هيبة شمالية
05 Jan 2007, 04:45 PM
*¤®§(*§بسم الله الرحمن الرحيم §*)§®¤*~ˆ°
الإنسان كتلة طينية من المشاعر والأحاسيس تخطر على صعيد الأرض ، وبقدر رهافة هذه المشاعر وحيوية تلك الأحاسيس يتمايز الناس في مستويات رقيهم الشعوري الإنساني ، فمنهم من يأخذ منها بنصيب وافر ومنهم من لا يحظى منها إلا بالفتات اليسير .
ولا يختص الإنسان وحده بهذه الخاصية ، فربما تفوقت بعض الحيوانات في هذا الجانب على كثير من بني الإنسان ، فإذا اشتريت زوجاً من الطيور تستطيع أن تلحظ ما بينهما من ألفة وحميمية تتجلى بوضوح حين تختطف يد الموت أحدهما إذ لا يلبث الآخر في قفصه طويلاً بعد رحيل شريكه ، بل سرعان ما يلحق به بعد أن عانى من آلام الوحدة وقسوة الغياب ما هون عليه سكرات الموت وعذاباته !
ويمثل غياب من تربطك بهم صلة قرابة وعلاقة مودة مسرحاً لقياس تلك المشاعر والأحاسيس ، فعندما يغيب الموت الوالدين تغيب معهما قطعة كبيرة من قلوب أبنائهما تكتنز بمخزون غنى من الذكريات والمواقف والضحكات والدموع التي تتشكل عبرها مظاهر تلك العلاقة الوثيقة . ويبقى غيابهما مؤثراً ومدمياً مادام في القلب عرق ينبض ، فمن فقد صديقاً عوّضه بصديق آخر ، ولكن ما يصنع المرء حيال فقدان أبويه ؟ إن مصارعة الغياب الذي يعني الإلغاء القسري لجزء من التاريخ الوجداني للمرء ليست بالأمر الهين . ولذا فإن الكثيرين من الأبناء يحاولون التغلب على ذلك بتسمية مواليدهم بأسماء آبائهم وأمهاتهم ، ليظل ذكر الوالدين متكرراً في ردهات الدار تستلذه الآذان وتأنس به القلوب الوفية ، لتبقى ذكراهما مستعصية على النسيان والإهمال ، كما تكون زيارة قبريهما المتكررة تعبيراً عن قيمة البر والوفاء الماضية بعد الموت ، وكأنها رسالة يوجهها الإبن إلى الغياب لا تخلو من تحدّ ومجابهة وإصرار . ولهذا كان فراق الأوطان أمراً صعباً ومؤلماً ، فالوطن ليس مجرد بقعة أرض ولكنه خزين من الذكريات والمشاعر التي كانت تلك البقعة محضنا لها حتى امتزجت بحبات ترابها وصافحت طوبها وحجرها .
ولئن كان الموت يمثل الصورة الأعظم إيلاماً للغياب ، فإن غياب الأحياء يعكس وجها آخر لا يقل عنه بؤساً وقسوة,فالحي المفارق هو الذي يصنع الغياب بنفسه ويتخذ قراره ,ومن هنا فإنك لا تجد لغيابه عذرا يخفف عنك من مرارته ، فالميت لا يلام على غياب جبري لا اختيار له فيه . وأما الحي فإن فراقه وابتعاده ما لم يكن قهرياً يمتزج بالحسرة وخيبة الأمل والشعور بالنكران وقلة الوفاء . والعجيب أن هذا الشعور يتحول إلى مسار مضاد يعمل على التخفيف من شعور الغياب ويهون من حرقته ، إذ لا يأسف القلب على الذين فارقوه راغبين عنه غير آبهين به .
وفي أخر العمر يتعاظم شعور المسننين بالعزلة حين يغيب الموت أترابهم شيئاً فشيئاً ، فتذوي قلوبهم كما تذوي الورود في لهيب الصيف ، ويغدو الغياب تنّينا برأسين : رأس يتخطف الأحبة والأصدقاء ، ورأس يذكر الباقين منهم بدنو المنية وحتمية الفناء . وهكذا تتحول الحياة إلى حلبة صراع مع الغياب الذي يكسب جولاتها يوماً إثر يوم !!!
