المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالٌ نادرٌ لي! سيرُ ساخر.



الباحث عن الحق
30 Jan 2008, 05:15 PM
طبعا لا يكون صدقتم ما كتب في رأس المقال: (مقال نادر لي)، فإنني قد كتبتها غاضبًا بعدما انتشرت سرقة هذا اللفظ في عالم الإنشاد والتمثيل، فهذا مقطع نادر لمنشدٍ "يسولف" فيه مع أحد أو يضحك، وتلك صورة نادرة تجمع ذلك الممثل مع ذلك المنشد (يا ألله.. يا سبحان الله!)، إضافة إلى الأناشيد النادرة والتي يبدو فيها التسجيل متواضعا وصوت الممثل غريبًا.. إلخ إلخ إلـااااااـخ، وهم أحياء بيننا حدّ الإزعاج(!)، أكاد أركب سيارتي وأذهب إلى أصحاب الصور النادرة وألتقط لهم ألف صورة وصورة وهم على هيئات مختلفة لأقضي على تزييف تلك الصورة النادرة، ثم أمر في طريقي على بعض المنشدين من أصحاب تلك المقاطع النادرة وأسجل لهم وهم يضحكون ويبكون وينشدون ويلقون بألفاظ الوسوسة سبهللا (ماني قايل: حلوة سبهللا. زي بعض الكتاب الذين أزعجونا بنكتة قطع الكلام بالاستغراب منه)، أقول: بهذا التسجيل أثبت أن تلك المقاطع النادرة ماهي إلا استغلال سيء لجمال الشهرة وبريقها، أنت مشهور.. ماكو مشكلة، ومشهور لأنك مبدع في توجهك.. هَم ماكو مشكلة؛ لكن دع هذه الحركات التي تسيء لك ولذوق المتابعين، واتقوا الله في لفظة (نادر)!.

لا أدري لماذا؛ لكنني أحس أن هناك علاقة ما تربط بين هذه الملاحظة ووسوسة الحسد؛ ذلك أنني لاحظت على بعض الناس إنزال صفة الحسد على واقع حياتهم بشكل مبالغ فيه.. ومقرف جدا، أعجب ممن يجعل الحسد هو الأصل في الناس، وفي الأقران كذلك، لاحظت هذه الوسوسة في عقول محبي الشهرة، ومن أعجبوا بحالهم وتميزهم في أمر ما، لذلك يكثر في أحاديثهم ونتاجهم وصف معاناتهم من الحساد، ورسائلهم الشامتة حد الضحك من تلك الفئة الضالة(!)، ومن نكد الدنيا وقرفها أن ترى سيئا يشكو السوء، وضالا يشكو الضلال، وتافها يشكو الحسد.. .

طبعا لمن لم يعرف الرابط بين هذه الفقرة والتي قبلها؛ فأخبره أن رغبتي بكتابتهما ونشرهما سريعا هما الرابط!.

بدأت كتابة المقال وفي بالي أن أتحدث عن سيرنا في هذه الدنيا، من نظرةٍ لا أحبها لكنها تتلبسني دائمًا، وتجعلني أكره نفسي في بعض المواطن التي لا يجوز النظر إليها بهذه الطريقة؛ كمجالس الذكر والعلم والزيارات والتعارف.

الأمر –أحبتي- يدور حول إضفاء الأهمية والمبالاة بأفعالنا وتصرفاتنا التي تصدر منا للقيام بواجباتنا أثناء سيرنا في هذه الدنية، ليس لهذه النظرة أية دخل في الزهد والتقشف ونحوها؛ بل هو كلام مدنيّ حائر يرى في سيرنا في هذه الدنيا جانبًا من السخرية يجعله يكرر أسئلة ويضع المشاهد التي يراها على حقيقتها؛ جِماع ذلك كله أسئلة عديدة تزيل النفاق، وتفضح المجاملات، وترجع بالمبالغات إلى ما يعتدل بها من يظهرها، والهدف من ذلك تنقية حياتنا من عبث هذه الأمور وتضليلها، ورؤية الطريق المثالي الذي علينا أن نسلكه.. على الأقل. نعم.. على الأقل. فرؤية الطريق لا تكفي إذ علينا أن نتبع العلم بهذا الأمر بالعمل قدر استطاعتنا.

وماذا بعد؟ أسأل نفسي هذا السؤال وأنا أستشعر سخف عديد من الأمور التي أقوم بها لوحدي أو أشترك بها مع أحدهم، هذا السؤال يقتل فيّ استشعار الجوانب المشرقة لأمور نجتمع حولها ونحيطها بهالة من الأبهة، كنت أظن أن هذا الشعور هو الضنك الذي ذكر في الآية لمن أعرض عن ذكر الله –تعالى-؛ فإذا أنا أستشعره وأنا ظالم لنفسي ومقتصد وأيضا حين يكرمني الله بسبق بالخيرات. أسأل نفسي عدة أسئلة مرتبطة بسؤال: ماذا بعد؟

إلى أين تتجه بي هذه الأمور، دراستي.. قراءة الكتب.. متابعة النت.. الاطلاع على المستجدات والأحداث.. التتلمذ على أحد ما.. التعرف على وجوه جدد؛ أين تتجه بي؟ وما الذي أريده منها بالضبط؟ معي أصدقاء وزملاء يسيرون معي حيث أسير في عيش الأمور التي ذكرتها؛ مالي لا أرى من نفسي كالذي يرونه في أنفسهم؟ مالي أراهم يسيرون في عيش هذه الأمور بخطوط مستقيمة متوازية، وأنا أراها تتقاطع في رأسي لتخلق مشاعر من الهم واللامبالاة وتسخيفها إلى الحد الذي يجعلني ألمح لحظات السخف بين أيام العمل والجهد؟

يارب.. أعني على إيضاح قصدي !

