بنت الخليج
31 Oct 2006, 01:33 PM
يعتبر التطيب بالبخور أحد العادات التي يتميز بها الخليجيون بصفة عامة والسعوديون بصفة خاصة، إذ إن دول الخليج تعتبر أكثر دول العالم استهلاكا للبخور حيث يحرق الخليجيون نحو 95 في المائة من العود في العالم. بينما ينفق السعوديون أكثر من 2.6 مليار ريال سعودي على شراء العطور والعود ودهنه بأشكاله المختلفة.
لكن التحذيرات الني بدأت تزداد حدتها تجاه البخور تضع هذا الصنف من العطور في زاوية المواد الضارة بالصحة والتي يجب التقليل منها قدر المستطاع أو حتى تركها نهائيا.
يقول الدكتور محمد بن صالح الحجاج استشاري الأمراض الصدرية أن البخور عبارة عن دخان ذي رائحة عطرية مميزة ينطلق من قطع خشب العود بعد حرقها وتستخدم بعض السيدات أنواعـاً من البخـور تصنع من عجين مكون من مخاليط عطرية تشمل العود والمسك والعنبر وقد يضاف إليها دهن الورد، تمزج معاً وتعجن، وتشكل على هيئة أقراص مستديرة أو كرات صغيرة توضع على الجمر. وبتأثير الحرارة على المواد العطرية المكونة لها يتحول المخلوط إلى دخان عطري زكي الرائحة.
ويوضح استشاري الأمراض الصدرية أن عود البخور يستخرج من أشجار كبيرة تعرف علمياً باسم aloexylon agallachum من الفصيلة البقولية ويوجد عدة أنواع من العود كالهندي الذي يعرف باسم Indian aloe ويسمى بالألمانية "خشب الفردوس" والصيني والقماري والمندلي. والعود عبارة عن سيقان نبات الألوة وطريقة تحضيره تتم بتقطيع السيقان ثم دفنها تحت الأرض لمدة سنة حتى يتآكل الخشب ويبقى منه الجزء المحتوي على البخور.
التهابات ونوبات ربو
تظهر بين الفينة والأخرى تحذيرات صحية تجاه البخور، ومن هذه التحذيرات ما يؤكده موفق سعد الدين إخصائي أمراض باطنية وصدرية في مستشفى الملك سعود للأمراض الصدرية من أن البخور يزيد من سوء بعض الأمراض الشائعة عند الناس كمرض الربو الذي يعتبر من الأمراض الشائعة في المملكة. ويضيف أن البخور أحد أنواع الدخان المحرضة والمثيرة لنوبات الربو الحادة عند المصابين به. ويبين سعد الدين أنه كثيرا ما يحدث أن يداوم مريض الربو على أخذ علاجه، لكنه ينسى أن هناك عوامل متنوعة وكثيرة محرضة للربو داخل البيت مثل: الموكيت والصوف والغبار إضافة إلى البخور.
ويزيد سعد الدين على مرض الربو أمراضا أخرى شبيهة بالربو كمرض الالتهاب الرئوي الانسدادي المزمن، ويتعرض المصاب به عند استنشاقه البخور لاشتدادات حادة إضافة إلى ازدياد وطأة هذا المرض. ويوضح إخصائي الأمراض الصدرية أنه من الممكن أن يؤدي البخور إلى حدوث حالات غير صدرية كالتهاب الأنف التحسسي الذي يعتبر بمثابة مهيج أو مقدمة لحدوث الربو القصبي. وأكد أن التعرض للبخور بشكل متكرر يؤدي إلى ديمومة أعراض التهاب الأنف التحسسي على الرغم من انتظام المريض في أخذ علاجه وتناوله أدوية ممتازة.
