المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القهوة عند الشعراء.. من "خبيثٍ نسمها" إلى "سادة بلا خلاّن"!



الواثق
05 Dec 2007, 08:39 AM
رحلة البن اليمني.. بين طربيّة العود الشرقي وحزن الربابة !
الاقتصاديه - محمد علي العمري من الرياض - 26/11/1428هـ
يتغزل اليمنيون بشجرة البن وكأنها فتاة "صنعانية" وشى بخطواتها الحجل في قدميها، ونمّ عليها العطر في الطرقات الضيّقة، زارعو البن الخارج من رحم أرض الحبشة، وليدها الذي سيجلب "العولمة" قبل حينها، ويصبح شراب الإفاقة الأول حول العالم، بنكهاته المتعددة وطريقة تحضيره التي باتت تحاط بكثير من السرّية وكأنه معمل للطاقة النووية! واليمنيون في كثيرٍ من مناحي حياتهم "زرّاع" ذلك أن الله أعطى لليمن ما لم يعطه لبقية الدول العربية المحيطة به من جمال طبيعة وسحرٍ أخضر اللون كأنه السندس، والزرّاع في كل العالم أرقّ وأكثر حنو في التعامل مع ما حولهم من حياة، وعلى تعدد المنتجات الزراعية في اليمن إلاّ أن البن هو مصدر الفخر الحقيقي حين يفتخر اليمني، وحتى وهو يعلي قيمة "القات" ويصرف عليه أكثر من ثلثي دخله الشهري، إلاّ أنه حين يحنّ وتمتلئ روحه صبابة لا يتغزل بغير البن، ولا يشبّه محبوبته بغير شجرة البن العجيبة في وصفها وفي معناها، ومن أجمل أغاني البن اليمني أغنية الفنان أيوب طارش "البن والحب" وهي من كلمات الشاعر اليمني "مطهر الأرياني" هذه الأغنية التي حتى وهم يعنونونها يقفون على خطٍ يصعب معه التفريق بين "الحب" و "البن".
تقول الأغنية في أوسطها وفي مبتدأ وصفها :
يا حارس البن بشرى موسم البن داني
ما للعاصفير سكرى بين خضر الجنانِ
هل ذاقت الكأس الأول من رحيق المجاني
واسترسلت تطرب الأكوان بأحلى الأغاني
لكنه يعود لتشبيه البن تشبيهاً غير مسبوق.. تشبيهاً لا تلتقطه سوى روح محبة صادقة:
طاب الجنى يا حقول البن يا أحلى المغاني
يا سندس أخضر مطرز بالعقيق اليماني
"سندس أخضر" و "مطرز بالعقيق اليماني" أي وصفٍ أجمل من هذا؟!
وأي غزلٍ أصدق من هذا؟!.. وأي محبةٍ والتصاق بالأرض أكثر من هذا؟!
وفي رحلة البن الطويلة من الغصن الأخضر إلى "المحاميس" سيتم تغيير شكله وهويته من لون العقيق اليماني القاني بلون الدم، إلى لونٍ أكثر غمقة بفعل حرارة "المشاهيب" تحت أدوات "الحمس" التي لا تكون بغير معدنٍ يختزل النار ويوصل حرارتها بشكلٍ جيّد، هذه الرحلة التي ستنتهي به إلى مشروب طاقةٍ وإفاقة لا يعلى عليه، ستأخذه أيضاً في رحلتها "الشقيّة" إن صحت العبارة إلى تناقص عدد الأوتار من العود الشرقي إلى الربابة التي لا تقبل أكثر من وترٍ حزينٍ واحد، وكأن حزن الربابة عائدٌ لوحدة هذا الوتر المشدود إلى آخر الحزن نشيجاً!
في الصحراء العربية سيكون البن رافداً للحب بعد أن كان الحب ذاته، حيث ينتقل الغزل منه والتشبيه به إلى الغزل بمن قدّم الفنجان، كما جاء في أشهر قصائد الراحل عبد الهادي بن راجس :
