إبليس
11 Sep 2007, 12:57 AM
أصدرت كتابا عن المسلسل وذهنية التحريم في المجتمع السعودي
بدرية البشر للعربية.نت: الفتوى ضد "طاش ما طاش" هزمت
http://www.alarabiya.net/files/image/large_29255_38960.jpg
غلاف الكتاب
الرياض - سعد المحارب
يصدر قريبا كتاب "معارك طاش ما طاش: قراءة في ذهنية التحريم في المجتمع السعودي" تقول فيه مؤلفته الكاتبة الصحفية والباحثة الاجتماعية د. بدرية البشر إن فتوى تحريم المسلسل هزمت، وذلك ضمن طروحات من المتوقع أن يثير الكتاب جدلا واسعا لكونه يتناول موضوعات لها حساسيتها داخل المجتمع السعودي.
وكان مسلسل "طاش ما طاش" قد أثار ردود فعل واسعة بين مؤيد للمسلسل وحقه في "التعبير عن الرأي وممارسة النقد وتعرية الظواهر السلبية"، وبين معارض اعتبر ما يطرحه المسلسل "مساسا بقيم المجتمع السعودي وتشويها لصورته".
وتتناول البشر، وهي زوجة ناصر القصبي أحد نجمي المسلسل الشهيرين، الفتوى الصادرة عن هيئة كبار العلماء في السعودية في ديسمبر من عام 2000، بتحريم إنتاج "طاش ما طاش"، وترويجه، وعرضه، وما أثارته الفتوى من ردود فعل متباينة، معتبرة أن "انشقاقا على كل المستويات قد حدث في الموقف من الفتوى"، فلم "تبث إعلاميا، وتجاهلتها الصحف" رغم توزيعها "بصورة علنية في المساجد والمدارس"، مستخلصة أن "استمرار التلفزيون الحكومي في عرض المسلسل، وتوالي جنيه أعلى إيراد إعلاني، يعكس استمرار مشاهدته، وهو ما يعني هزيمة الفتوى".
وتستعرض المؤلفة في كتابها خمس حلقات اعتبرتها الأكثر إثارة لموقف المعارضين للمسلسل، وهي "بدون محرم"، و"وشو من لحية"، و"إرهابي أكاديمي"، و"واتعليماه"، و"صالون الهيئة"، وقدّمت ملخصاً للحلقات، ولردود الفعل عليها.
وتناول الفصل الأول من الكتاب الذي يصدر عن المركز الثقافي العربي في بيروت والدار البيضاء، "ذهنية التحريم" التي تناولتها الكاتبة بتعمق فيما عرفته بأنها "ذهنية يشترك فيها جموع من الناس على الجمود الفكري، والانغلاق العقلي، بما يجعلهم يتعاملون مع كل معتقداتهم على أنها مطلقة وأبدية"، هذا فضلا "عن تجريم كل نقد يقدّم للمعتقدات، أو لتفسيرها".
تنتقل المؤلفة بعد ذلك إلى استعراض تاريخي للحركات التي اعتبرتها "ممثلة لذهنية التحريم في المجتمع السعودي"، حيث تتخذ من التأييد والمعارضة الذين لاقاهما مسلسل "طاش ما طاش" نموذجا لدراسة هذه الذهنية بمراحلها المختلفة داخل المجتمع السعودي.
وتطرح المؤلفة "معركة اختلاف اللهجات" ضمن حلقات المسلسل مثالاً على "حالة الانقسام" تجاهه، حيث رأى بعض المشاهدين في "تعدد اللهجات والبيئات والأزياء في المسلسل تأكيداً على مناخ التعددية المحلي، ورسالة معبرة عن حالة الغنى الثقافية في المملكة، ورأى غيرهم أن هذه التعددية جاءت للسخرية من مناطق معينة، وتشويهاً مقصوداً يأتي استجابة لنظرة متعالية للعاصمة حيال الأطراف".
