المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مــخــاوفــي ! - لِكُلٍّ مِنَّا مَخَاوِفُه.



الباحث عن الحق
29 Feb 2008, 08:44 AM
لكل بني آدم منا مخاوف في حياته، بعضها من صنع الخيال.. لكن الأدوات واقعية، وبعضها واقع والأدوات واقعية كذلك، تفننت بحياتي في صنع مخاوف من الخيال ولأدواتها واقع في الحياة، أذكر أنني كنت في جلسة مع بني آدم آخر يصدف أنه صديقي فبدأنا نتذاكر مخاوفنا في هذه الحياة منذ أيام الطفولة إلى عصرنا الحالي، بعد أن أصبحنا مخضرمين في أنظارنا؛ وليست تلك الخضرمة التي تحتوي الجاهلية والإسلام؛ بل هي خضرمة من صنع أنفسنا كذلك لكنها لا تدخل في باب المخاوف لذلك لن أذكرها مع أنني فعلت ذلك الآن !

الذي دعاني لكتابة هذا الموضوع هو تأملي –ما شاء الله علي- في مخاوفي الواقعية والخيالية طوال حياتي، والتي من آثارها أنني كنت أقرض أظافر يدي قرضا، فلم أبصر هذه الأظافر منذ عشرين سنة، أي منذ كان عمري أربع سنوات؛ فلا أدري ما هو شعور صاحب الأظافر، ولا أهتم بهذه المسألة إلا حين أريد أن أفتح علبة للبيبسي.. فأستعين بصديق، فإن لم يكن الصديق موجودا أخذت أبصر العلبة بأسى، والعين بصيرة والأظافر قصيرة.. حتى أجد عودًا ما أو مفتاحا يكون سلاحا في معركة فتح العلب.

بعد تأملي اكتشفت أنه لم تمر علي مخاوف في حياتي مثل ما مرّ عليّ في هذا الأسبوع.. وآخرها ليلة البارحة (الخميس 21/2/1429هـ)، بعض هذه المواقف لن أذكرها لأنها بلاوي متلتلة غير قابلة للعرض، ولا يدري عنها إلا شخصين أحدهما متواجد هنا، فإن وسوست له نفسه أن يكشف عنها فسأرسل له بعض الزنوج (أنا لست عنصريًّا) ليقتلوه على الطريقة الزنجية، ولمن لم يعرف هذه الطريقة فإنها –وبكل بساطة- جعل الضحية يعض رصيف الشارع من الزاوية البارزة، فتصبح أسنانه العلوية عاضة على جزء الرصيف "الأفقي" الذي نمشي فوقه، والسفلية عاضة على جزء الرصيف "العمودي" الذي يحجز السيارات لارتفاعه، ثم ضربة واحدة بالرجل على قفاه كفيلة بانقسام الرأس بطريقة بشعة، وقد تكون هذه القِتلة من مخاوف أحدكم بعد أن ذكرتها.

أقول: أنه بعد تأملي هذه الأيام اكتشفت أنه قد اجتمعت فيها (أي في هذه الأيام) مخاوف لم يمر علي مثلها، بعضها يُذكر وبعضها لا يُذكر أبدًا، ومع ذلك فإن هذه الأيام تعتبر احتفالية خاصة جدا إذ اكتشفت أنني لم أقرض فيها أظافري في موت فجائي لهذه العادة، ذلك أنني حككت جبيني فشعرت بألم شديد ثم سحبت يدي مندهشا وجعلتها أمام عيني لأرى أظافري بارزة في منظر أثار الهيبة في نفسي؛ إذ هناك جزء جديد قد ظهر في جسدي لم أحس به في حياتي أبدًا، ولأول مرة أبصره وأشعر به، وبيني وبينكم أحسست أن أظافري البارزة تغريني لأعود لتلك العادة المؤلمة.. عض الأظفار، لكنني لا زلت أقاوم نفسي علّي أقطع هذه العادة، الذي أدهشني أن انقطاع هذه العادة كان في مثل هذه الأسابيع التي اجتمعت فيها مخاوف مخيفة(!) كما ذكرت لكم، أما الذي يُذكر من هذه المخاوف فهو أنني اكتشفت أننا لم ندفع فاتورة الكهرباء التابعة لشقتنا العريقة(ّ!) منذ مدة طويلة، وقد نسيناها تماما لانشغالنا بأسابيع الاختبارات في الترم الماضي، ثم قبلها بمدة قصيرة اختبارات منتصف الترم.. ولأكون صريحا فإنه من الممكن أنه قد مرت علينا أيام قد انتبهنا فيها للفاتورة لكننا تكاسلنا عن دفعها، أو أننا جعلنا دفعها ليس من الأولويات المهمة.. إلخ إلخ، لأجد نفسي وحيدا في شقتي إذ سافر الأصحاب والأصدقاء (هم اثنان فقط).. وتركوني منفردا في الشقة أرخي سمعي –تغمرني الهيبة- لصوت طقطقة الثلاجة، وصوت الباب إذ يدفعه الهواء، وصوت الهواء إذ يتسلل من أسفل الباب، إضافة إلى أنه ما إن آتي من صلاة المغرب حتى أجد الأباليس كلها تجتمع حولي يتسابقون -تبرّعًا- في تذكيري أن الفاتورة لم تدفع منذ زمن طويل، ويتبرع أحدهم أيضا (استشرافا للمستقبل) فينبهني أن الكهرباء قد يفصل في هذه الليلة.. فانتبه!.

