المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا مسلمون ......... نريد مثل عابد البصرة



القنديل
30 Nov 2005, 08:58 PM
هذه السيرة لنا جميعاً ، نتعلم منها الورع والتقى والزهد ومحبة الله ، ونتعلم منها المعنى العظيم نسيان الذات ،
هي سيرة للعلماء والدعاة وطلاب العلم
هي سيرة فيها منهاج التربية ومبادىء الإصلاح ، نحتاج إن نتعلمها في مدارسنا ومساجدنا وبيوتنا ، يحتاج أن يتعلمها أبنائنا الذين وفقهم الله لحفظ كتابه حتى يكونوا أمثال هذا الرجل العظيم



[line]



عابد البصرة



أمر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ببناء البصرة حتى تكون حصن للإسلام ومركز للدعوة تنطلق منها كتائب المجاهدين وأفواج الدعاة لينشروا دين الله الحق في أرجاء المعمورة

فهاجرت إليها أعداد غفيرة من المسلمين من نجد والحجاز واليمن من أرض الجزيرة العربية كلها وكان مع من هاجر رجل في ريان الشباب وبواكير الصبا ، وضيء الوجه ، طاهر القلب ، نشأ نشأة زهد وتقوى راغباً بما عند الله ، معرضاً عن الدنيا وزينتها ، مقبلاً على الله

هو عامر بن عبدالله التميمي

ولى عمر بن الخطاب الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري على البصرة فألتقى عامر بأبي موسى وأحبه فحفظ منه القرآن والحديث وتعلم منه الفقه والقضاء

قسم حياته رحم الله إلى ثلاثه أقسام

قسم: في حلقات العلم يقرء الناس القرآن ويعلمهم ما تعلمه من أبي موسى الأشعري
وقسم: في خلوة للعبادة ، ينتصب فيها قائماً بين يدي الله تعالى
والقسم الثالث: في ساحات الجهاد كلما انطلق جيش انطلق عامر معه


وظل بهذه الصورة حتى سمي عابد البصرة و زاهد البصرة

هكذا نشأ رحمه الله تعالى
[line]


ومن أخباره العجيبة ما يحدث به فتى البصرة حيث يقول:

سافرت في قافلة فيها عامر بن عبدالله فلما أقبل علينا الليل نزلنا بغيظه ( الواحة كثيرة الأشجار) فنزل الناس وتفرقوا كي يرتاحون، ونزل عامر وجمع متاعه وربط فرسه في شجرة وطول لها الزمام حتى تستطيع أن تتحرك وتأكل من الحشائش ، ثم إنه دخل الغيظة وبدأ يدخل بعمق وأوغل يقول قلت في نفسي والله لأتبعنه لأنظرن ما يصنع في أعماق الغيظة في هذه الليلة!

يقول : فدخل فدخلت وراءه من بعيد أراقبه فمضى حتى انتهى إلى رابية ملتفة الشجر مستورة عن أعين الناس ، فدخل وصعد على هذا التل لا يراه أحد غيري ، فاستقبل القبلة وانتصب قائماً يصلي وأنا أراقبه فما رأيت أحداً أحسن صلاة ولا أتم ولا أخشع من صلاته ، ثم صلى ما شاء الله له أن يصلي ثم أخذ يدعوا الله ويناجيه وأنا أسمع وأحاول أن أحفظ وكان مما سمعته دعاء جميل يقول فيه

اللهم خلقتني بأمرك وأقمتني في بلايا هذه الدنيا بمشيئتك ثم قلت لي يا مولاي استمسك فكيف استمسك إن لم تسمكني بلطفك ياقوي يامتين ، إلهي إنك تعلم أنه لو كانت لي هذه الدنيا بمافيها ثم طلبت مني مرضات لك لوهبتها إلى طالبها فهب لي نفسي يا أرحم الراحمين ، إلهي إني أحببتك حباً سهل علي كل مصيبة ، ورضاني بكل قضاء ، فلا أبالي مع محبتي لك ما اصبحت عليه وما امسيت فيه


يقول الراوي فغلبني النعاس فأسلمت جفني للكرى فنمت ثم استيقظت وعامر ماضي في صلاته ودعائه ثم نمت واستيقظت وهو ما زال على تلك الحال ، حتى بدأ الفجر فصلى الفجر ثم أخذ يدعوا

اللهم قد اصبح الصبح وطفق الناس يعدون ويروحون يبتغون فضلك إن لكل منهم حاجة وإن حاجة عامر عندك أن تغفر له ، اللهم فاقض حاجة الناس ، واقض حاجتي يا أكرم الأكرمين ، اللهم إني سألتك ثلاثاً فاعطيتني اثنتين ومنعتني واحدة ، اللهم فاعطينيها كي أعبدك كما تحب ثم نهض عامر من مكانه والتفت فوقع نظره علي