دراسات عالمية
يذكر د. محمد الحجاج أن الدراسات العلمية التي أجريت في بعض دول جنوب شرق آسيا على أعواد البخور أظهرت أن سبعة أصناف من كل عشرة تطلق كمية من غاز أول أكسيد الكربون أكبر من المسموح بها بموجب التنظيمات البيئية في الإقليم. وتطلق ستة أصناف منها غاز الفورمالديهايد وهو من المواد المحتمل أن تؤثر سلبيا في الجهاز التنفسي.
ويقول الحجاج إن فريقا علميا قام بتحليل عينات من الهواء داخل أحد المعابد وخارجه وقارنها بعينات عند تقاطع أحد الشوارع. فعثر داخل المعبد على نسب عالية جداً من مواد الهيدروكاربون العطرة وهي مجموعة من المواد الكيميائية التي قد تسبب السرطان حيث تنبعث عند احتراق خشب البخور. وتبين أن مستوى هذه المواد داخل المعبد تفوق 19مرة على مستواها خارجه وهي تتعدى بقليل معدل هذه المواد عند تقاطع الطرق. وقد عثر الباحثون تحديدا على هذه المادة بمعدل يفوق 45 مرة معدلها في منازل مدخنين و 118مرة معدلها في منازل خالية من أي مصدر احتراق كالفرن مثلا.
ويشير الحجاج إلى دراسة أخرى نشرت عام 2001 في مجلة New Scientist وأظهرت أن دخان البخور المستخدم في المنازل أو المعابد أو الكنائس أو المساجد يحتوي على مواد يمكن أن تسبب سرطان الرئة. وأشارت الدراسة إلى أن المادة الكيميائية التي يعتقد أنها يمكن أن تسبب سرطان الرئة بلغت نسبتها في أحد المعابد في تايوان -وكان المعبد سيئ التهوية- أربعين ضعفا لما هي عليه الحال في منازل المدخنين.
ويوضح الحجاج أنه لا توجد دراسات علمية محلية حول البخور، ولكن يؤكد من خلال مشاهدة الكثير من المرضى الذين يعانون من أمراض الانسداد الرئوي المزمن ومرض انتفاخ الرئة من غير المدخنين -وخصوصا السيدات- أنهم يشتركون في استعمال البخور بصفة مكثفة أو كانوا يستعملون الحطب والأخشاب للتدفئة والطبخ بصفة دائمة خلال فترة سابقة من حياتهم.
دخان البخور ودخان السجائر
لا تقف أضرار البخور عند ما ذكر، فالأطباء يؤكدون وجود تشابه بين دخان البخور ودخان السجائر في المكونات والأضرار. ويقول الدكتور محمد الحجاج "إن البخور يحتوي على زيوت عطرية طيارة تعطي البخور نكهته المعروفة إضافة إلى احتواء دخانه على مركبات كيميائية ناتجة عن احتراق خشب البخور، وتتشابه هذه المركبات مع أغلب مكونات دخان التبغ وأهمها القطران حيث يمكن أن تصيب الجهاز التنفسي بأضرار بالغة منها الربو وحساسية الجيوب الأنفية وفي بعض الحالات وخصوصا عند الاستعمال اليومي المتكرر والمبالغ فيه يمكن أن تؤدي إلى أضرار التدخين نفسها".
ويوافقه في ذلك موفق سعد الدين الذي يؤكد هذا التشابه موضحا أن للدخان عنصرين: النيكوتين والقطران، والنيكوتين يؤدي إلى مضاعفات معروفة منها تنفسية ومنها وعائية كأمراض القلب والضغط وتصلب الشرايين، أما القطران فهو يؤدي إلى تهيج في الأغشية المخاطية إجمالا، وهذا التهيج يؤدي بدوره إلى زيادة أعراض مرض موجود مسبقا كالربو أو السيوبيدي، بل إن هناك شكوك في تسببه في تليف في الرئة.
