المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حــــــــوادث! دهْوَرْنا البشر والحديد.



الباحث عن الحق
30 Dec 2007, 06:43 AM
أحب أن أسرد القصص المثيرة التي حصلت معي، وأخشى ألا تعجب الطرف الآخر، أو أنني أقصها في لحظة لا يناسب طرحها فيه؛ فأغرق في صمتي، وأستسلم للسكون، وهذا يحصل معي في مجامع الشباب ومجالسهم.. تلك المجالس! أحيانا وأثناء جلوسي فيها أتخيل أن بصري ارتفع عاليا فوق المجلس، وتحول كل من فيها إلى لمبات للإضاءة أو أعمدة إرسال، فإذا تحدث أحدهم أضاءت لمبته وظهرت موجات الإرسال واضحة لبصري، وأثناء حديثه تبدأ لمبات بعض الموجودين بالإضاءة شيئا فشيئا، وتظهر موجات إرسالها متدرجة بطيئة؛ كل واحد يحاول أن يلتهم المجلس بحديثه قبل الآخر، بداية بكلمة أو فكرة طرحها المتحدث، أو إكمالا لسياق الفكرة العامة المطروحة في المجلس.. فما إن يصمت المتحدث حتى أكاد أضع يدي على قلبي أيهم سيبدأ قبل الآخر، وماذا لو بدأ اثنان فأكثر بالحديث..، وأكثر شيء يضحكني في مثل هذه المواقف حين يستعجل أحدهم ليبدأ بالحديث قبل الآخرين؛ فينطق حين يظن من نبرة صوت المتحدث وملامحه أن (دوره) في الحديث قد توقف، ليفاجأ أنه لا زال في البداية.. وأن للحديث بقية.

توتر المجالس يصيبني بالتوتر فأصمت؛ وأفضل أن أشغل نفسي بالتهام شفتي السفلى -أعانها الله-، وأقضم أظفاري على أن أدخل في معركة الأحاديث هذه.. الله لا يبلينا، لذلك وجدت نفسي منذ سنوات في الصفحات التي أكتبها.

كنت أتجول بسيارتي المرسيدس في رفحاء.. هذه المدينة الصغيرة الجميلة، ولفت انتباهي العناية بالأشجار التي تتوسط الأرصفة، كانت هذه الأشجار يوما ما مصيبة كبيرة على رؤوس السائقين، أشبه ما تكون بغابات استوائية كثيفة.. لكنها في مساحة ضيقة، وكأن الخارج منها كان فيها مذ كان، أدري أبالغ ومو شغلكم(!)، أحسست بتوتر حين تذكرت ذلك الماضي، فقد كنت أسير في يوم من أيام ذلك الماضي مع أحد الأصدقاء، وفي إحدى الشوارع التي تحوي هذه الغابات.. أقصد ألأشجار، وبينما كنت مسرعا قفز من تلك الأشجار إلى منتصف الشارع طفل صغير جدا، كان يلعب مع صبي آخر، وضاقت الأرض عليهم إلا في هذا الموضع، وحْبكت يلعبون من عشرات الألعاب إلا لعبة (الهريبة) وهي أن يلحق الطرف الأول بالطرف الثاني فإذا أمسك به انعكس الوضع، وأنا –بكل صراحة- لا أعلم هل الذي قفز في منتصف الشارع هو الطرف الأول أم الطرف الثاني، ولا أعلم أيضا لماذا أسأل هذا السؤال لكن الذي أعرفه أنه بني آدم.. إنسان..، والذي أنا متأكد منه أنه واقف في طريقي، والذي استحضرته جيدا في تلك اللحظة.. أنني كنت مسرعا جدا، صاحبي صرخ باسمي يريد تنبيهي وقد أفزعني كثيرا..، كدت –غاضبا- أن أهمل كل شيء.. السيارة.. الطفل.. كل شيء، ثم ألتفت أليه صارخا: أقسم بالله أنني أعرف اسمي.. أنا ناقصك إنت كمان؟!

