في لقاء الصديقات بعضهن مع بعض، أو الأصدقاء بعضهم مع بعض، خاصة في جوِّ من الحرية الواسع، بعيداً عن مراقبة ومتابعة الأهل، ممَّا يساهم في التأثير على ما ارتضاه الوالدان من مسارات معيّنة في تربية أبنائهما أو بناتهما.

وفي هذا الخصوص.. هل تطرأ هذه الأسئلة على الوالدين والمربين
ـ كيف يمكن للوالدين أن يدققا في صديقات وأصدقاء أبنائهما وبناتهما؟
ـ ما الذي يحدث في لقاء الصديقات والأصدقاء، وما الذي يتبادلونه من أفكار وأشياء أخرى؟!
ـ لماذا يحرص بعض الأبناء والبنات على لقاء أصدقائهم وصديقاتهن خارج المنزل؟ ولماذا تحرص بعض الفتيات على غلق الباب حين تلتقي بصديقاتها داخل المنزل؟
ـ لماذا يحسَّ بعض الأبناء والبنات بالحرج حين يظهر الآباء والأمهات أمام الزملاء أو الزميلات؟
كتبت في المقال السابق أنَّي سأعلِّق في النهاية، لكنّي واعترافاً بالقصور، لم أستطع أن أخرج سوى زفرات من نفس مكلومة بمبضع "تقاصر الرقيب عن أداء دوره"، ممّا جعل ذلك التعليق يخرج مني على هيئة أسئلة تاركة للقارئ والقارئة أن يمدّني بما وصل إليه من مرئيات بهذا الخصوص.
ـ فمتى يتحمّل من يملك زمام الرقابة المسؤولية؟ وكيف يفعِّلها؟
ـ وكيف يستطيع من يملك زمام الرقابة أن ينمِّي الرقابة الذاتية في النفوس؟
ـ لماذا تحقر بعض النفوس الشرر المتطاير ولا تصطرخ حتى يتقاذف اللهب؟
ـ ما هي حدود الحرية الشخصية الممنوحة؟
ـ لماذا يتنازل الوالدان عن دورهما لأب بديل (السائق) وأمّ بديلة (الخادمة أو المربِّية)؟
ـ لماذا يغفل الوالدان عن التربية والملاحظة والمراجعة إلى حين يشتد السوق فلا تجدي لها إقامة؟
ـ متى نعلم جميعاً أنَّ الثقة التي نمنحها لمن نعول، لا تغني عن الرعاية والمراقبة وتقييم الاعوجاج؟

