المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحزان في المدارس الأهلية



فهيد لزام
15 Sep 2005, 01:52 PM
رواتب المعلمين والمعلمات تصرف من صندوق المقصف ونصاب غليظ.. و1200 ريال

تقرير: يحيى الامير
لا يمثل بداية هذا العام الدراسي بالنسبة لمنيرة سوى استهلال لأيام لاذعة من الألم والحاجة والمعاناة والمجازفة بالبيت والأسرة والزوج، والعلاقات العائلية العامة، هذه المجازفة لا علاقة لها بأي أداء سلبي تقدمه منيرة، ولا بقيامها على ما يمثل تهديداً في العادة، بل ليس لأنها تعمل في قطاع التعليم.
كل ذلك لأنها تعمل (مدرّسة) في التعليم الأهلي الخاص.

المدارس الأهلية في السعودية تشكل واحدة من الإشكالات الأبرز التي لا تزال مثار حديث دائم، كما أنها لا تزال مثار كثير من الألم اليومي لمواطنين ومواطنات يكدحون بلا مقابل، هذا هو الوصف الأمثل لما يحصلون عليه.

حين تبحث في المستندات والأنظمة الخاصة بالمدارس الأهلية لدى وزارة التربية والتعليم ستجد كل شيء عن المباني والمساحات والملاعب والمعامل التعليمية وغرف الصف، لكنك لن تجد شيئاً عن التوظيف والعاملين فيها واستحقاقاتهم المالية والوظيفية، يحدث لأسباب عدة، فالفترة التي بدأ فيها إنشاء المدارس الأهلية كانت فترة لا يمكن معها أن يتوجه سعودي متخرج من الجامعة ليعمل في مدرسة أهلية، إضافة إلى أن الحس التنموي يغيب بشكل كامل عن الخطط الخاصة بالمدارس الأهلية إلا تلك الجمل الإنشائية الجاهزة، ولا يمكن لأحد أن يقول بأن خطط التعليم الأهلي هي ذات خطط التعليم الحكومي لسبب بسيط وهو أن المدارس الخاصة عبارة عن منشآت ربحية فيما المدارس الحكومية غير ذلك.



في الفترة التي شهدت بداية إنشاء المدارس الأهلية لم تكن الحاجة لتمتد إلى أكثر من ترخيص ومبنى مجهز ببعض ما تمليه الوزارة من شروط، ثم مشوار لأيام يسيرة إلى أي من الدول العربية والتعاقد مع من يشاء من المعلمين والمعلمات، ولم يكن بالإمكان والحالة كذلك أن تقوم المدارس بأي دور تنموي عام، لأن الحاجة إليها لم تكن قائمة ولأن كثيراً من المدارس قامت على رؤية استثمارية وربحية أكثر من كونها تربوية أو إسهاماً في الفعل التربوي العام الذي تقوده الوزارات المعنية بذلك.

شهر العسل ذلك لم يكن ليدم طويلاً، فمع تزايد أعداد الخريجين واتضاح المشكلة التي تحيط بالمخرج التعليمي وتدفق أعداد هائلة من المعلمين والمعلمات عجزت وزارة التربية عن استيعابهم، ومع انحسار المجالات الوظيفية ووجود الآلاف من الشباب غير المؤهلين إلا للتعليم فقط وظروف اقتصادية واجتماعية عامة، تحولت معها المدارس الأهلية لا لصورة جدية أو لمتطلبات جديدة، وإنما تحولت لما يجب أن تكون عليه ولما هو مطلوب منها في الأصل، بعيداً عن ظروف النعيم والربحية الفائقة التي كانت اهتمامها الأبرز في فتراتها السابقة، فباتت المدارس الأهلية مؤسسات شريكة في هموم التربية والتوظيف واستيعاب الخريجين، والخروج من الاقتصار على توظيف الوافد والمقيم إلى توظيف السعودي، مما يعني التزامات وظروفاً ومناخات جديدة على المدارس الأهلية أن تستجيب لها.