بكل صراحة، تمنيت أن أكون كالكابتن ماجد -الله يذكره بالخير- إذ تستمر لحظته ثلاث حلقات إلى خمس حلقات كشربة الماء، وقد تستمر هجمته وربما تسديدته حلقات مثلها.. لكن أنا أرغب بهذا لكي لا أدعس هذا الطفل الصغير الذي لم ينتبه إلى سيارتي، بل كان فاغرًا فاه مستمتعا باللعب، ولو كان منتبها لدعسته لأنه سيتخشب تماما ولن يتحرك، لكن من فضل الله تعالى أنه لم ينتبه، إذ قفز مرة أخرى إلى الرصيف، وقد ضحكت كثيرًا حين تخيلت أننا في فيلم سينمائي، وأن التصوير مثبت على ذلك الطفل وصاحبه بعد قفزه إلى الرصيف لتمر سيارتنا من ورائهم مسرعة ويمر أيضا.. صراخ صاحبي!!

قلت أنني أحب سرد القصص، وسأسرد عليكم بعض القصص التي حصلت معي شخصيا وقمت فيها بدعس بشر، والاصطدام بالسيارات، وبمناسبة الحديث عن سرد القصص (ولا توتر هنا لأنني أكتب لا أنطق)، فإنني قد قررت يومًا أن أصبح مشاغبًا جماهيريا، ومكروها شعبيا.. أيْ: شريرًا، فجمعت إخواني وأبناء عمتي وأبناء عمي -رحمة الله عليه- مع البنات ممن ولدوا بعد عام 1415هـ، وأتيت لهم بألبومات صور كثيرة جدا مرتبة على حسب الأحداث، فذاك ألبوم لرحلة قمنا بها إلى قطر لزيارة أقارب لنا هنا عام 1413هـ، ومخيمات في عام 1412 و 1415 و 1418هـ، إضافة إلى الاحتفالات والأعراس في مدينة الخفجي ورفحاء..، وكنت أتجول معهم بين تلك الألبومات وأحْيِي تلك الصور بسرد قصص تلك الرحلات وهاتيك الإحتفالات، وكيف أننا سعدنا جدا، واستمتعنا كثيرا، وكيف أنكم أيها الأطفال لم تكونوا موجودين، وحتى إن كنتم كذلك، فقد كنتم أطفالا رُضّعا لم تميزوا شيئا، ولم تستمتعوا معنا، فهمومكم تدور حول الحليب والرضاعة سواء في مخيم أو رحلة أو غيرها.. ثم أكرر كلمة (صح قهر؟!) بين كل مجموعة صور وأخرى، أنصحكم بهذا الأسلوب إذا أحسستم بكبت جانب مظلم منكم، فرغوه هنا.. على الأطفال (هع هع هع!).

أحب القصص، وسأسرد عليكم قصص بعض الحوادث التي حصلت معي، وسأجتهد قدر المستطاع أن أصورها لكم كما حصلت مع بعض التمليح الذي لا بد منه في مثل هذه المقالات.

الإمام يصطدم بالمأمومة

رمضان 1423هـ.. التراويح.
يا لذلك المراهق وهو يصلي بالناس إماما، أنا معجبٌ به الآن إذ تجرأ وصلى بخلق الله جهرا وصوته ما شاء الله عليه..(!!).

طبعا.. أنا ذلك المراهق! صليت التراويح بالجماعة، وكانوا معجبين بي جدا.. لا لحسن تلاوتي؛ بل لأنني أنقرها لهم كنقر الغراب.. وهذه مبالغة، الحقيقة أنني كنت أخفف عليهم مراعاة للشيخ الكبير، والمرأة الضعيفة، والطفل الرضيع.. لأكن صريحا معكم.. إنما أخفف عليهم لأن جدي –حفظه الله تعالى- هو المؤذن، وأيّ إطالة للصلاة من هنا ولا من هنا ستكون النتائج وخيمة جدا، لذلك ما الذي أخسره حين أخفف عنهم؟!

انتهينا من الصلاة، ثم خرجت من المسجد بعد دقائق قليلة، كنت قد أوقفت سيارتي في ذلك الوقت (الطائر الأزرق) -هذا اسمها- أمام المسجد، ركبت السيارة ثم أدرت محركها وأضأت أنوارها، في الحقيقة هو نورٌ واحدٌ فقط، الآخر معطل لأسباب إلَخيّة من الـ (إلخ)، نسيت أن أقول أن السماء تهمي بغيث منهمر، والمسّاحات تبع السيارة لك عليها شوي.. أستغفر الله تعالى؛ بل لك عليها كثير، هي تعمل لكنها تثير الماء على الزجاج أكثر من ضربات المطر، لكنني أعملتها على أية حال.. .

