مكي مكي
05 Jul 2006, 01:59 AM
((لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ، متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ، لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلاً من عند الله وما عند الله خير للأبرار))
عندما يرى المؤمن تقلب الذين كفروا في البلاد وما هم عليه من التمكين والقوة والهيمنة بجيوشهم وعتادهم وصناعاتهم واختراعاتهم، ينتابه شعور بالنقص والإحباط إزاء ما حققه أولئك من رقي وتقدم في عالم الحضارة والمدنية ويحيك في قلبه منه شيء لا محالة وهو يرى المؤمنين يعانون الشظف والحرمان ويعانون الأذى والمطاردة وكلها مشقات وأهوال بينما أصحاب الباطل ينعمون ويستمتعون ؛ وكذلك يحيك منه شيء في قلوب العامة وهي ترى الحق وأهله يعانون هذا العناء بينما الباطل وأهله في منجاة بل في مسلاة ؛ ويحيك منه شيء أيضاً في قلوب الضالين المبطلين أنفسهم ; فيزيدهم ضلالا وبطرا ولجاجا في الشر والفساد ؛ هنا تأتي هذه اللمسة (( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد )) كالبلسم الشافي تعيد إلى نفس المؤمن توازنها وتشعره بالعزة وتضع الأمور في نصابها في بيان حقيقة ومصير أولئك القوم ومآلهم الذين سيصيرون إليه ؛ فتتحقق له الطمأنينة ويستشعر عزة الإسلام ونعمة الإيمان التي أمتن الله بها عليه يوم أن جعله مؤمناً بالله موحداً له ومنزهاً له عن الشرك ؛ إنهم مهما بلغوا من الرقي ومن التطور ومهما ملكوا من الدنيا فإنه .. متاع .. وقليل أيضا .. إذا ما قورن بنعيم الآخرة الذي سيحرمون منه ؛ هبهم حازوا الدنيا بأكملها جوها وبرها وبحرها ؛ وبسطوا نفوذهم على أقطارها وتنعموا بملذاتها وتمتعوا بشهواتها دونما منغصات أو كوارث ، هبهم عمروا فيها مئات السنين ! ثم ماذا بعد ذلك ؟ جهنم وبئس المهاد ! وفي مقابل المتاع القليل الذاهب جنات وخلود وتكريم من الله .. جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار وما يشك أحد يضع ذلك النصيب في كفة وهذا النصيب في كفة أن ما عند الله خير وأبقى .
إن الله سبحانه لا يعد المؤمنين هنا بالنصر ولا يعدهم بقهر الأعداء ولا يعدهم بالتمكين في الأرض ولا يعدهم شيئا من الأشياء في هذه الحياة مما يعدهم به في مواضع أخرى ومما يكتبه على نفسه لأوليائه في صراعهم مع أعدائه إنه يعدهم هنا شيئا واحدا هو ما عند الله فهذا هو الأصل في هذا الدين ؛ وهذه هي نقطة الانطلاق في هذه العقيدة ؛ التجرد المطلق من كل هدف ومن كل غاية ومن كل مطمع حتى رغبة المؤمن في غلبة عقيدته وانتصار كلمة الله وقهر أعداء الله حتى هذه الرغبة يريد الله أن يتجرد منها المؤمنون ويكلوا أمرها إليه .. وعلى هذا أشترى الله من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة فقط .. ومتى ما خلصت القلوب وتجردت لما عنده سبحانه ؛ أعطاها كل شيء .. النصر .. التمكين .. الاستعلاء .. ولكن هذا ليس جزءا من الصفقة .. ليس في الصفقة مقابل في هذه الدنيا وليس فيها إلا الأداء والوفاء والعطاء والابتلاء على هذا بدأت الدعوة عندما كانت مطاردة في مكة ; وعلى هذا كان البيع والشراء ولم يمنح الله المسلمين النصر والتمكين والاستعلاء ; ولم يسلمهم مقاليد الأرض وقيادة البشرية إلا حين تجردوا هذا التجرد ووفوا هذا الوفاء قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة ( اشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال: أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم قال : فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: الجنة . قالوا ربح البيع ..لا نقيل ولا نستقيل) هكذا الجنة والجنة فقط لم يقل النصر والعز والوحدة والقوة والتمكين والقيادة والمال والرخاء مما منحهم الله وأجراه على أيديهم فذلك كله خارج عن الصفقة وهكذا ربح البيع ولا نقيل ولا نستقيل لقد أخذوها صفقة بين متبايعين ; ولم تعد هناك مساومة حولها!.
هكذا ربى الله الفئة التي قدر أن يضع في يدها مقاليد الأرض وزمام القيادة وسلمها الأمانة الكبرى بعد أن تجردت من كل أطماعها وكل رغباتها وكل شهواتها حتى ما يختص منها بالدعوة التي تحملها والمنهج الذي تحققه والعقيدة التي تموت من أجلها فما يصلح لحمل هذه الأمانة الكبرى من بقي له أرب لنفسه أو بقيت فيه بقية لم تدخل في هذا الدين كافة.
