رهج السنابك
01 Dec 2002, 05:06 PM
وعد ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي ناخبيه قبل عامين، بتحقيق الامن، والقضاء نهائيا علي العمليات الاستشهادية، واعادة الفلسطينيين راكعين الي مائدة المفاوضات، وفق الشروط الاسرائيلية، ولكن عمليتي امس اللتين وقعتا في ممباسا وبيسان، اثبتتا عمليا انه لم يفشل فقط في توفير الامن للاسرائيليين في داخل الخط الاخضر، وانما في العالم الخارجي ايضا.
فعملية ممباسا شمال كينيا، استهدفت فندقا اسرائيليا، وتزامنت مع هجوم آخر بصواريخ سام علي طائرة ركاب اسرائيلية، اما عملية بيسان فوقعت علي بعد امتار من مركز اقتراع رئيسي لحزب الليكود، حيث تدفق انصار الحزب لاختيار زعيم لهم، بين شارون المتطرف وخصمه نتنياهو الاكثر تطرفا.
الرسالة واضحة، تقول مفرداتها بكل وضوح ان السياسات المتطرفة لن توفر الأمن للاسرائيليين، سواء داخل فلسطين المحتلة او خارجها، السياسة العاقلة المعتدلة التي تحترم الشرعية الدولية وقراراتها هي الوحيدة التي يمكن ان توصلهم الي بر السلام.
تنظيم القاعدة الذي يتزعمه الشيخ اسامة بن لادن لم يعلن مسؤوليته عن تنفيذ هجوم ممباسا المزدوج، ولكن كل الوقائع تشير الي ان الاسلوب اسلوبه، والحلبة هي حلبته، ولن يكون مفاجئا اذا ما خرج علينا الشيخ اسامة في القريب العاجل بشريط يؤكد بالدليل القاطع انه يقف خلف هذا الهجوم، تماما مثلما جاء في شريطه الصوتي الاخير الذي بارك فيه الهجمات علي قوات المارينز في الكويت والناقلة الفرنسية قرب سواحل المكلا اليمنية، فالمسألة مسألة وقت وتوقيت لا اكثر ولا اقل.
الشيخ بن لادن قالها صريحة في شريطه الاخير مثلما تقتلون اشقاءنا في فلسطين ستقتلون وها هو ينفذ وعيده، ويستهدف الاسرائيليين في مكان لم يخطر علي بال أحد.
لعله أراد أن يرد علي كل منتقديه الذين طالما تساءلوا عن سبب تركيزه علي مهاجمة الامريكيين، وعدم توجيه طائراته وصواريخه الي الاسرائيليين في فلسطين المحتلة، وها هو يجيب علي هؤلاء بهذه العملية المحسوبة جيدا في وسط افريقيا، ويخلق حالة من الذعر في اوساط الاسرائيليين، الذين هرب البعض منهم الي كينيا بحثا عن الامان، بعد ان حرموا منه في الوطن، بسبب العمليات الاستشهادية، ليجدوا ان الموت يطاردهم في السماء والارض معا.
الرئيس الامريكي جورج بوش سيكون الاكثر قلقا من بين اقرانه من الزعماء الغربيين، فقد شن حربا عالمية علي الارهاب، وحشد لها عشرات المليارات من الدولارات ونصف حكومات الكرة الارضية واجهزتها الامنية المتطورة من اجل هدف واحد وهو قتل الشيخ بن لادن ونصفية تنظيم القاعدة الذي يتزعمه، وها هي العمليات الخمس الاخيرة تثبت ان هذا التنظيم بات اكثر خطورة مما كان عليه الحال قبل الحرب علي الارهاب.
ومن المؤكد ان الزعماء العرب المشاركين بفاعلية وحماس في هذه الحرب الامريكية لن يطربوا لعملية ممباسا المزدوجة، ولن يناموا ليلهم هانئين، لان كابوس تنظيم القاعدة سيقلق مضاجعهم.
العالم بأسره يتجه نحو الفوضي وعدم الامان، بسبب السياسات الامريكية الحمقاء، ووجود مجموعة من المسؤولين في البنتاغون والبيت الابيض لا تري العالم الا من المنظور الاسرائيلي، بل منظور حفنة من اليمين الاسرائيلي المغرق في تطرفه، ولهذا تجر بلادها والعالم كله الي كارثة لا يعلم احد الا الله مدي خطورتها.