يقول الراوي فعلم بمكاني منه تلك الليلة علم أني أراقبه طوال الليل فجزع مني أشد الجزع وقال في أسى وحزن

أراك كنت تراقبني الليلة يا أخ البصرة؟
قلت : نعم

قال : استر ما رأيت مني


قلت: والله لتحدثني بهذه الثلاثة التي سألت ربك أو لأحدثن الناس

قال : ويحك لا تفعل استرني

قلت : هو ما قلت لك ، فلما رأى عامر اصراري

قال: احدثك على أن تعطيني عهد الله وميثاقه أن لا تخبر أحد

قلت : لك عهد الله وميثاقه أن لا أفشي لك سراً ما مدمت حيا

قال عامر : لم يكن أخوف شيء علي في ديني من النساء ، سألت ربي أن ينزع من قلبي حبهن فاستجاب لي حتى صرت لا أبالي امرأة رأيت أو جداراً ( ليس هذا الدعاء من السنة وهو مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم ولكن هذا الرجل أخذ هذا الجانب من الدين العباده والزهد )

يقول البصري : هذه واحده والثانية؟

قال عامر: سألت ربي أن لا أخاف أحد غيره فاستجاب لي حتى أني ما اهاب شيء في السماء والأرض سوى الله

يقول البصري : والثالث التي منعكها ؟

قال عامر : سألت ربي أن يذهب عني النوم حتى أعبده بالليل والنهار كما أريد

يقول البصري : فلما سمعت منه ذلك قلت : رفقاً بنفسك فإنك تقضي الليل قائماً وتقضي النهار صائما وإن الجنة تدرك بأقل مما تصنع وإن النار تتقى بأقل مما تعاني

قال عامر : إني اخشى أن اندم حين لا ينفع الندم والله لأجتهدن في العبادة ما وجدت إلى ذلك سبيلا فإن نجوب فبرحمة ربي وإن دخلت النار فبتقصيري

[line]


وبجانب ذلك الزهد والورع كله كان فارساً من فرسان النهار ، كلما تحرك المجاهدون تحرك معهم

غير أنه كان يختار رفقة يمضي معهم يشترط عليه شروط ثلاثه فإن هم أجابوه صحبهم وإن هم نازعوه في شيء منها بحث عن غيرهم وهذه الثلاثة هي

1. أن أكون لكم خادما فلا ينازعني أحد ( يريد أن يتقرب إلى الله بخدمة المجاهدين)
2. أن لا يؤذن أحد سواي ( يريد أجر المؤذن الذي يشهد له الحجر والشجر يوم القيامة)
3. أن أنفق عليكم


وكان يعف عن أخذ الغنائم

لما فتح المسلمون العراق والمدائن ودخلوا قصر كسرى كان فيه من المجوهرات والحلي والذهب ما يفوق الوصف فبينما كان الناس يجمعون الغنائم ويحصونها ليتم توزيعها إذ أقبل رجل اشعث ملثم ومعه إيناء كبير يرفعه بكلتلا يديه ففتحوه ووجدوه مليء بالذهب والمجوهرات والنفائيس فتعجبوا من كثرتها فسألوا الرجل : أين وجدت هذا الكنز الثمين ؟؟؟
قال : في مكان كذا

قالوا : هل أخذت منه شيئاً ؟

قال : هداكم الله إن هذا الإناء وجميع ما ملكته فارس لا يساوي عندي اظفر والله لولا أن للمسلمين حق في هذه الأموال والله ما لمسته


قالوا : من أنت أكرمك الله؟؟؟؟

قال : لا والله لا أقول لكم لتحمدوني ، ولا أخبركم لتقرضوني
ولكني أحمد الله وراجوا ثوابه ، ثم تركهم ومضى فأرسلوا رجلاً يتجسس عليه يتبعه حيث مضى حتى جاء إلى أصحابه وسألهم من هذا ؟؟

قالوا : ما تعرفه
هذا زاهد البصرة ، هذا عامر بن عبدالله التميمي

[line]


وحياته رحمه الله لم تخلوا من منقصات

من ذلك أن صاحب الشرطة أمسك برجل من أهل الذمة ، والذمي يصرخ أجيروني أجيروني أجاركم الله