وجد ملاك المدارس الأهلية أنفسهم أمام متطلبات وأدوار لم يكن لهم سابق عهد بها، ووجدوا العشرات من الخريجين والكوادر الوطنية تقف أمام بوابات مدارسهم تحمل ملفاتها الخضر في انتظار الحصول على فرصة عمل، إضافة إلى أن خطة (السعودة) التي تبنتها الدولة والتي تهدف إلى إحلال الكادر الوطني مكان غيره، كلها مستجدات بدأت تواجه التعليم الأهلي الاستثماري، والتي كانت أسئلة مدارها: كيف تخرج المدارس الأهلية من أجوائها الاستثمارية الصرفية إلى شراكة في العملية التنموية، وهل حالات العمل وأجوره ومتطلباته التي كانت مفصّلة على طلاب سعوديين وكوادر غير سعودية قادرة على استبدالها بكوادر سعودية؟

الجواب في هيئته الأولى: نعم، حدث شيء من هذا، لكن نظرة دقيقة تشير إلى أن الذي حدث فمن استيعاب للكوادر السعودية واستجابة لخطط السعودة حدث وفق شروط الملاك والمستثمرين لا وفق الحاجات الفعلية والمتطلبات الجادة، فاستيعاب المدرسين السعوديين في المدارس الأهلية يحدث، لكنه كاستيعاب الأجانب تماماً، من حيث الرواتب شديدة التدني، ومن حيث العمل المجهد، والمسؤوليات الدائمة، إضافة إلى غياب تأمين لكل أشكال التأمين أو الحقوق الخاصة بالموظف.

هذا يفتح حالة من التفاوت الكبير بين المعلمين المدارس الأهلية الذين لا يحظون بأي مما يحظى به معلمو المدارس الحكومية، وهنا طرف لمفارقة كبرى، فكما هو معلوم أن القطاعات الخاصة قد تتميز أحياناً على القطاعات الحكومية فيما يتعلق بالاستحقاقات والحوافز المالية، والترقيات، لأن التقييم فيها يتم على الجهد والأداء،والجميع يعلم أن العمل في القطاعات الخاصة ربما يوفر مكاسب مادية واستحقاقات أكثر من العمل الحكومي.

يحدث هذا في معظم القطاعات الشركات والمؤسسات الخاصة، ما عدا المدارس الأهلية، والسبب يعود في ذلك إلى أن الكوادر الوطنية ليست محوراً بالنسبة لملاك المدارس الأهلية الذين يستطيعون أن يوفروا تلك الكوادر بتكلفة أقل، وبربحية أعلى، وهو النعيم الذي ينغصه افتراض وجود الكادر الوطني، وإذا كان الوضع كذلك فإن سيلاً من السلبيات والمعاملات غير الحسنة وأساليب (التطفيش) حسب إحدى المعلمات يتم اتخاذها بشكل دائم للتخلص من هذا العبء الذي يمثله الكادر الوطني، أو قبوله وفق شروط الكادر غير الوطني، الأمر الذي استلزم من أكثر المنخرطين في هذا القطاع أن يتعاملوا مع وظائفهم في التعليم الخاص على أنها وظائف مؤقتة، خاصة أن كل ما فيها يوحي بذلك، وهو ما يبدو أنه يمثل ارتياحا غير معلن لدى الملاك المستثمرين.

الكثيرون من العاملين في التعليم الأهلي يشعرون بمرارة لا يمكن لأحد أن يتخيلها الا إذا استمع إلى تجربة مباشرة في هذا الصدد، تذمر غير مفتعل وألم في مكانه، عمل بلا مقابل إلا ذلك الفتات الذي تؤكده احدى العاملات في المدارس الأهلية انه منظر مؤذٍ يمثل لحظة صرف الراتب في المدرسة التي عملت بها ثم تركتها إلى غير رجعة، تؤكد تلك المعلمة انه اذا جاء يوم صرف الراتب الشهري، يتم صرفه من المبالغ النقدية الموجودة في المدرسة والتي هي من دخل المقصف المدرسي، وتلح في استدراك المنظر الذي يكون أول أبطاله كيس النايلون القديم الذي تجمع فيه عاملة المقصف قيمة ما يشتريه الطلاب من ساندويتشات وعصائر، تحضره المديرة في آخر الشهر وتضعه على المكتب وتبدأ بعد الرواتب للموظفات، وهو عد منهك لا بسبب ضخامة الرواتب بل بسبب تدني الفئات النقدية التي يحملها الطلاب للشراء من المقصف والتي تكون هي الراتب فيما بعد، فئة الريال والخمسة ريالات، والعشرة، ويندر ماهو أعلى من ذلك، تقول هذه المعلمة: كان بامكاني تحمل العمل في المدارس الأهلية لكن هذا المنظر كان مؤذيا للغاية.