وتصنف البشر المعارضين للمسلسل إلى ثلاث فئات رئيسة، كانت أولها "المعارضون بسبب ما اعتبروه مساساً بقيمتهم كما في معركة اللهجات"، والفئة الثانية سمتهم بـ"المنقلبون" وهم من "الكتاب والصحافيين والمنتجين والأكاديميين، الذين لم يترددوا في المطالبة علناً بفرض الرقابة على المسلسل"، والفئة الثالثة "المتشددون المعارضون للمسلسل على أساس ما يعتبرونه مفاهيم دينية مقدّسة".
وفي حوار مطول ومثير مع "العربية.نت" تعتبر بدرية البشر أن "كل جديد في السعودية مر عبر بواية التحريم"، قائلة إن المجتمع السعودي عانى "ذهنية التحريم التي تجعل المرء كلما التفت خلفه يشعر أنه قد خرج من قاع مظلم.. وكيف أن المذياع والسيارة والتلفزيون وتعليم البنات كانت من أكبر المحرمات، بينما هي اليوم من أبسط أبجديات حياة المواطن السعودي".
ولدى سؤالها عن سبب تركيزها على "رفض الإسلاميين للمسلسل" رغم محدودية تقبل النقد لدى معظم الأطراف في السعودية، بررت موقفها بأن المعارضين من غير الإسلاميين لم يمتلكوا "السلطة ذاتها التي امتلكتها فئة الإسلاميين الذين سيطروا على كل منافذ المجتمع". هذا فضلا أن "هم وحدهم الفئة التي تجرأت على التحريض على القتل، وهو ما يدل على أنها تخطت حدود التعبير عن الرأي لتعلن فكراً مسلحاً بالتكفير والتحريض السافر على قتل المخالف".
وفيما يلي نص الحوار الكامل مع بدرية البشر يليه استعراض مفصل لكتابها "معارك طاش ما طاش".
نص الحوار
* في إحدى جلسات الحوار الوطني، قلت "إن كل جديد في السعودية مرّ عبر بوابة التحريم"، وثمة ترديدا، وشرح موسع لهذه المقولة في الفصل الأول من الكتاب، إلا أن هذا يوحي أن فكرة الفصل سابقة على المناسبة، أي أنك أردتي أن تعبري عن هذه الفكرة، أكثر من وضع تمهيد تاريخي لتحريم "طاش ما طاش"؟
هذا السؤال يعيدني لفكرة تثير حقيقة أنني في هذا الكتاب لم أبتعد كثيراً عن منطقة اشتغالي البحثي الذي كنت حضرته لنيل درجة الدكتوراه والذي اعتمد على فكرة بحث "قبول العولمة في الخليج العربي: الرياض ودبي نموذجا"، وقد عملت في الجزء الميداني على قياس مدى قبول مجتمع الخليج لوسائل العولمة التي حصرتها في ثلاث وسائل هي( الانترنت والستالايت والهاتف المحمول) بوصفها وسائل اتصال عالمية ذات مضامين جديدة على المجتمع، وقد اكتشفت أن هذه الوسائل الثلاث واجهت ممانعة استخدمت الأيدلوجية ذاتها في الرفض، أيدلوجية "تحريمية" لم تفلح في منع دخول هذه الوسائل بقدر ما ساهمت في تأخيرها وإثارة الريبة لدى الناس حولها، وإثراء أصحاب السوق السوداء الذين يتاجرون، ويتجرون، بسبب هذه الممانعات التحريمية، لكن الفصل الأول في كتاب معارك طاش ما طاش الذي كتبته كان محاولة لتتبع ما هو أبعد من المرحلة الحالية، وهي مرحلة تاريخية يعرفها الجميع في المملكة العربية السعودية، وكتبت ونشرت، تشير إلى أننا كمجتمع عانينا من ذهنية التحريمية، التي تجعل المرء كلما التفت خلفه يشعر أنه قد خرج من قاع مظلم، ولا يملك إلا أن يتعجب كيف أستسلم له عقله بينما هو اليوم واضح وضوح الشمس، اقصد كيف كان المذياع والسيارة والتلفزيون وتعليم البنات من اكبر المحرمات، بينما هي اليوم من ابسط أبجديات حياة المواطن السعودي، رغم أن الفارق بيننا وبين وهذا التاريخ لا يتعدى خمسين عاماً.
