المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحقيق عن الحباري في جريدة اليوم



حمود الطريف
11 Jan 2007, 06:30 PM
الحبارى.. فاتنة بعين ثعبان وصيدها متعة

حمود الطريف ـ رفحاء


أحد الصقور يفترس طائر الحبارى


أحد الطيور بعد صيده

يعد طائر الحبارى من الطيور الآسيوية البرية وهي من أشهر الطيور عند العرب هي والصقر، ويعتبر الحبارى أحد العناصر الأكثر تأثيراً التي لعبت دوراً بارزاً في تطوير واستمرار رياضة الصيد بالصقور في المنطقة العربية قديماً وحديثاً وفي القدم كان اصطيادها للغذاء والحاجة أما الآن فقد أصبحت هذه الرياضة متعة وتراثاً، وتذكر الدراسات إن اكتشافها يعود للبقايا الأولى لها المكتشفة من قبل العلماء إلى العصر الحجري أي إلى 40 أو 50 مليون عام وعاشت فوق سطح البسيطة قبل الإنسان بزمن طويل وأول نشأة لها في القارة الأفريقية قبل أن تأتي إلى آسيا وسميت الطيور الآسيوية الآن وأكثر مناطق انتشارها البلاد العربية وبعضهم يطلق عليها الحبارى العربية.
مواصفات
وعادة تأخذ لون البيئة التي تعيش فيها لكي يساعدها لون ريشها على التمويه والاختفاء والانسجام مع تلك الأرض التي تقطنها، ويساعدها شكلها على التمويه والتأقلم مع طبيعة البيئة في الاختفاء وعندما تنكمش وتتموضع بلا حركة بالقرب من شجيرة يصبح من غير الممكن للعين رؤيتها غير العين الخبيرة من عيون الصقارين ويمكن رصدها في النهار من خلال أثر قدميها في الصباح ومساراتها على الرمل الندي وهو الدليل الحقيقي الوحيد على مكان تواجدها وممكن تجفيلها حتى تظهر اما للصقر أو للصقار، وهي أكبر من الدجاجة وأصغر من الديك الرومي الكبير ويصنفها بعضهم من فصيلة طائر «الكركي» إلا انها تشبه النعامة الى حد كبير ولكنها أصغر حجماً، وهي طائر عجيب يقضي نهاره متخفياً ويمضي ليلة في بحث عن الطعام سيراً على الأقدام، والحبارى من أشد الطيور طيراناً، واطولها أشواطاً ويقال إنها تموت كمدا إذا أبطأ ريشها في النمو، فهي إذا سقط ريشها أو فقدته وطارت صويحباتها قبلها فإنها تموت كمداً وذلك لحبها وعشقها للطيران، ويقال في المثل الشائع (مات فلان كمد الحبارى) وهي من الوجبات المرغوبة عند الانسان خصوصاً في فصل الخريف حيث تكون قد اكملت نموها إذا كانت فتية (فرخ )والحبارى الأنثى والخرب هو الذكر، ويكتمل نموها بعد سنة واحدة تقريباً، وإذا كانت قد انجبت فراخها فتكون قد استردت عافيتها بعد التبييض والتفريخ وبهذا الموسم يكون طعمها ألذ ولحمها وافيا وعظمها قويا وهي متعددة الأشكال متفاوتة الأحجام ووزنها حوالي 1,8 الى 2,7كلغ ولها عنق طويل يزينه ريش ناعم أسود متداخل مع اللون الأبيض يتدلى من خلف الأذن على الرقبة يسمى «المعارف» ويكون عند الذكر أكثر كثافة وأطول لأنه أوفر ريشاً وأكبر حجماً وأحياناً يكون ضعف حجم الأنثى، ورأسها مسطح من الأعلى ولها منقار قصير وعينان صفراوان وحدقة سوداء وعين الحبارى تشبه عين الثعبان، وتجوب الأرض بحثاً عن مرعاها وهي شديدة الحذر خوفاً من الجوارح وعدوها اللدود هو « الصقر» وجناحاها طويلان وذنبها أيضاً ويوجد فيه 24 ريشة وساقان طويلان وخف صغير وفيه ثلاث أصابع قصار حتى أن بعض العرب يقول :بيني وبينك أقصر من إبهام الحبارى» ويتشابه الذكر والأنثى في لون الريش إلا أن الذكر يتميز بكبر حجمه والريش الزائد على رقبته وبعضهم يطلق عليه «الغلب» ريش ناعم يختلط فيه اللون الأسود والأبيض الى الرمادي الداكن.
أنواع