ويوضح سعد الدين أن كثيرا من الحالات التي باشرها في المستشفى كان أصحابها يشكون من تليف في الرئة وعند فحصهم يتضح أنهم مدخنون أو متعرضون للدخان. وعزا سعد الدين ذلك إلى كون الدخان -ومنه البخور- مادة محترقة احتراقا غير كامل تدخل عن طريق الغشاء المخاطي للأنف، ومنها إلى القصبات الهوائية، وفي أي مكان تستقر فيه من الممكن -كمادة كيماوية- أن تؤدي إلى تفاعل كيماوي من شأنه أن يزيد من مرض موجود مسبقا، أو يؤدي إلى بعض المضاعفات الأخرى، ومن الممكن أن يؤدي إلى مرض التهاب القصبات المزمن على المدى البعيد.
دراسة سعودية
ويشير محمد عبد الله الشيخ إخصائي الأمراض الصدرية في مستشفى الملك سعود للأمراض الصدرية إلى دراسة أجراها الدكتور فيصل القصيمي المحاضر في كلية الطب حول المداومة على الاستدفاء بالحطب، ووجد من خلال دراسته حالات كثيرة لتليفات في الرئة ناتجة عن استنشاق دخان الحطب الذي يستخدم في التدفئة، وهذه الحالات ناتجة عن استخدام الحطب لفترات طويلة، وهناك احتمال لحدوث تغيرات في الرئة والتهابات رئوية، ويبين الشيخ أن دخان البخور لا يختلف عن دخان حطب التدفئة.
وحول إمكانية تسبب دخان البخور في سرطان الرئة وأمراض القلب كما هو الحال في دخان السجائر، يقول الشيخ "إنه لا توجد أية دراسة أثبتت ذلك" ولكنه يستدرك ذلك بقوله: "يبقى دخان البخور مضرا كما هو حال أي دخان، وإذا لم يكن سببا رئيسيا للإصابة بتلك الأمراض كما هو حال دخان السجائر، فإنه من الممكن أن يساعد على ظهور تلك الأمراض".
ويضيف هاني عبد اللطيف عساكر إخصائي الأمراض الصدرية في مستشفى الملك سعود للأمراض الصدرية أن المواد الكيماوية أيا كانت وأينما وجدت فهي سامة للجسم، ويرى عساكر أنه من الخطأ التركيز على الدخان فقط، فالمادة الموجودة في الدخان إذا وجدت في أي منتج آخر فهو ولا شك مضر وهذه المواد لها تأثيرات كثيرة كالحساسية أو التليف الرئوي أو السرطان.
غش العود بالرصاص
يلجأ بعض ضعفاء النفوس من تجار العود إلى حشوه بمادة الرصاص من أجل زيادة وزنه وبالتالي زيادة الأرباح المحرمة، وكثيرا ما يقوم مستخدمو العود بحرقه دون انتباه إلى وجود هذه المادة بداخله، ترى.. هل لاحتراق هذه المادة أضرار أخرى؟
يقول الإخصائي موفق سعد الدين "إن الضرر سيتضاعف في هذه الحالة؛ فمادة الرصاص مادة سامة لها أضرار كثيرة تؤدي إلى التهاب الأعصاب، وإلى شلل الأعصاب وإلى آلام باطنية وإلى انحلال الدم وتسممه. وهذا كله يعتمد على نسبة وجود هذا المحتوى ومدة التعرض له، فإذا ما كانت النسبة قليلة فمدة التعرض هي المهمة هنا، أما إذا كانت نسبة الرصاص عالية فمدة التعرض لا أهمية لها؛ لأن النسبة القليلة على المدى البعيد تترسب وتتراكم في الجسم وتؤدي إلى تسمم مزمن".
