المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف يستقبل العلمانيون رمضان؟ .... الشيخ أ.د / ناصر العمر



إشراقات
26 Sep 2007, 09:33 PM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من اقتفى آثرهم وسلك سبيلهم بإحسانٍ إلى يوم الدين, وبعد:

فها قد جاء رمضان, أياماً معدودات، أسأل الله أن يوفِّقني وإيَّاكم فيه لما يحبُّ ويرضى, ولعل من الملاحظ عند دخول الشهر بعض القضايا المنهجية التي تتعلق بالصيام، ويَحْسُن التنبُّه إليها.

من أولها: ما أن يَهِلُّ الهلال، ويستبشر المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ببزوغ قَرْنِه - حتى يُطِلُّ رأسُ النفاق، وتحاول العِلمانية البئيسة التي صُفِّد أعوانها دسَّ أنفها المريض, وفتح فاها؛ لتَبْعث منه ما يَزْكُم الأجواء.

فأحدهم يشكِّك في الصيام لاختلاف الأمصار, وآخر يطعن في العلماء لاختلاف المطالع، وثالثٌ ظَفَر بفَتْوَيَيْن متباينتَيْن في مسألةٍ من مسائل الصيام، التي ما أن يجيء الشهر حتى يكثر السؤال عنها؛ فتراه يُبْرِزْهما في كلِّ حينٍ؛ ليُثْبِت تناقض الدين!

باختصار؛ يريد المنافقون أن يقولوا: لا يحقُّ لكم - معشر الدعاة والعلماء والمشايخ - أن تختلفوا, فإذا اختلفتم؛ دلَّ ذلك على عدم صلاحِيَة ما عندكم, أو على عدم صلاحِيَة أهل الفتوى لديكم.
وبعض المساكين يغترُّ بمثل ذلك, والحقُّ الذي ينبغي أن يعلم أن الاختلاف سُنَّةٌ كونيَّةٌ ماضيةٌ في الأمم جميعًا, {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} {هود: 118}. ثم إن الخلاف واقعٌ في العلوم جميعاً؛ لتبايُن الأفهام، وورود الأوهام, ولاختلاف العلوم والآلات، ولأسبابٍ كثيرةٍ. لِيَطْلُبَها مَنْ يريدها في "رفع الملام عن الأئمة الأعلام"، لشيخ الإسلام - رحمه الله.

هذا وما زال الأطباء يختلفون, والمهندسون يختلفون، وهكذا سائر أصحاب العلوم التجريبية، وما سمعنا يومًا واعظًا عِلمانيًا يدَّعي عدم صلاحِيَة الهندسة، أو يطعن في علماء تلك العلوم ومختصِّيها، أو يَصِفَهم بالجهل والتناقض.

ولكن عندما تأتي الشريعة، ويأتي أهلها - يأتي تناقضهم, وفي القرآن نموذجٌ لاختلاف نبيَّيْن كريمَيْن في الحُكْم على مسألةٍ واحدةٍ, {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الانبياء: 78-79], ومع ذلك لم ينقص ذلك من قدرهما, وحتى لا يسبق ذلك إلى الذِّهن؛ فيظنُّ ظانٌّ أن جواب الولد الموافق للحقِّ يدل على قصورٍ ونَقْصٍ في الأب، عليهما السلام. قال سبحانه: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ * وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ} [الانبياء:79-80]. وبيَّن فضلهما، وما آسبغ عليهما من النِّعم في سورة النمل؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} [النمل: 15]. فهذا الاختلاف إذًا لم يُنْقِصْ من قدرهما, ولم يَبْخَس من علمها، مع أن الصواب كان واحدًا لا تناقض فيه.

وكذلك قُلْ في الخلاف الذي جرى في عصور الصحابة في مسائل أكثر من أن تُحْصَر؛ بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم الخَلْق، المسدَّد بالوحي - يقول في قضايا: ((لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ؛ لفعلتُ كذا وكذا)), ((ولئن بقيتُ إلى كذا لأفعلنَّ كذا))، وكم أجاب - صلى الله عليه وسلم - على مسائل أجاب عليها إجابةً أخرى, أو يزيد على الإجابة الأولى إيضاحًا، أو يضع لها قيداً ونحو ذلك, كما في قصَّة الأعمى الذي سأل عن الصلاة في المسجد, وقصة الذي سأله عن الشهيد، هل يغفر له كل ذنب؟ وغيرهما.

فإذا كان العلم قد يرى رأيًا، ثم يرى أوْلَى منه آخِرًا, فما بالكما باثنين؟! وكيف يعيب عاقلٌ مَنِ اختلفا، واختلاف العقول وقدراتها جِبِلَّةٌ وخِلْقَة, وتباين المعلومات متعلِّقٌ بحصولها ووصولها؟! فكل هذا يدل على أن الاختلاف في الاجتهادات السائغة لا يُنْقِصْ من قدر أصحابها المختلفين, ولا يطعن في أصل الدين.

فليُنْتَبَهْ لدسيسة المغرضين في هذا الشهر الكريم، والحمد لله رب العالمين.

الكتراز
26 Sep 2007, 11:03 PM
هم الخنجر المسموم الذي غرس بظهر الامه
الله يقطع دابرهم ويمحاهم عن الارض ويريح الخلق من شرهم والله انهم اشد علينا من اليهود والنصارى

شكرا على النقل

المديرالسعودي
26 Sep 2007, 11:34 PM
اثابك الله
وكتب لك التوفيق

البشتوني
27 Sep 2007, 12:02 AM
هم أشد علينا من اليهود والنصارى

رفحاوي
27 Sep 2007, 01:09 AM
جزاك الله خير انت والشيخ ناصر حفظه الله ...

كنت ابي اكتب عن تشويش العلمانيين كل عام بسبب اختلاف دخول رمضان ...

ليث
27 Sep 2007, 07:30 AM
شكرا اشراقات على النقل