فالادارة الامريكية تريد العالم ان يغض البصر عن الجرائم الاسرائيلية ضد شعب اعزل في فلسطين، واسلحة الدمار الشامل الاسرائيلية من كل الانواع والاشكال، ويركز فقط علي الاسلحة العراقية، والارهاب الاسلامي، وها هي نتيجة هذه السياسات قصيرة النظر تصب في مصلحة العنف والجماعات المتطرفة، وتؤدي الي انهيار اقتصادي كامل.
قبل القصف السجادي الامريكي لافغانستان، كان تنظيم القاعدة ينفذ هجوما واحدا، كبيرا كل عام او عامين، ضد اهداف عسكرية او اقتصادية امريكية، الان بات التنظيم ينفذ ست عمليات في اقل من ثلاثة اشهر، معظمها يؤدي اهدافه في ارهاب من يريد ارهابهم في واشنطن وتل ابيب وبعض العواصم العربية المرتعدة حكوماتها خوفا من القاعدة ومن امريكا في الوقت نفسه.
الادارة الامريكية اتبعت الحل العسكري ولم تحقق اهدافها في القضاء علي تنظيم القاعدة، والحكومة الاسرائيلية سبقتها الي الخيار نفسه، واضافت اليه العقوبات الجماعية وقتل الابرياء، وتدمير البيوت فوق رؤوس اصحابها فماذا كانت النتيجة؟ المزيد من العمليات الاستشهادية والمزيد من هجمات تنظيم القاعدة.
الحل السياسي هو الطريق الوحيد الذي لم يجربه الطرفان، ولذلك سيقعان في المشكلة نفسها التي وقعت فيها بريطانيا عندما انكرت وجود الجيش الجمهوري الايرلندي لمدة خمسين عاما.
لندن لم تصبح اكثر امنا الا بعد ان تفاوضت الحكومة البريطانية مع المتمردين الايرلنديين، وبعد ان تعاملت مع قادتهم كبشر يمكن التحاور معهم والاستماع الي وجهة نظرهم.
شارون يريد تركيع الفلسطينيين وبوش يريد اطاحة الرئيس صدام حسين، وقتل الشيخ اسامة بن لادن، تري كم سيخسر العالم من ماله وابنائه حتي يتعلم الرئيس بوش وحليفه شارون من درس بريطانيا مع الايرلنديين، ويستخلص العبرة، ويسير علي النهج نفسه؟
--------------------------------------------------------------------------------
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير (القدس العربي) اللندنية
الإعلام الإسلامي العالمي
فعملية ممباسا شمال كينيا، استهدفت فندقا اسرائيليا، وتزامنت مع هجوم آخر بصواريخ سام علي طائرة ركاب اسرائيلية، اما عملية بيسان فوقعت علي بعد امتار من مركز اقتراع رئيسي لحزب الليكود، حيث تدفق انصار الحزب لاختيار زعيم لهم، بين شارون المتطرف وخصمه نتنياهو الاكثر تطرفا.
الرسالة واضحة، تقول مفرداتها بكل وضوح ان السياسات المتطرفة لن توفر الأمن للاسرائيليين، سواء داخل فلسطين المحتلة او خارجها، السياسة العاقلة المعتدلة التي تحترم الشرعية الدولية وقراراتها هي الوحيدة التي يمكن ان توصلهم الي بر السلام.
تنظيم القاعدة الذي يتزعمه الشيخ اسامة بن لادن لم يعلن مسؤوليته عن تنفيذ هجوم ممباسا المزدوج، ولكن كل الوقائع تشير الي ان الاسلوب اسلوبه، والحلبة هي حلبته، ولن يكون مفاجئا اذا ما خرج علينا الشيخ اسامة في القريب العاجل بشريط يؤكد بالدليل القاطع انه يقف خلف هذا الهجوم، تماما مثلما جاء في شريطه الصوتي الاخير الذي بارك فيه الهجمات علي قوات المارينز في الكويت والناقلة الفرنسية قرب سواحل المكلا اليمنية، فالمسألة مسألة وقت وتوقيت لا اكثر ولا اقل.
الشيخ بن لادن قالها صريحة في شريطه الاخير مثلما تقتلون اشقاءنا في فلسطين ستقتلون وها هو ينفذ وعيده، ويستهدف الاسرائيليين في مكان لم يخطر علي بال أحد.
