المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنا ... ولغة الأعين !



الباحث عن الحق
19 Apr 2007, 10:24 PM
منزلها حديث النفس ، ومن النادر أن يُتناقش حول هذه الظاهرة المنتشرة بيننا ، بل تبقى حبيسة الوجدان ؛ لكن الجميع يعترف بها ، ولو أخذنا من طريف لغة الأعين ، وجعلنا منها مشهدًا مضحكا صامتا ، لوجدت الصدور تتمزق من الضحك ؛ لأن الجميع يعلم يقينا بوجودها .

بالنسبة لي ؛ فأحب دائمًا أن أنصت ببصري (!) إلى حديث هذه اللغة ، في ذاكرتي مواقف تجل عن الحسبان ؛ ليس من الضرورة أن أتذكر أبطالها ، أعترف أنه من المخجل ذكر بعضها ؛ لغرابتها ... لكنها واقعة ، وداعي حب الكتابة عنها أقوى - هذه المرة - من داعي الخجل الذي يسيطر علي .

لغة الأعين لها وجودها بين جماعة المسجد ، إنْ بين الإمام والجماعة ، أو بين المؤذن والجماعة ، أو بين الجماعة نفسها ، أما الإمام والمؤذن فلغة الأعين تضيع بينهما ؛ لأن جانب الصراحة يطغى دائمًا حول علاقتهما ، وأحيانا تصبح هذه الصراحة " زيادة عن اللزوم " ، غالبا ماتحكي لغة الأعين بين الجماعة عن علاقة احترام شديد ، ومحبة في الله تعالى ، ولاحظوا ذلك حين يغيب أحدهم فترة طويلة ؛ ثم يرجع إلى المسجد ؛ قد لايسلمون عليه ، لكن تهلل بالتحية أعينهم .

نلحظ حديث الثناء والإعجاب الشديد ينبع من الأعين لغلام هداه الله - عز وجل - للمحافظة على الصلوات الخمس ، والتبكير لها ، والجلوس بين الصلوات لقراءة القرآن ، أما الشيوخ ( كبار السن ) والكهول ؛ فيتمنون أن يرزقهم الله - سبحانه وتعالى - ولدًا صالحًا مثله ، أو أن يهدي أولادهم لمثل ماهدى هذا الصبي ، وأما الشباب فيتحسرون على مافاتهم ، وينظرون لهذا الصبي بعين الغبطة والإعجاب .

وإن كان من جماعة المسجد شاب ( في المراهقة ومابعدها بقليل ) صالح مستقيم ؛ فالأعين تتحدث بإعجاب وتقدير واحترام من قبل أقرانه ( ممن لاينسبون إلى أهل الاستقامة لكنهم من جماعة المسجد المحافظين ) ، ومحبة جميلة من قبل الكبار في السن ، وترددا بين المحبة واللامبالاة من قبل الكهول ، أما الأطفال فحديث أعينهم تحكي المحبة والتعلق بهذا الشاب ، لاتعجب إن رأيتهم يقلدون مشيته ولباسه ، فهو بنظرهم قدوتهم .

أما إمام المسجد ، فلغة الأعين تحكي الإحترام له ، والتقدير كذلك ، إن كان مهتما بمسجده مواظبًا عليه ، والعكس من ذلك إن كان مهملا مقصرًا ، ولو أن لغة الأعين عند " الشيبان " لاتسمع منها حديث الود ، وهذا يحدث أحيانا ، أما الأطفال فتحكي أعينهم حديث الاحترام والهيبة ، والشباب كذلك ، ولو وفق الله - سبحانه وتعالى - المسجد بإمام صالح على بصيرة ودين ؛ لرأينا أعين الشباب - من جماعة المسجد - تحكي الثقة بالإمام ، وهذا جانب مهم ونافع جدا .

أما المؤذن ، فتحكي لغة الأعين قصة صراع بينه وبين جماعة المسجد ؛ فإن كان شابا قابلته أحاديث الاستعلاء من قبل كبار السن من " الشيبان " ، وإن كان شيخا كبيرا قوبل بلغة غاضبة مستعلية من قبل الشباب الكبار ، والكهول كذلك .

وللحب مكان واسع في لغة الأعين ، أنصتوا معي إلى نحيب المحبين العاشقين ، ألقوا أبصارهم يمنة ويسرة ؛ فتعلقت بالصور قلوبهم ، وشخصت أبصارهم نحو المحبوبين ، ولغة الأعين تحكي آلامهم ... فأنصتوا ، أين ابن القيم - رحمه الله تعالى - عنهم ؛ وهذا جزاء كل من لم يعمل بقول الله - سبحانه وتعالى - : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) .