تذكر لي إحدى السيدات وقد قضت وقتا طويلا في إدارات المدارس الأهلية بأنه لا يوجد سلم خاص بالرواتب، وانما هي تقديرات يحددها مالك المدرسة وتتراوح بين 1200 إلى 2000 في أحسن الأحوال، عدا تلك المدارس الكبرى، كما أنه لا توجد اجازات للموظفين، واذا حدث وإن حصلت المعلمة على إجازة مرضية وبتقرير طبي معتمد، فانه يخصم من مرتبها مبلغ 50 ريالا، واذا كان الغياب بدون تقرير طبي يتم حسم 100 ريال، كذلك لا توجد إجازات خاصة بالأمومة أو غير ذلك من الظروف المحتملة.

مما يزعج الأستاذة التربوية السابقة أن بعض ملاك المدارس يقوم بتوظيف إحدى قريباته أو زوجته أو إحدى معارفه في وظيفة صورية، كمراقبة أو مشرفة أو غيرها من التسميات العامة، لتصبح صداعا دائما للعمل التربوي في المدرسة.

يبلغ عدد المدارس الأهلية نحو (1100) مدرسة للبنين والبنات، ويشكل طلابها حوالي ( 7 ٪ ) من إجمالي عدد طلاب المملكة، وبلغت مساعدات الدولة المادية والعينية حوالي (432) مليون ريال، لكن كل هذا الجهد وهذه المصروفات لا تحيل على إنتاج تنموي بقدر إنتاجها الربحي للملاك والمستثمرين.


يتبع ----->>

فهيد لزام
15 Sep 2005, 01:55 PM
تابع >

حول قضايا الرواتب وأجور العاملين، يقول لي أحد ملاك المدارس الأهلية: تخيل بأن لدي ثمانين طالبا في المدرسة، ويدفع كل منهم خمسة آلاف ريال في السنة اي بمجموع 400000 ريال، وهو مبلغ بالكاد يفي بالالتزامات القائمة إذا كانت الكوادر غير سعودية، وأنا أعلم بان السعوديين لا يمكن ان يشتغلوا بمرتبات كالتي ندفعها ولكننا لا نستطيع ان ندفع أكثر من ذلك، لكن ماذا لو قامت الوزارة بتحديد نسبة معينة من الطلاب كشرط لافتتاح مدرسة؟ يجيب: هكذا سيضيقون على الناس في ارزاقهم؟

اذن.. هي أكل عيش قبل أن تكون هماً آخر، مما جعلها خيارا مرا لدى الخريجين والخريجات، فهي لا تعني لهم أكثر من مرحلة عابرة، ولا تعني لهم أكثر من الدخول إلى بوابة يومية من الألم والمعاناة، وتقول نورة الصالح: كان العمل في مدرسة أهلية خياري الأخير بعد 3 سنوات من مراجعة ديوان الخدمة، انا الآن أعمل في مدرسة أهلية منذ سنتين وبراتب ضئيل للغاية، أعود كل يوم منهكة ومحبطة ومتذمرة، وأخبر الجميع بأني سأستقيل، ولكنني استقبل نهارا جديدا من ذات المعاناة.

إن مما يؤكد كلام نورة الصالح ذلك التباعد الكبير بين حالتها وحالة زميلاتها اللواتي حصلن على عمل في الحكومة، وهو تفاوت بات يشكل معيارية اجتماعية وعائلية بالاضافة الى كثير من المعايير السطحية التي يعج بها المجتمع، فبمجرد ان تتحدث عن موظفة او موظف في مدرسة أهلية فان علامات التعاطف والشفقة والتمايز تظهر فورا، وهذا ما لا يمكن فيه اصلا، فالتعب ومجانية العمل في المدارس الأهلية باتا كما تصفهما نورة (ع) بأنهما اقرب شيء الى الأشغال الشاقة: إن تجربتي في المدارس الأهلية ليست جيدة على الإطلاق، فلقد عانيت من الظلم والاستبداد من قبل إدارة المدرسة، وانتهى بي الأمر إلى تقديم استقالتي دون أي شعور بالندم، إن ما يحدث داخل أسوار المدرسة أشغال شاقة، وإحساسك دائما بأنها وظيفة مؤقتة وغير مجدية أمر يشعرك بالغبن، ليس أقلها ما قد يحدث من إلغاء مفاجئ للعقود وحالات الترقب الدائمة مطلع كل سنة.

هذا يحدث دائما فأي قانون يمكن أن يمنع مالك المدرسة أو المديرة من إلغاء عقد واستبداله بآخر، وتقول أسماء (ع) إن آمالنا قصيرة، قصر مدة العقد، لأنها قابلة للتجديد، وليس إلزامياً، واذا لم يكن إلغاء فهو سعي نحوه، كمضايقة المعلمة أو تكليفها فوق ما تطيق، خاصة إذا كانت تمر بظرف ما كحمل أو نحوه، فإن ذلك يتسبب كثيرا في مضايقتها ومحاولة إنهاء عقدها.

