raa
16 Oct 2005, 10:48 AM
الأصل التاسع: أنه سبحانه وتعالى إنما خلق السموات والأرض، وخلق الموت والحياة، وزين الأرض بما عليها لابتلاء عباده، وامتحانهم؛ ليعلم من يريده ويريد ما عنده، ممن يريد الدنيا وزينتها، قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا...[7]}[سورة هود]. وقال:{ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا[7]}[سورة الكهف]. وقال:{ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا...[2]}[سورة الملك]. وقال تعالى:{...وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ[35]}[سورة الأنبياء].
وقال تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ[31]}[سورة محمد]. وقال تعالى:{ الم[1]أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ[2]وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ[3]}[سورة العنكبوت].
فالناس إذا أرسل إليهم الرسل بين أمرين:
إما أن يقول أحدهم: آمنت، أو لا يؤمن بل يستمر على السيئات والكفر، ولابد من امتحان هذا وهذا. فأما من قال: آمنت، فلابد أن يمتحنه الرب، ويبتليه ليتبين: هل هو صادق في قوله: آمنت، أو كاذب، فإن كان كاذبًا؛ رجع على عقبيه، وفر من الامتحان كما يفر من عذاب الله. وإن كان صادقًا؛ ثبت على قوله، ولم يزده الابتلاء والامتحان إلا إيمانًا على إيمانه، قال تعالى:{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا[22]}[سورة الأحزاب].
وأما من لم يؤمن: فإنه يمتحن في الآخرة بالعذاب، ويفتن به، وهي أعظم المحنتين، هذا إن سلم من امتحانه بعذاب الدنيا ومصائبها وعقوبتها التي أوقعها الله بمن لم يتبع رسله وعصاهم، فلابد من المحنة في هذه الدار، وفي البرزخ، وفي القيامة لكل أحد، ولكن المؤمن أخف محنة، وأسهل بلية، فإن الله يدفع عنه بالإيمان، ويحمل عنه به، ويرزقه من الصبر والثبات، والرضى والتسليم ما يهون به عليه محنته، وأما الكافر، والمنافق، والفاجر، فتشتد محنته وبليته وتدوم.
فمحنة المؤمن خفيفة منقطعة، ومحنة الكافر والمنافق والفاجر شديدة متصلة، فلا بد من حصول الألم والمحنة لكل نفس آمنت، أو كفرت لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداءً، ثم تكون له عاقبة الدنيا والآخرة، والكافر والمنافق والفاجر تحصل له اللذة والنعيم ابتداءً، ثم يصير إلى الألم، فلا يطمع أحد أن يخلص من المحنة والألم ألبتة.. يوضحه:
الأصل العاشر: وهو أن الإنسان مدني بالطبع لابد له أن يعيش مع الناس، والناس لهم إرادات وتصورات واعتقادات، فيطلبون منه أن يوافقهم عليها، فإن لم يوافقهم؛ آذوه وعذبوه، وإن وافقهم حصل له الأذى والعذاب من وجه آخر، فلابد له من الناس ومخالطتهم، ولا ينفك عن موافقتهم، أو مخالفتهم، وفي الموافقة ألم وعذاب إذا كانت على باطل، وفي المخالفة ألم وعذاب إذا لم يوافق أهواءهم واعتقاداتهم وإراداتهم.
ولا ريب أن ألم المخالفة لهم في باطلهم أسهل وأيسر من الألم المترتب على موافقتهم، واعتبر هذا بمن يطلبون منه الموافقة على ظلم، أو فاحشة، أو شهادة زور، أو المعاونة على محرم، فإن لم يوافقهم آذوه وظلموه وعادوه، ولكن له العاقبة والنصرة عليهم إن صبر واتقى. وإن وافقهم فرارًا من ألم المخالفة؛ أعقبه ذلك من الألم أعظم مما فر منه، والغالب أنهم يسلطون عليه، فيناله من الألم منهم أضعاف ما ناله من اللذة أولًا بموافقتهم.. فمعرفة هذا ومراعاته من أنفع ما للعبد، فألم يسير يعقب لذة عظيمة دائمة أولى بالاحتمال من لذة يسيرة تعقب ألمًا عظيمًا دائمًا.. والتوفيق بيد الله.