اعتداء على الحريات
اعتاد كثير من القائمين على المساجد على تطييبها بالبخور وخصوصا في شهر رمضان المبارك قبيل صلاة التراويح، ويقول الإخصائي سعد الدين عن ذلك: "يقول الله تعالى عن الخمر والميسر: "وإثمهما أكبر من نفعهما"، وطالما أن البخور ضرره أكثر من نفعه فلماذا نصر عليه؟ هو عبارة عن عادة اجتماعية فقط، وطالما أن هناك شكوكا كبيرة حول أضراره، فيفضل الابتعاد عنه. بعض المساجد تدخلها وخاصة عند صلاة التراويح فإذا بالبخور فيها وكأنه ضباب، وأنا أساءل من وضع البخور في مكان عام كالمساجد أو قصور الأفراح أو غيرها: إذا كنت ممن يتحمل البخور ولا تعاني من ربو أو حساسية فلماذا تجبر من ابتلي بهذه الأمراض على استنشاق البخور وإيذائه بذلك؟ يجب أن نشعر بالآخرين، وإذا كانت السنة الشريفة تنهى عن الصلاة في المسجد عند أكل الثوم والبصل مع أن ضررهما ضرر نفسي فقط فكيف بمن يتضرر ضررا جسديا؟ لماذا نحرمه من الصلاة جماعة؟ أو نضطره إلى الذهاب إلى مسجد بعيد؟".
ويضيف سعد الدين: " المشكلة أن أعراض الربو لا تظهر إلا بعد فترة من الزمن، وبعض مرضى الربو لا تأتيهم نوبة الربو فور التعرض لمؤثر مهيج، بل قد تأتيه بعد نحو ساعة من ذلك، وقد يخرج مريض الربو من المسجد سليما معافى لكنه يفاجأ بنوبة ربو بعد وصوله منزله بفترة. وبعض المرضى تكون نوباتهم قاتلة، وآخرون يتم توجيههم إلى العناية المركزة فور قدومهم إلى المستشفى، وهذا شيء خطير للغاية".
ويعلق الإخصائي محمد الشيخ على ذلك بقوله: "إذا كان لا بد من استخدام البخور فالأفضل ألا يتم استخدامه بكثافة، لأن التعرض له دوريا وباستمرار أو عن طريق حرق كميات كبيرة منه مضر بالتأكيد. وإذا أراد المسؤولون عن مسجد ما تبخيره فالأفضل أن يقوموا بذلك قبل دخول المصلين بوقت كاف، ومن الخطأ أن يتم تبخير المسجد والمصلون موجودون".
المصدر: http://www.aleqtisadiah.com/news.php?do=show&id=46619
لكن التحذيرات الني بدأت تزداد حدتها تجاه البخور تضع هذا الصنف من العطور في زاوية المواد الضارة بالصحة والتي يجب التقليل منها قدر المستطاع أو حتى تركها نهائيا.
يقول الدكتور محمد بن صالح الحجاج استشاري الأمراض الصدرية أن البخور عبارة عن دخان ذي رائحة عطرية مميزة ينطلق من قطع خشب العود بعد حرقها وتستخدم بعض السيدات أنواعـاً من البخـور تصنع من عجين مكون من مخاليط عطرية تشمل العود والمسك والعنبر وقد يضاف إليها دهن الورد، تمزج معاً وتعجن، وتشكل على هيئة أقراص مستديرة أو كرات صغيرة توضع على الجمر. وبتأثير الحرارة على المواد العطرية المكونة لها يتحول المخلوط إلى دخان عطري زكي الرائحة.
ويوضح استشاري الأمراض الصدرية أن عود البخور يستخرج من أشجار كبيرة تعرف علمياً باسم aloexylon agallachum من الفصيلة البقولية ويوجد عدة أنواع من العود كالهندي الذي يعرف باسم Indian aloe ويسمى بالألمانية "خشب الفردوس" والصيني والقماري والمندلي. والعود عبارة عن سيقان نبات الألوة وطريقة تحضيره تتم بتقطيع السيقان ثم دفنها تحت الأرض لمدة سنة حتى يتآكل الخشب ويبقى منه الجزء المحتوي على البخور.
