أبو شذا
23 Feb 2003, 01:00 PM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أولاُ : علينا أن نعلم أن هذه الحياة قصيرة والعاقل من تهيأ لما بعدها بما ينفع ، والدعوة والنصح للآخرين من ركائز العمل فيها .. إلاّ أنه قد تختلط بعض الأمور ببعض فيلتبس على طائفة كثير من الأمور ويصبح استجلاء الصورة صعباً ومعقّداً ، وعدم تبيّن كثير من هذه الأمور يعود لأسباب عدّة منها : الضبابية التي يعمل من خلالها الآخر ، والشفافية من قبلنا في تفسير الأمور ، والنظرة السطحية لما يجري ، ونسيان الماضي في حالة كونه مؤثراً على الواقع ، وتداخل الأمور والأفراد والمواقع بشكل كبير ، وغير ذلك ...
وما سأتطرّق إليه من معوّقات في العمل الدعوي هو بشكلٍ عام سواءً من حيث المكان أو من حيث جانب العمل وما يرتبط به فالحديث يشمل جانب العمل الخيري والدعوي والتوعوي على مستوى المراكز والجمعيات والملتقيات وغيرها ..
ثانياً : ينبغي علينا أن نعلم أن وضع الأمور في نصابها هو من وسائل تحقيق النجاح بإذن الله .. ولذا جعل النبي -صلى الله عليه وسلم - ذلك موضع التطبيق ، فلو أخذنا مثالاً على الأفراد لرأيناه كلّف بعضهم بأعمال ومهام دون غيره لأنه أكثر أهلية لها .
إن تلك النظرة الثاقبة للأسف غائبة عنا اللهم إلاّ في مجال التنظير ، ولذلك وسِّد الأمر إلى غير أهله ، والذي يزيد الأمر سوءاً أن غياب الجانب التطبيقي لذلك شمل المجالات الدعوية أيضاً !
متى لم يُتنبّه إلى ذلك فإن سوء العمل وما يترتب عليه سيكون هو المحصلة النهائية ، لأن شخصاً لا يُحسن أن يعمل لن يُتقنَ عمله ومن باب أولى لن يُنتج ما يُؤمل .
ليست القضية المحكّ هي مجرّد العمل وكمّيته ، بل نوعيّة العمل وكيفيته .. وذلك ينسحب على الأشخاص .
ثالثاً : يجب أن نعترف أن الناس طاقات ، وما كل من تسلّم أمراً أحسنه ، والناس معادن فما كل ما يريده الواحد استطاع تحقيقه ، ولعلّنا نلتمس العذر لهؤلاء بما يُقال : مكرهٌ أخاك لا بطل .. وإن كان الإكراه في هذه المسائل فيه نظر ، فإيجاد العذر المجرّد أحياناً مطيّة يستطيعها الجميع لكن .. هل هو مقنع ؟
رابعاً : السكوت عن الأخطاء خطأ بحد ذاته ، ومعالجة القصور والتنبّه إلى مكامن الخلل خطوة مهمة في طريق التصحيح ، إلاّ أن هناك إشكالية لدى كثيرين وهي أنه عند الحديث عن جوانب القصور في عملٍ ما ينسحب ذهن الآخرين إلى الأشخاص القائمين على هذه الأعمال ، وهذا قصور في الفهم لأنه قد يكون السبب في طبيعة العمل من حيث الصعوبة أو الظروف المحيطة ، بل ربما يعود السبب لأشخاص معدودين دون غيرهم ، وعلى العموم فلكل حالة ملابساتها ووضعها الخاص بها حتى يمكن الحكم على مدى مسؤولية الآخرين عن جوانب القصور .
خامساً : برزت ظاهرة لم تكن خافية في السابق ألا وهي الشلليّة – إن صح التعبير - في العمل فتجد فئةً من الناس لا يروق العمل لأفرادها إلاّ مع بعضهم البعض ، وما إن يتسلّم فردٌ ما زمام العمل حتى يهب مستنجداً بمجموعته ورفقته الخاصة .
قد يبرز أمامنا عذر الانسجام في العمل ولذلك وجه ، بيد أنه سرعان ما يتلاشى هذا العذر أمام الإمكانيات الضعيفة لغالب المجموعة العاملة .. وهنا يبرز السؤال : لماذا هذه المجموعة تحديداً تستأثر بالأعمال دون غيرها ؟ ثم بعد حين يأتون إليك شاكين من ابتعاد الآخرين .. يداك أوكتا وفوك نفخ ! فلا غرو أن ينأى الآخرون عنك .. فهناك أناس لا يرضون بأن يكونوا رقماً مجرّداً ، غير قادرين على العمل بالصورة الصحيحة .
