qaswara
28 Dec 2006, 11:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم .
حكى قسورة ، قال : لحقني العيد ، و أنا عن أهلي بعيد ، هذا بعد أخذتني عادة الأسفار، و التغرب عن الديار ، و بعد المزار .. و نتيجة عملي فلطالما تغرّبتُ ، و شرّقتُ و غرّبت ُ ، و زرت مرابع بدو و ديار حضرٍ ، و كم قطعت من بر و من بحرٍ .
كأن الشاعر يعْنِيـني :
المرأ في كورته ضــــائع************* و الليث في غيضته جائع.
فانهض تــــــــــرى الدنيا ************ و الموت لا يدفعه دافـع
و مع هذا ، فقد خنقتني العبرة ، و أخذتني الزفرة . حين تمثلت بقول الشاعر :
إذا ما ذكرت الدار فاضت مدامعي ******** و صار فؤادي نهبـــة للهماهم.
حنينًا الى أرضٍ بها إخضرّ شاربـي ******** و حلّت بها عني عقود التمــائم .
و انتابني الوجوم و الدهول ، حتى صرت لا أعي ما أقول ... فإذا بشخصٍ صريح يتقدم مني ، و بلسان فصيح يحييني ...
فوقفت مما أسمع ذاهلاً، و صار سحبان بياني باقلاً ،و قد أخترت من الكلام الصوم ، بعد أن ألفت القوم ، و عن لسانهم كنت بينهم كإبن الحمير ، لولا مخاطبتهم بلغة شكسبير .. فابتدرني بالسلام .. و قال لي : انا غريب مثلك ، و حالي كحالك . ثم بادرني مجاملاً و أنشدني قائلا :
أجارتنا إنا غريبان ههنا ******* وكل غريب للغريب نسيب
ثم سرني بعذب الكلام من النثر و اتبعه بمعسول الشعر ...
فكفكف مدامعي و التقط مجامعي حين اسمعني :
عيد بأية حال عدت يا عيد******* بما مضى أم لأمر فيك تجديد؟
و بعد هذا ، بسط عنان الخطاب، ومدّ أطناب الإطناب، وطلب الأمد في الإسهاب عن العيد .حيث قال :
إن في العيد يطرح فيها المسلمون همومهم، وينسون غمومهم، فتفرح قلوبهم، وتصفو نفوسهم، وتنشرح صدورهم، وتتهلل وجوههم، وتنطلق ألسنتهم بأعذب الكلمات، وتخرج من أفواههم ألطف العبارات، وأرق التحيات، فيتغافرون، ويتعانقون.. و بعد الانتهاء تنفس صاحبي الصعداء . و قال :
لكنْ، أَينَ ـ نحن مسلمي هذا الزمان ـ من هذه المعاني النبيلة، والذكريات الجليلة؟ إننا ـ إلا من تداركه رحمة من ربه ـ أكثر تنكرا وإعراضا عن هذه الذكريات، وأبعد الناس عن هذه المعاني و هذه الصفات ، لذلك صرنا نعيش معيشة الحيوان البهيم، ونحيا حياة الذيل غير الكريم.
فقلت : ابيت اللعن ! انني لا أعرف ما بخاطرك يجول ، و لم أفهم ما تقول .
فنظر اليّ و عبس ، حتى ما نبس .. و بعد هنيهة ، زمجر و صاح :
ما الذي يمنعنا أن نكون كأوائلنا أعزة على الكافرين، أذلة على المؤمنين؟.. ما الذي يمنعنا أن نكون كأسلافنا أشداء على الكفار، رحماء بالأبرار؟ ما منعنا من ذلك أننا فرطنا في حبل الله المتين ، وإبتعادنا عن الدين ، واستبدالنا الذي هو أدنى بالذي هو خير و أعم ، وخيانتنا لله وللرسول ولأماناتنا ونحن نعلم.
أما الحديث عن العالم الاسلامي حدث عن البحر ولا حرج، فتجد نفسك أحفظ من حماد وأجمع من أبي الفرج
أجل ببصرك في الاوطان و الدول ؛ يرجع إليك البصر خاسئا من الاول ، لأنك لن ترى ما يسر. و لوتصاب بالعمى و العور.
ففي المغرب هوى متبع ، والجزائر وتونس مايزالان كما قال الشاعر:
بتونس أمة الإسلام ظلمت****** وفي الجزائر دين الله يهتضم
وليبيا تعاني من "معمرها" أكثر مما عانته من مخرّبها و مستعمرها.
