أخبار رفحاء
10 Jun 2007, 12:19 PM
"الوطن" تحاور أحد أشهر كتاب المنتديات الساعين لخلخلة مفاهيم أتباع القاعدة
دكتور استفهام يؤكد أن الأسلوب الغالب في المنتديات الحوارية مخجل للغاية
http://www.alwatan.com.sa/news/images/newsimages/2444/0906.cul.p26.n2.jpg
إحدى مشاركات دكتور استفهام
رفحاء: فواز عزيز
قدم "دكتور استفهام" كواحد من كتاب الساحات والمنتديات الإسلامية، وانتقد تنظيم القاعدة وأتباعه وزعيمه، وحاور عددا كبيرا من المتطرفين. وسعى جاهداً في خلخلة المفاهيم التي تلقيها القيادات الفكرية للقاعدة لأتباعها، كما طالب فارس بن شويل الزهراني أحد منظري تنظيم القاعدة في السعودية بالمناظرة قبل اعتقاله ولم يلق منه رداً، ونال من أتباع القاعدة في المنتديات الكثير من الشتائم على أطروحاته التي تناقش خلل منهجهم.
اشتهر باسم "دكتور استفهام"، وطلبت "الوطن" منه أن يكشف شخصيته أثناء هذا الحوار إلا أنه رفض.
يحمل "دكتور استفهام" شهادة الماجستير في "مناهج الاتجاه العقلي الغربي وأثره على الاتجاه العقلي في قراءة النص الشرعي" من كلية الشريعة، وألقى عدداً من المحاضرات والندوات الفكرية و شارك في عدد من البرامج الحوارية على القنوات الفضائية باسمه الصريح دون أن يُعرف أنه هو "دكتور استفهام"، وكان لنا معه هذا الحوار:
* لماذا اتجهت للكتابة في المنتديات؟ وما الذي تريد إيصاله من كتاباتك؟
- في سنة 1998 م دخلت عالم الإنترنت، وبعد ممارسة بسيطة أدركت أننا أمام فتح كبير وعجيب في عالم الإعلام والثقافة والاتصال الحضاري، حينها أدركت أن الدخول في عالم الكتابة فيه له ثماره العظيمة، في بث الرؤية الخاصة، أو المساهمة في الإصلاح وبث الوعي، أو الاستفادة من هذا المنتج الحضاري الكبير.
أما عن الذي أريد إيصاله من خلال كتاباتي، فأنا ركزت على مجال "إصلاح التفكير"، وأننا نعاني من أمية في الفكر والوعي، نحتاج إلى جهود كبيرة حتى نصل إلى مرحلة النضج الفكري، لأني أرى أن "الفكر" هو المحرك لكل فعاليات الحياة، وأن الفكر هو الذي يحقق السيادة للأمم، ولأن الفكر السليم أساس العمل السليم، فإن اعوج الفكر وانحرف اعوج معه العمل، ولا شك أن هذا يشكل عائقا حضاريا أمام طموحنا في الرقي والحضارة.
* لماذا كتبت تحت اسم مستعار؟
- الأمور هذه في عالم "النت" لا تأتي عن ترتيب، بل هي تعرف من سياقها، ولربما كانت بدايات المشروعات من مزحة أو عبث، ثم تتطور إلى أن يصبح الاسم له مكانة عند القراء، ولكني أرى في "الاستفهام" طريقا جيدا للعقل والمعرفة، وهذا يذكرني بثناء الفاروق عمر رضي الله عنه على ابن عباس حين قال: (إن له لسانا سؤولا، وقلبا عقولا).
أما اسم "دكتور استفهام"، فهذا المعرف الذي كنت أشارك من خلاله في برامج المحادثات المقروءة والصوتية، وأناقش به قبل أن أتوجه إلى الكتابة عبر منتدى "أنا المسلم" الذي كان انطلاقة اسم "دكتور استفهام"، ثم في "الساحات" و"المحاور"، وغيرها، بعد أن طلب مني بعض من أخالفهم في الفكر، وخاصة من يحمل فكر "القاعدة" إلى النزول في المنتديات ومناقشتهم كتابيا، وهم الذين دلوني على منتدى أنا المسلم، كمكان للنقاش والحوار.