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:24 PM
أفاق اسلامية

د. أفراح الحميضي لـ الجزيرة :
الدعوة هي الوظيفة الوحيدة التي تؤنث وتذكر !
* كتبت شيخة القحيز :
تعتبر الدكتورة أفراح بنت علي بن عبدالله الحميضي بأن الدعوة هي الوظيفة الوحيدة التي تؤنث وتذكر وتستلزم تضافر الجنسين، وأن أول شيء يتحتم على المرأة المستقيمة تداركه حتى تؤدي ما عليها من واجبات الدعوة إلى الله أن تعلم أن فريضة الدعوة ليست خاصة بفئة دون أخرى ولا بامرأة دون غيرها فكل النساء عليهن واجب الدعوة والنصيحة.
وتتحدث د. أفراح الحميضي أيضاً عن دورها الدعوي والكتابي ودور المال في الدعوة وحالات التأخر عن الزواج.
وتعمل د. أفراح الحميضي وكيلة للإدارة العامة للتوجيه والإرشاد في الرئاسة العامة لتعليم البنات. وفيما يلي نص اللقاء :
* في البداية سألنا د. أفراح الحميضي عن دور زوجها في نشاطك الدعوي والاجتماعي؟
بفضل الله كان له دور مساند، فهو يدفع بي إلى النشاطات الدعوية دفعاً إذا كلّت أو فترت همتي، ويأخذ بيدي إذا ضعفت مقدرتي، مشجعاً لي إذا ما أحسنت، مستشاراً لي إذا ما حرت والحمد لله.
* نلحظ نشاطك الكتابي، في بعض المطبوعات، فكيف تسنى لك مع كثرة المشاغل؟
رغم قلة وضعف تنفسي الكتابي فأنا أعتقد ان ذلك ليس نشاطاً كتابياً كما آمل أن يكون لكنه على أية حال جهد المقل حاولت من خلاله ان اجتاز طريقاً من طرق الدعوة قد أصل فيه إلى فئات لم استطع ان اصل إليها عبر الدروس والمحاضرات.
واعتقد ان من المناسب أن اعترف بأني لا أتميز بسلاسة في الأسلوب وتدفق في الأفكار لكنني أجد بين جوانحي فكراً أشبه أحرفاً وكلمات وجملاً بصعوبة الناحت أو أكتبي ان شئت انني ألد كل مقال ولادة كتابية قيصرية أما كيف تسنى ذلك مع كثرة الشواغل فاعتقد بادىء الأمر ان مرد ذلك إلى مباركة الله في الوقت ألا ترين أن كثيراً من أوقات نسائنا ورجالنا تذهب هباءً على أصحابها وزرها وهم في استطاعتهم ان ينتفعوا بذلك الوقت أيما انتفاع، ثم إن الهم الكتابي جزء من من الدعوى الذي أحمله بين جوانحي وأسعى بها في كل القنوات والطرقات.
* ما المجال التي يمكن للمرأة الدعوة من خلاله دون صعوبات معيقة؟
(1) عالمها الصغير أسرتها ذلك العمل الذي تدخله كل يوم بل تعيش فيه كل يوم تمارس فيه نشاطها الدعوي تضع ما تشاء من نصائح في بوتقاته وتجري ما تشاء من توجيهات على أسرتها.
(2) مجال التربية والتعليم حيث تستغل المعلمة كل حركة وسكنة ثانية وساعة في بث الوعي لدى الطالبات بحيث تستغل كل الدروس في تحريك آمال الطالبات نحو الحق فتتدافع نفوسهن الغضة نحو تبني سلوكيات إيجابية تسهم في تقوية شخصياتهن وسموها.
* مجالات الخير متعددة والدعوة كثيرة فأي الرجال سند للمرأة في ذلك؟
كل من يشارك المرأة في حمل همّ الدعوة هو سند لها. إذ إن الدعوة هي الوظيفة الوحيدة التي تؤنث وتذكر وتستلزم تضافر الجنسين فإذا كانت المرأة الداعية بحاجة لمساندة الرجل فهكذا الرجل الداعية بحاجة لمثل ذلك.
* في حقل الدعوة هل المال ضروري؟ وما عنصر قوته للداعية؟
نعم هو ضروري. لكن علينا بادىء الأمر ألاَّ نعتقد أن الدعوة قد تتعطل بدونه وإنما مساندة المال لجهود الدعاة يعجل ويسهم في تحقيق نتائج قد لا يمكن الوصول إليها بدون هذا المال. ولعلي أجدها فرصة سانحة لأهمس في أذن ذوات الأموال بأن لا يخسرن حظهن من الجهاد المالي (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم) في دعم الجوانب الجهادية والدعوية والخيرية فرب مال لا تلقى صاحبته له بالاً أين انفقته تضعه في جوانب الخير فكان له دور في إسلام شخص.. أو فك كربة أو دفع ضيق، أو صد هجمة، أو نشر علم..
* ما علة الشباب من الجنسين في نظرك في التأخر عن الزواج إلى ما بعد 30 سنة من العمر؟
أولاً : حبذا لو ذكرت بعد سن الثلاثين وتوقفت فلم تذكري العمر ذلك ان بعد 30 سنة من العمر يكون الإنسان في عداد الموتى. فالثلاثون سنة من الولادة تحسب لا من عمر الإنسان الذي لا يعلمه إلاّ الله.
ثانياً: كنت أفضل لو طرحت بعض علل الشباب في تلك المسألة وسألتيني رأياً فيها فأنا أميل أن أتحدث بصوت الآخرين. لكن من خلال استقراء واقع المجتمع ألحظ أن تلك مشكلة موجودة بشكل بارز وكلا الطرفين المعنيين (الشاب، الفتاة) لهما من الحجج التي يرفعاها فحين يرفع الشاب راية تكوين نفسه ترفع الفتاة راية أكمل الدراسة وحين يصرخ الشاب المهور مرتفعة تحتج الفتاة بأنها ليست سلعة مجانية وهكذا.
ولعلي أجدها فرصة مناسبة لأملي للأطراف المعنية (الفتاة، الشاب، أسرهما) ببشارات أبشرهم بها :
فإلى كل فتاة .. لا تجعلي هاجس الغنى يسيطر عليك عند اختيار من سيقاسمك مسيرة الحياة وليكن سؤالك الأول والثاني والأخير حول الصلاح (وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) النور فهذا وعد من الله بأن يغنيهم من فضله.
وهمسة أخرى : ارضي بالقليل فسيبارك الله فيه فرب فتاة دُفع لها ودُفع لها من الصور العظيمة والهدايا الثمينة لكنها في حال فقر من السعادة الزوجية غريبة في بيتها لأنها ربطت السعادة بالماديات فحين ذهبت المادة أو اعتادت عليها بقيت النفوس تبحث عمق تألفه وتأوي إليه فلم تجد مكاناً تغدو إليه ولا صدراً يحنو إليها. فطارت السعادة بذهاب البركة.