ومصر استخفّ قومها شخص رجع بها القهقرى ، وقال كأخيه، ما أريكم إلا ما أرى
وفلسطين صار عدوها يقبّل، وابنها بابنها يقتل، والأردن قطعة أنكرها التاريخ، وأثبتتها الجغرافيا، لتكون شوكة دامية في الرجل السّاعية، والعراق مايزال كما وُصف "بلد الشقاق"، وعاد إلى ما وصفه به ابنه الرصافي:
وإن تسأل عمــا******* هو في بغداد كائن
فحكم مشرقي الضرْ****** ع، غربي المـلابن
وطنـي الإسم لكن******* انجليزي الشناشن.
ولبنان مسرح يمثل فيه الفُجّار ما يمليه عليهم الكبار، وتركيا رفضت أن تكون رأسًا أولاً، وفضلت أن تصير ذيلا، وسوريا يلبس فيها الحق بالباطل، فلا هي سالمت و لا هي تقاتل .
وإيران لها وجهان، تحارب أمريكا في لبنان، وتهادنها في بغدان ، وتستأسد في الخليج على العربان، والسودان مزقه الطغيان، وأوهنه العصيان، واليمن، بلقيسُها أرشد من ذي يزن.
و السعودية تُظهر الإسلام، وتستقسم بالأزلام، تحذر القريب، وتأمن الغريب، تزخرف البيت، وتصب على النار الزيت، و باقي الخليج منظره يهيج، وأمره مريج، ألهاه التكاثر في الأموال، وأنساه ما ينتظره من الأهوال، يشيب لها الولدان..
أما باكستان، ومعناها أرض الأطهار، ركنت إلى الأشرار، وطاردت الأخيار، و سلّمت الأحرار، وأفغانستان أرجعها سوء الإنسان إلى بداية الازمان ..
أما أندونيسيا فقد خلقها الله جنةً للإنسان، فصارت ملعبــًا للشيطان.
و بعد حيرة ، قال في حسرة :
و ليس لنا من العيد إلا مظاهر، تتمثل في خراف تذبح، و أطفال تمرح .
ثم ودعني على أمل اللقاء ، إن كان في العمر بقاء.
حكى قسورة ، قال : لحقني العيد ، و أنا عن أهلي بعيد ، هذا بعد أخذتني عادة الأسفار، و التغرب عن الديار ، و بعد المزار .. و نتيجة عملي فلطالما تغرّبتُ ، و شرّقتُ و غرّبت ُ ، و زرت مرابع بدو و ديار حضرٍ ، و كم قطعت من بر و من بحرٍ .
كأن الشاعر يعْنِيـني :
المرأ في كورته ضــــائع************* و الليث في غيضته جائع.
فانهض تــــــــــرى الدنيا ************ و الموت لا يدفعه دافـع
و مع هذا ، فقد خنقتني العبرة ، و أخذتني الزفرة . حين تمثلت بقول الشاعر :
إذا ما ذكرت الدار فاضت مدامعي ******** و صار فؤادي نهبـــة للهماهم.
حنينًا الى أرضٍ بها إخضرّ شاربـي ******** و حلّت بها عني عقود التمــائم .
و انتابني الوجوم و الدهول ، حتى صرت لا أعي ما أقول ... فإذا بشخصٍ صريح يتقدم مني ، و بلسان فصيح يحييني ...
فوقفت مما أسمع ذاهلاً، و صار سحبان بياني باقلاً ،و قد أخترت من الكلام الصوم ، بعد أن ألفت القوم ، و عن لسانهم كنت بينهم كإبن الحمير ، لولا مخاطبتهم بلغة شكسبير .. فابتدرني بالسلام .. و قال لي : انا غريب مثلك ، و حالي كحالك . ثم بادرني مجاملاً و أنشدني قائلا :
أجارتنا إنا غريبان ههنا ******* وكل غريب للغريب نسيب
ثم سرني بعذب الكلام من النثر و اتبعه بمعسول الشعر ...