وهذه الطيور منها حوالي 22 نوعاً منتشرة في العالم تعيش في المناطق غير المأهولة بالسكان وتختار الهضاب والسهاب الخفيفة والسهول الجافة وتقضي فصل الصيف في المناطق الباردة في روسيا والصين، وتفضل أن تقضي فصل الشتاء في المناطق المعتدلة والحارة نسبياً في الجزيرة العربية ودول الخليج وما تغادر هذه المناطق إلا في شهري مارس وأبريل وتطير شرقاً باتجاه مضيق هرمز ثم إيران والوصول إلى موطن مصيفها هناك بعد طيران يستمر من 13 إلى 73 يوماً حسب قدرة كل طائر، ويمكن أن تقطع مسافة 6000 كيلو متر ولمسافات بعيدة تتراوح بين 34 و 180 كيلو مترا في اليوم، رغم انها تقضي معظم وقتها في (التهاود) والسير على أقدامها التي تشبه كف طائر القطا ولكنها أكبر، ولا تقوم بالطيران إلا إذا أحست بالخطر أو قررت الهجرة من مكان لآخر، وتقضي الحبارى في مكان مصيفها أو في فصل الشتاء حوالي 4 شهور قبل بدء هجرتها الأخرى الصيفية والشتوية، وتطير بسرعة مسافة 84 إلى 130 كيلو مترا في اليوم الواحد وتستمر في الطيران من 1510 كيلو مترات في الساعة الواحدة، وتتغذى على البذور والحشائش والديدان والعقارب وتبيض ثلاثة بيضات مرقطة أشبة ببيضة القطا ولكنها أكبر وبحجم بيضة الدجاجة وتحضنها مابين 3028 يوماً وتضع بيضها في أرض منبسطة يقع غالباً بجنب شجيرة في منطقة شبة صحراوية مكشوفة لأنها لا ترغب أن تقضي وقت حضانتها بأرض تكثر فيها الأشجار أو الصخور خوفاً من افتراسها من الثعالب أثناء حضانتها لبيضها وغالباً ما تتعرض لمثل هذه المخاطر وتقوم برعاية أفراخها بمفردها لمدة 8 أسابيع ثم تكبر فراخها ينبت ريشها وتستطيع الاعتماد على نفسها وعادة ما تلازم الأفراخ أمها من ضمن السرب حتى يأتي موسم التكاثر وتختار حريتها بذلك، وبدون مساعدة الذكر والذي يكبرها بالحجم، وتنضج الأنثى قبل الذكر وتقول بعض الدراسات أن الحبارى يبلغ عمرها ثلاثين عاماً تقريبا.
تزاوج
ويبدأ موسم تزاوجها في فصل الربيع وبداية الصيف ويقوم الذكر بحركات استعراضية لاستقطاب الأنثى حيث يؤدي طقوساً تتضمن الاستدارة والتغنج والمشية الراقصة وما يسميها بعضهم «رقصة الحبارى» ورفع ريش مؤخرته الى الأعلى ثم ينشره وينفخ الكيس الموجود في رقبته لكي يعطي للأنثى هيبة ومنظراً فحولياً وجذاباً وعادة ما يقوم بمثل هذه الاستعراضات في الصباح بعد شروق الشمس، وتأخذ الأنثى تتمشى أمام الذكور حتى يقع الاختيار على الزوج المناسب لها، وتكون عملية التلقيح سريعة وعنيفة تفقد خلالها الأنثى بعضاً من ريش عنقها في المكان الذي يمسك بها الذكر بمنقاره وتتم إنهاء عملية التلقيح من كلا الطرفين بسلام ونجاح،وهناك مصطلحات يطلقها الصقارون على تسميات الحبارى مثل: الحفانة وهي الحبارى الأصغر حجماً والأقل مقاومة، والربدا هي الحبارى المتوسطة الحجم وقد تكون انثى الحبارى وهي صعبة المراس وتتصدى للصقر أرضاً، وأن انقض عليها الصقر أخذت تتموضع في الأرض وتخمر أو تناور حتى يهبط الصقر على الأرض وتهم بالأقلاع لتهرب منه وهي سريعة في طيرانها وحذرة ومراوغة ودائماً ما تتسبب في ضياع الصقر وتغيب به بعيداً عن أنظار صاحبه، لكرهه له وخوفها منه وأحياناً ولما تمتع به من خبث ودهاء وغالباً ما تختفي خلف غصن أو جذع شجرة محاولة بذلك الوقوع بالصقر بخطر محدق وضرر محقق إثر ارتطامة بذلك الغصن أو تلك الجذع من الأشجار لما تخفي له من عداوة قوية وحقد دفين تجاه الصقر مما يسبب لها من خطورة فادحة، وتخشى الحبارى ارتفاع الحرارة أكثر من شدة البرودة ويرعبها «الصقر» نظراً لرغبته الجامحة في افتراسها ومطاردتها وأكلها وهو يتتبع اين موطنها مهما تكن بعيدة أو متخفية وهي الطريدة الوحيدة المحببة له مما يدعو المتعة والفرح بالنسبة للصقار المصاحب للصقر الذي يفضل هو بدورة مطاردتها لكي يصطادها لما لديه من شراهة في التلذذ في مطاردتها وافتراسها وأكلها، وأين ما توجد الحبارى يوجد الصقر، وهي من الطيور الصامتة وهذه من السمات الفارقة مع غيرها من الطيور، وغالباً ما تطلق أو يسمع لها صوت إلا أن صوتها يشبه «النبيح» ورغم أن طعم لحمها ليس لذيذاً أكثر من لحم القطا أو الحجل بل يوجد للصقار والصياد متعة بمطاردتها ومن ثم صيدها