أرسلان
01 May 2006, 01:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم .
قال راع الطافحة
بينما كنت اطرح عن نفسي الكسل ، و انا غارق في الأمل ، شعور بالملل لكثرة العلل ، بما قد لاح من تجاعيد الصباح ، و ما تعودنا من روتين و ابتعاد عن الدين .. وانا على هذه الحال و المنوال ، اذ اقترب مني استاذ ، بالنسبة لي ملاذ ، و عن عصرنا شاذ ، يحفظ القريض ، و ينهل من العريض . و لي معه صحبتي و قراري ، لأني لا أراه يداري ، و الحاذق في بحره لا يجاري ، يبعث دومًا اصراري ، و يقتفي آثاري ، فكأنما يسير في فلكي و مداري ، و امامه لا أكتم اسراري ، و احبذه في جواري.
و كالعادة بما يبعث على السعادة ، بادرني بمعسول النحو ، و رونق الشدو ، لا يعكره دلو و لا يضيق به بهو . بالشعر حيّاني و نفض الغبار عن آذاني ، آهٍ ! فقد ايقض اشجاني ، و الى المتنبي رماني ، و الحقني بالحريري و الهمذاني . فاندفعت ألملـم أوراق زماني .. فكفكف مدامعي و التقط مجامعي حين ردّد على مسامعي :
حيتك عزة بعد الهجر وانصرفـت ****** فحي ويحك من حياك ياجمل
حدث هذا و نحن في موطن الفرنسيس بمدينة "باريس " التي قيل عنها ما قيل انها " بلد الجن و الملائكة " .و كلها تخرصات و أقاويل .
هذا ، و كنت قد علقت منذ أمد اوتاري .. و الجمت افكاري ، و غيبت جواري ، و كنت قد طويت مداري ، و اعتكفت ـ إلاّ عن العمل ـ بداري .
هذا ، بعد ان جفاني الزمان ، و تبدل الخلان ، و تداخلت الالوان و الغشاوة عمت المكان ، فلا أفق و لا أمان ، و الرداءة اصبحت العنوان ، و نكست الرؤوس عن الابدان ، و استبيحت الاوزان ، و قول " الحق " من الشيطان ، و العبث طال الارصفة و الجدران .
في هذا الزمن اختزلت الاشياء ، و في الوطن العربي تناطحت الاهواء ، و استفحل الداء و عظم البلاء ، و تحزبت الغوغاء ، و استرجلت حواء ، و الرجل قد غاب عن الاضواء .
نعم حدث عند العرب الكثير ، و الامر هام و خطير ، فلا كبير و لا صغير ، و كل من هب و دب له ما يدير ، و لو المتاجرة بيع الخمر و لحوم الخنزير ، و رغم الأذى و النفير ، و ما بالعراق يصير . كأني بالرهط في تخذير ، و بلا ألباب تسير ، و منهم من لا يعتبر رغم الذي ننتظر من هذا المحيط القذر .
و المصيبة ان الكل يعلم بأن لا احد سيسلم ، و لو ارتقى بسلّم مصاف الامم ، فلامحالة من نصيبه الالم ، و الموت القادم الذي لا يرحم ، فالطالع ندم و الحاضر سقم .كأن الشاعر يعنينا في قوله فينا :
ارى حمـرًا فوق الصواهل جمة ****** فأبكي بعيني ذل تلك الصواهل
أعادني صاحبي الى الوراء ، اجول بخاطري في تلك الاجواء ، حيث الحال غير الحال و الامل يسعه المجال ، بل تمتد الآمال في أفق الخيال ، ان للخطاب فصله و للوزن نظمه و للجمهور نجمه ، لا يعتريه قصور و في تحديه جسور ، و عن ذوقه غيور . متجذر في أصوله ، مترفع في ميوله ، ينأى عمّا يضنيه الى ما يغنيه ، الوفاء منتهاه و العتق هواه .
و الاذن تحنّ للكريم ، و الذوق السليم ، و تطرب بعبد الحليم ، و تنفطر القلوب و تحوم مع قصيد ام كلثوم ، و لا نفيق من الألبوم و عبث الروم ، و الصدى المعدوم . ناهيك عن الصخب المبهم ، و اللحن الافرم ، و سفور عجرم و هي تداعب الزجاجة ، اشهار و حاجة ، لتسويق دجاجة .
و رددت قول الشاعر :
جيفة انتنت فطــار اليها ****** من بني دهرها فراخ الذباب
قلت لصاحبي : كان للتربية مهد ، و للعربي عهد ، و للبيد فهد ، و للجار حرمة ، لا تصادم و لا ازمة ، و لا يصنعها مال ، بل اخلاص الرجال ، فالعزم و التضحية نضال . فالكل يساير دهره و يدرك قدره ، و لا يكشف ظهره .
قاطعني داحضًا ، و لامني واعضًا : صيرورة الزمان و شروط المكان ، فكلامك مدان فعالمنا اليوم واحة كله فسحة و ساحة ، و الناس في راحة فضاء إليك و أنس بين يديك ، فخذ مما يليك
يتبع.../..