* يغلب على كتاب المنتديات التعصب لأفكارهم والتهجم الشخصي على المخالفين لهم. ما رأيك بهذا الأسلوب؟
- التعصب للفكرة، أراه شيئا طبيعيا ومقبولا إذا لم يكن طريقا للتعدي على الآخرين، وتجريحهم، فأي إنسان يحمل فكرة يقتنع بها يتحمس للمنافحة عنها، إلا عند "السفسطائية الجديدة" الذين يؤمنون بنسبية الحقائق، وتستبين عظم أخلاق الإنسان حين يتعصب لفكرة ثم يتركها إذا بان له صواب غيرها، أو يدرك أن الحق مع خصمه، وهذا هو التجرد المفقود أو النادر في هذا الوقت، لأن أفكار الكثير ناشئة من "التحيز المعرفي" لفكرة أو لشخص أو منهج أو مذهب أو فئة، فهو ينطلق من الدفاع عن فكرة لأن فلانا قالها، أو لأنها تشكل منهجه الدعوي أو الحزبي، بعيدا عن الحرص على طلب الحق والحقيقة.
أما أسلوبي في الكتابة، فأنا حريص على الهدوء في الطرح، وتفهم فكرة المقابل، دون أن أدعي أنني لا أتعدى أبدا، فطبيعة الكتابة الإنترنتية، والفضاء المفتوح، والاسم المستعار، وتعدد مستويات المخالفين، وجرأة الخصم تدفع الإنسان أحيانا إلى ممارسات قد يندم عليها في يوم ما، وخاصة أن الإنسان يترقى في سلم المعرفة يوما بعد يوم، فكلما قرأ أكثر بانت له عيوب نفسه أكثر، وهذا هو ديدن من يتعاطى مع الأفكار المختلفة، ويكثر من الكتابة والنقاش.
فإذا ما تحدثت عن الأسلوب الغالب في الكتابة في المنتديات الحوارية، فهو أسلوب مخجل للغاية، يفتقد فيه كثير من المتحاورين إلى أبجديات الحوار المؤصل والعاقل، وينبئ عن معضلة أخلاقية كبيرة في مجتمعنا يفرزها العقل الباطن الذي يحكي من خلف الكيبورد، وهذا ليس عاما في جميع المنتديات، ولكنه يظل ظاهرة مشاهدة لمن يتعامل مع هذه المنتديات، ولكني مع ذلك أرى أن هذا المخاض غير السليم سينتج عنه نضوج في التعاطي مع مسائل الحوار في العلم والفكر والسياسية.. فارتقبوا هذا وابشروا!
* لماذا طالبت فارس بن شويل بمناظرتك قبل أن يتم إلقاء القبض عليه خاصة وأنه أحد المطلوبين أمنياً ويعتبر من المنظرين الشرعيين للقاعدة في السعودية؟ وبماذا كنت تريد إقناعه؟
- "القاعدة" تنظيم متكامل، له منظرون، وساسة، وأتباع، ويشكل "التأصيل" الفكري للقاعدة منطلقا مهما في إقناع الأتباع بصحة الطريق، ولذلك صارت لهم زعامات علمية، تؤصل كل خطوة، ويتلقاها الأتباع بالتسليم المطلق، وكنت أرى أن خلخلة المفاهيم التي تلقيها القيادات الفكرية للقاعدة مهمة في تشكيك الأتباع بسلامة الطريق، وخاصة حين يكون هذا المنظر طالب علم معروفاً، وقد جربت طريقة "الحوار" معهم في سلسلة مقالات حوارية مفترضة، غير النقاشات المباشرة مع قيادات علمية لهم قبل أن تسجن، ووجدت أثرها على المتلقي أكثر من أثرها على المحاور، وهذا أعرفه من خلال الرسائل التي تأتيني، والتي تبين عظيم الأثر في نقاش الأفكار في لجم الأفكار الغالية، حتى إن بعضهم أعلن براءته من الفكر المنحرف بعد قراءة هذه المقالات، وقد طلبت مني هذه الحوارات لنشرها في الصحف الجزائرية، ولعلي إن شاء الله أخرجها في كتاب في المستقبل.
أما انتقاداتي للقاعدة في كتاباتي فإنني انتقدتها كما انتقدت غيرها، فأنا انتقدت أدعياء السلفية الذين شوهوا صورتها كما انتقدت القاعدة، وانتقدت أصحاب الفكر العلماني والليبرالي والمدارس النقدية القاطعة مع النص الشرعي كما انتقدت القاعدة، لأني أكره "الغلو" في كل فكرة، وأرى أن (النقد) وسيلة جيدة لنضوج الأفكار، إلا أن الفرق بين فكر القاعدة وغيره أن الخلاف مع القاعدة ليس خلافا حول مسائل "نظرية" تناقش في إطار الفكر والعلم، بل تعدت ليكون لها منهج علمي، من خلال أحداث التفجير والعمل المسلح، إضافة إلى ما يحمله أصحاب هذا الفكر من أثر سيئ على جيل الأمة، فبدلا من أن يتوجه الشاب إلى العلم والإنتاج، والعمل الصالح، يزج به في معارك خاسرة، يروح ضحيتها أبناء المسلمين، ويؤثر ذلك على أمن الناس وأديانهم، بل وتكون تصرفاتهم ذريعة للتدخل المباشر من قبل الأعداء.
