المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [ سوق الأفكار ].. تأملٌ قبل السبات!



الباحث عن الحق
05 Jan 2008, 12:54 PM
كتبت في بياض الصباح.. أو في صباح البياض:

أفكر لأنام، ولا أنام إن فكرت..!

وكم من أمنيات طرقت الفكر في مرحلة ما قبل النوم، وهمومٍ أطالت هذه المرحلة ساعات.. حتى أرِقت بسببها، وضِقتُ بقيدها!

أنا تاجر منذ طفولتي في (سوق الأفكار)، متى ما وضعت رأسي على وسائدي حتى تجدني مستغرقًا في التفكير، غارقا في التأمل، ويا لجمال التفكير في ظلمة الغرفة المغلقة، بين نفخ المكيف البارد بعينه الضيّقةِ المضيئةِ بلونها الأحمر أو الأزرق أو الأخضر.. في الصيف، و لفح الهواء القارص حين تفتح النوافذ.. في الشتاء، أو نفخ المكيف الحار.

لا تعجب إن ذابت ابتسامة في شفتيك، أو نزلت دمعة من مقلتيك، فأنت في (سوق الأفكار).

اضطجع وتعمق في ماضيك، وتفكر في مستقبلك، وعالج أحداث حاضرك؛ فإن حزنت فلتبكي.. ولتأخذ الدمعة بطرف أختها، حتى تبل الوسادة، ثم لتتنفس عميقا.. عميقا، لتخرج كل آهة كادت أن تفتك سمومها بصدرك.. وسَم الله لتنام، فما بعد نزول الدمع، والتطهر من سموم الآهات من همٍّ إلا همّ الحاضر، وهو بذرة من واقع حياتنا، تسقى بتفكيرنا لترسخ جذورها في قلوبنا؛ فإن شئت فاجعل من هذه الحبة قبة، وإن شئت فاستحضر بعض المعاني الراقية كالصبر والاستسلام لقضاء الله وقدره مع السعي في معالجة هذا الحاضر.

يا لله كم ضيّقت قيود هَمّ الحاضر على جموعٍ أرّقتهم.. وأطارت النوم من جفونهم، وأحالتهم إلى مساكين يتباكون في ظلمات الليالي، ويناجون الليل.. والقمر.. والنجوم.. وكل جماد في هذا الكون، وقد غفلوا عن النهار الذي فيه اجتثاث همومهم، وقطع غمومهم؛ إن قدروه حق قدره (وجعلنا النهار معاشا)، ولْيَعلموا أنهم إن ركنوا إلى الإنقطاع عن عمل النهار، والرغبة في عزلة الليالي الهادئة، فلن يفيض على قلوبهم إلا اليأس، ولن يغمر أرواحهم إلا الإحباط والكآبة.

وسادتي..!
كم بللتك الدموع، وكم جعَلْتُكِ كاتمةً لضَحِكي وابتسامتي، غير أن الذي كان يضحكني بالأمس البعيد، يختلف عما كان يضحكني بالأمس القريب، يختلف عما يضحكني في حاضري، وكذلك في البكاء.. غير أن من ثوابته:

رب يوم بكيت منه فلما ***** صرت في غيره بكيت عليه

بكيت على وسادتي يومًا من أيام طفولتي لأن والدتي قطعت كهرباء جهاز البلايستيشن الأول وأنا في المرحلة الأخيرة في لعبة قضيت فيها ست ساعات حتى وصلت إلى مرحلتها الأخيرة!، وبكيت يومًا لأن عمي –رحمة الله عليه- قد توفي فجأة، وبكيت يومًا آخر لأن والدي رفض أن يعطيني ثمن المجلة الشهرية (إجازة مع ميكي)، وبكيت يومًا لوفاة أحد أصدقاء الطفولة.. وهكذا، تباين كبير وتنوع بين مواقف جمعت بينها دموع تبل وسادتي.

بين أمر تافه جدا، وآخر تدفعني صدمته إلى البكاء؛ بكيت في طفولتي، وبكيت في سن المراهقة، وبكيت في سن الجامعة، تعددت الأسباب والدمع واحد، غير أنه بكاء لم يطّلع عليه أحد إلا وسادتي.. حيث أنها بطاقة دخولي إلى (سوق الأفكار).

وعلى وسادتي ضحكت وابتسمت، موقفٌ مضحك صنعه أحد الأخوة فأضحك منه مستحضرا أني أحب ذلك الأخ، مواقف لخلٍّ صالح نأت بيني وبينه الديار؛ وأحرص على تذكر تلك المواقف لكي أكون قريبا من روحه التي تغذي تلك المواقف بصفائها ونقائها.. ومشاغبتها كذلك، مواقف أضحكتني حصلت في حاضري القريب، متذكرا أنه بدأ يبعد ويلتهمه الماضي.

آآآه..!

عذرا أيها المتصفح إن أطلت.. وقد فعلت!

استحضرت ما كتبت في لحظات تفكير على الوسادة؛ لعلي أن أنام قليلا لمدة ساعة حتى تبدأ محاضرتي، لكنني وجدتني أكتب نتاج وسوستي، والنعاس قد تفرق عني، والمحاضرة بقي عليها ثلث ساعة..!

حقي ما جاني، أحد قال لي أعطي وسادتي وجه!

قال إيش! قال: تأمل قبل السبات.. يالله روح افرنقع يا شيخ، وخل فلسفاتك تنفعك إذا أخذ رأسك يتدلى لوحده في المحاضرة من النعاس!

ورق التوت
05 Jan 2008, 02:25 PM
الحمد لله الذي لم يجعل لوسائدنا ألسنة ولا كان رحنا فيها ... من يومين وأنا أفكر بشخبطة عن هذا الموضوع تقريبا .... العجيب أني سمعت صوت غريب عند وسادتي البارحة ... ذهبت للدوام ولما عدت وجدتك قد أخرجت هذه التحفة .... سؤال بسيط .... من أين لك هازا ؟؟؟



ملاحظة : التوقيع الجديد "قمة" .

البندق
05 Jan 2008, 02:47 PM
حلو الواحد يكون تاجر افكار

ثاني التومي
05 Jan 2008, 09:22 PM
سوق الأفكار...

رغم مانتلقى من الخسائر منك إلا أنه لاغنى عنك

ليث
05 Jan 2008, 09:47 PM
وفقك الله وسدد قلمك

ذويبان11
05 Jan 2008, 10:24 PM
بارك الله فيك اخي الباحث
وجزيت خيرا

الباحث عن الحق
06 Jan 2008, 02:38 PM
ورقة التوت’ القلوب عند بعضها، أو خلني أكون جاف وأقول: أنه توارد خواطر. وخلني أكون أكثر جفافا وأقول: صدفة، ودعني أكون في قمة جفافي وأصرخ فيك: طيّب وش فيها.

وبالنسبة للتوقيع فالعربية منجاة، وبلاش حِكَم إنجليزية أنا لا أعرف معناها كله. http://www.buraydahcity.net/vb/images/smilies/smile.gif

شكرا على مرورك الجميل عزيزي.