الأصل الحادي عشر: أن البلاء الذي يصيب العبد في الله لا يخرج عن أربعة أقسام، فإنه: إما أن يكون في نفسه، أو في ماله، أو في عرضه، أو في أهله ومن يحب، والذي في نفسه قد يكون بتلفها تارةً، وبتألمها بدون التلف.. فهذا مجموع ما يبتلى به العبد في الله.
وأشد هذه الأقسام: المصيبة في النفس، ومن المعلوم: أن الخلق كلهم يموتون، وغاية هذا المؤمن أن يستشهد في الله، وتلك أشرف الموتات وأسهلها، فإنه لا يجد الشهيد من الألم إلا مثل ألم القرصة، فليس في قتل الشهيد مصيبة زائدة على ما هو معتاد لبني آدم، فمن عد مصيبة هذا القتل أعظم من مصيبة الموت على الفراش فهو جاهل، بل موت الشهيد من أيسر الميتات، وأفضلها، وأعلاها، ولكن الفار يظن أنه بفراره يطول عمره، فيتمتع بالعيش، وقد أكذب الله سبحانه هذا الظن حيث يقول:{ قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا[16]}[سورة الأحزاب]. فأخبر الله أن الفرار من الموت بالشهادة لا ينفع، فلا فائدة فيه، وأنه لو نفع لم ينفع إلا قليلًا؛ إذ لابد له من الموت، فيفوته بهذا القليل ما هو خير منه وأنفع من حياة الشهيد عند ربه.
ثم قال:{ قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا[17]}[سورة الأحزاب]. فأخبر سبحانه أن العبد لا يعصمه أحد من الله إن أراد به سوءًا غير الموت الذي فرّ منه، فإنه فرّ من الموت لما كان يسوءه، فأخبر الله سبحانه أنه لو أراد به سوءًا غيره؛ لم يعصمه أحد من الله، وأنه قد يفر مما يسوءه من القتل في سبيل الله، فيقع فيما يسوءه مما هو أعظم منه، وإذا كان هذا في مصيبة النفس، فالأمر هكذا في مصيبة المال، والعرض، والبدن، فإن من بخل بماله أن ينفقه في سبيل الله تعالى وإعلاء كلمته؛ سلبه الله إياه، أو قيض له إنفاقه فيما لا ينفعه دنيا ولا أخرى، بل فيما يعود عليه بمضرته عاجلًا وآجلًا، وإن حبسه وادخره منعه التمتع به، ونقله إلى غيره، فيكون له مهنؤه وعلى مخلفه وزره، وكذلك من رفه بدنه وعرضه، وآثر راحته على التعب لله، وفي سبيله؛ أتعبه الله سبحانه أضعاف ذلك في غير سبيله ومرضاته، وهذا أمر يعرفه الناس بالتجارب.. قال أبو حازم:' لما يلقى الذي لا يتقي الله من معالجة الخلق أعظم مما يلقى الذي يتقى الله من معالجة التقوى'.
واعتبر ذلك بحال إبليس، فإنه امتنع من السجود لأدم فرارًا أن يخضع له، وطلب إعزاز نفسه، فصيره الله أذل الأذلين، وجعله خادمًا لأهل الفسوق والفجور من ذريته، فلم يرض بالسجود له، ورضى أن يخدم هو وبنوه فساق ذريته. وكذلك عباد الأصنام أنفوا أن يتبعوا رسولًا من البشر، وأن يعبدوا إلهًا واحدًا سبحانه، ورضوا أن يعبدوا آلهة من الأحجار.