فكفكف مدامعي و التقط مجامعي حين اسمعني :
عيد بأية حال عدت يا عيد******* بما مضى أم لأمر فيك تجديد؟
و بعد هذا ، بسط عنان الخطاب، ومدّ أطناب الإطناب، وطلب الأمد في الإسهاب عن العيد .حيث قال :
إن في العيد يطرح فيها المسلمون همومهم، وينسون غمومهم، فتفرح قلوبهم، وتصفو نفوسهم، وتنشرح صدورهم، وتتهلل وجوههم، وتنطلق ألسنتهم بأعذب الكلمات، وتخرج من أفواههم ألطف العبارات، وأرق التحيات، فيتغافرون، ويتعانقون.. و بعد الانتهاء تنفس صاحبي الصعداء . و قال :
لكنْ، أَينَ ـ نحن مسلمي هذا الزمان ـ من هذه المعاني النبيلة، والذكريات الجليلة؟ إننا ـ إلا من تداركه رحمة من ربه ـ أكثر تنكرا وإعراضا عن هذه الذكريات، وأبعد الناس عن هذه المعاني و هذه الصفات ، لذلك صرنا نعيش معيشة الحيوان البهيم، ونحيا حياة الذيل غير الكريم.
فقلت : ابيت اللعن ! انني لا أعرف ما بخاطرك يجول ، و لم أفهم ما تقول .
فنظر اليّ و عبس ، حتى ما نبس .. و بعد هنيهة ، زمجر و صاح :
ما الذي يمنعنا أن نكون كأوائلنا أعزة على الكافرين، أذلة على المؤمنين؟.. ما الذي يمنعنا أن نكون كأسلافنا أشداء على الكفار، رحماء بالأبرار؟ ما منعنا من ذلك أننا فرطنا في حبل الله المتين ، وإبتعادنا عن الدين ، واستبدالنا الذي هو أدنى بالذي هو خير و أعم ، وخيانتنا لله وللرسول ولأماناتنا ونحن نعلم.
أما الحديث عن العالم الاسلامي حدث عن البحر ولا حرج، فتجد نفسك أحفظ من حماد وأجمع من أبي الفرج
أجل ببصرك في الاوطان و الدول ؛ يرجع إليك البصر خاسئا من الاول ، لأنك لن ترى ما يسر. و لوتصاب بالعمى و العور.
ففي المغرب هوى متبع ، والجزائر وتونس مايزالان كما قال الشاعر:
بتونس أمة الإسلام ظلمت****** وفي الجزائر دين الله يهتضم
وليبيا تعاني من "معمرها" أكثر مما عانته من مخرّبها و مستعمرها.
ومصر استخفّ قومها شخص رجع بها القهقرى ، وقال كأخيه، ما أريكم إلا ما أرى
وفلسطين صار عدوها يقبّل، وابنها بابنها يقتل، والأردن قطعة أنكرها التاريخ، وأثبتتها الجغرافيا، لتكون شوكة دامية في الرجل السّاعية، والعراق مايزال كما وُصف "بلد الشقاق"، وعاد إلى ما وصفه به ابنه الرصافي:
وإن تسأل عمــا******* هو في بغداد كائن
فحكم مشرقي الضرْ****** ع، غربي المـلابن
وطنـي الإسم لكن******* انجليزي الشناشن.
ولبنان مسرح يمثل فيه الفُجّار ما يمليه عليهم الكبار، وتركيا رفضت أن تكون رأسًا أولاً، وفضلت أن تصير ذيلا، وسوريا يلبس فيها الحق بالباطل، فلا هي سالمت و لا هي تقاتل .
وإيران لها وجهان، تحارب أمريكا في لبنان، وتهادنها في بغدان ، وتستأسد في الخليج على العربان، والسودان مزقه الطغيان، وأوهنه العصيان، واليمن، بلقيسُها أرشد من ذي يزن.
و السعودية تُظهر الإسلام، وتستقسم بالأزلام، تحذر القريب، وتأمن الغريب، تزخرف البيت، وتصب على النار الزيت، و باقي الخليج منظره يهيج، وأمره مريج، ألهاه التكاثر في الأموال، وأنساه ما ينتظره من الأهوال، يشيب لها الولدان..
أما باكستان، ومعناها أرض الأطهار، ركنت إلى الأشرار، وطاردت الأخيار، و سلّمت الأحرار، وأفغانستان أرجعها سوء الإنسان إلى بداية الازمان ..
أما أندونيسيا فقد خلقها الله جنةً للإنسان، فصارت ملعبــًا للشيطان.
و بعد حيرة ، قال في حسرة :
و ليس لنا من العيد إلا مظاهر، تتمثل في خراف تذبح، و أطفال تمرح .
ثم ودعني على أمل اللقاء ، إن كان في العمر بقاء.