آوي لفنجالٍ شربته لحالي
فنجال ماله ثاني بالفناجيل
فنجال من غالٍ يعده لغالي
وتهديه غير يديه سودٍ مظاليل
مدّه عليّ وقال خذ يا حلالي
لا يا بعد من ينقل القال والقيل
وأخذت فنجالي وريحت بالي
وثنيت رجلي عندهم للتعاليل
ودار الحديث وكل شيءٍ صفالي
وارهيت منهم بالوفا والمحاصيل
أو الفخر بجلساء القهوة وجعلهم المصدر الوحيد لجماله كما قال الشاعر والفارس راكان بن حثلين:
يا محلا الفنجال مع سيحة البال
في مجلسٍ ما فيه نفسٍ ثقيلة
هذا ولد عمٍّ وهذا ولد خال
وهذا رفيقٍ ما ندوّر بديله
كما أن البن سيعتاد على طريقة "خشنة" في التعبير عن محبته كما هو التعامل معه لحظة إعداده، يتضح ذلك في قول شاعر الوطن خلف بن هذال "كيف لنا نحرقه بالنار!".. :
سووا لي الكيف وارهوا لي من الدلة
البن الأشقر يداوي الراس فنجاله
كيفٍ لنا نحرقه بالنار ونزله
واليا انقطع لو ورى صنعاء عنينا له
بالإضافة إلى الانتقاص من قدره وجعله كالعجوز خبيثة النسم إن هو جاء لوحدة دونما "هيل"!
الدلة اللي ما تبهر من الهيل
مثل العجوز اللي خبيثٍ نسمها
إلاّ أن الاستثناء الوحيد الذي وجدته في تشبيه البن بالمحبوبة كما تغنى اليمنيون به يكاد يكون الشاعر سعد بن جدلان الأكلبي الذي شبّه طول انتظاره لمحبوبته بطول انتظار الضيوف للقهوة مع مبالغةٍ واضحة في الوقت المستغرق للإعداد الذي لا يشير فيه إلاّ لانتظاره هو:
يا كبد يا الي لغالي الكيف ضميانة
كيفٍ هله للطراقي ما يسوونه
فنجال بنٍ وخمس سنيـن زيّانـه
يا قو خرمة ضيوفٍ ايتحرونه
عز الله إني بذلت الجهد من شانـه
سقت الركايب وراه وبرّكن دونه!
إلاّ أن البن سيفاجأ في نهاية الرحلة بجفاءٍ غير متوقع من العربي الذي زرعه في أعالي الجبال وسقاه الغيم القريب الداني ثم أحرقه بالنار في الصحراء العربية الممتدة كالأمل المعلّق بالمدى البعيد، سيفاجأ بعربيٍّ جديد يفضل أنواعاً أخرى من البن البرازيلي وطريقة الإعداد الأكثر خشونة و"حمساً" كالطريقة الأمريكية والتركية، هذه الجفاء الذي بدأ في توثيقه الكثير من الشعراء الشباب والذين كان من أكثرهم تدويناً "لمزاجه" الشاعر نايف عوض الذي قالها مرتين على الأقل، كقوله:
قهوةٍ سادة بلا خلان وجروحٍ مكينة
والشجر تعزف به الريح وعصافيرة نسنّه
ليعود مع "القهوة السادة" التي يبدو أنها دليل الوحدة، كوحدة وتر الربابة:
ليالٍ جامحة مثل الخيول اللي بليّا ناس
وناسٍ كل يوم تمرّ مثل القهوة السادة

مرضي بن مشوح
05 Dec 2007, 12:28 PM
يعطيك العافية

ذويبان11
06 Dec 2007, 11:55 PM
بورك فيك اخي الواثق

النجلاء،،،
08 Dec 2007, 01:41 PM
الواثق

يعطيك العافيه

برق الصواااعق
13 Dec 2007, 12:56 AM
اشكرك عزيزي

البندق
14 Dec 2007, 01:29 AM
مشكورررررر