الزعيم
10 Nov 2007, 02:27 PM
الوطن - كتاب اليوم
محمد الرطيان
إلى قراء "الوطن" الإلكترونية.. وسلام لـ"الهيلا"
(1)
أنا لا أكتب بـ"المشعاب"!
ولا أسوق الناس بعصا أفكاري ليروا أن الخطأ هو ما أراه أنا خطأ، أو لأجبرهم على أن ما أراه صواباً أنه هو الصواب الوحيد. أكتب بـ"قلم" أحاول قدر استطاعتي أن أجعله أنيقا، رشيقا، ومهذبا (رغم غضبه أحيانا). وللناس الحق أن يكتبوا ما يخالف رأيي تماما.. بل لهم الحق أن يرفضوا أسلوبي ولغتي، ويروا - حسب وجهة نظر بعضهم - أنني كاتب أقل من عادي.. فنحن الذين أتينا إليهم لكي نعرض لهم بضاعتنا الكتابية ولهم حق رفضها وقبولها أيا كانت أسبابهم.
وأجمل ما فعله رئيس التحرير السابق الدكتور عثمان الصيني قبل مغادرته الصحيفة أنه قام بتطوير الموقع الإلكتروني لـ"الوطن" بأن جعل هناك نافذة لـ"القارئ" يحق له من خلالها أن يقول ما يريد قوله، إلى الدرجة التي تجعلك أحيانا تشعر بأن سقف الحرية مرتفع لدى"القارئ" أكثر من"الكاتب"نفسه!.. فالكاتب يراوغ كثيرا لكي يمرر ما يريد تمريره، ويبتكر ألف حيلة كتابية لكي يقول ما يجب أن يُقال (بالضبط مثلما فعل وبذكاء الأستاذ عبدالله الفوزان في مقال السبت الماضي) أما القارئ فهو يأتي لكي يقول رأيه "خبط لزق" دون أن يهتم بالحسيب والرقيب، وهو يختفي وراء اسمه المستعار.
(2)
قال لي مرة الزميل الجميل "عبدالله الخزمري" مادحا:
عندما تكتب، تذكرني بـ"يوسف الثنيان" ومراوغاته الذكية أمام المرمى، وتمريراته التي تنتهي بتسجيل هدف! قلت له: ولكن يا عبدالله.. هل تذكر كم مرة خرج "يوسف الثنيان" من الملعب، وهو محمول على نقالة، وذلك بعد تعرضه لإصابة خطرة؟!.. وكم من مرة كاد يمنع من اللعب بسبب طبعه المشاغب؟!
(3)
أحببت هذه "النافذة" التي تمنح القارئ حرية ما يريد أن يقوله تجاه ما يُنشر في الصحيفة، ومنذ أول يوم لظهورها قلت للصديق "عيسى سوادي" المشرف على الموقع الإلكتروني لـ"الوطن": انشروا أي شيء يكتبه القارئ عنا - طالما أنه بحدود الأدب - حتى وإن أتى رأيه مختلفا معنا تماما، أو حادا، أو رافضا لكل ما نقوله له.. وبالنسبة لي تأكد أنك لن تجد أي مشكلة تجاه أي رد فعل من هذا "القارئ".
والحديث يجرني لـ"نوافذ" إلكترونية أخرى.. فأنا أنشر ما أكتبه في مكانين متناقضين جدا، أحدهما يقف في أقصى اليمين والآخر يقف في أقصى اليسار، وأقصد "الساحات" و"الشبكة الليبرالية".. وهناك من يستغرب هذا الحضور، وكأنني آتي إلى كل منهما بوجه مختلف عن الآخر!... وجهي هو وجهي لا أغيره، وقناعاتي وأفكاري واحدة لا تتغيّر بتغيّر الأماكن، وأتعامل مع الأمر ببساطة: أتلقى دعوة كريمة من هذا المكان أو ذاك (ولا يوجد فيها شرط أن تتبع توجهاتنا) وأقبلها برحابة صدر، وأتعامل مع هذه الأماكن كـ"منابر"حرة، لها شهرتها، وحضورها المختلف، وتتعامل من خلالها مع "قارئ" لا تعرفه، ولا يجاملك، ولا يخاف أي سلطة رقابية تمنع كلامه، أو تشطب رأيه.. هذا "القارئ" الذي مهما تفذلكنا وتفلسفنا بخصوص علاقتنا معه إلا أنه يظل الرقم الصعب لنا، ونظل نطمح لكسب رضاه، ونطمع إلى محبته. شرط أن نكون حذرين كي لا "يجرنا" إلى الأماكن التي يريدها، بل نحن "نسحبه" - بمحبة ولطف - إلى ما نريده نحن!