سادساً : لدينا مشكلة عويصة نعاني منها طويلاً وهي غياب التخصّص في كثير من الأعمال والمهام ، وليس السبب في عدم وجود هذه العيّنة ، بل السبب هو هذا التسابق المحموم من كثيرين لأعمال هم في قلّة إدراك بتسييرها .. لتبرز بعد فترة نتائج متهالكة تئنُّ من وجع السقوط أو تكاد .
حالُ أحدهم : أنا أعرف كلَّ شيء وأصلح لكل شيء .. فإذا ما تسلّم زمام العمل كانت المحصّلة : لا شيء .
كما ذكرت سابقاً : يوسّد الأمر إلى غير أهله .. لتبرز مشكلات تجبر كثيرين على الابتعاد أو العمل على استحياء أو في جوٍّ غير مريح ليخرج العمل بصورةٍ أقلّ من المأمول .... فهل المطلوب من كل شخص أن يصبر على كل ما يلاقي حتى يستمر !؟
أحبّ أن أوضح شيئأً قبل الانتقال للنقطة التالية وهو أنني لا أتهم نوايا هؤلاء ، لكن قلة الدّراية وضعف الخبرة أفرزتا مثل هذه الأمور ، وأمّا قضية المحاباة فيبدو أن السبب الرئيس يكمن في جانب التأثير والتأثّر .
سابعاً : إنَّ الحساسية التي أصبحنا نشاهدها من عملية النقد أصبحت ظاهرة تستحق الوقوف عندها ..
يقولون : الحرب لم تنشأ هكذا وإنّما كانت ناشئة عن تجاوزات وأخطاء تراكمت ربما على مدى سنوات لتصبح في مرحلة من المراحل فتيلاً مشتعلاً يصعب إطفاؤه .. وقِس على ذلك .
إنَّ الوقوف على الأخطاء دون حراك يصل بالحالة إلى ما يشبه الكارثة ، وما كان ذلك ليكون لولا السكوت والتغافل عمّا يحدث .
أعود لأؤكّد أن جانباً كبيراً من هذه الأخطاء كان عن حسن نيّة ، ولم يكن مقصوداً .. لكن بالمقابل الانكفاء على النفس وتجنّب المحاسبة يؤدي بالأمور إلى عواقب وخيمة ..
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أولاُ : علينا أن نعلم أن هذه الحياة قصيرة والعاقل من تهيأ لما بعدها بما ينفع ، والدعوة والنصح للآخرين من ركائز العمل فيها .. إلاّ أنه قد تختلط بعض الأمور ببعض فيلتبس على طائفة كثير من الأمور ويصبح استجلاء الصورة صعباً ومعقّداً ، وعدم تبيّن كثير من هذه الأمور يعود لأسباب عدّة منها : الضبابية التي يعمل من خلالها الآخر ، والشفافية من قبلنا في تفسير الأمور ، والنظرة السطحية لما يجري ، ونسيان الماضي في حالة كونه مؤثراً على الواقع ، وتداخل الأمور والأفراد والمواقع بشكل كبير ، وغير ذلك ...
وما سأتطرّق إليه من معوّقات في العمل الدعوي هو بشكلٍ عام سواءً من حيث المكان أو من حيث جانب العمل وما يرتبط به فالحديث يشمل جانب العمل الخيري والدعوي والتوعوي على مستوى المراكز والجمعيات والملتقيات وغيرها ..
ثانياً : ينبغي علينا أن نعلم أن وضع الأمور في نصابها هو من وسائل تحقيق النجاح بإذن الله .. ولذا جعل النبي -صلى الله عليه وسلم - ذلك موضع التطبيق ، فلو أخذنا مثالاً على الأفراد لرأيناه كلّف بعضهم بأعمال ومهام دون غيره لأنه أكثر أهلية لها .
إن تلك النظرة الثاقبة للأسف غائبة عنا اللهم إلاّ في مجال التنظير ، ولذلك وسِّد الأمر إلى غير أهله ، والذي يزيد الأمر سوءاً أن غياب الجانب التطبيقي لذلك شمل المجالات الدعوية أيضاً !
متى لم يُتنبّه إلى ذلك فإن سوء العمل وما يترتب عليه سيكون هو المحصلة النهائية ، لأن شخصاً لا يُحسن أن يعمل لن يُتقنَ عمله ومن باب أولى لن يُنتج ما يُؤمل .
ليست القضية المحكّ هي مجرّد العمل وكمّيته ، بل نوعيّة العمل وكيفيته .. وذلك ينسحب على الأشخاص .
