أبو تمّـام الصقري
26 Jan 2008, 08:34 PM
(أ)
تنقلت بين أرجاء المنتدى باحثا ومنقبا عمّا يناسب موضوعي لكي أعلقه به و ألصقه عليه
فحرت وترددت ولكني هديت إلى أن أضع الأمر بيد المشرفين فأنا جعلته هنــا إجتهادا مني
فإن رأوا مكانا أنسب .... فهــذا لهم وإن لم يعجبهم المقال فليحرقوه وليذروا رمــاده في يومٍ عاصف
فالمقال من ورق والكبريت بأيديهم !
ولأني لم أعد آسى على شيءٍ فاتني بعدمـا ابتعدت عمن كــان قلبي يشرب شرب الهيم من معين
حبهــا الصافي وكنت أرفل بثوب العشق والهيــام قبل أن أرحل عنها مودعا وأمزق ثوبي الذي
كــان يطفئ لوعتي وشوقي إليهــا بيدي التي مست يوما من الأيــام يدهــا الزاكية ...
إنني الآن أشــاهد مقطعا من مسلسل حبي الطويل لهــا كأني أنظر إلى هــذا الموقف أمامي
هــذا أنا متردد في توديعها وفراقها تحاملت على نفسي المثخنة والمثبتة (1)
ودخلت عليها ...لم أعد أستطع أن أنبس ببنت شفه .... فقط أنظر إليهــا وتنظر إليّ حتى
عجزتُ أن أملك دمعتي التي هربت من عيني ولم تستأذن مني ..قبّلت يديها ومابين عينيهــا
وذهبت هــائما على وجهي ..كأن الدنيا قد أظلمت والشمس قد كُسفت والحمام نــاح معي ليواسيني ...
لموقف الحب رهبة لا تعدلهــا رهبة بشر من البشر ..وهذا الكلام لست أنا أول من تفوه به أو آخر من نطق فيه
بل قــاله قبلي كثير وسيقوله بعدي كثير ممن عرفوا الحب السماوي الذي ينبت في السماء ويترعرع على
النور ويسقى بالصلوات والبركــات التي تحدب عليه من كل جــانب
فهو بالسمــاء وللسماء لا تستطيع النفوس الدنيئة أن تتجرأ
للصعود إليه إذ كل نفس تقترب وفيها طبيعة من طبائع الأرض
فإن شهب النجوم لهــا بالمرصاد فتحرقها وتحيلها إلى لاشيء ...
(ب)
ـ حينما تلتقي أعين المحبين لا وزن لأي كلمة بل من يجرؤ أن يتكلم في ذلك الموقف المهيـــب
بلاغة البلغاء تذهب هباءا وفصاحة الشعراء تسجد إجلالا وخطابة الخطباء تتلجلج في صدرها الكلمة والحرف
فلم يعــد يبقى غير العيون والدموع التي هي خير مُرسل بين الأحبة والعشـــاق ..
ولكن هذه الدموع لا تعيد لك ماتريد ولو بكيت البحر ومن وراءه المحيط الذي يحيط بالأرض يامن تقبع عليها
وإنما هذه الدموع متنفس... يتنفس منه قلب كل مريض بالوجد
.لعل إنحدار الدمع يعقب راحةً. ~~~ .من الوجدِ أو يشفي نجيّ البلابلِ .
ولعل هــذا الشاعر لم يفعل فعلتي الحمقاء الرعناء ... لكي أسلوا بالدموع التي يعزي بها نفسه
وما فعلته هو الذي فتك بنفسي فبما بي من ألم وحرقة على ما أجد من شوق وهيــام
أتتني فرصة مؤاتية لمقــابلة حبيبتي مرةً أخرى
ولكن حماقة من حماقات الشباب وسفاهة من بقايا مرحلة المراهقة ...زهدتني بهــذا اللقاء
فأصبحت كمن مدت ليه يد النجاة في خضم البحر المغرق ولكن بدل أن يساعد نفسه وينقذ روحه
أعرض صفحا للجهة الأخرى عله يجد يدا غيرهــا ففقد الأولى ولم يجد الثــانية ..
~ قد كنت أشفق من دمعي على بصري
فاليوم كل عزيز بعدكم هـــــــانــا ~
(جـ)
فممن أقتص الآن ومن أعاقب ومن أزجي له اللوم الحانق والعتاب المرهق
هل أعاقب عاطفتي فأصبح جسدا بلا روح أم أعاقب عقلي
فأصبح روحا بلا عقل !
من أخاصم وفيّ الخصامـ وأنــا الخصمـ والحكمـُ
هل أعود إليها بعد أن شارفت على النهاية لكي أهنأ وأسعد وأمتع نظري بمرآها
وأفقد ما تغربت لأجله ..
أم أتجرع مرارة لم أعد أستسيغها أبدا ؟
. شكوتُ ومالشكوى لمثلي عــادة ~~ ولكن تفيضُ العين عند إمتلاءهــا .
والعذر إن كنت قد ضيقت صدوركم أو قتلت فرحتكم فقد قلت مبدتئا لم أعد آسى على شيء بعد فقدهــــا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) النفس المثبتة هي :النفس التي أصابتها الجراحات ،،
ومنه قوله عز وجل (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك ....) أي :يجرحوك جرحا دون القتل أو يقتلوك..
ومنه قول الشــاعر :
. فقلت ويحكم ما في صحيفتكم ~~~ فقالوا الخليفة أمسى (مثبتا) وجعا ..