وكذلك كل من امتنع أن يذل لله، أو يبذل ماله في مرضاته، أو يتعب نفسه وبدنه في طاعته، لابد أن يذل لمن لا يسوى، ويبذل له ماله، ويتعب نفسه وبدنه في طاعته ومرضاته؛ عقوبة له، كما قال بعض السلف:' من امتنع أن يمشي مع أخيه خطوات في حاجته أمشاه الله تعالى أكثر منها في غير طاعته'.
.
وقال تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ[31]}[سورة محمد]. وقال تعالى:{ الم[1]أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ[2]وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ[3]}[سورة العنكبوت].
فالناس إذا أرسل إليهم الرسل بين أمرين:
إما أن يقول أحدهم: آمنت، أو لا يؤمن بل يستمر على السيئات والكفر، ولابد من امتحان هذا وهذا. فأما من قال: آمنت، فلابد أن يمتحنه الرب، ويبتليه ليتبين: هل هو صادق في قوله: آمنت، أو كاذب، فإن كان كاذبًا؛ رجع على عقبيه، وفر من الامتحان كما يفر من عذاب الله. وإن كان صادقًا؛ ثبت على قوله، ولم يزده الابتلاء والامتحان إلا إيمانًا على إيمانه، قال تعالى:{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا[22]}[سورة الأحزاب].
وأما من لم يؤمن: فإنه يمتحن في الآخرة بالعذاب، ويفتن به، وهي أعظم المحنتين، هذا إن سلم من امتحانه بعذاب الدنيا ومصائبها وعقوبتها التي أوقعها الله بمن لم يتبع رسله وعصاهم، فلابد من المحنة في هذه الدار، وفي البرزخ، وفي القيامة لكل أحد، ولكن المؤمن أخف محنة، وأسهل بلية، فإن الله يدفع عنه بالإيمان، ويحمل عنه به، ويرزقه من الصبر والثبات، والرضى والتسليم ما يهون به عليه محنته، وأما الكافر، والمنافق، والفاجر، فتشتد محنته وبليته وتدوم.
فمحنة المؤمن خفيفة منقطعة، ومحنة الكافر والمنافق والفاجر شديدة متصلة، فلا بد من حصول الألم والمحنة لكل نفس آمنت، أو كفرت لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداءً، ثم تكون له عاقبة الدنيا والآخرة، والكافر والمنافق والفاجر تحصل له اللذة والنعيم ابتداءً، ثم يصير إلى الألم، فلا يطمع أحد أن يخلص من المحنة والألم ألبتة.. يوضحه:
الأصل العاشر: وهو أن الإنسان مدني بالطبع لابد له أن يعيش مع الناس، والناس لهم إرادات وتصورات واعتقادات، فيطلبون منه أن يوافقهم عليها، فإن لم يوافقهم؛ آذوه وعذبوه، وإن وافقهم حصل له الأذى والعذاب من وجه آخر، فلابد له من الناس ومخالطتهم، ولا ينفك عن موافقتهم، أو مخالفتهم، وفي الموافقة ألم وعذاب إذا كانت على باطل، وفي المخالفة ألم وعذاب إذا لم يوافق أهواءهم واعتقاداتهم وإراداتهم.
ولا ريب أن ألم المخالفة لهم في باطلهم أسهل وأيسر من الألم المترتب على موافقتهم، واعتبر هذا بمن يطلبون منه الموافقة على ظلم، أو فاحشة، أو شهادة زور، أو المعاونة على محرم، فإن لم يوافقهم آذوه وظلموه وعادوه، ولكن له العاقبة والنصرة عليهم إن صبر واتقى. وإن وافقهم فرارًا من ألم المخالفة؛ أعقبه ذلك من الألم أعظم مما فر منه، والغالب أنهم يسلطون عليه، فيناله من الألم منهم أضعاف ما ناله من اللذة أولًا بموافقتهم.. فمعرفة هذا ومراعاته من أنفع ما للعبد، فألم يسير يعقب لذة عظيمة دائمة أولى بالاحتمال من لذة يسيرة تعقب ألمًا عظيمًا دائمًا.. والتوفيق بيد الله.