ورغم وجودي "الصريح" وسط غابة من "الأسماء المستعارة" لا أذكر أنني تعرضت للإساءة من هذا أو ذاك، رغم أن كل مكان في الدنيا لا يخلو من الشواذ والمرضى!
(4)
كأن كل ما فات من الكلام، لم يكن سوى"مقدمة"لما سأقوله لاحقا: فبعد متابعتي لبعض ردود فعل القراء على مقال الأسبوع الماضي لاحظت سوء فهم من البعض، ظنوا أن المقال يعنيهم وحدهم ويمس قبيلتهم العريقة. وهي قبيلة أكن لها الكثير من الاحترام والتقدير، وأتشرف برجالاتها، وأعتز بها مثلما أعتز بقبيلتي وأهلي. وتربطني بالكثير منهم أواصر المحبة والصداقة، وهم أبناء عمومتي في قبيلتي الكبرى والأهم: "القبيلة السعودية".. لهذا أقول لهم - ولا يوجد سبب لهذا القول سوى المحبة - وأقول لغيرهم أيضا: لست أنا من يسيء لكم أيها الكرام.. بل أن من يفكر بهذا الفعل سأكون ضمن الذين يقفون في وجهه.
(5)
الأسبوع الماضي دعاني مدير مدرسة جيل المستقبل عيد قيران العنزي لحفل مدرسي، وهو كـ"معلم" يجعلك تطمئن لمستقبل التعليم في هذا البلد، وكـ"مواطن" يجعلك تتفاءل بأن هذا الوطن سيصبح أبهى وأزهى. وأنا ألبي دعوته بحماسة لأنني أعرف أفكاره الخلاّقة والمبدعة، والبسيطة والعميقة في آن.. فمنذ عامين قام بقلب الأدوار في المدرسة: استلم التلاميذ الإدارة وجلس هو والمعلمون على كراسي الطلاب. وفي العام الماضي قام بعمل برلمان مدرسي، ورشّح التلاميذ أنفسهم في حملات انتخابية واختار الطلاب مرشحيهم بحرية ونزاهة.. وطبعا من نجح من المرشحين قام بتنفيذ كل وعوده الانتخابية.. فالصغار لا يعرفون ألاعيب الكبار وكذبهم!
والذي فعله العنزي في الأسبوع الماضي، في حفل الدوري المدرسي هو أن قام بتغيير أسماء الفرق من برشلونة وريال مدريد وغيرها من أسماء الفرق الشهيرة.. إلى فرق تحمل أسماء شهداء الواجب: يحي عوض القحطاني، عبدالرحمن الصالح، مبارك الصواط، سطام المطيري، عبدالله البقمي،عبدالله العتيبي، ياسر المولد، فرحان الشمري، خالد الحميدان، طلال المانع، وقال لنا:هذه هي الأسماء التي يجب أن يحفظها هؤلاء الأولاد.
يالله.. كم أنا فخور بهذا العنزي ووعيه ووطنيته، فهؤلاء الرجال الذين استشهدوا وهم يدافعون عنا ويصدون هجمات الإرهاب ضد مضارب قبيلتي الكبرى هم"أبناء عمومتي" وهذا الوطن هو قبيلتي التي أفاخر بها.. وهو "عصابة راسي".
وحدود "مرعى نوق" أحلامي، و"آبار"طموحاتي يبدأ من الساحل الغربي إلى الساحل الشرقي، ومن طريف شمالا حتى نجران وجازان جنوبا.. مرورا بكل المدن والقرى مع اختلاف ملامح ساكنيها ولهجاتهم وأفكارهم.
هذا هو الوطن،هذه هي القبيلة التي أحلم بأن يكبر فيها أولادي.. وأولادكم!