التهابات ونوبات ربو
تظهر بين الفينة والأخرى تحذيرات صحية تجاه البخور، ومن هذه التحذيرات ما يؤكده موفق سعد الدين إخصائي أمراض باطنية وصدرية في مستشفى الملك سعود للأمراض الصدرية من أن البخور يزيد من سوء بعض الأمراض الشائعة عند الناس كمرض الربو الذي يعتبر من الأمراض الشائعة في المملكة. ويضيف أن البخور أحد أنواع الدخان المحرضة والمثيرة لنوبات الربو الحادة عند المصابين به. ويبين سعد الدين أنه كثيرا ما يحدث أن يداوم مريض الربو على أخذ علاجه، لكنه ينسى أن هناك عوامل متنوعة وكثيرة محرضة للربو داخل البيت مثل: الموكيت والصوف والغبار إضافة إلى البخور.
ويزيد سعد الدين على مرض الربو أمراضا أخرى شبيهة بالربو كمرض الالتهاب الرئوي الانسدادي المزمن، ويتعرض المصاب به عند استنشاقه البخور لاشتدادات حادة إضافة إلى ازدياد وطأة هذا المرض. ويوضح إخصائي الأمراض الصدرية أنه من الممكن أن يؤدي البخور إلى حدوث حالات غير صدرية كالتهاب الأنف التحسسي الذي يعتبر بمثابة مهيج أو مقدمة لحدوث الربو القصبي. وأكد أن التعرض للبخور بشكل متكرر يؤدي إلى ديمومة أعراض التهاب الأنف التحسسي على الرغم من انتظام المريض في أخذ علاجه وتناوله أدوية ممتازة.
دراسات عالمية
يذكر د. محمد الحجاج أن الدراسات العلمية التي أجريت في بعض دول جنوب شرق آسيا على أعواد البخور أظهرت أن سبعة أصناف من كل عشرة تطلق كمية من غاز أول أكسيد الكربون أكبر من المسموح بها بموجب التنظيمات البيئية في الإقليم. وتطلق ستة أصناف منها غاز الفورمالديهايد وهو من المواد المحتمل أن تؤثر سلبيا في الجهاز التنفسي.
ويقول الحجاج إن فريقا علميا قام بتحليل عينات من الهواء داخل أحد المعابد وخارجه وقارنها بعينات عند تقاطع أحد الشوارع. فعثر داخل المعبد على نسب عالية جداً من مواد الهيدروكاربون العطرة وهي مجموعة من المواد الكيميائية التي قد تسبب السرطان حيث تنبعث عند احتراق خشب البخور. وتبين أن مستوى هذه المواد داخل المعبد تفوق 19مرة على مستواها خارجه وهي تتعدى بقليل معدل هذه المواد عند تقاطع الطرق. وقد عثر الباحثون تحديدا على هذه المادة بمعدل يفوق 45 مرة معدلها في منازل مدخنين و 118مرة معدلها في منازل خالية من أي مصدر احتراق كالفرن مثلا.
ويشير الحجاج إلى دراسة أخرى نشرت عام 2001 في مجلة New Scientist وأظهرت أن دخان البخور المستخدم في المنازل أو المعابد أو الكنائس أو المساجد يحتوي على مواد يمكن أن تسبب سرطان الرئة. وأشارت الدراسة إلى أن المادة الكيميائية التي يعتقد أنها يمكن أن تسبب سرطان الرئة بلغت نسبتها في أحد المعابد في تايوان -وكان المعبد سيئ التهوية- أربعين ضعفا لما هي عليه الحال في منازل المدخنين.
ويوضح الحجاج أنه لا توجد دراسات علمية محلية حول البخور، ولكن يؤكد من خلال مشاهدة الكثير من المرضى الذين يعانون من أمراض الانسداد الرئوي المزمن ومرض انتفاخ الرئة من غير المدخنين -وخصوصا السيدات- أنهم يشتركون في استعمال البخور بصفة مكثفة أو كانوا يستعملون الحطب والأخشاب للتدفئة والطبخ بصفة دائمة خلال فترة سابقة من حياتهم.