* عرضتي للسياق التاريخي في الفصل الأول لتمثلات ذهنية التحريم في السعودية، هل تريدين القول للقارىء إننا أمام قصة مكررة، حركة تدعم وتنمو، ثم تتمرد وتواجه، وينتهي الأمر بسقوط الحركة وتلبية معظم مطالبها؟
تماماً كما قلت، نحن في ظاهرة الحرب على طاش ما طاش أمام قصة تتكرر بنفس السيناريو، تستطيع أن تحذف أسم البرنامج وتضع أمامه ما شئت من القضايا، الانتخابات البلدية، قيادة المرأة للسيارة، مدارس البنات، المذياع، القصة هي ذاتها، تبدو وكأننا أمام مشروع كبير لهدم المجتمع والأخلاق والدين، وكأن أعمدة هذا المجتمع من الكارتون سيطيح بها كل عاصف ولو كان خطوة تنموية أو برنامج فني.
* ألا تلاحظين أن القدرة على تقبل النقد في السعودية محدودة لدى جميع الأطراف، فلماذا ركزتي على رفض الإسلاميين دون غيرهم؟
لاشك أن المجتمعات التي تتسم ثقافتها بالمحافظة هي مجتمعات شديدة الحساسية، وربما الرفض للنقد، وللقراءة المعلنة، فهي تريد على الدوام أن تداري أسرارها، وتكتم أخطاءها، على أمل أن يموت الخطأ أو يصححه الله من عنده، لكننا اليوم ندخل مرحلة لم يعد فيها الستر مفهوم ثقافي، بل نحن أمام مرحلة يتقدم فيها العقل باتجاه المواجهة والمعرفة والشفافية ولم يعد بالإمكان إخفاء الأخطاء أو العيوب.
أما لماذا توسعت في نقد موقف الإسلاميين دون غيرهم، فقد ذكرت في الفصل الثاني أن المعارضين هم ثلاثة فئات، وقد كانت فئة الإسلاميين هي الفئة الأخيرة، لكن لماذا خصصت لها فصلاً خاصاً لأنه، وبكل بساطة، الفئتان الأخريتان لم تمتلك السلطة ذاتها التي امتلكتها فئة الإسلاميين الذين سيطروا على كل منافذ المجتمع، المدارس، والإعلام، والشارع، والمنابر، وساهمت في هذا الاكتساح الأموال التي تصب عليهم من كل حدب وصوب.
الفئتان الأخريتان استخدمتا تعبيراً سلبياً مقبولاً في التعبير عن الرأي، ولهما الحق، بل إن بعض الناس في هاتين الفئتين تراجع وصحح نفسه وعاد للوقوف في صف طاش.
كل هذا فضلاً عن أن الإسلاميين هم وحدهم الفئة التي جرئت على التحريض على القتل، وهو ما يدل على أنها تخطت حدود التعبير عن الرأي لتعلن فكراً مسلحاً بالتكفير والتحريض السافر على قتل المخالف، وهذا أشد أنواع الخلاف الفكري خطورة، هؤلاء كانوا على الدوام ينتهي بهم المطاف كما ذكرت في الفصل التاريخي إلى حمل السلاح وهذا ما يرفضه العاقل، ويأباه العقل.
* ثمة ملاحظة في هذا الخصوص حيال الفئتين الوسطى، والأخيرة، من المعارضين للمسلسل، حيث أطلقتي عليهم تسمية "المنقلبون"، و"المتشددون"، ومثله في وصفك لحلقة "وشو من لحية" بالنبيلة، فهذه أحكام معيارية، أكثر من كونها قراءة تحليلية لباحثة؟
الحق معكم، مثل هذه الأوصاف تعتبر أحكام معيارية فيما لو كنت أنا من قررها، لكنني في الحقيقة استخدمت الأوصاف التي أطلقت على بعض الفئات، والتي اتفق الرأي العام على تداولها، وبالتالي فإن هذه الأوصاف، هي من استخدام كتّاب المقالات الذين رصدت من خلال كتاباتهم ردود الفعل على المسلسل، والواقع إنني حاولت تخفيف بعض الصفات التي قابلتها، مثل المنقلبين، والتي استخدمها البعض، احتراماً لمبادئ كثيرة، وآمل على كل حال أنني لم أخفق.
