المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عندما أتألم !



الباحث عن الحق
21 Aug 2006, 06:20 AM
سألني جانبٌ منّي : عرّف الألم ؟
أجبته بعد صمت وتردد : لاأستطيع أن أعرّف لك الألم يتيمًا ، لكن دعني أخبرك عما يؤلمني ، ويضحك الدّمع في عيني ، ويشرّقني على ظمأ .

يؤلمني مشاهدة تلك المرأة وهي تجوب الحواري والبيوت ، وتنتقل بين المساجد والجوامع ، تمدّ يديها لإخوانها من المسلمين بمرارة وصمت يهز القلوب الحية ، ويملؤها أسى وحزنا ، أثق تمامًا أن وراء ذلك الحجاب وجٌه كان يعيش - يومًا - حلمًا جميلا ، وأمانٍ وردية ، لكنه مع كرّ الأيام ، وتآكل الأعوام ، صُفع بواقع الحياة المريرة ، وحقيقة الدنيا وبؤسها ، وأثق والله ، أن الإنسان - بشكل عام - لايمد يده لغيره ، إلا بعد أن ضاقت عليه الأرض بما رحبت ، وسدت في وجهه الأبواب ، وذاق الحرمان وشدّة الضيق . وشاذ من يمد يده مخادعًا كسولا راكنا إلى طيبة النّاس وحسن ظنهم ، وعلى كل حال ؛ ماعلى المحسن إلا الظاهر ، وعند الله تجتمع الخصوم .

* * * *

يؤلمني أني قد عايشت يوما صاحب همة مرتفعة ، ونفس تواقة للصلاح ،وسابقة للخيرات ، قدوة - بلا مبالغة - في العلم والعبادة والمجاهدة والصبر ، كنت أراه أكبر من هذا الزمن ، هذا ماكنت أحدث به نفسي ، مكانه المناسب ؛ مع صالحي القرون المفضلة ، لكنه تخطى أعناق القرون ، واستقر في هذا الزمان ، والحمدلله على قضاءه وقدره ، لقد استقر في زمن بَارَ فيه سوق الإسلام وكسد ، وعُمّر سوق الكفر والفسوق والطغيان والظلم .... سوق الشيطان . رأيته - يومًا - مُطرقا حزينا ؛ فسألته : مالك يافلان ؟!! فقال لي بأسى : ياأخي والله نحن في زمن فاسد ! ثم ترقرقت عيناه وصد عني ، كنت أشعر بسعادة لاتوصف لأن الله وفقني أن أصادق مثل هذا ، لاأحتاج حين أراه إلى قراءة سير الصالحين ممن سلف ، فإني أراهم فيه ، وكما قيل : ماأعجب مايصنع الإيمان بالإنسان ! ولكن .... !!! دعوني من لكن ومابعدها ؛ فإنها تحرق قلبي ، ورددوا معي :

ثمّ انقضت تلك السنون وأهلها ****** فكأنها وكأنهم أحلام

نعم ... لقد انقضت تلك السنون ، لكني لاأزال أسمع صدى صوته كأنه يخرج من بئر عميق ، أو واد سحيق ، قائلا : ياأبا عبدالله ! نفسك نفسك .... ثمّ غيرك غيرك . لم يعلم أنه كان ينفخ في رماد ، حينها لم أكن أبالي بالنصيحة ، ولاأحفل بالموعظة ، ولاألتفت إلى الخير ، ولاأهتم بإصلاح نفسي ، أما الآن فإني أبالي وألتفت وأهتم بتلك النصيحة ، ولكن أين الناصح ...... ( فكأنها وكأنهم أحلام ) .

* * * *

تألمت جدا حين رأيت قطار الحلول والفرص قد رحل عني وأنا غير منتبه له ، كنت في حلم راهنت عليه بقطعة من عمري ، وأشلاء تناثرت من قلبي ، لكني اكتشفت أنه حلم زائف ضيعت فيه ماذكرت ، فما انتبهت إلا والأفق قد ابتلع القطار ، ولم أرى منه إلا شتات من دخان يتلاشى ... فاتني القطار ! تركني والعبرة في عيني ، والألم والحسرة في قلبي ووجداني ، فغمرت الكآبة روحي ، وفاض اليأس على قلبي ، وخمدت جذوة الحماس الذي كان يصب النار في أعصابي ، ثم يزداد ألمي حين لايوجد على هذه البسيطة من أفضي إليه ، وقد قيل :

ولابدّ مِن شَكوى إلى ذِي مُرُوءةٍ ****** يواسيك أو يُسْلِيك أو يتوجّع

فيتفطر قلبي من السكوت ، ويتمزق صدري من الصمت ، لحظة ! هل قلت قبل قليل أن اليأس قد فاض على قلبي ، لاأعتقد ذلك ؛ إذن لارتحت ، وقد قيل : ( اليأس احدى الراحتين ) لكني حبيس الألم ، حيث لازلت سطرا في صفحة الحزن ، ليت شعري ! متى تمّحي هذه الصفحة ، ولتذهب الذكرى إلى الجحيم ، قال أحدهم : ( ياليت الإنسان لايذكر ، إذن لما تألم ) لا ... يكفي ألما في معايشتها ، أوأتألم من ذكراها ؟!!! لا... لتذهب إلى الجحيم .