في المقابل ؛ سلطوا الضوء على منابر النور ، حيث لغة الأعين تحكي حبا شريفا راقيا ، هل رأيتني وأنا أنظر لأحد العلماء الربانيين ، أنصتوا إلى حديث عيني وهي تنظر إلى من له فضل علي كالوالدين ومدرس الحلقة ومشايخنا وأساتذتنا ، ستستمعون أحاديث الود والمحبة .

لغة الأعين تثرثر كثيرًا حين نتصادف وأشخاص كنا على علاقة قديمة ( ربما كانت مؤقتة ) معهم ، فأرخت الأيام مابيننا وبينهم ، وهذه لها حالات كثيرة لاتحصى ، كأن تقابل شخصا كان جالسا يومًا ما بجانبك في رحلة سفر طويلة بالطائرة أو بالباص ؛ فجمعت بينكما أحاديث السفر ؛ حين اللقاء قد لاتسلم عليه ، لكن عينك تحكي صراعًا مع نفسك : أسلم عليه .. أحييه .. أكلمه كأني أعرفه .. أخاف مايعرفني .. إلخ . وغالبا ماينتهي الموقف بعدم السلام ، لانشغال كل واحد بنتاج نظره .

في الجامعة يكثر هذا بين الطلاب ، من كان يومًا في قاعتك الدراسية ، أو دخلت أنت وإياه في نشاط واحد ، أو ذهبتم في رحلة واحدة ، أو حتى أوصلته بسيارتك يومًا ... تنظر إليه فينظر إليك ، فيصرف كلا منكما بصره عن الآخر ، لتفاجأ بعد قليل بوقوع بصرك على بصره ؛ وفي هذه المرحلة إما أن يحيي أحدكما الآخر ، أو يصرف كل واحد منكما بصره عن الآخر ؛ وعندها " تعال كلمني " إذا عادت علاقة الأعين بينك وبينه مرة أخرى ، وهكذا .. معركة غريبة الله لايبلينا .

أكاد أنفجر ضحكا حينما نكون في القاعة الدراسية في المحاضرة الأخيرة ، وقد قرر الدكتور ( تفضلا منه ) أن يخرجنا في منتصف المحاضرة ، لكن يدخل أحد الطلاب عرضا بعد نهاية الدرس والاستعداد للخروج ؛ ويكثر الأسئلة على الدكتور ، والذي بدوره يجيب بإسهاب عن الأسئلة ، ولغة الأعين لدى الطلاب تتحدث بأحاديث اللعن والسب والكره لهذا الطالب ، خصوصًا إذا كانت الأسئلة في خارج المنهج .

أكثر من يعاني من هذه اللغة هم من ابتلوا بالسهو والتعمق في التفكير من أمثالي ، كما قال لي أحد الأخوة ( مازحًا ) حين وجدني أنظر إليه بحدة : ياأخي جعلتني أشك بنفسي ! قلت : خير إن شاء الله ! أولا : كنت ساهيًا . ثانيًا : آخر شيء أفكر به في هذه الدنيا أن أنظر لبرميل ومن الذكور أيضا يمشي على الأرض ، أستغفر الله العظيم ، والحمدلله الذي عافاني .

أحيانا لايشترط أن يكون هناك سابق معرفة أو علاقة ؛ بل ربما تجد لغة الأعين تتحدث بالإعجاب أو بالكره أو الدهشة ، وهذا يجري لأمور عديدة ، حين تدهش بإنسان مشابه بدرجة كبيرة لشخص تعرفه ، وهذا يتعبك كثيرًا في الجامعة وصلاة الجمعة وأحيانا في السوق والمطاعم ، أو الإعجاب والذي غالبا ماينشأ عن الجمال الذي يتميز به الطرف الآخر ، أو الحقد والكره بدون سبب معين ... ونحوها ، بالنسبة للدهشة من الشبه فلا تلام عليه ، لكن ردة فعل الطرف الآخر قد تكون سيئة ؛ إذ لايحتمل هذه النظرات منك ، والشيطان حريص على التحريش بين خلق الله - سبحانه وتعالى - ، أما الإعجاب بالجمال ، أو الحقد والكره ؛ فأعتقد - وهذا رأيي - أن هذا يدخل في الجانب المظلم للغة الأعين ، فنظرة الإعجاب بالجمال إن كانت لشهوة محرمة أو مؤدية للتعلق فهذا قبيح ومظلم ، وأما الكره والحقد بلا سبب فهذا قبيح جدا أيضا ، كيف تكره شخصًا وأنت لم تعرفه ؟!! بالنسبة إلي ؛ فقد كرهت أناس وأبغضتهم بلا سبب ؛ فلما عرفتهم ندمت على بغضي لهم ، والإنسان عدو مايجهل .

