رفحاوي
01 Aug 2006, 12:33 PM
ردا على مانشر في صحيفة السياسة الكويتية
آل الشيخ: الرسول سن التراويح وأحياها عمر بعد ضمان عدم فرضها والسعودية ليست أول من سنها في الحرمين
الطائف: واس
صدر أمس عن سماحة المفتي العام بالسعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بيان توضيحي حول ما نشرته إحدى الصحف الكويتية بتاريخ 28 ربيع الآخر 1427هـ تحت عنوان "إيقاف صلاة التراويح" قال فيه "اطلعنا على ما نشرته صحيفة السياسة الكويتية يوم الجمعة 28/ ربيع الآخر 1427هـ عدد رقم 58431 تحت عنوان " إيقاف صلاة التراويح " وتعرضت فيه لعدة أمور أهمها مايلي:
أولا: ذكر اتفاق العلماء والفقهاء والمؤرخين على أن أول من جمع صلاة التراويح في جماعة هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.
ثانيا: ذكر اتفاق العلماء والمؤرخين على أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم لم يجمعها في جماعة.
ثالثا: ذكر أن صلاة التراويح والقيام تسبب الازدحام حول الكعبة والتدافع ونحو ذلك.
رابعا: الطلب من هيئة كبار العلماء الاجتماع لاتخاذ قرار لإيقاف صلاة التراويح والتهجد في المسجد الحرام وتبرير ذلك بأن مكة المكرمة كلها حرم وأن صلاة التهجد لم تصل في جماعة بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف إلا في العهد السعودي.
خامسا: أن أهل مكة حين يصلون في الحرم يسببون مضايقة للمعتمرين والزوار الذين عانوا مشقة السفر في سبيل القدوم لأداء العمرة.
سادسا: الدعوة إلى توزيع أئمة المسجد الحرام على المساجد الكبيرة في مكة لتقام صلاة التراويح بها بدلا عن إقامتهم لها في المسجد الحرام.
سابعا: أن المراد هو تفريغ المسجد الحرام لأداء صلاة العشاء والطواف بالكعبة المشرفة والسعي بين الصفا والمروة من دون ازدحام ولا فوضى أو مشكلات وحتى يتم القضاء على ظاهرة حجز الأماكن بالمسجد الحرام أو بيعها أو تأجيرها بوضع السجاجيد.. إلخ".
ويضيف آل الشيخ " وبعد تأمل المقال رأيت أن أكتب توضيحا يبين للكاتب وللقراء الكرام حقيقة الأمر وذلك من وجوه:
الوجه الأول: أصل جمع الناس على صلاة التراويح كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال أما بعد، فإنه لم يخف علي مكانكم لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها". هذا لفظ البخاري وفي رواية له بزيادة "وذلك في رمضان".
وفي رواية عند أبي داود عن أبي ذر قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل فلما كانت السادسة لم يقم بنا فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل فقلت يارسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة قال فقال إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة قال فلما كانت الرابعة لم يقم فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح قال فقلت ما الفلاح قال: السحور ثم لم يقم بنا بقية الشهر. قال ابن حجر - رحمه الله - لما ساق الحديث وشرحه وفي حديث الباب من الفوائد - غير ما تقدم - ندب قيام الليل ولاسيما في رمضان جماعة لأن الخشية المذكورة أمنت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك جمعهم عمر بن الخطاب على أبي بن كعب انتهى المقصود من كلامه رحمه الله.