الأمر أنني لم أقدر على عيش الأمور كما يعيشها من أراهم من خلق الله –تعالى-، كيف ينغمس أحدهم في مشاريع ينفع بها غيره –في ظنه-، كيف يشغل فكره وهمه ويومه وليلته في هذه الأمور.. كيف؟

من تعمق في علم ما؛ كيف يستطيع تطويع حياته و (فكره!) و (همه!) ليشاركنه التعمق.. كيف؟

نظرتي هذه تجعلني أقوم بكثير من الأمور بناء على كونها واجبات عليّ القيام بها؛ لأنه ربما قد يغضب أحد ما، أو ينتقدك المجتمع، أو يتأثر سيري المطمئن على هذه الدنية.. وهكذا، أقوم بها ولا أجد في فكري مكانا لها ولا أهمية، ولعلني أبتلى بوجود أحد ما يشاركني هذه الواجبات ممن أحبَّها وأشغل فكره وهمَّه بها، وتراه يطالبني بشكل مباشر أو غير مباشر أن أهتم بها.. ولا ردة فعل من قبلي؛ إلا مشاعر المجاملة والنفاق.

أحيانا ألوم نفسي كثيرا، وأصرخ فيَّ: كن متواضعا ! ولا والله لا أدري هل كنت مستعليا؟! وربما تجدني –حينا- أردد عليّ: لا تحتقر نفسك ! ثم أبتسم ساخرًا لأن هذا الشعور الذي أشكو منه يجتاحني ويقول: كن منطقيا.. أنت لم تحتقر نفسك !

المصيبة إذا تسلل هذا الشعور الخطير إلى حياتك العائلية وواجباتك الدينية؛ تتعامل معها وكأنها أمور عليك أن تقوم بها لكونك ملزم بذلك لأنك وجدت نفسك نقطة تتقاطع فيها تلك الواجبات وهاتيك المتطلبات، وإنك إن لم تفعلها فسيحصل كذا وكذا مما أخاف منه أو لا أرتضيه لنفسي.

أتأفف كثيرًا حين لا أجدني أحمل ما يحمل غيري تجاه الأمور التي ذكرتها، ثم أقوم بها مجاملة أو نفاقا أو حتى مبالغة.

فهل البلاء من بعض الأمور السخيفة التي أشغلت نفسي بتتبعها حتى صدمت بسخفها فكانت ردة فعلي ريبة وشكا في كل ما أعمله، أم أنها صفة سيئة تلبستني مع مرّ أيامٍ كنت فيها غافلا عن مراقبة هذه النفس التي تتشرب كل شيء حسنا كان أو سيئا، مهما أو تافها؟

لا أدري، الذي أدريه أني فضفضت لكم –أحبتي- وأطلت في مقالي، لذا سأختم لكم بمثال لعله يوضح مقصدي، ثم أختم المقال مباشرة لأنني أخاف من الإكمال بعد هذا المثال.

الأمر –أحبتي- أنني كمن ألقى نكتة ضحك منها القوم جميعا، فمن ضاحك مجاملة ونفاقا ومن ضاحك من قلبه، لكن من قال هذه النكتة لم يبال أيهم المجامل وأيهم الضاحك حقيقة؛ بل لسان باطنه يقول: على ماذا تضحكون أيها السخفاء التافهون؟!!!

أراكم على خير.

أبو عبدالله
الباحث عن الحق

ملاحظة/ بعدما كتبت هذا المقال خرجت من المنزل لأتجه إلى (كوفي شوب) قريب منا لأنزل هذا الموضوع، وجدت أمام منزلنا عاملا يبصر سيارتي التي غسلتها للتو، كان يحمل برميلا متوسط الحجم، وقطعة قماش..؛ نظر إلي ثم قال: هل تريدني أن أغسل سيارتك؟ فقلت: قد غسلتها قبل يومين! ثم اتجه إلى منازل الجيران يحمل مع برميله هموم الغربة والبحث عن لقمة العيش.

قلت لنفسي بعدما قارنت حالي بحاله: ويْحَك، أنت تحتاج إلى صفعةٍ من جريء..!

ابن رخيص
31 Jan 2008, 09:51 PM
بارك الله فيك يابو عبدالله على الكلمات الجميله

الباحث عن الحق
01 Feb 2008, 05:41 PM
ابن رخيص’ آمين.. جزاك الله خيرا.