دخان البخور ودخان السجائر
لا تقف أضرار البخور عند ما ذكر، فالأطباء يؤكدون وجود تشابه بين دخان البخور ودخان السجائر في المكونات والأضرار. ويقول الدكتور محمد الحجاج "إن البخور يحتوي على زيوت عطرية طيارة تعطي البخور نكهته المعروفة إضافة إلى احتواء دخانه على مركبات كيميائية ناتجة عن احتراق خشب البخور، وتتشابه هذه المركبات مع أغلب مكونات دخان التبغ وأهمها القطران حيث يمكن أن تصيب الجهاز التنفسي بأضرار بالغة منها الربو وحساسية الجيوب الأنفية وفي بعض الحالات وخصوصا عند الاستعمال اليومي المتكرر والمبالغ فيه يمكن أن تؤدي إلى أضرار التدخين نفسها".
ويوافقه في ذلك موفق سعد الدين الذي يؤكد هذا التشابه موضحا أن للدخان عنصرين: النيكوتين والقطران، والنيكوتين يؤدي إلى مضاعفات معروفة منها تنفسية ومنها وعائية كأمراض القلب والضغط وتصلب الشرايين، أما القطران فهو يؤدي إلى تهيج في الأغشية المخاطية إجمالا، وهذا التهيج يؤدي بدوره إلى زيادة أعراض مرض موجود مسبقا كالربو أو السيوبيدي، بل إن هناك شكوك في تسببه في تليف في الرئة.
ويوضح سعد الدين أن كثيرا من الحالات التي باشرها في المستشفى كان أصحابها يشكون من تليف في الرئة وعند فحصهم يتضح أنهم مدخنون أو متعرضون للدخان. وعزا سعد الدين ذلك إلى كون الدخان -ومنه البخور- مادة محترقة احتراقا غير كامل تدخل عن طريق الغشاء المخاطي للأنف، ومنها إلى القصبات الهوائية، وفي أي مكان تستقر فيه من الممكن -كمادة كيماوية- أن تؤدي إلى تفاعل كيماوي من شأنه أن يزيد من مرض موجود مسبقا، أو يؤدي إلى بعض المضاعفات الأخرى، ومن الممكن أن يؤدي إلى مرض التهاب القصبات المزمن على المدى البعيد.
دراسة سعودية
ويشير محمد عبد الله الشيخ إخصائي الأمراض الصدرية في مستشفى الملك سعود للأمراض الصدرية إلى دراسة أجراها الدكتور فيصل القصيمي المحاضر في كلية الطب حول المداومة على الاستدفاء بالحطب، ووجد من خلال دراسته حالات كثيرة لتليفات في الرئة ناتجة عن استنشاق دخان الحطب الذي يستخدم في التدفئة، وهذه الحالات ناتجة عن استخدام الحطب لفترات طويلة، وهناك احتمال لحدوث تغيرات في الرئة والتهابات رئوية، ويبين الشيخ أن دخان البخور لا يختلف عن دخان حطب التدفئة.
وحول إمكانية تسبب دخان البخور في سرطان الرئة وأمراض القلب كما هو الحال في دخان السجائر، يقول الشيخ "إنه لا توجد أية دراسة أثبتت ذلك" ولكنه يستدرك ذلك بقوله: "يبقى دخان البخور مضرا كما هو حال أي دخان، وإذا لم يكن سببا رئيسيا للإصابة بتلك الأمراض كما هو حال دخان السجائر، فإنه من الممكن أن يساعد على ظهور تلك الأمراض".
ويضيف هاني عبد اللطيف عساكر إخصائي الأمراض الصدرية في مستشفى الملك سعود للأمراض الصدرية أن المواد الكيماوية أيا كانت وأينما وجدت فهي سامة للجسم، ويرى عساكر أنه من الخطأ التركيز على الدخان فقط، فالمادة الموجودة في الدخان إذا وجدت في أي منتج آخر فهو ولا شك مضر وهذه المواد لها تأثيرات كثيرة كالحساسية أو التليف الرئوي أو السرطان.