(تخصصات حزينة)

تشتد الأزمة لدى خريجي بعض التخصصات الجامعية التي بات ما هو معروض منها يفوق الطلب، كالدراسات الاجتماعية والدراسات الإسلامية، حيث يصبح لجوؤهن إلى المدارس الأهلية قائماً على احتياج، وانتظارا بلا جدوى، وهذا ما يحدث لمنى الناصر المختصة بالدراسات الإسلامية والتي فقدت الأمل بالعثور على عمل في التعليم العام، لذلك اتجهت إلى المدارس الأهلية بعد تخرجها بعام واحد، تقول: لقد أصبحت في كآبة شديدة لأنهم كانوا يتعاملون معي كآلة، فقد كان نصابي (فظيعاً) وفي أوقات الفراغ يطالبونني بالقيام بمهام إدارية، بالإضافة إلى الإشراف على جدول الإذاعة المدرسية، وبحسب منى فإن من يعمل ويستمر في مدرسة أهلية لا بد أن يكون خارقاً!!

كل ما يحدث في المدارس الأهلية يشير إلى أزمة إشراف من قبل وزارة التربية والتعليم، فالوجه الأبسط لما يحدث هو أن هناك مشكلة وظلما واستبدادا وحاجة، وأن الجهة المعنية تعلم ذلك، ولكنها لا تتدخل، ولكن من يدري ربما أن ارتباطاً ما، بين هذه الإدارات وبين العمل الأهلي مصلحي أو غيره، هو ما يبرر عدم التدخل، أو تلك التدخلات الصورية، فحنان (أ) تشير إلى أنها منذ بدأت العمل في المدارس الأهلية وهي تسمع عن قرارات بشأن تنظيم العمل في المدارس الأهلية، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث، فالقرارات لا نسمع عنها إلا في الصحف والمدارس تحاول اشغالنا بشهادات الشكر والتقدير وخطابات الشكر فقط.

لكن الوزارة ومراكز الإشراف التي تتولى متابعة المدارس الأهلية تتدخل باستمرار، وهذا ما تؤكده إحدى مديرات المدارس لكنها تؤكد أيضاً أن تدخلهن لا علاقة له إلا بقضايا اللباس ومحاضرات النصح، وتفاصيل خاصة كالحواجب ولبس المعلمات فقط، وهذا ربما يكون مقبولاً لو جاء في سياق تدخل يرفع الظلم عن المظلوم.

إن الفلل المستأجرة والأحواش الطويلة المسورة لا يمكن أن تصنع جواً تربوياً فعلياً، فالكثير من المدارس الأهلية تذهلك بأعداد الناجحين فيها بامتياز، رغم أن مستوياتهم أقل من ذلك بكثير، (في إحدى المدارس الأهلية حصل سبعة طلاب على ترتيب «الأول مكرر») ويمكن الاستدلال على ذلك بمستوى الطلاب الذين بدأوا الدراسة في مدارس أهلية ثم انتقلوا إلى مدارس عامة بعد ذلك، وكيف يقيم أولياء أمورهم الدنيا ولا يقعدوها، حيث لا يستوعبون أن الطالب الذي كان ينجح بامتياز لا يستطيع الآن أن يتجاوز بعض المقررات.

إدارات التعليم الأهلي التي تهتم بتفاصيل تقع خارج الفعل التربوي غالباً والمدارس التي قد تكون أقرب شيء إلى شركة بين أفراد لا علاقة لأكثرهم بالهم التعليمي، وحالات الظلم المستمر التي تخيم على الموظفين والموظفات في المدارس الأهلية، والنجاح المجاني الذي يمثل أبرز سمات التعليم الأهلي كلها ظواهر تشير إلى أن خطراً يتهدد العملية التعليمية، ويتهدد قرابة 10٪ من الطلاب في المملكة، لكن ما يتهدد المعلمين والمعلمون أشد ضراوة وأكثر إيلاماً، فبإمكان أي ولي أمر أن يقوم بتغيير مدرسة ابنه أو ابنته إذا وجد أنها غير ملائمة، لكن ما ليس بالإمكان أن تكون هذه المدارس علامة ثابتة على كل ما هو مجحف وظالم، وأن يكون الواقعون في أسوارها من سعوديين وسعوديات منشغلين بعدد 24 حصة وقسمتها على 1200 ريال.