محمد الرطيان
إلى قراء "الوطن" الإلكترونية.. وسلام لـ"الهيلا"
(1)
أنا لا أكتب بـ"المشعاب"!
ولا أسوق الناس بعصا أفكاري ليروا أن الخطأ هو ما أراه أنا خطأ، أو لأجبرهم على أن ما أراه صواباً أنه هو الصواب الوحيد. أكتب بـ"قلم" أحاول قدر استطاعتي أن أجعله أنيقا، رشيقا، ومهذبا (رغم غضبه أحيانا). وللناس الحق أن يكتبوا ما يخالف رأيي تماما.. بل لهم الحق أن يرفضوا أسلوبي ولغتي، ويروا - حسب وجهة نظر بعضهم - أنني كاتب أقل من عادي.. فنحن الذين أتينا إليهم لكي نعرض لهم بضاعتنا الكتابية ولهم حق رفضها وقبولها أيا كانت أسبابهم.
وأجمل ما فعله رئيس التحرير السابق الدكتور عثمان الصيني قبل مغادرته الصحيفة أنه قام بتطوير الموقع الإلكتروني لـ"الوطن" بأن جعل هناك نافذة لـ"القارئ" يحق له من خلالها أن يقول ما يريد قوله، إلى الدرجة التي تجعلك أحيانا تشعر بأن سقف الحرية مرتفع لدى"القارئ" أكثر من"الكاتب"نفسه!.. فالكاتب يراوغ كثيرا لكي يمرر ما يريد تمريره، ويبتكر ألف حيلة كتابية لكي يقول ما يجب أن يُقال (بالضبط مثلما فعل وبذكاء الأستاذ عبدالله الفوزان في مقال السبت الماضي) أما القارئ فهو يأتي لكي يقول رأيه "خبط لزق" دون أن يهتم بالحسيب والرقيب، وهو يختفي وراء اسمه المستعار.
(2)
قال لي مرة الزميل الجميل "عبدالله الخزمري" مادحا:
عندما تكتب، تذكرني بـ"يوسف الثنيان" ومراوغاته الذكية أمام المرمى، وتمريراته التي تنتهي بتسجيل هدف! قلت له: ولكن يا عبدالله.. هل تذكر كم مرة خرج "يوسف الثنيان" من الملعب، وهو محمول على نقالة، وذلك بعد تعرضه لإصابة خطرة؟!.. وكم من مرة كاد يمنع من اللعب بسبب طبعه المشاغب؟!
(3)
أحببت هذه "النافذة" التي تمنح القارئ حرية ما يريد أن يقوله تجاه ما يُنشر في الصحيفة، ومنذ أول يوم لظهورها قلت للصديق "عيسى سوادي" المشرف على الموقع الإلكتروني لـ"الوطن": انشروا أي شيء يكتبه القارئ عنا - طالما أنه بحدود الأدب - حتى وإن أتى رأيه مختلفا معنا تماما، أو حادا، أو رافضا لكل ما نقوله له.. وبالنسبة لي تأكد أنك لن تجد أي مشكلة تجاه أي رد فعل من هذا "القارئ".
والحديث يجرني لـ"نوافذ" إلكترونية أخرى.. فأنا أنشر ما أكتبه في مكانين متناقضين جدا، أحدهما يقف في أقصى اليمين والآخر يقف في أقصى اليسار، وأقصد "الساحات" و"الشبكة الليبرالية".. وهناك من يستغرب هذا الحضور، وكأنني آتي إلى كل منهما بوجه مختلف عن الآخر!... وجهي هو وجهي لا أغيره، وقناعاتي وأفكاري واحدة لا تتغيّر بتغيّر الأماكن، وأتعامل مع الأمر ببساطة: أتلقى دعوة كريمة من هذا المكان أو ذاك (ولا يوجد فيها شرط أن تتبع توجهاتنا) وأقبلها برحابة صدر، وأتعامل مع هذه الأماكن كـ"منابر"حرة، لها شهرتها، وحضورها المختلف، وتتعامل من خلالها مع "قارئ" لا تعرفه، ولا يجاملك، ولا يخاف أي سلطة رقابية تمنع كلامه، أو تشطب رأيه.. هذا "القارئ" الذي مهما تفذلكنا وتفلسفنا بخصوص علاقتنا معه إلا أنه يظل الرقم الصعب لنا، ونظل نطمح لكسب رضاه، ونطمع إلى محبته. شرط أن نكون حذرين كي لا "يجرنا" إلى الأماكن التي يريدها، بل نحن "نسحبه" - بمحبة ولطف - إلى ما نريده نحن!