عندما يرى المؤمن تقلب الذين كفروا في البلاد وما هم عليه من التمكين والقوة والهيمنة بجيوشهم وعتادهم وصناعاتهم واختراعاتهم، ينتابه شعور بالنقص والإحباط إزاء ما حققه أولئك من رقي وتقدم في عالم الحضارة والمدنية ويحيك في قلبه منه شيء لا محالة وهو يرى المؤمنين يعانون الشظف والحرمان ويعانون الأذى والمطاردة وكلها مشقات وأهوال بينما أصحاب الباطل ينعمون ويستمتعون ؛ وكذلك يحيك منه شيء في قلوب العامة وهي ترى الحق وأهله يعانون هذا العناء بينما الباطل وأهله في منجاة بل في مسلاة ؛ ويحيك منه شيء أيضاً في قلوب الضالين المبطلين أنفسهم ; فيزيدهم ضلالا وبطرا ولجاجا في الشر والفساد ؛ هنا تأتي هذه اللمسة (( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد )) كالبلسم الشافي تعيد إلى نفس المؤمن توازنها وتشعره بالعزة وتضع الأمور في نصابها في بيان حقيقة ومصير أولئك القوم ومآلهم الذين سيصيرون إليه ؛ فتتحقق له الطمأنينة ويستشعر عزة الإسلام ونعمة الإيمان التي أمتن الله بها عليه يوم أن جعله مؤمناً بالله موحداً له ومنزهاً له عن الشرك ؛ إنهم مهما بلغوا من الرقي ومن التطور ومهما ملكوا من الدنيا فإنه .. متاع .. وقليل أيضا .. إذا ما قورن بنعيم الآخرة الذي سيحرمون منه ؛ هبهم حازوا الدنيا بأكملها جوها وبرها وبحرها ؛ وبسطوا نفوذهم على أقطارها وتنعموا بملذاتها وتمتعوا بشهواتها دونما منغصات أو كوارث ، هبهم عمروا فيها مئات السنين ! ثم ماذا بعد ذلك ؟ جهنم وبئس المهاد ! وفي مقابل المتاع القليل الذاهب جنات وخلود وتكريم من الله .. جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار وما يشك أحد يضع ذلك النصيب في كفة وهذا النصيب في كفة أن ما عند الله خير وأبقى .
إن الله سبحانه لا يعد المؤمنين هنا بالنصر ولا يعدهم بقهر الأعداء ولا يعدهم بالتمكين في الأرض ولا يعدهم شيئا من الأشياء في هذه الحياة مما يعدهم به في مواضع أخرى ومما يكتبه على نفسه لأوليائه في صراعهم مع أعدائه إنه يعدهم هنا شيئا واحدا هو ما عند الله فهذا هو الأصل في هذا الدين ؛ وهذه هي نقطة الانطلاق في هذه العقيدة ؛ التجرد المطلق من كل هدف ومن كل غاية ومن كل مطمع حتى رغبة المؤمن في غلبة عقيدته وانتصار كلمة الله وقهر أعداء الله حتى هذه الرغبة يريد الله أن يتجرد منها المؤمنون ويكلوا أمرها إليه .. وعلى هذا أشترى الله من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة فقط .. ومتى ما خلصت القلوب وتجردت لما عنده سبحانه ؛ أعطاها كل شيء .. النصر .. التمكين .. الاستعلاء .. ولكن هذا ليس جزءا من الصفقة .. ليس في الصفقة مقابل في هذه الدنيا وليس فيها إلا الأداء والوفاء والعطاء والابتلاء على هذا بدأت الدعوة عندما كانت مطاردة في مكة ; وعلى هذا كان البيع والشراء ولم يمنح الله المسلمين النصر والتمكين والاستعلاء ; ولم يسلمهم مقاليد الأرض وقيادة البشرية إلا حين تجردوا هذا التجرد ووفوا هذا الوفاء قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة ( اشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال: أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم قال : فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: الجنة . قالوا ربح البيع ..لا نقيل ولا نستقيل) هكذا الجنة والجنة فقط لم يقل النصر والعز والوحدة والقوة والتمكين والقيادة والمال والرخاء مما منحهم الله وأجراه على أيديهم فذلك كله خارج عن الصفقة وهكذا ربح البيع ولا نقيل ولا نستقيل لقد أخذوها صفقة بين متبايعين ; ولم تعد هناك مساومة حولها!.
هكذا ربى الله الفئة التي قدر أن يضع في يدها مقاليد الأرض وزمام القيادة وسلمها الأمانة الكبرى بعد أن تجردت من كل أطماعها وكل رغباتها وكل شهواتها حتى ما يختص منها بالدعوة التي تحملها والمنهج الذي تحققه والعقيدة التي تموت من أجلها فما يصلح لحمل هذه الأمانة الكبرى من بقي له أرب لنفسه أو بقيت فيه بقية لم تدخل في هذا الدين كافة.