ثالثاً : يجب أن نعترف أن الناس طاقات ، وما كل من تسلّم أمراً أحسنه ، والناس معادن فما كل ما يريده الواحد استطاع تحقيقه ، ولعلّنا نلتمس العذر لهؤلاء بما يُقال : مكرهٌ أخاك لا بطل .. وإن كان الإكراه في هذه المسائل فيه نظر ، فإيجاد العذر المجرّد أحياناً مطيّة يستطيعها الجميع لكن .. هل هو مقنع ؟
رابعاً : السكوت عن الأخطاء خطأ بحد ذاته ، ومعالجة القصور والتنبّه إلى مكامن الخلل خطوة مهمة في طريق التصحيح ، إلاّ أن هناك إشكالية لدى كثيرين وهي أنه عند الحديث عن جوانب القصور في عملٍ ما ينسحب ذهن الآخرين إلى الأشخاص القائمين على هذه الأعمال ، وهذا قصور في الفهم لأنه قد يكون السبب في طبيعة العمل من حيث الصعوبة أو الظروف المحيطة ، بل ربما يعود السبب لأشخاص معدودين دون غيرهم ، وعلى العموم فلكل حالة ملابساتها ووضعها الخاص بها حتى يمكن الحكم على مدى مسؤولية الآخرين عن جوانب القصور .
خامساً : برزت ظاهرة لم تكن خافية في السابق ألا وهي الشلليّة – إن صح التعبير - في العمل فتجد فئةً من الناس لا يروق العمل لأفرادها إلاّ مع بعضهم البعض ، وما إن يتسلّم فردٌ ما زمام العمل حتى يهب مستنجداً بمجموعته ورفقته الخاصة .
قد يبرز أمامنا عذر الانسجام في العمل ولذلك وجه ، بيد أنه سرعان ما يتلاشى هذا العذر أمام الإمكانيات الضعيفة لغالب المجموعة العاملة .. وهنا يبرز السؤال : لماذا هذه المجموعة تحديداً تستأثر بالأعمال دون غيرها ؟ ثم بعد حين يأتون إليك شاكين من ابتعاد الآخرين .. يداك أوكتا وفوك نفخ ! فلا غرو أن ينأى الآخرون عنك .. فهناك أناس لا يرضون بأن يكونوا رقماً مجرّداً ، غير قادرين على العمل بالصورة الصحيحة .
سادساً : لدينا مشكلة عويصة نعاني منها طويلاً وهي غياب التخصّص في كثير من الأعمال والمهام ، وليس السبب في عدم وجود هذه العيّنة ، بل السبب هو هذا التسابق المحموم من كثيرين لأعمال هم في قلّة إدراك بتسييرها .. لتبرز بعد فترة نتائج متهالكة تئنُّ من وجع السقوط أو تكاد .
حالُ أحدهم : أنا أعرف كلَّ شيء وأصلح لكل شيء .. فإذا ما تسلّم زمام العمل كانت المحصّلة : لا شيء .
كما ذكرت سابقاً : يوسّد الأمر إلى غير أهله .. لتبرز مشكلات تجبر كثيرين على الابتعاد أو العمل على استحياء أو في جوٍّ غير مريح ليخرج العمل بصورةٍ أقلّ من المأمول .... فهل المطلوب من كل شخص أن يصبر على كل ما يلاقي حتى يستمر !؟
أحبّ أن أوضح شيئأً قبل الانتقال للنقطة التالية وهو أنني لا أتهم نوايا هؤلاء ، لكن قلة الدّراية وضعف الخبرة أفرزتا مثل هذه الأمور ، وأمّا قضية المحاباة فيبدو أن السبب الرئيس يكمن في جانب التأثير والتأثّر .
سابعاً : إنَّ الحساسية التي أصبحنا نشاهدها من عملية النقد أصبحت ظاهرة تستحق الوقوف عندها ..
يقولون : الحرب لم تنشأ هكذا وإنّما كانت ناشئة عن تجاوزات وأخطاء تراكمت ربما على مدى سنوات لتصبح في مرحلة من المراحل فتيلاً مشتعلاً يصعب إطفاؤه .. وقِس على ذلك .
إنَّ الوقوف على الأخطاء دون حراك يصل بالحالة إلى ما يشبه الكارثة ، وما كان ذلك ليكون لولا السكوت والتغافل عمّا يحدث .
أعود لأؤكّد أن جانباً كبيراً من هذه الأخطاء كان عن حسن نيّة ، ولم يكن مقصوداً .. لكن بالمقابل الانكفاء على النفس وتجنّب المحاسبة يؤدي بالأمور إلى عواقب وخيمة ..