ويتابع آل الشيخ "فأصل صلاة التراويح في جماعة ثابت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه عليه الصلاة والسلام لم يواظب عليها خشية أن تفرض على الأمة فلما توفي صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي وأمنت خشية فرضية صلاة الليل في جماعة ، جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجمع الناس عليها وجعل إمامهم أبي بن كعب رضي الله عنه. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما قيام رمضان فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنه لأمته وصلى بهم جماعة عدة ليال وكانوا على عهده يصلون جماعة وفرادى لكن لم يداوموا على جماعة واحدة لئلا تفرض عليهم فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم استقرت الشريعة فلما كان عمر رضي الله عنه جمعهم على إمام واحد وهو أبي بن كعب الذي جمع الناس عليها بأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وقال ابن تيمية أيضا _رحمه الله_ وقيام رمضان قد سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله قد فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه. وكانوا على عهده صلى الله عليه وسلم يصلون أوزاعا متفرقين يصلي الرجل وحده ويصلي الرجل ومعه جماعة، وقد صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم جماعة مرة بعد مرة وقال : إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة لكن لم يداوم على الجماعة كالصلوات الخمس، خشية أن يفرض عليهم فلما مات أمنوا زيادة الفرض فجمعهم عمر على أبي بن كعب / ا.هـ.
وبهذا يتبين أن دعوة الاتفاق المذكورة في صدر المقال غير صحيحة.
ويضيف آل الشيخ " أما الوجه الثاني وهو: الطلب من هيئة كبار العلماء الاجتماع لاتخاذ قرار لإيقاف صلاة التراويح والتهجد في المسجد الحرام فلي مع الطلب عدة وقفات:
الوقفة الأولى: التقدير للكاتب في أصل الطلب وأن الواجب الرجوع إلى أهل العلم في مثل هذه الأمور.
الوقفة الثانية: كنا نؤمل في الكاتب أن تكون كتابته هذه إلى الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء أو إلينا في مكتبنا بالرئاسة العامة للإفتاء. لا أن تكون عن طريق الصحافة خصوصاً أن الكاتب يعلم أن مثل هذه الصحف يقرؤها المتعلم والعامي ومن لايدرك أبعاد الأمور فالقضايا الشرعية العامة لا تطرح بمثل هذا الطرح.
الوقفة الثالثة: من الأدب مع العلماء ، طرح الإشكال عليهم وهم المرجع في التحقق من الإشكال فإن وجد أنه إشكال واقعي يستحق النظر درسوه فبحثوا عن الحل الشرعي المناسب، كما قال تعالى " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم".
أما أن نطلب منهم أن يتخذوا قراراً نحدد لهم معالمه ونلزمهم بإصداره فهذا لا يليق كالقول إن من المفروض أن يجتمع كبار علمائنا بهيئة كبار العلماء لاتخاذ قرار لإيقاف صلاة التراويح أو القيام والتهجد في المسجد الحرام من أول يوم رمضان.
ويتابع آل الشيخ أما الوجه الثالث: وعن دعوى الزحام أو القصد إلى تفريغ المسجد الحرام لأداء صلاة العشاء والطواف بالكعبة المعظمة والسعي بين الصفا والمروة.. فإن الزحام إذا وجد في المواسم فإنه لا يرفعه ترك التراويح بل سيبقى لأن من قصد المسجد الحرام سيبقى طائفاً أو تالياً أو عاكفاً أو مصلياً والحرم إنما وضع لذلك يقول الله عز وجل" وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود" قال ابن كثير _رحمه الله_ " وقد اختلف الفقهاء أيهما أفضل الصلاة عند البيت أو الطواف به ؟ فقال مالك رحمه الله الطواف به لأهل الأمصار أفضل. وقال الجمهور الصلاة أفضل مطلقاً.
وفي سنن أبي داود وابن ماجة وغيرهما عن جبير بن مطعم رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا يطوف بهذا البيت ويصلي أي ساعة شاء من ليل أو نهار.
والمقصود أن منع الناس من صلاة التراويح في المسجد الحرام لأجل تفريغه للطائفين تحكم لا يسنده الدليل.