خارج الاحتفال

لقد احتفلنا مع الناس فقط، وشعرنا بالفرحة لأجلهم، أما على المستوى الخاص، فقد أشعرتنا هذه الزيادة بأننا نعيش خارج كل التطورات، ليست المعلمة حصة وحدها من تشعر بهذا، فكل الذين يعملون في المدارس الأهلية يشاركونها هذا الاحتفال بخيبة مستمرة، فالزيادة الأخيرة في الرواتب التي بلغت 15٪ نبهت كل العاملين في المدارس الأهلية إلى وضعهم الذي يشعرون معه بأنهم يقعون خارج هذا الحدث العام والكريم، الذي جاء كما تقول منيرة ليدلل على أن مراعاة القيادة للشعب مسألة دائمة وأن الاهتمام بالمستوى المعيشي يمثل مشروعاً دائماً للحكومة، ولكن وضعنا الذي جعلنا خارج الحكومة، لم يملأنا حسرة على فوات الزيادة، وإنما كان الأكثر إيلاماً إحساسنا بأنا غير معنيين، بما يحدث، وأننا نقع خارج هذا الاحتفال الذي كنت أقدم فيه التهاني للجميع ليسألوني ماذا عنك أنت؟

الذي حدث في الأيام التالية للقرار الملكي بزيادة الرواتب، ذلك الاقتداء الذي قامت به الكثير من المؤسسات الخاصة والقطاعات الأهلية وإقرارها لزيادات مماثلة، وحتى بعض القطاعات ذات الأنشطة الصغيرة قامت بذلك، لكن العاملين والعاملات في المدارس الأهلية كانوا خارج هذا الحدث تماماً، فالربحية التامة التي تمثل أبرز محاور التعليم الأهلي في السعودية لا تلقي بالاً لما هو تنموي وإصلاحي.

تحدثت بعض الأوساط مؤخراً عن تدخل من الوزارة يهدف إلى إقرار حد معين للرواتب، لكن تكتلاً قاده الملاك لايقاف ذلك، وهم يتحدثون باستمرار عن عقبات وصعوبات تواجههم وينبغي إزالتها، وليس الكثير من تلك الصعوبات سوى أطراف من المشهد البيروقراطي الذي تعيشه الوزارة والذي انتقل بطبيعة الحال إلى المدارس الأهلية، لكن تلك الصعوبات ربما تكون حائلاً أمام ربحية أكبر أو توسع استثماري ما، لكن لا أحد يتحدث عن العوائق والصعوبات والظروف التي تمر بالمنتسبين إلى هذه المدارس، ولا إلى حالة الهزال التام التي تظهر على المخرجات التربوية للمدارس الأهلية، الغريب أن أحدهم طالب ذات مرة بوضع حد لنسب السعودة في المدارس.

كل هذه القضايا تدل بوضوح على أن هناك مبرراً للشعور بالغربة والوقوع خارج دوائر الحياة العامة الذي أحاط بالعاملين والعاملات في المدارس الأهلية.

إن الاجتماعات الدورية والتوصيات المجازية ومحاضر الاجتماعات الفارهة والبخور الذي يعبق في صالات اللقاءات لا يمكن أن يحدد ملامح غائمة لمستقبل طالب بليد ينجح بامتياز لأنه في مدرسة أهلية، ولن يهون من حدة الألم الشهري، لمعلمة تتقاضى 1200 يذهب ربعه للنقل، وآخر لوسائل تعليمية، ولا لمعلم لا يمكن أن يفكر في مستقبله مسافة أبعد من فصل دراسي.

إن إعادة النظر في فكرة المدارس الأهلية وإخراجها جزئياً من اهتمامها الربحي وتحويلها إلى منشآت ذات فاعلية تنموية، تماماً كما هو الحال مع كثير من المؤسسات الخاصة، عدا ذلك فستظل مجرد جحيم يسمع المنتسبون إليها من عبارات الرحمة والتعاطف أكثر من عبارات الثناء والتقدير، وسيظل المنتسبون إليها خارج كل ما هو حيوي ووطني.

منقول من الرياض :
http://www.alriyadh.com/2005/09/15/article94070.html

زين تصفيح
15 Sep 2005, 02:20 PM
الله يعطيك العافية فهيد

مجهود كبير ...

تشكر عليه

الدب الداشر
15 Sep 2005, 05:43 PM
نقلنا الله إلى كل خير ..

شكراً لك فهيد على ما نقلت ..

ليث
16 Sep 2005, 02:36 AM
الله يعطيك العافية فهيد


لك الشكر الجزيل