انطلقت بسيارتي، لم أكن مسرعا كثيرا، ربما وصل العداد بين الستين والثمانين.. وأقبلت على الشارع المضيء، فحارتنا مظلمة، والذي أذكره تمامًا أنني كنت منتبها للطريق، صحيح أن انهمار المطر وضجيج القطر والأنوار المختلطة بها وبالزفت (الإسفلت).. يحدث نوعا من الارتباك، لكنه ارتباك لم أحس به، إذ ظهر أمامي فجأة من جهة النور المعطل في سيارتي سواد كبير بعض الشيء أثارني تلقائيا فضغطت على الفرامل بقوة.. لكن بعد فوات الأوان؛ إذ طار ذلك الجسم عاليا عاليا وسقط في مكانه تماما، إذن الفرامل -بحمد الله- قد أحدثت نوعا من الإيجابية في هذه المرحلة من الاصطدام؛ إذ –على الأقل- سببت في تضييق حدود الحدث.

أذكر أنني أنا الإمام الوقور شهقت شهقة كادت أن تخرج روحي معها، إذ تيقنت أنني قمت بدعس بشر، وهذا البشر أنثى.. وهي عجوز!!

بالكاد خرجت من سيارتي من الارتباك والخوف، أحسست بشيء من الخدر، التفت إلى مقدمة السيارة.. لا زالت الأجواء مربكة ومظلمة، إلا من نور السيارة الأيمن رفعت رأسي لعلي أراها فلم ألمحها، في تلك اللحظة أدركت أن هناك أحدا بجواري التفت إليه فإذا هي امرأة أخرى على الصامت، لم تنبس ببنت شفة ولا بولدها ولا أحفادها، ساكنة.. ومن هيأتها بان لي أنها تبصر مكان سقوط تلك العجوز، التفت حولي فإذا على البعد مجموعة من العمالة تبصرني مشدوهة، أرجعت بصري إلى مقدمة السيارة وتقدمت لأن الموقف جَد ولا بد لي من التصرف، وفجأة.. وقفت تلك العجوز التي دعستها وصفت بجوار صاحبتها التي أمسكت بيدها.. ثم انطلقتا تمشيان، ولم تلتفتان إلي أبدا.. .

ركبتُ سيارتي ثم انطلقت حتى جاورتهما، وفتحت زجاج النافذة ثم قلت راجيا: يا عمّة أوديك للمستشفى.. خليني أوديك.. .

فقالت لي وهي تشير بيدها ولم تلتفت إليّ: ياولدي رِح رِح.

فرُحت مسرعا لا ألوي على شيء..!

رعب الدعس في مكة !

أكثر شيء أنا نادم عليه الآن هو إهمالي لتقييد رحلاتي بالقلم، فعلى قلة رحلاتي وقربها إلا أن القلم قد يبدع في عرضها لمن يحب أدب الرحلات، ويهتم بقراءتها. .

أما رحلتي التي دُعِست أنا فيها فهي رحلة مكية جميلة جدا، مع ثلاثة من الأصدقاء في إحدى العطل الصيفية أظنها في عام 1425هـ.

بعد أن استقر بنا المقام في مكة أخذنا نتجول في أسواقها، الطرق ضيقة بعض الشيء، كنا نتجول مفترقين عن بعضنا تقريبا..، أما صاحبكم فقد كان سارحا بأفكاره يتجول لوحده، آخذا جوالي أنتقل به من يدٍ إلى أخرى وهي عادة استمرت معي سنتين.. وأعتقد أنها انقطعت منذ فترة، الذي أذكره أن الصورة في عيني كانت ثابتة، وفجأة دار بصري دورة كاملة حول المكان من منطقة ثبات البصر حتى ثبات البصر، كان هناك ألم في المنطقة اكتشفت أخيرا أنه في جسدي.. في يدي اليسرى، لكنني كنت مشغولا عنه لدوران مشاعري لحظات سريعة بعد دوران الجسد.. أحمد الله أن جسدي لم يقع على الأرض، لكن الجوال طار في الهواء وسقط على بعد أمتار.