ثم إن المسلمين لا يزالون يصلونها في المسجد الحرام منذ قرون. فقد أخرج الفاكهي بسنده إلى عكرمة بن عمار قال.. أمنا عبدالله بن عبيد بن عمير في المسجد الحرام وكان يؤم الناس فكان يقرأ بنا في الوتر بالمعوذات يعني في شهر رمضان. وقال في نفس السياق: وقال بعض أهل مكة:كان الناس بمكة في قديم الدهر يقومون قيام شهر رمضان في أعلى المسجد الحرام، تركز حربة خلف المقام بربوة فيصلي الإمام دون الحربة والناس معه، فمن أراد صلى ومن أراد طاف وركع خلف المقام.. ثم استرسل فيما أقره خالد القسري بعد.
وذكر ذلك الأزرقي بأتم من سياق الفاكهي وأن خالداً القسري هو أول من أدار الصفوف حول الكعبة لما ضاق عليهم أعلى المسجد فلما قيل له تقطع الطواف لغير المكتوبة قال: فأنا آمرهم يطوفون بين كل ترويحتين سبعاً إلى آخر ما ساق في خبره.
والمقصود أن صلاة التراويح جماعة في رمضان حول الكعبة أمر معهود منذ زمن قديم ومن تتبع تواريخ مكة وكتب التراجم والرحلات علم ذلك واجتمع له عدة ممن أموا الناس في قيام رمضان بالمسجد الحرام.
أما ما ذكر من أن المسجد الحرام يشمل حدود الحرم جميعها فهذا حق ونحن نقول به ونقول بأن التضعيف الوارد في الحديث يشمل جميع الحرم بدلالة قول الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا" ولكن هذا لا يبرر إيقاف صلاة التراويح في الحرم ومنع المصلين من صلاة القيام في الحرم".
ويضيف آل الشيخ "وقبل أن أختم هذا البيان والإيضاح أحب التنبيه إلى أمر مهم وهو قول الكاتب "وأن صلاة التهجد لم تصل في جماعة بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف إلا في العهد السعودي".
والمقصود بصلاة التهجد في هذا السياق هو صلاة القيام في جماعة في رمضان وتصلى آخر الليل بعد أن يصلي الناس أول الليل شيئاً من التراويح ثم ينصرفون للراحة أو العشاء ليتقووا على صلاة الليل وهذا في العشر الأواخر.
والأصل في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأخير من رمضان، تقول عائشة رضي الله عنها "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر" أخرجه مسلم.
فالعشر الأخير من رمضان لها مزيد فضل على غيرها من الليالي لفضلها ولأن ليلة القدر فيها فالاجتهاد فيها مطلوب.
وأما دعوى أن العهد السعودي هو الذي بدأ بذلك فهذا باطل لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما مر معنا في أول هذا الإيضاح قد صلى بالناس في العشر الأخير أربع ليال كان آخرها إلى قريب الفجر حتى خشوا فوات الفلاح وهو السحور. فهذا هو الأصل.
وفي هذا السياق أحب أن أنبه إلى أمر مهم وهو أن بعض الكتاب ما فتئوا يذكرون أشياء في المشاعر المقدسة أو الشعائر الشرعية ويزعمون أن الدولة السعودية هي التي أحدثتها وهذا غمز في هذه الدولة السلفية التي حرصت على السير على ما سار عليه السلف الصالح من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وبقية الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وما عليه أئمة الدين، ولم يوجد في العهد السعودي لا في المشاعر ولا في الشعائر شيء مبتدع ولله الحمد والمنة وهذا من فضل الله تعالى على حكام هذه البلاد المباركة.
وإنما هم حريصون أشد الحرص على السعي في التسهيل على الحجاج والمعتمرين والزوار بالتوسعة والتكييف وشق الطرق وعمل ما من شأنه تسهيل القيام بالشعائر مع المحافظة على المشاعر.