* في معركة تحريم "طاش ما طاش" أظهرتي هزيمة الفتوى، وكأنها حالة أولى من نوعها، ألا ترين أن الفتوى مهزومة في حالات أخرى كثيرة، منها وجوب تغطية وجه المرأة، وإعفاء لحية الرجل، وفي تحريم سماع الغناء، والسفر إلى الخارج، والاكتتاب في غير شركة مساهمة، ومعظم أنماط العباءة النسائية؟
صحيح ما ذكرتموه أن بعض الفتاوى غير المعمول بها قد سبقت فتوى طاش ما طاش، إلا أن كل فتوى من الفتاوى التي ذكرتها ظلت ذات قيمة وذات سلطة تفرض نفسها في الشارع السعودي، فرجل الهيئة يصادر أنماط العباءات متى ما داهم المحل ووجد أنماطاً مخالفة، والمرأة يمكن أن تطرد من السوق إن لم تستجب لنداء رجل الهيئة بتغطية وجهها، لكن فتوى طاش لم تستطع أن توقف المسلسل من القناة السعودية، وهي قناة ضمن التلفزيون الحكومي، ومن هنا جاءت السابقة، و كما ذكرت في كتابي أن الصحف لم تنشر الفتوى في اليوم التالي لصدورها بقرار من مسئول كبير.
* الفصل الثالث هو الأكثر إثارة، والأقرب لعنوان الكتاب، ولصورة غلافه، ألم يكن من الأفضل تخفيض مساحة الفصلين الأولين، أو حتى وضع الفصل الأول في كتاب مستقل يتناول ذهنية التحريم على المستويين النظري، والتطبيقي في السعودية؟
هذه وجهة نظر، أحترمها لاشك، مثلما احترمت وجهة نظر الناشر الذي أقنعني بترتيب ظهر على غير ما كان مخطط له، وجعلني اختصر من الفصل التاريخي كثيراً، لكنها في النهاية اجتهادات آمل أن أتعلم منها إن كنت أخطأت في شيء منها.
* برأيك لماذا تأخر المؤيدون للمسلسل في التعبير عن موقفهم؟ هل المسألة فقط لها علاقة بما يقال عن ارتفاع حرية التعبير في الصحافة السعودية، أم أن الأمر مرتبط بارتفاع مستوى العمل، من زاوية الجرأة، بما جعله عنصراً فاعلاً في معترك ثقافي نشيط يخوضه هؤلاء الكتّاب؟
عوامل مجتمعة ساهمت في هذا، لكنني في الأخير أظن أن "طاش ما طاش" ساهم في تحريك السقف الإعلامي، فقد كنا لسنوات، وقبل منعطف الحادي عشر من سبتمبر عقلاء أكثر من اللازم، نحسب لكل كلمة حساب، ونخاف من قول الحقيقة حتى فقدنا القدرة على قولها.
وباستثناء أقلام معدودة كانت تضحي بأمنها، وبقوتها، وتقبل أن تقاد إلى المحكمة بجريرة كلمة، فإن كثيراً من الكتاب يذهبون إلى صحفهم مثل موظفي الحكومة، ويجدون في الصحافة وسيلة لكسب العيش، وهذا لا ينطبق فقط على الكتّاب فحسب، بل حتى على الفنانين، وأساتذة الجامعة، والعلماء في كل مؤسسة علمية.
* هل كونك زوجة لأحد بطلي العمل، ومنتجيه، يشكل برأيك إضافة لقربك من الفريق؟ أم أن هذا عبء على موضوعيتك كباحثة؟
كوني زوجة لأحد أبطال العمل ......