إنني حين انتقد القاعدة لا أنطلق من تعصب لفكرة معينة، ولا لمنهج معين، بل أنطلق من منهج أهل الإسلام المعتمد على الكتاب والسنة، غير متعصب لشيخ ولا لطائفة، معتمدا على مناهج علماء المسلمين في قضايا الأسماء والأحكام والسياسة الشرعية، فيرتاح بالي حين أرى أنني أثرت على شاب حين أحجزه عما يضره في دينه ودنياه، وأدرأ شره عن أمته ووطنه، ويزيد سروري حين أراه يتوجه إلى العمل والإنتاج بعيدا عن الفكر الذي يحطم الشعور، ويخلق لنا جيلا منكسرا، قانطا، لا يجد الحل إلا في أن يلبس حزاما ناسفا ثم يفجر نفسه حين تضيق عليه مساحات التفكير إلا في حدود منهج القاعدة وتفكيرها.
* ما هي ردود الفعل التي وصلتك حين انتقدت تصرفات القاعدة ؟ وكيف تعاملت معها؟
- مشكلة المنتسبين إلى القاعدة أن أغلبهم حدثاء الإنسان، بل لو أجرينا دراسة مسحية لوجدنا أنهم دخلوا في جو الدعوة والصحوة بعد الحادي عشر من سبتمبر، ولا تعجب حين تدرك أن قيادات كانت تأمر بالتفجير والقتل وتخطط لعمليات مصيرية، وهي لم تبلغ سن الثلاثين أو تزيد عن الثلاثين بقليل، وهؤلاء إما أن يكونوا قد التحقوا بالقاعدة بعد الحادي عشر من سبتمبر، ودخلوا في التنظيم حماسة دون أن يتربوا التربية اللازمة على أيدي العلماء والدعاة والمربين، أو أنهم أفنوا حياتهم في ساحات القتال التي تلهي الإنسان عن القرآن، فضلا عن التربية الإيمانية والخلقية، ولذا لما بلغ عمر رضي الله عنه أن خالد بن الوليد رضي الله عنه قد أخطأ في قصار السور، قال: (رحم الله أبا سليمان، ألهاه الجهاد عن القرآن).
لقد عانيت كثيرا من السب والإقذاع في الألفاظ التي كانت تصلني من أتباع القاعدة، ثم بعد الوقت تكسرت النصال على النصال، فلم أعد أهتم كثيرا بما يقال.
* لو فتح الإعلام لكم - كتاب المنتديات - أبوابه، هل تهجرون منتدياتكم وتنزعون أقنعتكم؟
أما عن نفسي فلم أتلفع في يوم من الأيام باسم مستعار بمعنى أنه لا يعرفني أحد، بل إني كشفت عن اسمي إلى كل من أعرف لأني لا أجيز لنفسي أن أرد على إنسان أو أتعدى عليه من خلال اسم مستعار، وكثير من الكتاب والمثقفين والمطلعين يعرفون أن "دكتور استفهام" هو ذاك الشخص المعروف، ولم أكتب باسمي الصريح لأن "دكتور استفهام" بات أشهر من اسمي الحقيقي!
ثم إني لا أرى أن هناك تعارضا بين الكتابة في الإنترنت ومنتدياته، وبين الكتابة الصحفية والمشاركة الإعلامية، بل إني أرى أن الإنترنت يعطي مجالا أرحب للتعاطي مع الأفكار من خلال الحوار المباشر الذي تفتقده الصحافة التقليدية.
ودون أن ترصد ردود الأفعال بدقة عن الفكرة التي تبثها، وقد سنحت لي فرص كثيرة للمشاركة في وسائل الإعلام، وشاركت ببعضها، ولم أتحمس للبعض الآخر، لأني أرى أن الوقت لم يحن بعد للمشاركة الإعلامية، لما تحمل من تبعات يحتاج الإنسان معها للتفرغ لها، وهو الأمر الذي لا أستطيعه الآن".