هذا ما نشهد الله عليه مما علمناه من حكام هذه الدولة أدام الله بعز الإسلام عزها أسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى إنه سبحانه سميع مجيب، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين".
http://www.alwatan.com.sa/daily/2006-08-01/culture/culture07.htm
آل الشيخ: الرسول سن التراويح وأحياها عمر بعد ضمان عدم فرضها والسعودية ليست أول من سنها في الحرمين
الطائف: واس
صدر أمس عن سماحة المفتي العام بالسعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بيان توضيحي حول ما نشرته إحدى الصحف الكويتية بتاريخ 28 ربيع الآخر 1427هـ تحت عنوان "إيقاف صلاة التراويح" قال فيه "اطلعنا على ما نشرته صحيفة السياسة الكويتية يوم الجمعة 28/ ربيع الآخر 1427هـ عدد رقم 58431 تحت عنوان " إيقاف صلاة التراويح " وتعرضت فيه لعدة أمور أهمها مايلي:
أولا: ذكر اتفاق العلماء والفقهاء والمؤرخين على أن أول من جمع صلاة التراويح في جماعة هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.
ثانيا: ذكر اتفاق العلماء والمؤرخين على أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم لم يجمعها في جماعة.
ثالثا: ذكر أن صلاة التراويح والقيام تسبب الازدحام حول الكعبة والتدافع ونحو ذلك.
رابعا: الطلب من هيئة كبار العلماء الاجتماع لاتخاذ قرار لإيقاف صلاة التراويح والتهجد في المسجد الحرام وتبرير ذلك بأن مكة المكرمة كلها حرم وأن صلاة التهجد لم تصل في جماعة بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف إلا في العهد السعودي.
خامسا: أن أهل مكة حين يصلون في الحرم يسببون مضايقة للمعتمرين والزوار الذين عانوا مشقة السفر في سبيل القدوم لأداء العمرة.
سادسا: الدعوة إلى توزيع أئمة المسجد الحرام على المساجد الكبيرة في مكة لتقام صلاة التراويح بها بدلا عن إقامتهم لها في المسجد الحرام.
سابعا: أن المراد هو تفريغ المسجد الحرام لأداء صلاة العشاء والطواف بالكعبة المشرفة والسعي بين الصفا والمروة من دون ازدحام ولا فوضى أو مشكلات وحتى يتم القضاء على ظاهرة حجز الأماكن بالمسجد الحرام أو بيعها أو تأجيرها بوضع السجاجيد.. إلخ".
ويضيف آل الشيخ " وبعد تأمل المقال رأيت أن أكتب توضيحا يبين للكاتب وللقراء الكرام حقيقة الأمر وذلك من وجوه:
الوجه الأول: أصل جمع الناس على صلاة التراويح كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال أما بعد، فإنه لم يخف علي مكانكم لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها". هذا لفظ البخاري وفي رواية له بزيادة "وذلك في رمضان".
وفي رواية عند أبي داود عن أبي ذر قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل فلما كانت السادسة لم يقم بنا فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل فقلت يارسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة قال فقال إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة قال فلما كانت الرابعة لم يقم فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح قال فقلت ما الفلاح قال: السحور ثم لم يقم بنا بقية الشهر. قال ابن حجر - رحمه الله - لما ساق الحديث وشرحه وفي حديث الباب من الفوائد - غير ما تقدم - ندب قيام الليل ولاسيما في رمضان جماعة لأن الخشية المذكورة أمنت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك جمعهم عمر بن الخطاب على أبي بن كعب انتهى المقصود من كلامه رحمه الله.