هذا الموضوع نقطة تتلاقى فيها مئات الأمثلة ، وتبقى لغة الأعين دليلا آخر على بديع خلق الله - عز وجل - ؛ فتبارك الله أحسن الخالقين ... سبحانه !

وصلى الله على الحبيب وسلم .

القروي
19 Apr 2007, 10:59 PM
الحمدلله رب العالمين

اشكرك على الاسهاب فيما امليت فيه وتعمّقت في غياهب الابصار واغوار القلوب ذات الاقفال
التي قلّما تجد لها مفاتيح الا عند من خلقها وعند من خلقة له
وخلني استعير عنوان زاوية الاخ صالح الشيحي ( لكن ) !!!
اخي لغة العيون هي كانت اقول كانت قبل نعرف الجوال والبلوتوث !!
كانت هي لغة العاشق لمعشوقته التي هو يراها وهي تراه (لكن) !!!
لايستطيعان الكلام ولايستطيعان المواجه خوفاً من القال والقيل
تلك هي لغتهما عندما يتقابلان على احد الموارد اقول الموارد يعني موارد الباديه فيتقابلان وبينهما العد والعتاد
تلك هي لغتهما الوحيده فلا رسائل ولا بلوتوث ولا سوق العلاوي !!!
تلك هي الاشارات المشفّره ولغة الموريس والريحاني والابجدي
يمرني بالدرب ماقدر احاكيه = امصيبة ياكبرها من مصيبه ( نورة الحوشان )

اسمحلي يالباحث عن الحق ان اقول هبالي وصدرك اوسع من ذلك اشكرك .

كاتب
20 Apr 2007, 12:15 AM
أنا كسول في الردود ، حتتى في مواضيعي الخاصة !


ولكني اسجل إعجابي بكل حرف وكل كلمة وكل جملة وكل فقرة في هذا المقال الرشيق الرقيق .

محبك كاتب

الباحث عن الحق
20 Apr 2007, 02:45 PM
القروي ’ أهلا بك أخي الفاضل ، ليتني قرأت مثل ردك قبل أن أنزل الموضوع ؛ لكان إضافة جميلة عليه ، أشكر لك طيب ردك ، وفقك الله تعالى .

كاتب ’ أهلا بك أخي العزيز ، مرورك يشرفني ، وفقك الله تعالى .

ليث
21 Apr 2007, 02:52 AM
الله يجزاااك خير

الباحث عن الحق
21 Apr 2007, 02:57 PM
ليث ’ وإياك أخي الفاضل ، وفقك الله تعالى .

كان هناك
21 Apr 2007, 03:47 PM
لكم تمنيت أنك أمامي ,
كي أمنحك نظرة إعجاب على كل حرف داعبته أناملك.
دمت مبدعا.
ملاحظه:
أجبرتني على الدخول، رغم تزاحم المشاغل.

ابو زياد
21 Apr 2007, 06:47 PM
يعطيك العافيه

ابداع لامحدود

لاهنت

الباحث عن الحق
22 Apr 2007, 08:15 AM
عاشق الصحراء ’ أهلا بك أخي العزيز ، أشكر لك حسن ظنك ، وجميل مرورك ، وفقك الله تعالى .

ابو زياد ’ أهلا بك أخي الفاضل ، أشكر لك طيب مرورك ، وفقك الله تعالى .

همّام
23 Apr 2007, 11:53 PM
العزيز على قلبي واخي الباحث عن الحق
صدقت لغة الأعين في مواقف كثيرة وقد قيل

العين تعرف من عيني محدثها ... إن كان من حزبها أو من أعاديها
عيناك قد دلتا عينيّ منك على ... أشياء لولاهما ما كنت أدريها

أما أنا فقبل قراءة هذا الموضوع وقد وضعت رأسي على الوسادة أتجول في ذكريات قديمه أزيل عنها غبار الزمن
وأنا أضع تقديراتي لأمور واتابع تحققها بعد سنوات طويت
ومن غريب الأمر أنك استوقفت الذاكرة وانا اشعر بالغبطة أن حفظك الله مما كنت أخشاه عليك
لقد عرفت يوم أن استوقفتني لتقول لي ما رأته عيناك على سجاد الصلاة
يومها عرفت أن لعينيك لغة خاصة وأن لك مع الأعين لغة