لعله أراد أن يرد علي كل منتقديه الذين طالما تساءلوا عن سبب تركيزه علي مهاجمة الامريكيين، وعدم توجيه طائراته وصواريخه الي الاسرائيليين في فلسطين المحتلة، وها هو يجيب علي هؤلاء بهذه العملية المحسوبة جيدا في وسط افريقيا، ويخلق حالة من الذعر في اوساط الاسرائيليين، الذين هرب البعض منهم الي كينيا بحثا عن الامان، بعد ان حرموا منه في الوطن، بسبب العمليات الاستشهادية، ليجدوا ان الموت يطاردهم في السماء والارض معا.
الرئيس الامريكي جورج بوش سيكون الاكثر قلقا من بين اقرانه من الزعماء الغربيين، فقد شن حربا عالمية علي الارهاب، وحشد لها عشرات المليارات من الدولارات ونصف حكومات الكرة الارضية واجهزتها الامنية المتطورة من اجل هدف واحد وهو قتل الشيخ بن لادن ونصفية تنظيم القاعدة الذي يتزعمه، وها هي العمليات الخمس الاخيرة تثبت ان هذا التنظيم بات اكثر خطورة مما كان عليه الحال قبل الحرب علي الارهاب.
ومن المؤكد ان الزعماء العرب المشاركين بفاعلية وحماس في هذه الحرب الامريكية لن يطربوا لعملية ممباسا المزدوجة، ولن يناموا ليلهم هانئين، لان كابوس تنظيم القاعدة سيقلق مضاجعهم.
العالم بأسره يتجه نحو الفوضي وعدم الامان، بسبب السياسات الامريكية الحمقاء، ووجود مجموعة من المسؤولين في البنتاغون والبيت الابيض لا تري العالم الا من المنظور الاسرائيلي، بل منظور حفنة من اليمين الاسرائيلي المغرق في تطرفه، ولهذا تجر بلادها والعالم كله الي كارثة لا يعلم احد الا الله مدي خطورتها.
فالادارة الامريكية تريد العالم ان يغض البصر عن الجرائم الاسرائيلية ضد شعب اعزل في فلسطين، واسلحة الدمار الشامل الاسرائيلية من كل الانواع والاشكال، ويركز فقط علي الاسلحة العراقية، والارهاب الاسلامي، وها هي نتيجة هذه السياسات قصيرة النظر تصب في مصلحة العنف والجماعات المتطرفة، وتؤدي الي انهيار اقتصادي كامل.
قبل القصف السجادي الامريكي لافغانستان، كان تنظيم القاعدة ينفذ هجوما واحدا، كبيرا كل عام او عامين، ضد اهداف عسكرية او اقتصادية امريكية، الان بات التنظيم ينفذ ست عمليات في اقل من ثلاثة اشهر، معظمها يؤدي اهدافه في ارهاب من يريد ارهابهم في واشنطن وتل ابيب وبعض العواصم العربية المرتعدة حكوماتها خوفا من القاعدة ومن امريكا في الوقت نفسه.
الادارة الامريكية اتبعت الحل العسكري ولم تحقق اهدافها في القضاء علي تنظيم القاعدة، والحكومة الاسرائيلية سبقتها الي الخيار نفسه، واضافت اليه العقوبات الجماعية وقتل الابرياء، وتدمير البيوت فوق رؤوس اصحابها فماذا كانت النتيجة؟ المزيد من العمليات الاستشهادية والمزيد من هجمات تنظيم القاعدة.
الحل السياسي هو الطريق الوحيد الذي لم يجربه الطرفان، ولذلك سيقعان في المشكلة نفسها التي وقعت فيها بريطانيا عندما انكرت وجود الجيش الجمهوري الايرلندي لمدة خمسين عاما.
لندن لم تصبح اكثر امنا الا بعد ان تفاوضت الحكومة البريطانية مع المتمردين الايرلنديين، وبعد ان تعاملت مع قادتهم كبشر يمكن التحاور معهم والاستماع الي وجهة نظرهم.
شارون يريد تركيع الفلسطينيين وبوش يريد اطاحة الرئيس صدام حسين، وقتل الشيخ اسامة بن لادن، تري كم سيخسر العالم من ماله وابنائه حتي يتعلم الرئيس بوش وحليفه شارون من درس بريطانيا مع الايرلنديين، ويستخلص العبرة، ويسير علي النهج نفسه؟
--------------------------------------------------------------------------------
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير (القدس العربي) اللندنية
الإعلام الإسلامي العالمي