ويتابع آل الشيخ "فأصل صلاة التراويح في جماعة ثابت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه عليه الصلاة والسلام لم يواظب عليها خشية أن تفرض على الأمة فلما توفي صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي وأمنت خشية فرضية صلاة الليل في جماعة ، جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجمع الناس عليها وجعل إمامهم أبي بن كعب رضي الله عنه. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما قيام رمضان فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنه لأمته وصلى بهم جماعة عدة ليال وكانوا على عهده يصلون جماعة وفرادى لكن لم يداوموا على جماعة واحدة لئلا تفرض عليهم فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم استقرت الشريعة فلما كان عمر رضي الله عنه جمعهم على إمام واحد وهو أبي بن كعب الذي جمع الناس عليها بأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وقال ابن تيمية أيضا _رحمه الله_ وقيام رمضان قد سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله قد فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه. وكانوا على عهده صلى الله عليه وسلم يصلون أوزاعا متفرقين يصلي الرجل وحده ويصلي الرجل ومعه جماعة، وقد صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم جماعة مرة بعد مرة وقال : إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة لكن لم يداوم على الجماعة كالصلوات الخمس، خشية أن يفرض عليهم فلما مات أمنوا زيادة الفرض فجمعهم عمر على أبي بن كعب / ا.هـ.
وبهذا يتبين أن دعوة الاتفاق المذكورة في صدر المقال غير صحيحة.
ويضيف آل الشيخ " أما الوجه الثاني وهو: الطلب من هيئة كبار العلماء الاجتماع لاتخاذ قرار لإيقاف صلاة التراويح والتهجد في المسجد الحرام فلي مع الطلب عدة وقفات:
الوقفة الأولى: التقدير للكاتب في أصل الطلب وأن الواجب الرجوع إلى أهل العلم في مثل هذه الأمور.
الوقفة الثانية: كنا نؤمل في الكاتب أن تكون كتابته هذه إلى الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء أو إلينا في مكتبنا بالرئاسة العامة للإفتاء. لا أن تكون عن طريق الصحافة خصوصاً أن الكاتب يعلم أن مثل هذه الصحف يقرؤها المتعلم والعامي ومن لايدرك أبعاد الأمور فالقضايا الشرعية العامة لا تطرح بمثل هذا الطرح.
الوقفة الثالثة: من الأدب مع العلماء ، طرح الإشكال عليهم وهم المرجع في التحقق من الإشكال فإن وجد أنه إشكال واقعي يستحق النظر درسوه فبحثوا عن الحل الشرعي المناسب، كما قال تعالى " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم".
أما أن نطلب منهم أن يتخذوا قراراً نحدد لهم معالمه ونلزمهم بإصداره فهذا لا يليق كالقول إن من المفروض أن يجتمع كبار علمائنا بهيئة كبار العلماء لاتخاذ قرار لإيقاف صلاة التراويح أو القيام والتهجد في المسجد الحرام من أول يوم رمضان.
ويتابع آل الشيخ أما الوجه الثالث: وعن دعوى الزحام أو القصد إلى تفريغ المسجد الحرام لأداء صلاة العشاء والطواف بالكعبة المعظمة والسعي بين الصفا والمروة.. فإن الزحام إذا وجد في المواسم فإنه لا يرفعه ترك التراويح بل سيبقى لأن من قصد المسجد الحرام سيبقى طائفاً أو تالياً أو عاكفاً أو مصلياً والحرم إنما وضع لذلك يقول الله عز وجل" وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود" قال ابن كثير _رحمه الله_ " وقد اختلف الفقهاء أيهما أفضل الصلاة عند البيت أو الطواف به ؟ فقال مالك رحمه الله الطواف به لأهل الأمصار أفضل. وقال الجمهور الصلاة أفضل مطلقاً.
وفي سنن أبي داود وابن ماجة وغيرهما عن جبير بن مطعم رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا يطوف بهذا البيت ويصلي أي ساعة شاء من ليل أو نهار.
والمقصود أن منع الناس من صلاة التراويح في المسجد الحرام لأجل تفريغه للطائفين تحكم لا يسنده الدليل.