ثم إني أهمس همسة أخيرة لك إن الزواج شراكة اجتماعية وليست شركة مالية فإذا اقبلت إليها بعواطفِك وبأملكِ في تأسيس بيت أسري تفوح منه رائحة الحب والرحمة والمودة والعطف فلا تجبري زوجك فمنذ البداية أن يدخل بعقلية مادية عند ذاك سيطول الحساب بينكما ويفقد بينكما الدفء والعواطف.
وإلى كل شاب : أحسب أنك ستتقبل مني هذه الكلمات الممزوجة بالحب لكل فتى صالح.
الكلمة الأولى: ألا ترى أن تكوين النفس الذي يدَّعيه بعض الشباب يتعارض مع النفقات المسرفة التي ينفقونها على أنفسهم في كماليات لا داعي لها أو من الممكن تأجيلها. وألاّ ترى أن ذلك الأمر يتعارض مع السفريات الطويلة أو العريضة إن شئت التي ينفق فيها الشاب من صلاحه ما لا يعوض أو من ماله ما تعب في جمعه وما لم يتعب فيه حتى إذا فكر في الزواج قال دعوني أكوِّن نفسي.
الكلمة الثانية : لك يا أخي الغالي، ألا تعلم أن لذة
البناء الاسري أن تشاطرك سواعد ناعمة في بناء لبنات الأسرة فأنا أرى ان التكوين الحقيقي للأسرة يبدأ بعد وضع الأكف على الأكف حينها يصعد البناء شامخا. يكفي من تكوين النفس ان تكون قادرا على سعادة نفس أوت إلى ظلك حينها ما سيكفيك سيكفيها وأنا أربأ بك أيها الغالي أن تظن انها دعوة للكسل والخمول لكن مصلحة الزواج بالقليل تقدم على مفسدة تأخير الزواج بحجة جمع الكثير فمهر قليل وشقة صغيرة وسيارة بسيطة تغني عن مهر باذخ وبيت عظيم وسيارة فارهة وكلمة أخيرة لك أيها الغالي: لا تكن الراية التي ترفعها بعض الفتيات سدا يمنع الزواج حين ترفع راية اكمال الدراسة.. عدها بذلك وأوف بوعدك وأعنها على ذلك فنتائج ذلك الأمر لصالحك أنت وكم من فتاة أكملت دراستها تحت كنف زوجها بل وإني أعلم كم من شاب أكمل دراسته ويده بيد زوجته واستمرا طلاباً في مدرسة الحياة.
وإلى كل أسرة للفتى وللفتاة أحسب أن دوركما عظيم في التأليف بين قلبين لأجل بذر بذرة أسرة مسلمة ويتأتى ذلك الدور في توجيه ونصح وارشاد الفتى والفتاة الى الغاية السامية من الزواج ومحاولة تذليل كل العقبات التي تحول دون ذلك الهدف الأسمى فتوجيه الطرفين الى حسن الاختيار يسهم مساهمة فعالة في اجتياز كثير من خطوات بناء الاسرة المسلمة.
* عندما تقدمين درسا أو محاضرة في مجمع نسوي ما الانطباع الذي تخرجين به؟
أحسب أني مقصرة في كل مرة أخوض فيها في بحر الدعوة فكم من النساء عطشى للعلم وللخير وحين نهم في ارواء ظمئهن ما هي إلا قطرات هي ما نملك لا تروي ظمأ ولا تطفىء لهيباً.. إن كل محاضرة أو درس تدفعني للآخر وكل درس أعده أحس فيه بمقدار جهلي فأنا المستفيدة حين تدفعني كل محاضرة للاطلاع والقراءة.
* ما رأيك في هذه الوسائل وكيف يمكن استغلالها في سبيل الدعوة؟ وكيف تتعاملين معها؟
المذياع: يكفيك إذاعة القرآن الكريم فهي جامعة بحد ذاتها فجزى الله القائمين عليها فكرة ومباشرة خير الجزاء فخيرها قد امتد في الخافقين وأحسب ان المستمع لها أربع سنوات جدير بمنحه شهادة جامعية.
الهاتف والفاكس والفيديو والكمبيوتر والانترنت وسائل لو اخضعت للتعامل السليم لكانت قنوات اتصالية دعوية مباركة فهي اجهزة صماء بكماء لا ترى ولا تسمع إلا من خلال مستخدميها فعلى سبيل المثال من يستخدم الهاتف للمعاكسات او لتمضية وقت الفراغ قادر على استغلال ذلك الجهاز لايصال كلمة خير، صلة رحم، بطاقة دعوة ومن يستخدم الفيديو لرؤية ما يغضب الله قادر على استغلاله في رؤية ما يباح فيزداد وعيا بمن حوله.
ومن يرى في الانترنت وسيلة لملاحقة المواقع المشبوهة او متابعة المحادثات المفسدة لوقته واخلاقه بإمكانه ان يجعل تلك الوسيلة وعاء يبث فيه للعالم أجمع سمو رسالتنا وعمق دعوتنا وأصالة اهدافنا.
* ما الذي ينقص المرأة المستقيمة حتى تقوم بالدعوة كما ينبغي؟
في اعتقادي ان اول شيء يتحتم على المرأة المستقيمة تداركه حتى تؤدي ما عليها من واجبات الدعوة الى الله ان تعلم ان فريضة الدعوة ليست خاصة بفئة دون أخرى ولا بامرأة دون غيرها فكل النساء عليهن واجب الدعوة والنصيحة وان تفاوتت جهودهن ولذلك فعليها:
العلم بالشيء الذي تدعو له.
حمل هم الدعوة إلى الله.
التربية هي دعوة شعار لابد ان ترفعه في أسرتها ومجتمعها.
تجديد الاسلوب المعتمد على الثوابت القائم على الاقناع والتبليغ والإحسان الى المدعوات.
* هل تقرأين كتباً تربوية ونفسية واجتماعية كي تستفيدي منها في محاضراتك. اذكري نماذج من هذه الكتب وأسماء مؤلفيها؟
نعم فحين اقوم باعداد أية محاضرة أحرص على الاحاطة بقدر استطاعتي بكافة جوانبها، فمثلا لو كانت المحاضرة تعني بقضايا التربية فأنا احرص على قراءة كل ما يقع بيدي بخصوص ذلك الموضوع حتى لو كان يتعارض مع رسالتي الدعوية التي أريد ان ابلغها فتكون قراءتي هنا رصدية لمستجدات التربية ونقدية لمحتويات المدارس التربوية ومقارنة بين المنهج التربوي الاسلامي والمناهج التربوية المختلفة وخلاصة ذلك أنقله إلى أجواء المحاضرة.