غش العود بالرصاص
يلجأ بعض ضعفاء النفوس من تجار العود إلى حشوه بمادة الرصاص من أجل زيادة وزنه وبالتالي زيادة الأرباح المحرمة، وكثيرا ما يقوم مستخدمو العود بحرقه دون انتباه إلى وجود هذه المادة بداخله، ترى.. هل لاحتراق هذه المادة أضرار أخرى؟
يقول الإخصائي موفق سعد الدين "إن الضرر سيتضاعف في هذه الحالة؛ فمادة الرصاص مادة سامة لها أضرار كثيرة تؤدي إلى التهاب الأعصاب، وإلى شلل الأعصاب وإلى آلام باطنية وإلى انحلال الدم وتسممه. وهذا كله يعتمد على نسبة وجود هذا المحتوى ومدة التعرض له، فإذا ما كانت النسبة قليلة فمدة التعرض هي المهمة هنا، أما إذا كانت نسبة الرصاص عالية فمدة التعرض لا أهمية لها؛ لأن النسبة القليلة على المدى البعيد تترسب وتتراكم في الجسم وتؤدي إلى تسمم مزمن".
اعتداء على الحريات
اعتاد كثير من القائمين على المساجد على تطييبها بالبخور وخصوصا في شهر رمضان المبارك قبيل صلاة التراويح، ويقول الإخصائي سعد الدين عن ذلك: "يقول الله تعالى عن الخمر والميسر: "وإثمهما أكبر من نفعهما"، وطالما أن البخور ضرره أكثر من نفعه فلماذا نصر عليه؟ هو عبارة عن عادة اجتماعية فقط، وطالما أن هناك شكوكا كبيرة حول أضراره، فيفضل الابتعاد عنه. بعض المساجد تدخلها وخاصة عند صلاة التراويح فإذا بالبخور فيها وكأنه ضباب، وأنا أساءل من وضع البخور في مكان عام كالمساجد أو قصور الأفراح أو غيرها: إذا كنت ممن يتحمل البخور ولا تعاني من ربو أو حساسية فلماذا تجبر من ابتلي بهذه الأمراض على استنشاق البخور وإيذائه بذلك؟ يجب أن نشعر بالآخرين، وإذا كانت السنة الشريفة تنهى عن الصلاة في المسجد عند أكل الثوم والبصل مع أن ضررهما ضرر نفسي فقط فكيف بمن يتضرر ضررا جسديا؟ لماذا نحرمه من الصلاة جماعة؟ أو نضطره إلى الذهاب إلى مسجد بعيد؟".
ويضيف سعد الدين: " المشكلة أن أعراض الربو لا تظهر إلا بعد فترة من الزمن، وبعض مرضى الربو لا تأتيهم نوبة الربو فور التعرض لمؤثر مهيج، بل قد تأتيه بعد نحو ساعة من ذلك، وقد يخرج مريض الربو من المسجد سليما معافى لكنه يفاجأ بنوبة ربو بعد وصوله منزله بفترة. وبعض المرضى تكون نوباتهم قاتلة، وآخرون يتم توجيههم إلى العناية المركزة فور قدومهم إلى المستشفى، وهذا شيء خطير للغاية".
ويعلق الإخصائي محمد الشيخ على ذلك بقوله: "إذا كان لا بد من استخدام البخور فالأفضل ألا يتم استخدامه بكثافة، لأن التعرض له دوريا وباستمرار أو عن طريق حرق كميات كبيرة منه مضر بالتأكيد. وإذا أراد المسؤولون عن مسجد ما تبخيره فالأفضل أن يقوموا بذلك قبل دخول المصلين بوقت كاف، ومن الخطأ أن يتم تبخير المسجد والمصلون موجودون".
المصدر: http://www.aleqtisadiah.com/news.php?do=show&id=46619