التكمله على الرابط
http://www.alarabiya.net/articles/2007/09/10/38960.html
بدرية البشر للعربية.نت: الفتوى ضد "طاش ما طاش" هزمت
http://www.alarabiya.net/files/image/large_29255_38960.jpg
غلاف الكتاب
الرياض - سعد المحارب
يصدر قريبا كتاب "معارك طاش ما طاش: قراءة في ذهنية التحريم في المجتمع السعودي" تقول فيه مؤلفته الكاتبة الصحفية والباحثة الاجتماعية د. بدرية البشر إن فتوى تحريم المسلسل هزمت، وذلك ضمن طروحات من المتوقع أن يثير الكتاب جدلا واسعا لكونه يتناول موضوعات لها حساسيتها داخل المجتمع السعودي.
وكان مسلسل "طاش ما طاش" قد أثار ردود فعل واسعة بين مؤيد للمسلسل وحقه في "التعبير عن الرأي وممارسة النقد وتعرية الظواهر السلبية"، وبين معارض اعتبر ما يطرحه المسلسل "مساسا بقيم المجتمع السعودي وتشويها لصورته".
وتتناول البشر، وهي زوجة ناصر القصبي أحد نجمي المسلسل الشهيرين، الفتوى الصادرة عن هيئة كبار العلماء في السعودية في ديسمبر من عام 2000، بتحريم إنتاج "طاش ما طاش"، وترويجه، وعرضه، وما أثارته الفتوى من ردود فعل متباينة، معتبرة أن "انشقاقا على كل المستويات قد حدث في الموقف من الفتوى"، فلم "تبث إعلاميا، وتجاهلتها الصحف" رغم توزيعها "بصورة علنية في المساجد والمدارس"، مستخلصة أن "استمرار التلفزيون الحكومي في عرض المسلسل، وتوالي جنيه أعلى إيراد إعلاني، يعكس استمرار مشاهدته، وهو ما يعني هزيمة الفتوى".
وتستعرض المؤلفة في كتابها خمس حلقات اعتبرتها الأكثر إثارة لموقف المعارضين للمسلسل، وهي "بدون محرم"، و"وشو من لحية"، و"إرهابي أكاديمي"، و"واتعليماه"، و"صالون الهيئة"، وقدّمت ملخصاً للحلقات، ولردود الفعل عليها.
وتناول الفصل الأول من الكتاب الذي يصدر عن المركز الثقافي العربي في بيروت والدار البيضاء، "ذهنية التحريم" التي تناولتها الكاتبة بتعمق فيما عرفته بأنها "ذهنية يشترك فيها جموع من الناس على الجمود الفكري، والانغلاق العقلي، بما يجعلهم يتعاملون مع كل معتقداتهم على أنها مطلقة وأبدية"، هذا فضلا "عن تجريم كل نقد يقدّم للمعتقدات، أو لتفسيرها".
تنتقل المؤلفة بعد ذلك إلى استعراض تاريخي للحركات التي اعتبرتها "ممثلة لذهنية التحريم في المجتمع السعودي"، حيث تتخذ من التأييد والمعارضة الذين لاقاهما مسلسل "طاش ما طاش" نموذجا لدراسة هذه الذهنية بمراحلها المختلفة داخل المجتمع السعودي.
وتطرح المؤلفة "معركة اختلاف اللهجات" ضمن حلقات المسلسل مثالاً على "حالة الانقسام" تجاهه، حيث رأى بعض المشاهدين في "تعدد اللهجات والبيئات والأزياء في المسلسل تأكيداً على مناخ التعددية المحلي، ورسالة معبرة عن حالة الغنى الثقافية في المملكة، ورأى غيرهم أن هذه التعددية جاءت للسخرية من مناطق معينة، وتشويهاً مقصوداً يأتي استجابة لنظرة متعالية للعاصمة حيال الأطراف".