الرابط http://www.alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?issueno=2444&id=8921
دكتور استفهام يؤكد أن الأسلوب الغالب في المنتديات الحوارية مخجل للغاية
http://www.alwatan.com.sa/news/images/newsimages/2444/0906.cul.p26.n2.jpg
إحدى مشاركات دكتور استفهام
رفحاء: فواز عزيز
قدم "دكتور استفهام" كواحد من كتاب الساحات والمنتديات الإسلامية، وانتقد تنظيم القاعدة وأتباعه وزعيمه، وحاور عددا كبيرا من المتطرفين. وسعى جاهداً في خلخلة المفاهيم التي تلقيها القيادات الفكرية للقاعدة لأتباعها، كما طالب فارس بن شويل الزهراني أحد منظري تنظيم القاعدة في السعودية بالمناظرة قبل اعتقاله ولم يلق منه رداً، ونال من أتباع القاعدة في المنتديات الكثير من الشتائم على أطروحاته التي تناقش خلل منهجهم.
اشتهر باسم "دكتور استفهام"، وطلبت "الوطن" منه أن يكشف شخصيته أثناء هذا الحوار إلا أنه رفض.
يحمل "دكتور استفهام" شهادة الماجستير في "مناهج الاتجاه العقلي الغربي وأثره على الاتجاه العقلي في قراءة النص الشرعي" من كلية الشريعة، وألقى عدداً من المحاضرات والندوات الفكرية و شارك في عدد من البرامج الحوارية على القنوات الفضائية باسمه الصريح دون أن يُعرف أنه هو "دكتور استفهام"، وكان لنا معه هذا الحوار:
* لماذا اتجهت للكتابة في المنتديات؟ وما الذي تريد إيصاله من كتاباتك؟
- في سنة 1998 م دخلت عالم الإنترنت، وبعد ممارسة بسيطة أدركت أننا أمام فتح كبير وعجيب في عالم الإعلام والثقافة والاتصال الحضاري، حينها أدركت أن الدخول في عالم الكتابة فيه له ثماره العظيمة، في بث الرؤية الخاصة، أو المساهمة في الإصلاح وبث الوعي، أو الاستفادة من هذا المنتج الحضاري الكبير.
أما عن الذي أريد إيصاله من خلال كتاباتي، فأنا ركزت على مجال "إصلاح التفكير"، وأننا نعاني من أمية في الفكر والوعي، نحتاج إلى جهود كبيرة حتى نصل إلى مرحلة النضج الفكري، لأني أرى أن "الفكر" هو المحرك لكل فعاليات الحياة، وأن الفكر هو الذي يحقق السيادة للأمم، ولأن الفكر السليم أساس العمل السليم، فإن اعوج الفكر وانحرف اعوج معه العمل، ولا شك أن هذا يشكل عائقا حضاريا أمام طموحنا في الرقي والحضارة.
* لماذا كتبت تحت اسم مستعار؟
- الأمور هذه في عالم "النت" لا تأتي عن ترتيب، بل هي تعرف من سياقها، ولربما كانت بدايات المشروعات من مزحة أو عبث، ثم تتطور إلى أن يصبح الاسم له مكانة عند القراء، ولكني أرى في "الاستفهام" طريقا جيدا للعقل والمعرفة، وهذا يذكرني بثناء الفاروق عمر رضي الله عنه على ابن عباس حين قال: (إن له لسانا سؤولا، وقلبا عقولا).
أما اسم "دكتور استفهام"، فهذا المعرف الذي كنت أشارك من خلاله في برامج المحادثات المقروءة والصوتية، وأناقش به قبل أن أتوجه إلى الكتابة عبر منتدى "أنا المسلم" الذي كان انطلاقة اسم "دكتور استفهام"، ثم في "الساحات" و"المحاور"، وغيرها، بعد أن طلب مني بعض من أخالفهم في الفكر، وخاصة من يحمل فكر "القاعدة" إلى النزول في المنتديات ومناقشتهم كتابيا، وهم الذين دلوني على منتدى أنا المسلم، كمكان للنقاش والحوار.