ورغم وجودي "الصريح" وسط غابة من "الأسماء المستعارة" لا أذكر أنني تعرضت للإساءة من هذا أو ذاك، رغم أن كل مكان في الدنيا لا يخلو من الشواذ والمرضى!
(4)
كأن كل ما فات من الكلام، لم يكن سوى"مقدمة"لما سأقوله لاحقا: فبعد متابعتي لبعض ردود فعل القراء على مقال الأسبوع الماضي لاحظت سوء فهم من البعض، ظنوا أن المقال يعنيهم وحدهم ويمس قبيلتهم العريقة. وهي قبيلة أكن لها الكثير من الاحترام والتقدير، وأتشرف برجالاتها، وأعتز بها مثلما أعتز بقبيلتي وأهلي. وتربطني بالكثير منهم أواصر المحبة والصداقة، وهم أبناء عمومتي في قبيلتي الكبرى والأهم: "القبيلة السعودية".. لهذا أقول لهم - ولا يوجد سبب لهذا القول سوى المحبة - وأقول لغيرهم أيضا: لست أنا من يسيء لكم أيها الكرام.. بل أن من يفكر بهذا الفعل سأكون ضمن الذين يقفون في وجهه.
(5)
الأسبوع الماضي دعاني مدير مدرسة جيل المستقبل عيد قيران العنزي لحفل مدرسي، وهو كـ"معلم" يجعلك تطمئن لمستقبل التعليم في هذا البلد، وكـ"مواطن" يجعلك تتفاءل بأن هذا الوطن سيصبح أبهى وأزهى. وأنا ألبي دعوته بحماسة لأنني أعرف أفكاره الخلاّقة والمبدعة، والبسيطة والعميقة في آن.. فمنذ عامين قام بقلب الأدوار في المدرسة: استلم التلاميذ الإدارة وجلس هو والمعلمون على كراسي الطلاب. وفي العام الماضي قام بعمل برلمان مدرسي، ورشّح التلاميذ أنفسهم في حملات انتخابية واختار الطلاب مرشحيهم بحرية ونزاهة.. وطبعا من نجح من المرشحين قام بتنفيذ كل وعوده الانتخابية.. فالصغار لا يعرفون ألاعيب الكبار وكذبهم!
والذي فعله العنزي في الأسبوع الماضي، في حفل الدوري المدرسي هو أن قام بتغيير أسماء الفرق من برشلونة وريال مدريد وغيرها من أسماء الفرق الشهيرة.. إلى فرق تحمل أسماء شهداء الواجب: يحي عوض القحطاني، عبدالرحمن الصالح، مبارك الصواط، سطام المطيري، عبدالله البقمي،عبدالله العتيبي، ياسر المولد، فرحان الشمري، خالد الحميدان، طلال المانع، وقال لنا:هذه هي الأسماء التي يجب أن يحفظها هؤلاء الأولاد.
يالله.. كم أنا فخور بهذا العنزي ووعيه ووطنيته، فهؤلاء الرجال الذين استشهدوا وهم يدافعون عنا ويصدون هجمات الإرهاب ضد مضارب قبيلتي الكبرى هم"أبناء عمومتي" وهذا الوطن هو قبيلتي التي أفاخر بها.. وهو "عصابة راسي".
وحدود "مرعى نوق" أحلامي، و"آبار"طموحاتي يبدأ من الساحل الغربي إلى الساحل الشرقي، ومن طريف شمالا حتى نجران وجازان جنوبا.. مرورا بكل المدن والقرى مع اختلاف ملامح ساكنيها ولهجاتهم وأفكارهم.
هذا هو الوطن،هذه هي القبيلة التي أحلم بأن يكبر فيها أولادي.. وأولادكم!