وتصنف البشر المعارضين للمسلسل إلى ثلاث فئات رئيسة، كانت أولها "المعارضون بسبب ما اعتبروه مساساً بقيمتهم كما في معركة اللهجات"، والفئة الثانية سمتهم بـ"المنقلبون" وهم من "الكتاب والصحافيين والمنتجين والأكاديميين، الذين لم يترددوا في المطالبة علناً بفرض الرقابة على المسلسل"، والفئة الثالثة "المتشددون المعارضون للمسلسل على أساس ما يعتبرونه مفاهيم دينية مقدّسة".
وفي حوار مطول ومثير مع "العربية.نت" تعتبر بدرية البشر أن "كل جديد في السعودية مر عبر بواية التحريم"، قائلة إن المجتمع السعودي عانى "ذهنية التحريم التي تجعل المرء كلما التفت خلفه يشعر أنه قد خرج من قاع مظلم.. وكيف أن المذياع والسيارة والتلفزيون وتعليم البنات كانت من أكبر المحرمات، بينما هي اليوم من أبسط أبجديات حياة المواطن السعودي".
ولدى سؤالها عن سبب تركيزها على "رفض الإسلاميين للمسلسل" رغم محدودية تقبل النقد لدى معظم الأطراف في السعودية، بررت موقفها بأن المعارضين من غير الإسلاميين لم يمتلكوا "السلطة ذاتها التي امتلكتها فئة الإسلاميين الذين سيطروا على كل منافذ المجتمع". هذا فضلا أن "هم وحدهم الفئة التي تجرأت على التحريض على القتل، وهو ما يدل على أنها تخطت حدود التعبير عن الرأي لتعلن فكراً مسلحاً بالتكفير والتحريض السافر على قتل المخالف".
وفيما يلي نص الحوار الكامل مع بدرية البشر يليه استعراض مفصل لكتابها "معارك طاش ما طاش".
نص الحوار
* في إحدى جلسات الحوار الوطني، قلت "إن كل جديد في السعودية مرّ عبر بوابة التحريم"، وثمة ترديدا، وشرح موسع لهذه المقولة في الفصل الأول من الكتاب، إلا أن هذا يوحي أن فكرة الفصل سابقة على المناسبة، أي أنك أردتي أن تعبري عن هذه الفكرة، أكثر من وضع تمهيد تاريخي لتحريم "طاش ما طاش"؟
هذا السؤال يعيدني لفكرة تثير حقيقة أنني في هذا الكتاب لم أبتعد كثيراً عن منطقة اشتغالي البحثي الذي كنت حضرته لنيل درجة الدكتوراه والذي اعتمد على فكرة بحث "قبول العولمة في الخليج العربي: الرياض ودبي نموذجا"، وقد عملت في الجزء الميداني على قياس مدى قبول مجتمع الخليج لوسائل العولمة التي حصرتها في ثلاث وسائل هي( الانترنت والستالايت والهاتف المحمول) بوصفها وسائل اتصال عالمية ذات مضامين جديدة على المجتمع، وقد اكتشفت أن هذه الوسائل الثلاث واجهت ممانعة استخدمت الأيدلوجية ذاتها في الرفض، أيدلوجية "تحريمية" لم تفلح في منع دخول هذه الوسائل بقدر ما ساهمت في تأخيرها وإثارة الريبة لدى الناس حولها، وإثراء أصحاب السوق السوداء الذين يتاجرون، ويتجرون، بسبب هذه الممانعات التحريمية، لكن الفصل الأول في كتاب معارك طاش ما طاش الذي كتبته كان محاولة لتتبع ما هو أبعد من المرحلة الحالية، وهي مرحلة تاريخية يعرفها الجميع في المملكة العربية السعودية، وكتبت ونشرت، تشير إلى أننا كمجتمع عانينا من ذهنية التحريمية، التي تجعل المرء كلما التفت خلفه يشعر أنه قد خرج من قاع مظلم، ولا يملك إلا أن يتعجب كيف أستسلم له عقله بينما هو اليوم واضح وضوح الشمس، اقصد كيف كان المذياع والسيارة والتلفزيون وتعليم البنات من اكبر المحرمات، بينما هي اليوم من ابسط أبجديات حياة المواطن السعودي، رغم أن الفارق بيننا وبين وهذا التاريخ لا يتعدى خمسين عاماً.