حفظك الله

الوسام
24 Apr 2007, 12:37 AM
الحمدلله رب العالمين

اشكرك على الاسهاب فيما امليت فيه وتعمّقت في غياهب الابصار واغوار القلوب ذات الاقفال
التي قلّما تجد لها مفاتيح الا عند من خلقها وعند من خلقة له
وخلني استعير عنوان زاوية الاخ صالح الشيحي ( لكن ) !!!
اخي لغة العيون هي كانت اقول كانت قبل نعرف الجوال والبلوتوث !!
كانت هي لغة العاشق لمعشوقته التي هو يراها وهي تراه (لكن) !!!
لايستطيعان الكلام ولايستطيعان المواجه خوفاً من القال والقيل
تلك هي لغتهما عندما يتقابلان على احد الموارد اقول الموارد يعني موارد الباديه فيتقابلان وبينهما العد والعتاد
تلك هي لغتهما الوحيده فلا رسائل ولا بلوتوث ولا سوق العلاوي !!!
تلك هي الاشارات المشفّره ولغة الموريس والريحاني والابجدي
يمرني بالدرب ماقدر احاكيه = امصيبة ياكبرها من مصيبه ( نورة الحوشان )

اسمحلي يالباحث عن الحق ان اقول هبالي وصدرك اوسع من ذلك اشكرك .
لاتعليق بعدك يأخي العزيز القروي على أخونا الفاضل الباحث عن الحق كفيت وفيت حتى في مزحك..اخوك الوسام

رفحاوي
24 Apr 2007, 01:47 AM
اسمح لي اخوي الباحث عن الحق ابدي استغرابي من عجزك عن توضيح ما تقصده ...

العنوان خاص بك وبلغة الاعين والموضوع خاص بلغة الاعين عند الناس !!

كان بإمكانك التحدث مباشرة دون السباحة بدون اتجاه ...


مثل ما قال اخوي القروي العيون ترسل اشارات مفهومة بين طرفين او اكثر ...

بين الأب وإبنه اشارات ...

وبين الزوجة وزوجها اشارات ...

وبين المدير والموظف اشارات ...

الخ الخ

عجائب رفحاء
24 Apr 2007, 02:29 AM
يعطيك العافيه والله يجزاك خير

الزعيم
24 Apr 2007, 09:03 PM
العين فيها كل مشاعر الانسان، من حب أوكره أو فرح وسعادة أو خوف أوشجاعة أو حزن وإعجاب .
فكل أحاسيس الإنسان تظهر من خلال تعابير الوجه ومنها العين. لذا فلغة العين فيها من الصدق الكثير ...


بارك الله فيك كاتبنا المبدع الباحث عن الحق

الباحث عن الحق
26 Apr 2007, 10:24 AM
http://www.mixq8.com/uploads/uploads16/iam.JPG

همام ’ أهلا بك أستاذي الغالي ، إذا لازلت تتذكر ذلك الموقف الذي جمعك أنت وتلميذك الصغير ( الموجود في الأعلى حيث الصورة التقطت في تلك المرحلة تمامًا ) بداية من الفصل ونهاية بالمصلى ، أنا كذلك لم أنسى ذلك الموقف أبدًا ، أستحضره من حين لآخر ، بل إني كلما أشاهد سجادة مشابهة لتلك أشعر بغيظ ، وأفكر - ساخرًا من نفسي - أنه لو غيرت تلك السجادة في ذلك الوقت ، لما رأيتها في مكان آخر في المستقبل http://www.buraydahcity.net/vb/images/smilies/smile.gif .
سقى الله تلك الأيام ... ماأجملها !

الوسام ’ أهلا بك أخي الفاضل ، أشكر لك طيب مرورك ، وفقك الله تعالى .

المديرالسعودي
26 Apr 2007, 11:48 AM
الباحث عن الحق
شكرا لما اسهمت به
وفقك الله ودمت برعايته

الباحث عن الحق
27 Apr 2007, 03:21 PM
رفحاوي ’ أهلا بك أخي الفاضل ، حقيقة أنا أنقل لغة الأعين بين الناس من وجهة نظري ( أنا ) ، ولذلك كتبت العنوان بهذه الصيغة ( أنا ولغة الأعين ) ، أشكر لك طيب مرورك ، وفقك الله تعالى .

عجائب رفحاء ’ أهلا بك أخي الفاضل ، وشكرًا على طيب مرورك ، وفقك الله تعالى .

الزعيم ’ وهذا مما تتميز به لغة الأعين ، وليتني نبهت عليها في المقال ، أشكر لك جميل مرورك ، وفقك الله تعالى .

المدير السعودي ’ آمين ... وإيَّاك أخي الفاضل ، أشكر لك طيب مرورك ، وفقك الله تعالى .

الواثق
27 Apr 2007, 11:53 PM
بارك الله فيك

الباحث عن الحق
28 Apr 2007, 10:04 PM
الواثق الشرقاوي , وفيك أخي الفاضل .