الأمر أحبتي أن قائد مركبة (هايلكس) اصطدم بي، والرجل –سامحه الله تعالى- كان في الجهة اليسرى من الطريق، وغير منتبه أبدًا له؛ إذ كان ملتفتا يبحث عن فنادق وشقق مفروشة.. وهذا أخبرني به حين نزل من سيارته مسرعا وقبّل وجهي ورأسي مرتبكا إذ رآني شاحب الوجه غاضبا جدا، وكانت الكلمة التي نطقتها أكثر تأثيرا من كلامه المتتابع واعتذاره؛ لأنني نجم الحدث..، قلت له في صراخ مكتوم: إيش جابك هنا، فسرد علي عذره الذي ذكرته لكم.. .

أما صحابي فقد أطلقوا ضحكاتهم المكتومة، ولو كنت مكانهم لانفجرت ضاحكا، مشيت بضعة أمتار فإذا مجموعة من حبايبي المصريين كانوا يتابعون الحدث باهتمام حتى بعد تفرق الأعين عنه، حيث علقوا أبصارهم بشخصي المحرج في تلك اللحظة حتى أقبلت عليهم فقال قائلهم: حمدِ الله عالسلامة..، أو كلاما نحو هذا وهو يكتم ضحكه وربعه كذلك، فقلت له فاغرا فمي بابتسامة: الله يسلمك.. حصل خير. وإنا لنبتسم في وجوه قوم وقلوبنا تصرخ فيهم.. مو تلعنهم لا قدر الله.

كان ألم الصدمة لا يذكر أمام الإحراج الذي تعرضت له في ذلك المكان.

رب صدفة شر من ألف ميعاد

خرجت من منزلي لحاجة أريدها، ركبت المرسيدس ثم انطلقت بالسيارة، دخلت في طريق فرعي يتجه إلى رئيسي وسرت نحو الرئيسي، أردت الالتفاف إلى اليمين لأدخل إلى الطريق الرئيسي، العادة أن السائق يرى عن شماله إن نوى الاتجاه يمينا.. وهذا ما فعلته.

انعطفت عن يميني حتى استوت السيارة على الطريق، فوجهت بصري إلى الأمام.. ومرت لحظات سريعة حتى استوعبت المنظر: على غطاء السيارة الأمامي أرى رجلا من الجنس الآسيوي (هندي أو بنقالي)..!

المنظر حقيقي: رجل فوق غطائي.. ودراجته كذلك.

لا إراديا توقفت سريعا وبقوة.. وليتني لم أفعل، إذ سقط العامل بقوة هو ودراجته من الغطاء على الأرض بقوة.

توقفت بسيارتي وترجلت منها ثم أخذت أنظر إليه مستغربا من سيره معاكسا للطريق، فاعتذر إلي وكان محرجا بشدة.. والحمدلله سَلِم هو ودراجته.

فانطلقت بسيارتي..!


أقول انتبهوا لأرواحكم بس.

أبو عبدالله
الباحث عن الحق

ملاحظة/ أعتذر على الإطالة.http://forum.ma3ali.net/images/smilies/az9.gif

ذويبان11
30 Dec 2007, 06:04 PM
اخوي الباحث بارك الله فيك
شكرا على المواقف الرائعه
والله يعين المرسيدس

البندق
30 Dec 2007, 06:34 PM
أبو عبدالله
الباحث عن الحق

ملاحظة/ أعتذر على الإطالة.




عادي متعودين على مواضيعك الحلوه

الباحث عن الحق
02 Jan 2008, 12:37 PM
ذويبان’ حياك الله أخي، والمرسيدس بالحفظ والصون إن شاء الله، شكرا على طيب مرورك.

مرضي بن مشوح
02 Jan 2008, 12:41 PM
اخوي الباحث بارك الله فيك

شوت
02 Jan 2008, 01:22 PM
مشكور ااخوي .. ولو قسمت موضوعك لعدة موضوعات كان أحسن

شكرا مرة أخرى

ورق التوت
02 Jan 2008, 01:34 PM
الباحث عن الحق .... أما فرتك في مكة فحاجة غير ... ومن طول الغيبات جاب الغنايم .

العلياني
03 Mar 2008, 01:01 AM
اخوي الباحث بارك الله فيك
شكرا على المواقف الرائعه
والله يعين المرسيدس