* عرضتي للسياق التاريخي في الفصل الأول لتمثلات ذهنية التحريم في السعودية، هل تريدين القول للقارىء إننا أمام قصة مكررة، حركة تدعم وتنمو، ثم تتمرد وتواجه، وينتهي الأمر بسقوط الحركة وتلبية معظم مطالبها؟
تماماً كما قلت، نحن في ظاهرة الحرب على طاش ما طاش أمام قصة تتكرر بنفس السيناريو، تستطيع أن تحذف أسم البرنامج وتضع أمامه ما شئت من القضايا، الانتخابات البلدية، قيادة المرأة للسيارة، مدارس البنات، المذياع، القصة هي ذاتها، تبدو وكأننا أمام مشروع كبير لهدم المجتمع والأخلاق والدين، وكأن أعمدة هذا المجتمع من الكارتون سيطيح بها كل عاصف ولو كان خطوة تنموية أو برنامج فني.
* ألا تلاحظين أن القدرة على تقبل النقد في السعودية محدودة لدى جميع الأطراف، فلماذا ركزتي على رفض الإسلاميين دون غيرهم؟
لاشك أن المجتمعات التي تتسم ثقافتها بالمحافظة هي مجتمعات شديدة الحساسية، وربما الرفض للنقد، وللقراءة المعلنة، فهي تريد على الدوام أن تداري أسرارها، وتكتم أخطاءها، على أمل أن يموت الخطأ أو يصححه الله من عنده، لكننا اليوم ندخل مرحلة لم يعد فيها الستر مفهوم ثقافي، بل نحن أمام مرحلة يتقدم فيها العقل باتجاه المواجهة والمعرفة والشفافية ولم يعد بالإمكان إخفاء الأخطاء أو العيوب.
أما لماذا توسعت في نقد موقف الإسلاميين دون غيرهم، فقد ذكرت في الفصل الثاني أن المعارضين هم ثلاثة فئات، وقد كانت فئة الإسلاميين هي الفئة الأخيرة، لكن لماذا خصصت لها فصلاً خاصاً لأنه، وبكل بساطة، الفئتان الأخريتان لم تمتلك السلطة ذاتها التي امتلكتها فئة الإسلاميين الذين سيطروا على كل منافذ المجتمع، المدارس، والإعلام، والشارع، والمنابر، وساهمت في هذا الاكتساح الأموال التي تصب عليهم من كل حدب وصوب.
الفئتان الأخريتان استخدمتا تعبيراً سلبياً مقبولاً في التعبير عن الرأي، ولهما الحق، بل إن بعض الناس في هاتين الفئتين تراجع وصحح نفسه وعاد للوقوف في صف طاش.
كل هذا فضلاً عن أن الإسلاميين هم وحدهم الفئة التي جرئت على التحريض على القتل، وهو ما يدل على أنها تخطت حدود التعبير عن الرأي لتعلن فكراً مسلحاً بالتكفير والتحريض السافر على قتل المخالف، وهذا أشد أنواع الخلاف الفكري خطورة، هؤلاء كانوا على الدوام ينتهي بهم المطاف كما ذكرت في الفصل التاريخي إلى حمل السلاح وهذا ما يرفضه العاقل، ويأباه العقل.
* ثمة ملاحظة في هذا الخصوص حيال الفئتين الوسطى، والأخيرة، من المعارضين للمسلسل، حيث أطلقتي عليهم تسمية "المنقلبون"، و"المتشددون"، ومثله في وصفك لحلقة "وشو من لحية" بالنبيلة، فهذه أحكام معيارية، أكثر من كونها قراءة تحليلية لباحثة؟
الحق معكم، مثل هذه الأوصاف تعتبر أحكام معيارية فيما لو كنت أنا من قررها، لكنني في الحقيقة استخدمت الأوصاف التي أطلقت على بعض الفئات، والتي اتفق الرأي العام على تداولها، وبالتالي فإن هذه الأوصاف، هي من استخدام كتّاب المقالات الذين رصدت من خلال كتاباتهم ردود الفعل على المسلسل، والواقع إنني حاولت تخفيف بعض الصفات التي قابلتها، مثل المنقلبين، والتي استخدمها البعض، احتراماً لمبادئ كثيرة، وآمل على كل حال أنني لم أخفق.