* يغلب على كتاب المنتديات التعصب لأفكارهم والتهجم الشخصي على المخالفين لهم. ما رأيك بهذا الأسلوب؟
- التعصب للفكرة، أراه شيئا طبيعيا ومقبولا إذا لم يكن طريقا للتعدي على الآخرين، وتجريحهم، فأي إنسان يحمل فكرة يقتنع بها يتحمس للمنافحة عنها، إلا عند "السفسطائية الجديدة" الذين يؤمنون بنسبية الحقائق، وتستبين عظم أخلاق الإنسان حين يتعصب لفكرة ثم يتركها إذا بان له صواب غيرها، أو يدرك أن الحق مع خصمه، وهذا هو التجرد المفقود أو النادر في هذا الوقت، لأن أفكار الكثير ناشئة من "التحيز المعرفي" لفكرة أو لشخص أو منهج أو مذهب أو فئة، فهو ينطلق من الدفاع عن فكرة لأن فلانا قالها، أو لأنها تشكل منهجه الدعوي أو الحزبي، بعيدا عن الحرص على طلب الحق والحقيقة.
أما أسلوبي في الكتابة، فأنا حريص على الهدوء في الطرح، وتفهم فكرة المقابل، دون أن أدعي أنني لا أتعدى أبدا، فطبيعة الكتابة الإنترنتية، والفضاء المفتوح، والاسم المستعار، وتعدد مستويات المخالفين، وجرأة الخصم تدفع الإنسان أحيانا إلى ممارسات قد يندم عليها في يوم ما، وخاصة أن الإنسان يترقى في سلم المعرفة يوما بعد يوم، فكلما قرأ أكثر بانت له عيوب نفسه أكثر، وهذا هو ديدن من يتعاطى مع الأفكار المختلفة، ويكثر من الكتابة والنقاش.
فإذا ما تحدثت عن الأسلوب الغالب في الكتابة في المنتديات الحوارية، فهو أسلوب مخجل للغاية، يفتقد فيه كثير من المتحاورين إلى أبجديات الحوار المؤصل والعاقل، وينبئ عن معضلة أخلاقية كبيرة في مجتمعنا يفرزها العقل الباطن الذي يحكي من خلف الكيبورد، وهذا ليس عاما في جميع المنتديات، ولكنه يظل ظاهرة مشاهدة لمن يتعامل مع هذه المنتديات، ولكني مع ذلك أرى أن هذا المخاض غير السليم سينتج عنه نضوج في التعاطي مع مسائل الحوار في العلم والفكر والسياسية.. فارتقبوا هذا وابشروا!
* لماذا طالبت فارس بن شويل بمناظرتك قبل أن يتم إلقاء القبض عليه خاصة وأنه أحد المطلوبين أمنياً ويعتبر من المنظرين الشرعيين للقاعدة في السعودية؟ وبماذا كنت تريد إقناعه؟
- "القاعدة" تنظيم متكامل، له منظرون، وساسة، وأتباع، ويشكل "التأصيل" الفكري للقاعدة منطلقا مهما في إقناع الأتباع بصحة الطريق، ولذلك صارت لهم زعامات علمية، تؤصل كل خطوة، ويتلقاها الأتباع بالتسليم المطلق، وكنت أرى أن خلخلة المفاهيم التي تلقيها القيادات الفكرية للقاعدة مهمة في تشكيك الأتباع بسلامة الطريق، وخاصة حين يكون هذا المنظر طالب علم معروفاً، وقد جربت طريقة "الحوار" معهم في سلسلة مقالات حوارية مفترضة، غير النقاشات المباشرة مع قيادات علمية لهم قبل أن تسجن، ووجدت أثرها على المتلقي أكثر من أثرها على المحاور، وهذا أعرفه من خلال الرسائل التي تأتيني، والتي تبين عظيم الأثر في نقاش الأفكار في لجم الأفكار الغالية، حتى إن بعضهم أعلن براءته من الفكر المنحرف بعد قراءة هذه المقالات، وقد طلبت مني هذه الحوارات لنشرها في الصحف الجزائرية، ولعلي إن شاء الله أخرجها في كتاب في المستقبل.
أما انتقاداتي للقاعدة في كتاباتي فإنني انتقدتها كما انتقدت غيرها، فأنا انتقدت أدعياء السلفية الذين شوهوا صورتها كما انتقدت القاعدة، وانتقدت أصحاب الفكر العلماني والليبرالي والمدارس النقدية القاطعة مع النص الشرعي كما انتقدت القاعدة، لأني أكره "الغلو" في كل فكرة، وأرى أن (النقد) وسيلة جيدة لنضوج الأفكار، إلا أن الفرق بين فكر القاعدة وغيره أن الخلاف مع القاعدة ليس خلافا حول مسائل "نظرية" تناقش في إطار الفكر والعلم، بل تعدت ليكون لها منهج علمي، من خلال أحداث التفجير والعمل المسلح، إضافة إلى ما يحمله أصحاب هذا الفكر من أثر سيئ على جيل الأمة، فبدلا من أن يتوجه الشاب إلى العلم والإنتاج، والعمل الصالح، يزج به في معارك خاسرة، يروح ضحيتها أبناء المسلمين، ويؤثر ذلك على أمن الناس وأديانهم، بل وتكون تصرفاتهم ذريعة للتدخل المباشر من قبل الأعداء.