ولندرتها أيضاً، لما يتمتع الناظر في كيفية طيرانها واختبائها ومراوغتها أثناء المطاردة، لأن لديها اسلوباً ومراوغة وهذا ليس استعراضاً منها بل هو رعب وهلع وخوف من عدوها الأساس وخصمها الشرس هو «طائر الحر» الصقر الجارح الذي عادة ما يتناولها بمخلبه المدبب القاتل أو بواسطة منقاره المنحني وكأنه سكين حاد ويستطيع الصقر الأمساك بها سواء كانت طائرة في الجو أو أنها رابضة في الارض وسلاحها الوحيد للمقاومة بعد الطيران والمراوغة هو استخدام «مرشها» وهي مادة سائلة تطلقها من مذنبها محاولة لطمس رؤيته وتعتيم حركته وربما هذه المادة تضره حين تدخل في عينيه ومناخيره ويقال أحياناً اذا اعتدى الصقر على مجموعة من الحبارى وإحداهن استطاعت أن «تطمله» أي ترشه بسلاحها الوحيد هو «المرش» يتجمعن عليه ويقومن بتنتيف ريشه وقتله وهذا الكلام كان في السابق نظراً لكثرة الحبارى وقلة المارة من الناس، وفي هذه الحالة إذا حصل مثل هذا الهجوم المعاكس والمقاومة من قبل الحبارى ضد الصقر يقوم الصقار على الفور بغسل رأس الطير وأعطائه علاجا ضد المقاومة الضارة التي تسبب أضراراً صحية وأحياناً تؤذي بالصقر الى حد الوفاة إذا لم يعالج من هذه المادة السائلة، والحبارى اليوم مهددة بالانقراض لما للإنسان من رغبة في أكلها ومطاردتها حتى تحنيطها بمجسمات تحفية لما لها رغبة عند ابناء دول الخليج والدول العربية، وكذلك التجارة غير المشروعة بالحبارى ويعتقد أن مابين 5 آلاف الى 10 آلاف طائر حبارى يتم اصطيادها حية كل سنة من باكستان وإيران وآسيا وتهريبها الى الدول العربية بغرض استخدامها في التدريب على الصقور، حيث اثبتت إحدى الدراسات أن طائر الحبارى يمكن أن يؤدي الى انخفاض أعدادها الى نسبة 50 بالمائة في عام 2015م وربما الانقراض الكامل في عام 2027.
مكانة
وللحبارى مكانة خاصة عند أهل القنص وابناء البادية، حيث حظيت بإطراء الشعراء وأخذت صيتاً لامعاً، وأوصافاً مختلفة، لما لها من أهمية في حياة الصقار ورغبة الصقر وصاحب وإذا لم توجد في تلك الرحلة للصيد لأفسدت المتعة وخلت النفوس من الارتياح بمشاهدتها وتعكر صفو المشوار لأنها فاتنة الصقر والصقار ومن أشهر مناطق المملكة في وجود طائر الحبارى ربوع شمال المملكة نظرا لما تتميز به تلك المنطقة من وجود أراض صحراوية خالية ولكون طائر الحبارى يرغب في التخفي والبعد عن أعين الناس والصقارين وربوع محافظة رفحاء لها نصيب من تلك الطائر حيث إنه لا يمر موسم إلا ويكون صقاروا المحافظة قد أخذوا نصيبهم من هذا الطائر.
استعداد
ويقول نايف ممدوح الخزعلي أحد أشهر صقاري محافظة رفحاء في الوقت الحالي: نحن الصقارين نعمد إلى تجهيز أنفسنا وصقورنا ونستعد سنويا لاستقبال طائر الحبارى عندما يمر في ربوع المحافظة فأغلب صقاري المحافظة يذهبون في الصباح الباكر ويقومون بتجول في الأودية والرياض و(الشغايا ) وهي الأودية الصغيرة الفرعية التي يكثر فيها شجر (الكتاد) وهو شجر فيه بعض الثمر الذي يغري طائر الحبارى وهي غالبا ما تفضله لاسيما كون لونه أشبه بريش الحبارى مما يسهل اختفاءها عن أعين الصقارين وصقورهم ويضيف الخزعلي: أننا نرى هذا الطائر و نقوم «بتفريع» الطير برفع البرقع عن أعين الطير ليتمكن من النظر إليها وبعد رؤيته لها نطلقه ونقوم بمتابعته عن بعد حتى يتمكن من اصطيادها ونقوم بتخليصها من الطير بعد اصطيادها مباشرة إذا كان وقتنا في أول النهار حتى يكون لدى الطير الحماس من أجل لو نظرنا غيرها نقوم بهده وإذا كان وقت اصطيادها في آخر النهار نترك الطير يأخذ نصيبه وعن طريقة طبخ وأكل تلك الطيور يقول محمد الشمري أحد صقاري المحافظة طعم لحم طائر الحبارى غير لذيذ لكننا نتلذذ بمطاردته وطبخ طائر الحبارى يطبخ بنفس طريقة طبخ اللحوم الأخرى ولكن أكثر صقاري المحافظة يقومون بإهداء هذا الطائر.