المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعلمة.....مقامة



كاتب
23 Dec 2006, 12:19 AM
المعلمة

حدثني خالد بن يزيد ، ذلك الرحالة الفريد ، عن قصة سمعها ، حدثه من جمعها ، قالها وهو يشتكي ، وعلى حفظه يتكي ، يقول : عزمت معلمة على عمل ، بعدما فقدت الأمل ، حينما ضاقت بها الوسيعة ، وصارت حياتها مريعة ، فخططت لتنتحر ، لتنهي ذلك الأسر ، فتوجهت إلى جبل ، بعدما قتلها الملل ، لتستريح من همها ، وتلحق بأمها ، وفي طريقها ، وجدت ما يعيقها ، وجدت جملة من الأواني ، فأخذتها بلا تواني ، تمسح عنها الغبار ، وتقلبها باستمرار ، حتى لفت انتباهها ، مصباح ملقى بجوارها ، فأخذت تمسحه وتتأمله ، ومن جماله كادت تقبله ، فإذا به يضطرب ، ويخرج منه دخان يقترب ، ومن وسط الدخان ، يخرج صوت يصم الآذان :

أمرك سيدي ، فروحي لروحك تفتدي .
قالت المعلمة : ـ وقد سقطت متألمة ـ من أنت ؟ ومن أي الأجناس كنت ؟
قال : أنا خادم المصباح ، عبدك وضاح .
قالت : ـ بعدما أفاقت ـ تنفذ كل أوامري ، حتى تصحيح دفاتري !
قال : أين الدفاتر ، فلست للوقت هادر ، ولكن ما الذي كنت تفعلين ، في هذا المكان اللعين ؟
قالت : جئت لأنتحر ، وفي بطن الأرض أستتر .
قال : ولماذا الانتحار ؟ يا لؤلؤة المحار .
قالت : ـ بعدما تنهدت ـ تكالبت علي المصائب ،وزادت علي المتاعب ، لا يفارقني هَم ، ولا يزول عني غَم ، أذهب للدوام على الدوام ، قبل يقظة النيام ، أسابق الشمس في شروقها ، وأنافس الطيور في بكورها ، في نظامي نملة ، وفي نشاطي نحلة ، في أناقتي فراشة ، وفي صفائي شاشة ، لا أشتكي من نصب ، ولا أكل من تعب ، لكن للصبر حدود ، وللمقدرة قيود .

فالمديرة .. تلك العجوز الشريرة ، تتلذذ بتعبنا ، وتسعد بنصبنا ، وكأننا في معتقل ، وشقاؤنا لها أمل ، فهمها التحضير ، ذلك اليسير العسير ، يسير على الرجال ، وعسير على ربات الحجال ، نقضي يومنا في تلوينه ، وترتيبه وتزيينه ، ثم لا يعجب المديرة ، ولا المشرفة الأميرة ، فهي في منظرها سنيورة ، وفي جوهرها دكتاتورة ، فلا بد أن تنتقد ، فإن لم تجد .. تجتهد ، تألف القواعد ، وهي من القواعد ، تألّف التعاميم ، والأنظمة العقيم ، وكأنها وزيرة ، أو برفيسورة نحريرة ، أما التصحيح والدفاتر ، فهن الموبقات والكبائر ، تصحيحهن فريضة ، ولو كنت مريضة ، أما الطالبات .. أقصد المعذبات ، ففيهن نفش الغليل ، ونغضب الجليل ، نحاسب بالقطمير ، ونحصي النقير ، ونكثر الطلبات ، حتى نكون نحن الطالبات ، نعيش في اضطراب ، ونمشي بظلمة وضباب ، في الحصة نحن الظالمات ، وخارجها مظلومات ، فيها نرفع العصا ، وخارجها يا ويل من عصا .