إنني حين انتقد القاعدة لا أنطلق من تعصب لفكرة معينة، ولا لمنهج معين، بل أنطلق من منهج أهل الإسلام المعتمد على الكتاب والسنة، غير متعصب لشيخ ولا لطائفة، معتمدا على مناهج علماء المسلمين في قضايا الأسماء والأحكام والسياسة الشرعية، فيرتاح بالي حين أرى أنني أثرت على شاب حين أحجزه عما يضره في دينه ودنياه، وأدرأ شره عن أمته ووطنه، ويزيد سروري حين أراه يتوجه إلى العمل والإنتاج بعيدا عن الفكر الذي يحطم الشعور، ويخلق لنا جيلا منكسرا، قانطا، لا يجد الحل إلا في أن يلبس حزاما ناسفا ثم يفجر نفسه حين تضيق عليه مساحات التفكير إلا في حدود منهج القاعدة وتفكيرها.
* ما هي ردود الفعل التي وصلتك حين انتقدت تصرفات القاعدة ؟ وكيف تعاملت معها؟
- مشكلة المنتسبين إلى القاعدة أن أغلبهم حدثاء الإنسان، بل لو أجرينا دراسة مسحية لوجدنا أنهم دخلوا في جو الدعوة والصحوة بعد الحادي عشر من سبتمبر، ولا تعجب حين تدرك أن قيادات كانت تأمر بالتفجير والقتل وتخطط لعمليات مصيرية، وهي لم تبلغ سن الثلاثين أو تزيد عن الثلاثين بقليل، وهؤلاء إما أن يكونوا قد التحقوا بالقاعدة بعد الحادي عشر من سبتمبر، ودخلوا في التنظيم حماسة دون أن يتربوا التربية اللازمة على أيدي العلماء والدعاة والمربين، أو أنهم أفنوا حياتهم في ساحات القتال التي تلهي الإنسان عن القرآن، فضلا عن التربية الإيمانية والخلقية، ولذا لما بلغ عمر رضي الله عنه أن خالد بن الوليد رضي الله عنه قد أخطأ في قصار السور، قال: (رحم الله أبا سليمان، ألهاه الجهاد عن القرآن).
لقد عانيت كثيرا من السب والإقذاع في الألفاظ التي كانت تصلني من أتباع القاعدة، ثم بعد الوقت تكسرت النصال على النصال، فلم أعد أهتم كثيرا بما يقال.
* لو فتح الإعلام لكم - كتاب المنتديات - أبوابه، هل تهجرون منتدياتكم وتنزعون أقنعتكم؟
أما عن نفسي فلم أتلفع في يوم من الأيام باسم مستعار بمعنى أنه لا يعرفني أحد، بل إني كشفت عن اسمي إلى كل من أعرف لأني لا أجيز لنفسي أن أرد على إنسان أو أتعدى عليه من خلال اسم مستعار، وكثير من الكتاب والمثقفين والمطلعين يعرفون أن "دكتور استفهام" هو ذاك الشخص المعروف، ولم أكتب باسمي الصريح لأن "دكتور استفهام" بات أشهر من اسمي الحقيقي!
ثم إني لا أرى أن هناك تعارضا بين الكتابة في الإنترنت ومنتدياته، وبين الكتابة الصحفية والمشاركة الإعلامية، بل إني أرى أن الإنترنت يعطي مجالا أرحب للتعاطي مع الأفكار من خلال الحوار المباشر الذي تفتقده الصحافة التقليدية.
ودون أن ترصد ردود الأفعال بدقة عن الفكرة التي تبثها، وقد سنحت لي فرص كثيرة للمشاركة في وسائل الإعلام، وشاركت ببعضها، ولم أتحمس للبعض الآخر، لأني أرى أن الوقت لم يحن بعد للمشاركة الإعلامية، لما تحمل من تبعات يحتاج الإنسان معها للتفرغ لها، وهو الأمر الذي لا أستطيعه الآن".
الرابط http://www.alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?issueno=2444&id=8921