منقووووووووووول
الإنسان كتلة طينية من المشاعر والأحاسيس تخطر على صعيد الأرض ، وبقدر رهافة هذه المشاعر وحيوية تلك الأحاسيس يتمايز الناس في مستويات رقيهم الشعوري الإنساني ، فمنهم من يأخذ منها بنصيب وافر ومنهم من لا يحظى منها إلا بالفتات اليسير .
ولا يختص الإنسان وحده بهذه الخاصية ، فربما تفوقت بعض الحيوانات في هذا الجانب على كثير من بني الإنسان ، فإذا اشتريت زوجاً من الطيور تستطيع أن تلحظ ما بينهما من ألفة وحميمية تتجلى بوضوح حين تختطف يد الموت أحدهما إذ لا يلبث الآخر في قفصه طويلاً بعد رحيل شريكه ، بل سرعان ما يلحق به بعد أن عانى من آلام الوحدة وقسوة الغياب ما هون عليه سكرات الموت وعذاباته !
ويمثل غياب من تربطك بهم صلة قرابة وعلاقة مودة مسرحاً لقياس تلك المشاعر والأحاسيس ، فعندما يغيب الموت الوالدين تغيب معهما قطعة كبيرة من قلوب أبنائهما تكتنز بمخزون غنى من الذكريات والمواقف والضحكات والدموع التي تتشكل عبرها مظاهر تلك العلاقة الوثيقة . ويبقى غيابهما مؤثراً ومدمياً مادام في القلب عرق ينبض ، فمن فقد صديقاً عوّضه بصديق آخر ، ولكن ما يصنع المرء حيال فقدان أبويه ؟ إن مصارعة الغياب الذي يعني الإلغاء القسري لجزء من التاريخ الوجداني للمرء ليست بالأمر الهين . ولذا فإن الكثيرين من الأبناء يحاولون التغلب على ذلك بتسمية مواليدهم بأسماء آبائهم وأمهاتهم ، ليظل ذكر الوالدين متكرراً في ردهات الدار تستلذه الآذان وتأنس به القلوب الوفية ، لتبقى ذكراهما مستعصية على النسيان والإهمال ، كما تكون زيارة قبريهما المتكررة تعبيراً عن قيمة البر والوفاء الماضية بعد الموت ، وكأنها رسالة يوجهها الإبن إلى الغياب لا تخلو من تحدّ ومجابهة وإصرار . ولهذا كان فراق الأوطان أمراً صعباً ومؤلماً ، فالوطن ليس مجرد بقعة أرض ولكنه خزين من الذكريات والمشاعر التي كانت تلك البقعة محضنا لها حتى امتزجت بحبات ترابها وصافحت طوبها وحجرها .
ولئن كان الموت يمثل الصورة الأعظم إيلاماً للغياب ، فإن غياب الأحياء يعكس وجها آخر لا يقل عنه بؤساً وقسوة,فالحي المفارق هو الذي يصنع الغياب بنفسه ويتخذ قراره ,ومن هنا فإنك لا تجد لغيابه عذرا يخفف عنك من مرارته ، فالميت لا يلام على غياب جبري لا اختيار له فيه . وأما الحي فإن فراقه وابتعاده ما لم يكن قهرياً يمتزج بالحسرة وخيبة الأمل والشعور بالنكران وقلة الوفاء . والعجيب أن هذا الشعور يتحول إلى مسار مضاد يعمل على التخفيف من شعور الغياب ويهون من حرقته ، إذ لا يأسف القلب على الذين فارقوه راغبين عنه غير آبهين به .
وفي أخر العمر يتعاظم شعور المسننين بالعزلة حين يغيب الموت أترابهم شيئاً فشيئاً ، فتذوي قلوبهم كما تذوي الورود في لهيب الصيف ، ويغدو الغياب تنّينا برأسين : رأس يتخطف الأحبة والأصدقاء ، ورأس يذكر الباقين منهم بدنو المنية وحتمية الفناء . وهكذا تتحول الحياة إلى حلبة صراع مع الغياب الذي يكسب جولاتها يوماً إثر يوم !!!
منقووووووووووول