فإذا خرجت إلى منزلي ، بيتي وموئلي ، أجدني منهكة ، كأني سلعة مستهلكة ، لا ينظر إلي بعلي ، فهمه شغلي ، وسؤاله عن الراتب ، مسبب المتاعب ، أما ابني... فيبكي لفراق الخادمة ، إذا أخذته منها عامدة ، لأضمه ، وأشمه ، وهو يحسبها أمه ، وما أن أضع رأسي لأنام ، حتى يبدأ مسلسل الأحلام ، فهذه المديرة ، في يدها رشاش وذخيرة ، وفي الأخرى مطرقة ، وحبل ومشنقة ، ومشرفتي .. جنازة في غرفتي ، أما المساعدة ، فمعها قوات مساندة ، تبحث عن مناوبِة ، تركت الفسحة هاربة ، وتطارد المنتظِرة ، لانشغالها بمرآتها والمنظرة ، ثم أستيقظ في ذهول ، وأردد وأقول ، أعوذ بالله ما خاب من رجاه .

قال : يا أخيه ، أمازلت حية ؟ ولكن خذي هذه النصيحة ، لعلها صحيحة ، فقد علمتني السنين ، والأعوام المئين ، أنصحك بالعودة ، لسربك والأوبة ، فالانتحار حرمه الجبار ، وجعل مآل صاحبه النار ، اعلمي أنك مجاهدة ، ولربك عابدة ، وإليه عائدة ، راقبي في عملك العليم ، واستمدي الصبر من الحليم ، واستنصري الناصر الكريم .
قالت : نصيحة من مارد ، ونصرة من شارد ، هذا ما لم أتوقع ، وأسعى إليه وأطمع ، ولكن النبي المؤتمن ، قال : الحكمة ضالة المؤمن .

قلت : يا أبا يزيد ، المزيد ، فالقصة لم تنتهي ، ولنهايتها أشتهي .
قال : لأن المعلمة ، أختنا المسلمة ، جراحه لم تندمل ، والوزارة عنها في شغل .

ليث
23 Dec 2006, 12:48 AM
ههههههههههههه


لمست المعاناه من جميع الجوانب


لي الفخر بأني أول من رد

قولف استريم
23 Dec 2006, 12:55 AM
قالها ليث في الاولة ..... وأكررها ثانية ......
لي الفخر بأني ثاني من يرد .....
... قطعة أدبية رائعة ...... تقبل تحياتي ،،،

الحسن المثير
23 Dec 2006, 11:40 AM
الحمدلله اني مو معلمه

لكن اعتقد اي دووام في العالم تعب في تعب لكن اهم شي الراحه في العمل من حيث المكان والأشخاص والمسئولين الي تتعاملين معهم

وقالها ليث في الأولة وقالها قولف استريم في الثانية وأقولها في الثالثة لي الفخر بغنني ثالث شخص يرد

رفحاوي
23 Dec 2006, 12:54 PM
ههههههههههههههههههه

مشكور يا كاتبنا المبدع ...

هيك المقامات والا بلاش ...


بس يا ليت تخلي ابو يزيد يكمل القصة منشان نتطمن على المعلمة ...

كاتب
23 Dec 2006, 01:07 PM
ليث
سباق دائماً

هبوب الريح
23 Dec 2006, 08:52 PM
أبو الزمل ..

أصبت والله كبد الحقيقة ..

وياليتك تتكلم عن معاناة من زوجاتهم معلمات ..

ولك الشكرررررررررررررر على هذه الدررررررررررررررر ..

كاتب
23 Dec 2006, 11:07 PM
قولف استريم
مرور مثلك فخر ، وثناؤك عطر

المسك2
23 Dec 2006, 11:13 PM
كاتب لك من معرفك نصيب كبير

كل فقرة من مقامتك الرائعة تحتاج وقفة .

ولكن ما أحزنني على تلك المعلمة المسكينة قولها :

"أما ابني... فيبكي لفراق الخادمة ، إذا أخذته منها عامدة ، لأضمه ، وأشمه ، وهو يحسبها أمه "

كاتب زادك الله إبداعاً وتوفيقاً

الشريهي
23 Dec 2006, 11:18 PM
تدري وش طرالي بعد ماقريت المقامه(ان من البيان لسحرا)....تسلم يمينك...
الظاهر هالمعلمه تبيلها واسطه ...تحب نتوسط له بنقل...
هههههههههههههههه

كاتب
24 Dec 2006, 12:10 PM
هبوب الريح تسلم كبدك

مثلك يأمر ومثلي لا يملك إلا أن يستجيب

محبك أبو الزمل