* في معركة تحريم "طاش ما طاش" أظهرتي هزيمة الفتوى، وكأنها حالة أولى من نوعها، ألا ترين أن الفتوى مهزومة في حالات أخرى كثيرة، منها وجوب تغطية وجه المرأة، وإعفاء لحية الرجل، وفي تحريم سماع الغناء، والسفر إلى الخارج، والاكتتاب في غير شركة مساهمة، ومعظم أنماط العباءة النسائية؟
صحيح ما ذكرتموه أن بعض الفتاوى غير المعمول بها قد سبقت فتوى طاش ما طاش، إلا أن كل فتوى من الفتاوى التي ذكرتها ظلت ذات قيمة وذات سلطة تفرض نفسها في الشارع السعودي، فرجل الهيئة يصادر أنماط العباءات متى ما داهم المحل ووجد أنماطاً مخالفة، والمرأة يمكن أن تطرد من السوق إن لم تستجب لنداء رجل الهيئة بتغطية وجهها، لكن فتوى طاش لم تستطع أن توقف المسلسل من القناة السعودية، وهي قناة ضمن التلفزيون الحكومي، ومن هنا جاءت السابقة، و كما ذكرت في كتابي أن الصحف لم تنشر الفتوى في اليوم التالي لصدورها بقرار من مسئول كبير.
* الفصل الثالث هو الأكثر إثارة، والأقرب لعنوان الكتاب، ولصورة غلافه، ألم يكن من الأفضل تخفيض مساحة الفصلين الأولين، أو حتى وضع الفصل الأول في كتاب مستقل يتناول ذهنية التحريم على المستويين النظري، والتطبيقي في السعودية؟
هذه وجهة نظر، أحترمها لاشك، مثلما احترمت وجهة نظر الناشر الذي أقنعني بترتيب ظهر على غير ما كان مخطط له، وجعلني اختصر من الفصل التاريخي كثيراً، لكنها في النهاية اجتهادات آمل أن أتعلم منها إن كنت أخطأت في شيء منها.
* برأيك لماذا تأخر المؤيدون للمسلسل في التعبير عن موقفهم؟ هل المسألة فقط لها علاقة بما يقال عن ارتفاع حرية التعبير في الصحافة السعودية، أم أن الأمر مرتبط بارتفاع مستوى العمل، من زاوية الجرأة، بما جعله عنصراً فاعلاً في معترك ثقافي نشيط يخوضه هؤلاء الكتّاب؟
عوامل مجتمعة ساهمت في هذا، لكنني في الأخير أظن أن "طاش ما طاش" ساهم في تحريك السقف الإعلامي، فقد كنا لسنوات، وقبل منعطف الحادي عشر من سبتمبر عقلاء أكثر من اللازم، نحسب لكل كلمة حساب، ونخاف من قول الحقيقة حتى فقدنا القدرة على قولها.
وباستثناء أقلام معدودة كانت تضحي بأمنها، وبقوتها، وتقبل أن تقاد إلى المحكمة بجريرة كلمة، فإن كثيراً من الكتاب يذهبون إلى صحفهم مثل موظفي الحكومة، ويجدون في الصحافة وسيلة لكسب العيش، وهذا لا ينطبق فقط على الكتّاب فحسب، بل حتى على الفنانين، وأساتذة الجامعة، والعلماء في كل مؤسسة علمية.
* هل كونك زوجة لأحد بطلي العمل، ومنتجيه، يشكل برأيك إضافة لقربك من الفريق؟ أم أن هذا عبء على موضوعيتك كباحثة؟
كوني زوجة لأحد أبطال العمل ......
التكمله على الرابط
http://www.alarabiya.net/articles/2007/09/10/38960.html