قال العلامة الطنطاوي - رحمة الله عليه - : ( لاتخشى بقايا الظلام على حواشي الأفق ) قلت : غفر الله لك شيخي ، ذلك لو كان الظلام في جهة المغرب أفقا ، عندها لاأخاف ، لكن حق لي الخوف حين أرى حنادس الظلام على حواشي الأفق شرقا وهي تتدفق على الدنيا ، وتنتشر في أرجاء الكون ... حُق لي ذلك .

ربي ! متى يلقى الستار على هذا الألم ، ليرفع عن ... !! لايهم مادام ديني سالما ، وصحتى في عافية ، ولأحبابي كذلك ، لايهم .


* * * *


هذا شيء مما أتألم منه أحبتي ، فمم تتألمون ؟

هبوب الريح
21 Aug 2006, 09:48 PM
عدت باحثنا والعود أحمد ..
لكنه هذه المرة بالآلم وأحزان ..
منها ماله صلة بالنفس وأخرى بالمجتمع ..
فهون عليك يا صاحبي فالألم سيتبدل إلى أمل ..
والحزن لفرح والخوف لأمن والدمعة لبسمة ..
لكن متى ؟ الله أعلم لكن سيأتي في يوم من الأيام ..
فالمرأة المسكينة ستجد يدا حانية تعطف عليها ..
والصديق الذي صد لن يبتعد وسيعود بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه ..
والركب تستطيع اللحاق به والفرص ستعوض والليل مهما اشتدت ظلمته سيعلن عن فجر جديد ..
واصنع بعزمك وحنكتك من الليمون شرابا حلوا ..

كان هناك
21 Aug 2006, 10:01 PM
عزيزي الباحث عن الحق :
سدد الله خطاك و جعل الجنة مثواك
مقال رائع جداً ومشاعر جياشه من كاتب متدفق الأحاسيس لكن دعنا نقتل الألم بالآمال
ودعنا نواري جثمانها بالتفاؤل , فقطار الفرص مازال بالإنتظار0

وزادك الله إبداعاً
وأزال عنك آلامك0000000

قولف استريم
22 Aug 2006, 06:13 AM
كلام جميل من باحث عن الحق ....... يجسد تفاعلات وجدانية جارفة ...... لهموم قلما تجد من يلقي الضوء عليها ..... ومقولتي لنفرض جدلاً ايها العصر انك هزمتني لكن لم اجد في هذا الشرق مكاناً مرتفعاً أرفع عليه راية استسلامي .....! ولايسعني إلا تقديم عظيم الشكر لما رسمته ايها الباحث ..... والله يسدد بالخير خطاك .... والسلام ،،،

الباحث عن الحق
22 Aug 2006, 10:53 AM
هبوب الريح ’ أهلا بك أخي ، كلامك جميل ، شكرا على طيب مرورك .

عاشق الصحراء ’ آمين ، أعاننا الله على قتل الآلام ، شكرا على طيب مرورك .

قولف استريم ’ آمين ، شكرا على طيب ثنائك وكريم مرورك .

ورق التوت
22 Aug 2006, 12:18 PM
أبكيتنا على حالك وأنا الذي كنت اظنك لا تيأس


جدد العزم وتلا ف الاخطاء السابقة واستفد درسا تعلمه لنفسك وللآجيال القادمة فأنت قد خبرت الألم وقديما قالوا



يسخر من الجروح من لا يعرف الألم

الباحث عن الحق
26 Aug 2006, 03:01 AM
ورقة التوت ’ قيل لي : ستجري تلك الآلام خلف ذلك الظلام لتبحث عن غيرنا ... أبعدك الله وجميع الأحبة من أن تكونوا ذلك الغير .

هنا الدمام
26 Aug 2006, 09:00 AM
بارك الله فيك
وعافانا الله وإياك

الباحث عن الحق
26 Aug 2006, 10:39 PM
هنا الدمّام ’ آمين . جزاك الله خيرا وشكرا على طيب مرورك .

عمر بن عبدالعزيز
26 Aug 2006, 11:29 PM
كيف نتألم بوجود امثالك بيننا

حفظك الله وابعد عنا وعنك الألم

تحياتي لشخصك الكريم بلا حدود

الباحث عن الحق
27 Aug 2006, 11:55 PM
عمر بن عبدالعزيز ’ أهلا بك أخي جزاك الله خيرا ، وشكرا على طيب مرورك .