الأصل الحادي عشر: أن البلاء الذي يصيب العبد في الله لا يخرج عن أربعة أقسام، فإنه: إما أن يكون في نفسه، أو في ماله، أو في عرضه، أو في أهله ومن يحب، والذي في نفسه قد يكون بتلفها تارةً، وبتألمها بدون التلف.. فهذا مجموع ما يبتلى به العبد في الله.
وأشد هذه الأقسام: المصيبة في النفس، ومن المعلوم: أن الخلق كلهم يموتون، وغاية هذا المؤمن أن يستشهد في الله، وتلك أشرف الموتات وأسهلها، فإنه لا يجد الشهيد من الألم إلا مثل ألم القرصة، فليس في قتل الشهيد مصيبة زائدة على ما هو معتاد لبني آدم، فمن عد مصيبة هذا القتل أعظم من مصيبة الموت على الفراش فهو جاهل، بل موت الشهيد من أيسر الميتات، وأفضلها، وأعلاها، ولكن الفار يظن أنه بفراره يطول عمره، فيتمتع بالعيش، وقد أكذب الله سبحانه هذا الظن حيث يقول:{ قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا[16]}[سورة الأحزاب]. فأخبر الله أن الفرار من الموت بالشهادة لا ينفع، فلا فائدة فيه، وأنه لو نفع لم ينفع إلا قليلًا؛ إذ لابد له من الموت، فيفوته بهذا القليل ما هو خير منه وأنفع من حياة الشهيد عند ربه.
ثم قال:{ قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا[17]}[سورة الأحزاب]. فأخبر سبحانه أن العبد لا يعصمه أحد من الله إن أراد به سوءًا غير الموت الذي فرّ منه، فإنه فرّ من الموت لما كان يسوءه، فأخبر الله سبحانه أنه لو أراد به سوءًا غيره؛ لم يعصمه أحد من الله، وأنه قد يفر مما يسوءه من القتل في سبيل الله، فيقع فيما يسوءه مما هو أعظم منه، وإذا كان هذا في مصيبة النفس، فالأمر هكذا في مصيبة المال، والعرض، والبدن، فإن من بخل بماله أن ينفقه في سبيل الله تعالى وإعلاء كلمته؛ سلبه الله إياه، أو قيض له إنفاقه فيما لا ينفعه دنيا ولا أخرى، بل فيما يعود عليه بمضرته عاجلًا وآجلًا، وإن حبسه وادخره منعه التمتع به، ونقله إلى غيره، فيكون له مهنؤه وعلى مخلفه وزره، وكذلك من رفه بدنه وعرضه، وآثر راحته على التعب لله، وفي سبيله؛ أتعبه الله سبحانه أضعاف ذلك في غير سبيله ومرضاته، وهذا أمر يعرفه الناس بالتجارب.. قال أبو حازم:' لما يلقى الذي لا يتقي الله من معالجة الخلق أعظم مما يلقى الذي يتقى الله من معالجة التقوى'.
واعتبر ذلك بحال إبليس، فإنه امتنع من السجود لأدم فرارًا أن يخضع له، وطلب إعزاز نفسه، فصيره الله أذل الأذلين، وجعله خادمًا لأهل الفسوق والفجور من ذريته، فلم يرض بالسجود له، ورضى أن يخدم هو وبنوه فساق ذريته. وكذلك عباد الأصنام أنفوا أن يتبعوا رسولًا من البشر، وأن يعبدوا إلهًا واحدًا سبحانه، ورضوا أن يعبدوا آلهة من الأحجار.
وكذلك كل من امتنع أن يذل لله، أو يبذل ماله في مرضاته، أو يتعب نفسه وبدنه في طاعته، لابد أن يذل لمن لا يسوى، ويبذل له ماله، ويتعب نفسه وبدنه في طاعته ومرضاته؛ عقوبة له، كما قال بعض السلف:' من امتنع أن يمشي مع أخيه خطوات في حاجته أمشاه الله تعالى أكثر منها في غير طاعته'.
.