أجيروا ذمة نبيكم

فلما سمع عامر هذا الرجل اقبل عليه وسأله : هل أديت الجزية
قال : نعم

قال : هل عليك ذنب ؟
قال : لا

فألتفت إلى صاحب الشرطة قال : ما تريد من هذا الرجل؟؟

قال صاحب الشرطة: اجره معي لحديقة صاحب الشرطة ينظفها له

قال عامر للذمي : اتطيب نفسك لذلك؟

قال الذمي : كلا فذلك يهد قواي ويشغلني عن كسب قوة عيالي

إلتقت إلى صاحب الشرطة وقال : اتركه

قال والله لا أدعه

فنزع عامر ردائه ووضعه على الذمي وقال : والله لا تخفر ذمة محمد صلى الله عليه وسلم ، دعه

فتجمع الناس مع عامر وخلصوه بالقوة

تضايق الشرطي وكتب تقريراً كاملاً عن عامر يقول فيه بأنه خرج عن أهل السنة والجماعة ، وأنه لا يرى طاعة الخليفة ، وعنده انحرافات فهو لا يتزوج ولا يأكل اللحم ولا يأكل الجبن ورفع التقرير إلى عثمان بن عفان رضى الله عنه

فكتب عثمان إلى والي البصرة أن يتأكل من التقرير

فأستدعي عامر

وسؤل : مالك تعزف عن سنة محمد صلى الله عليه وسلم ولا تتزوج؟

قال : ما تركت الزواج عزوفاً عن سنة محمد صلى الله عليه وسلم فأنا أشهد أنه لا رهبانية في الدين ولكني أمرُ رأى أن له نفس واحدة فأراد أن تكون لله

وسؤل: ما لك لا تأكل اللحم

قال : بل آكله إذا اشتهيته وإذا وجدته

وسؤل: مالك لا تأكل الجبن

قال : نحن في منطقة فيها مجوس يصنعون الجبن ولا يفرقون بين الميتة والمذبوحة وأخشى أن يكون هذا الجبن من شاة غير مذكاة

وسؤل : ما يمنعك من زيارة الوالي؟؟؟

فأجاب: عند باب الوالي يصف كثير من الناس من لهم حاجات وأنا ليس عندي حاجة

فرفعت إلى عثمان فلم يجد فيها شيئاً

ولكن الشرطي وأعوانه بدأوا يكثرون الكلام في عام وانصار عامر لم يسكتوا حتى كادت تحدث فتنه فاقترح عثمان على عامر أن ينتقل إلى الشام

ففضل عامر أن يخرج من البصرة فخرج جمع كثير من طلابه وأعوانه ومحبيه يودعونه
قالوا : كلمة ودعنا بها؟

فرفع يديه وقال :



اللهم من وشى بي وكذب علي وكان سبب في خروجي من بلدي والتفرقة بيني وبين أصحابي اللهم إني صفحت عنه فاصفح عنه ، هبه العافية في دينه ودنياه برحمتك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين


سكن فلسطين بجوار المسجد الأقصى وقضى بقية حياته هناك يصلي ويدعوا ربه ولما حضرته الوفاة

دخلوا عليه فوجدوه يبكي
فأرادوا أن يخففوا عليه قالوا له : لماذا تبكي وأنت أنت

قال والله ما علي ذلك أبكي ولكن
السفر طويل
والزاد قليل
وقد أمسيت بين صعود وهبوط إما إلى الجنة أو إلى النار

ثم لفظ أنفاسه رحمه الله تعالى



هذا هو عامر فمتى يتأسى شبابنا بعامر ويكون هو القدوة

[line]
[line]
[line]

تأملوا في دعائه يا رعاكم الله
سبحان الله رجل يعبد الله ثم يقول للآخر أسترني !!!!!!!!!!
رجل يختفي عن أعين الناس في الحشائش المظلمة في جنح الليل المظلم لأنه يخشى أن يراه أحد
رجل يدعوا لمن حاربه وظلمه واخرجه من أهله

أتعبتنا من بعدك يا أبا عبدالله

,

الافندى
01 Dec 2005, 02:18 AM
جزاك الله خير اخي القنديل ... نسأل الله ان يلطف بنا


((( لم يكن أخوف شيء علي في ديني من النساء )))

(((( يريد أن يتقرب إلى الله بخدمة المجاهدين)))

(((وكان يعف عن أخذ الغنائم)))

ليث
01 Dec 2005, 07:57 AM
رحمه الله رحمة واسعه....


بورك فيك القنديل

البندق
01 Dec 2005, 01:25 PM
جزاك الله خير

الدب الداشر
01 Dec 2005, 08:02 PM
رحمه الله



:


مشكور ابومعااذ

القنديل
02 Dec 2005, 06:18 PM
الأفندي


ليث


البندق



الدب الداشر


جزاكم الله جميعاً وكل الأخوة والأخوات كل خير