ثم إن المسلمين لا يزالون يصلونها في المسجد الحرام منذ قرون. فقد أخرج الفاكهي بسنده إلى عكرمة بن عمار قال.. أمنا عبدالله بن عبيد بن عمير في المسجد الحرام وكان يؤم الناس فكان يقرأ بنا في الوتر بالمعوذات يعني في شهر رمضان. وقال في نفس السياق: وقال بعض أهل مكة:كان الناس بمكة في قديم الدهر يقومون قيام شهر رمضان في أعلى المسجد الحرام، تركز حربة خلف المقام بربوة فيصلي الإمام دون الحربة والناس معه، فمن أراد صلى ومن أراد طاف وركع خلف المقام.. ثم استرسل فيما أقره خالد القسري بعد.
وذكر ذلك الأزرقي بأتم من سياق الفاكهي وأن خالداً القسري هو أول من أدار الصفوف حول الكعبة لما ضاق عليهم أعلى المسجد فلما قيل له تقطع الطواف لغير المكتوبة قال: فأنا آمرهم يطوفون بين كل ترويحتين سبعاً إلى آخر ما ساق في خبره.
والمقصود أن صلاة التراويح جماعة في رمضان حول الكعبة أمر معهود منذ زمن قديم ومن تتبع تواريخ مكة وكتب التراجم والرحلات علم ذلك واجتمع له عدة ممن أموا الناس في قيام رمضان بالمسجد الحرام.
أما ما ذكر من أن المسجد الحرام يشمل حدود الحرم جميعها فهذا حق ونحن نقول به ونقول بأن التضعيف الوارد في الحديث يشمل جميع الحرم بدلالة قول الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا" ولكن هذا لا يبرر إيقاف صلاة التراويح في الحرم ومنع المصلين من صلاة القيام في الحرم".
ويضيف آل الشيخ "وقبل أن أختم هذا البيان والإيضاح أحب التنبيه إلى أمر مهم وهو قول الكاتب "وأن صلاة التهجد لم تصل في جماعة بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف إلا في العهد السعودي".
والمقصود بصلاة التهجد في هذا السياق هو صلاة القيام في جماعة في رمضان وتصلى آخر الليل بعد أن يصلي الناس أول الليل شيئاً من التراويح ثم ينصرفون للراحة أو العشاء ليتقووا على صلاة الليل وهذا في العشر الأواخر.
والأصل في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأخير من رمضان، تقول عائشة رضي الله عنها "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر" أخرجه مسلم.
فالعشر الأخير من رمضان لها مزيد فضل على غيرها من الليالي لفضلها ولأن ليلة القدر فيها فالاجتهاد فيها مطلوب.
وأما دعوى أن العهد السعودي هو الذي بدأ بذلك فهذا باطل لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما مر معنا في أول هذا الإيضاح قد صلى بالناس في العشر الأخير أربع ليال كان آخرها إلى قريب الفجر حتى خشوا فوات الفلاح وهو السحور. فهذا هو الأصل.
وفي هذا السياق أحب أن أنبه إلى أمر مهم وهو أن بعض الكتاب ما فتئوا يذكرون أشياء في المشاعر المقدسة أو الشعائر الشرعية ويزعمون أن الدولة السعودية هي التي أحدثتها وهذا غمز في هذه الدولة السلفية التي حرصت على السير على ما سار عليه السلف الصالح من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وبقية الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وما عليه أئمة الدين، ولم يوجد في العهد السعودي لا في المشاعر ولا في الشعائر شيء مبتدع ولله الحمد والمنة وهذا من فضل الله تعالى على حكام هذه البلاد المباركة.
وإنما هم حريصون أشد الحرص على السعي في التسهيل على الحجاج والمعتمرين والزوار بالتوسعة والتكييف وشق الطرق وعمل ما من شأنه تسهيل القيام بالشعائر مع المحافظة على المشاعر.
هذا ما نشهد الله عليه مما علمناه من حكام هذه الدولة أدام الله بعز الإسلام عزها أسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى إنه سبحانه سميع مجيب، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين".
http://www.alwatan.com.sa/daily/2006-08-01/culture/culture07.htm