قــــــــــــالهـ كاتبهـ
** أبو تميم **
تنقلت بين أرجاء المنتدى باحثا ومنقبا عمّا يناسب موضوعي لكي أعلقه به و ألصقه عليه
فحرت وترددت ولكني هديت إلى أن أضع الأمر بيد المشرفين فأنا جعلته هنــا إجتهادا مني
فإن رأوا مكانا أنسب .... فهــذا لهم وإن لم يعجبهم المقال فليحرقوه وليذروا رمــاده في يومٍ عاصف
فالمقال من ورق والكبريت بأيديهم !
ولأني لم أعد آسى على شيءٍ فاتني بعدمـا ابتعدت عمن كــان قلبي يشرب شرب الهيم من معين
حبهــا الصافي وكنت أرفل بثوب العشق والهيــام قبل أن أرحل عنها مودعا وأمزق ثوبي الذي
كــان يطفئ لوعتي وشوقي إليهــا بيدي التي مست يوما من الأيــام يدهــا الزاكية ...
إنني الآن أشــاهد مقطعا من مسلسل حبي الطويل لهــا كأني أنظر إلى هــذا الموقف أمامي
هــذا أنا متردد في توديعها وفراقها تحاملت على نفسي المثخنة والمثبتة (1)
ودخلت عليها ...لم أعد أستطع أن أنبس ببنت شفه .... فقط أنظر إليهــا وتنظر إليّ حتى
عجزتُ أن أملك دمعتي التي هربت من عيني ولم تستأذن مني ..قبّلت يديها ومابين عينيهــا
وذهبت هــائما على وجهي ..كأن الدنيا قد أظلمت والشمس قد كُسفت والحمام نــاح معي ليواسيني ...
لموقف الحب رهبة لا تعدلهــا رهبة بشر من البشر ..وهذا الكلام لست أنا أول من تفوه به أو آخر من نطق فيه
بل قــاله قبلي كثير وسيقوله بعدي كثير ممن عرفوا الحب السماوي الذي ينبت في السماء ويترعرع على
النور ويسقى بالصلوات والبركــات التي تحدب عليه من كل جــانب
فهو بالسمــاء وللسماء لا تستطيع النفوس الدنيئة أن تتجرأ
للصعود إليه إذ كل نفس تقترب وفيها طبيعة من طبائع الأرض
فإن شهب النجوم لهــا بالمرصاد فتحرقها وتحيلها إلى لاشيء ...
(ب)
ـ حينما تلتقي أعين المحبين لا وزن لأي كلمة بل من يجرؤ أن يتكلم في ذلك الموقف المهيـــب
بلاغة البلغاء تذهب هباءا وفصاحة الشعراء تسجد إجلالا وخطابة الخطباء تتلجلج في صدرها الكلمة والحرف
فلم يعــد يبقى غير العيون والدموع التي هي خير مُرسل بين الأحبة والعشـــاق ..
ولكن هذه الدموع لا تعيد لك ماتريد ولو بكيت البحر ومن وراءه المحيط الذي يحيط بالأرض يامن تقبع عليها
وإنما هذه الدموع متنفس... يتنفس منه قلب كل مريض بالوجد
.لعل إنحدار الدمع يعقب راحةً. ~~~ .من الوجدِ أو يشفي نجيّ البلابلِ .
ولعل هــذا الشاعر لم يفعل فعلتي الحمقاء الرعناء ... لكي أسلوا بالدموع التي يعزي بها نفسه
وما فعلته هو الذي فتك بنفسي فبما بي من ألم وحرقة على ما أجد من شوق وهيــام
أتتني فرصة مؤاتية لمقــابلة حبيبتي مرةً أخرى
ولكن حماقة من حماقات الشباب وسفاهة من بقايا مرحلة المراهقة ...زهدتني بهــذا اللقاء
فأصبحت كمن مدت ليه يد النجاة في خضم البحر المغرق ولكن بدل أن يساعد نفسه وينقذ روحه
أعرض صفحا للجهة الأخرى عله يجد يدا غيرهــا ففقد الأولى ولم يجد الثــانية ..
~ قد كنت أشفق من دمعي على بصري
فاليوم كل عزيز بعدكم هـــــــانــا ~
(جـ)
فممن أقتص الآن ومن أعاقب ومن أزجي له اللوم الحانق والعتاب المرهق
هل أعاقب عاطفتي فأصبح جسدا بلا روح أم أعاقب عقلي
فأصبح روحا بلا عقل !
من أخاصم وفيّ الخصامـ وأنــا الخصمـ والحكمـُ
هل أعود إليها بعد أن شارفت على النهاية لكي أهنأ وأسعد وأمتع نظري بمرآها
وأفقد ما تغربت لأجله ..
أم أتجرع مرارة لم أعد أستسيغها أبدا ؟
. شكوتُ ومالشكوى لمثلي عــادة ~~ ولكن تفيضُ العين عند إمتلاءهــا .
والعذر إن كنت قد ضيقت صدوركم أو قتلت فرحتكم فقد قلت مبدتئا لم أعد آسى على شيء بعد فقدهــــا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) النفس المثبتة هي :النفس التي أصابتها الجراحات ،،
ومنه قوله عز وجل (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك ....) أي :يجرحوك جرحا دون القتل أو يقتلوك..
ومنه قول الشــاعر :
. فقلت ويحكم ما في صحيفتكم ~~~ فقالوا الخليفة أمسى (مثبتا) وجعا ..
قــــــــــــالهـ كاتبهـ
** أبو تميم **