الدب الداشر
25 Jul 2005, 10:25 PM
أتمنى أن أكون كفيت ما يريد الأخ كيكووو


وهذا وإيميل الدكتوره مثل ماذكرت لك مو موجود بس إن شااء الله بحصله لك ,,,


دمتم بخير ,,,

رفحاوي
27 Jul 2005, 06:54 AM
ما شاء الله عليها كلام عاقلة ...

الله يوفقها ويكثر من امثالها ...

تذكرني بالمبدعة / نورة السعد ...


اما انت يا دبدوب ...

فالحقيقة لا اعرف كيف اشكرك ؟!!

ان قلت شكرا لا تكفيك ...

اتعلم (يعني تدري) ؟!!

تستحق بروستا حارا في ظهيرة يوم حار صيفا ...


(وتحث الحميضي المترددات على العيادات إن كان هناك شيء لله فيه مقالة، فبإمكانها أن تقول: 'لا' ويكون ذلك من حقها، لأن سكوتنا هو الذي جعل مستشفياتنا تقدم صورة غير واقعية لمجتمع مسلم.)

الدب الداشر
27 Jul 2005, 07:12 PM
حجي فرحااوي هذي أفضل مكااافئه

شكرا لمرورك

الدب الداشر
28 Jun 2006, 11:38 AM
إلى أعلى يا الحميضي

فلسطينى وافتخر
06 Jul 2006, 02:29 PM
مشكوررررررررررررررررر

اخوى الدب الداشر على


هالمجهود الرائع

الى بذلته

تحياتى لك وتقديري

الدب الداشر
15 Jul 2006, 07:14 AM
العفو أخوي الفلسطيني الحر المفتخر ...


أنا من يشكر لك تواجدك معنا