قال راع الطافحة
بينما كنت اطرح عن نفسي الكسل ، و انا غارق في الأمل ، شعور بالملل لكثرة العلل ، بما قد لاح من تجاعيد الصباح ، و ما تعودنا من روتين و ابتعاد عن الدين .. وانا على هذه الحال و المنوال ، اذ اقترب مني استاذ ، بالنسبة لي ملاذ ، و عن عصرنا شاذ ، يحفظ القريض ، و ينهل من العريض . و لي معه صحبتي و قراري ، لأني لا أراه يداري ، و الحاذق في بحره لا يجاري ، يبعث دومًا اصراري ، و يقتفي آثاري ، فكأنما يسير في فلكي و مداري ، و امامه لا أكتم اسراري ، و احبذه في جواري.
و كالعادة بما يبعث على السعادة ، بادرني بمعسول النحو ، و رونق الشدو ، لا يعكره دلو و لا يضيق به بهو . بالشعر حيّاني و نفض الغبار عن آذاني ، آهٍ ! فقد ايقض اشجاني ، و الى المتنبي رماني ، و الحقني بالحريري و الهمذاني . فاندفعت ألملـم أوراق زماني .. فكفكف مدامعي و التقط مجامعي حين ردّد على مسامعي :
حيتك عزة بعد الهجر وانصرفـت ****** فحي ويحك من حياك ياجمل
حدث هذا و نحن في موطن الفرنسيس بمدينة "باريس " التي قيل عنها ما قيل انها " بلد الجن و الملائكة " .و كلها تخرصات و أقاويل .
هذا ، و كنت قد علقت منذ أمد اوتاري .. و الجمت افكاري ، و غيبت جواري ، و كنت قد طويت مداري ، و اعتكفت ـ إلاّ عن العمل ـ بداري .
هذا ، بعد ان جفاني الزمان ، و تبدل الخلان ، و تداخلت الالوان و الغشاوة عمت المكان ، فلا أفق و لا أمان ، و الرداءة اصبحت العنوان ، و نكست الرؤوس عن الابدان ، و استبيحت الاوزان ، و قول " الحق " من الشيطان ، و العبث طال الارصفة و الجدران .
في هذا الزمن اختزلت الاشياء ، و في الوطن العربي تناطحت الاهواء ، و استفحل الداء و عظم البلاء ، و تحزبت الغوغاء ، و استرجلت حواء ، و الرجل قد غاب عن الاضواء .
نعم حدث عند العرب الكثير ، و الامر هام و خطير ، فلا كبير و لا صغير ، و كل من هب و دب له ما يدير ، و لو المتاجرة بيع الخمر و لحوم الخنزير ، و رغم الأذى و النفير ، و ما بالعراق يصير . كأني بالرهط في تخذير ، و بلا ألباب تسير ، و منهم من لا يعتبر رغم الذي ننتظر من هذا المحيط القذر .
و المصيبة ان الكل يعلم بأن لا احد سيسلم ، و لو ارتقى بسلّم مصاف الامم ، فلامحالة من نصيبه الالم ، و الموت القادم الذي لا يرحم ، فالطالع ندم و الحاضر سقم .كأن الشاعر يعنينا في قوله فينا :
ارى حمـرًا فوق الصواهل جمة ****** فأبكي بعيني ذل تلك الصواهل
أعادني صاحبي الى الوراء ، اجول بخاطري في تلك الاجواء ، حيث الحال غير الحال و الامل يسعه المجال ، بل تمتد الآمال في أفق الخيال ، ان للخطاب فصله و للوزن نظمه و للجمهور نجمه ، لا يعتريه قصور و في تحديه جسور ، و عن ذوقه غيور . متجذر في أصوله ، مترفع في ميوله ، ينأى عمّا يضنيه الى ما يغنيه ، الوفاء منتهاه و العتق هواه .
و الاذن تحنّ للكريم ، و الذوق السليم ، و تطرب بعبد الحليم ، و تنفطر القلوب و تحوم مع قصيد ام كلثوم ، و لا نفيق من الألبوم و عبث الروم ، و الصدى المعدوم . ناهيك عن الصخب المبهم ، و اللحن الافرم ، و سفور عجرم و هي تداعب الزجاجة ، اشهار و حاجة ، لتسويق دجاجة .
و رددت قول الشاعر :
جيفة انتنت فطــار اليها ****** من بني دهرها فراخ الذباب
قلت لصاحبي : كان للتربية مهد ، و للعربي عهد ، و للبيد فهد ، و للجار حرمة ، لا تصادم و لا ازمة ، و لا يصنعها مال ، بل اخلاص الرجال ، فالعزم و التضحية نضال . فالكل يساير دهره و يدرك قدره ، و لا يكشف ظهره .
قاطعني داحضًا ، و لامني واعضًا : صيرورة الزمان و شروط المكان ، فكلامك مدان فعالمنا اليوم واحة كله فسحة و ساحة ، و الناس في راحة فضاء إليك و أنس بين يديك ، فخذ مما يليك
يتبع.../..