يا سلام على الشعور الجميل حين أتذكر هذا الأمر، خصوصا أن غرفتي في طرف الشقة، وثوبي بعيد عني خطوات، لذلك بدأت بالتخطيط حول هروب سريع من وحشة الظلمة المفاجِئة لا يعيقه ثوبي ولا البعد بين مكاني وبين باب الهروب، وذلك بإزالة كل عائق يقف في طريقي؛ فيكون الأمر هكذا: أقفز من مكاني إلى الثوب المهيأ بطريقة معينة ثم أنطلق إلى باب الهروب وألبس الثوب في الطريق.. لا يستغرق الأمر ثواني معدودة، خصوصا أن المحمول لن يتوقف عن العمل لدقائق لوجود البطارية المتهالكة؛ فأطمئن أثناء الهروب أن عبدالباسط يصدح بتلاوة عطرة مرتفعة الصوت.

أما بقية المخاوف التي غمرتني هذا الأسبوع فهي غير قابلة للعرض، لكن لا بأس من ذكر المخاوف التي تمر علي في حياتي.

من المخاوف التي يصنعها خيالي هو خوفي حين أكون في التشهد الأخير أو في السجود أو في جِلسة ما بين السجدتين، وأصابع رجلي تكون مشدودة من الجهة التي أطأ عليها الأرض؛ فأقول في نفسي: ماذا لو جاء أحدهم بشفرة حلاقة وأمرّها على أصابعي المشدودة؟! الذي أتمناه أنني لم أصنع خوفا لأحدهم من خلال ذكر هذا الأمر، كونوا واقعيين؛ كيف يفعل هذا عاقل.. مستحيل يا ناس! http://www.alsamy.net/vb/images/smilies/nosweat.gif

أيضا من المخاوف الخيالية التي منعتني من سلوك سبيل الخطابة في الجُمَع مع حبي لها ويسر السبيل –بحمد الله تعالى-؛ هو أن أكَلَّف بالخطبة في إحدى الجوامع فأستيقظ لأجد الساعة الثانية ظهرا، وأبصر في جوالي 20 اتصالا من الخطيب الأصلي الذي أوكلني مكانه، ومن الشباب، ومن مؤذن الجامع، ومن أحد موظفي الأوقاف، ثم أثناء نظرك القلق إلى الجوال تصيح النغمة معلنة اتصالا من موظف الأوقاف، فما إن يتوقف مللا حتى يتصل عليك الخطيب الذي وكلك، وتتوقف أنت حائرا تكاد تبكي وتصرخ وكأن كل نغمة صادرة طعنة في قلبك، ثم لأنك لم تجب عليهم تأتيك الرسائل تترى.. وتأبى أن تفتحها خوفا، ويا سلام سلم على هذا الشعور المقرف والمخيف.. والمرعب، واعذروني إن تجاوزت في خيالي لكنه حاجز صنعته لأمنع نفسي عن الخطابة..!

وقوعي أمام مجموعة من الناس من المخاوف التي تثير القلق، ولمّا تحصل لي حتى الآن –بحمد الله تعالى واللهم ثبتنا-، كالوقوع في السوق، أو في قاعة الدرس، أو في احتفالية ما، وعلى ذكر الاحتفالية.. من المواقف المخيفة جدا والواقعية أن أدخل العرس فتتخطفني جميع الأعين ليبدأ جسدي بتحرك لا إرادي يؤثر على طريقة مشيتي، حتى أصل إلى العريس فأكاد أحتضنه من التوتر.. هذا من مخاوفي أيضا.

ومن المخاوف التي طرأت عليّ حديثا، هو خوفي حين أقطع الشارع على أقدامي من مرور سيارة تحوي مشاغبا سيقوم حين مرور سيارته المسرعة قريبا مني برمي قارورة زجاجية علي، فتراني أقف طويلا قبل أن أقطع الطريق لأضمن أنه فارغ من السيارات.. فأقطعه راكضا، والخوف حقا حين أقطع الطريق الأول لأجدني أرغم على الوقوف في الرصيف الذي ينتصف الطريقين لازدحام الطريق الثاني فجأة، فأبحث عن شجرة أنتظر عندها وأجعلها حاجزا إن فكر أحد ما برمي شيء علي.

قد طرأ علي هذا الخوف قبل سنتين إذ كنت أمارس رياضة الركض في طريق الصباخ ببريدة، وهو طريق مضيء ينتصف مزارعا مخيفة عن يمينه وشماله، فكنت أركض ليلا معاكسا للطريق لأبصر السيارات فأبتعد عنها إذا اقتربت، وأدخل في الطريق إذا خلا منها، وبينما أنا على هذه الطريقة يومًا إذ أبصرت أمامي سيارة تمشي الهوينى، فابتعدت إلى جانب الطريق، فلما اقتربَت السيارة وجدتها تنحرف إلى أقرب نقطة إليّ وقد زادت سرعتها كثيرا، وفي حركة مفاجئة أخرج من بجانب السائق جزءا من جسده وألقى من يده قارورة زجاجية بقوة...! عقدت الدهشة لساني وتخشبت في مكاني، لكن القارورة مرّت قريبة جدا من رأسي.. فلم تصبني، التفتّ إلى جهة سيارتهم وركضت نحوها وأنا أصرخ فيهم بانزعاج، لكنهم لم يتوقفوا وقد كان الشارع فارغا في تلك اللحظة، ثم انحرفوا مع الشارع فلا أبصرهم ولا يبصروني، فمرّ من أمامي كهل مصري على شاحنة نقل متوسطة الحجم وتوقف بعد أن أشرت له بيدي، ثم ركبت معه سريعا وخبرته الخبر، ثم قلت له: أرجوك.. الحق بهم. ويبدو أن الموقف قد أعجبه كثيرا فانطلق مسرعا، حتى توقفنا عند إشارة ووجدت سيارة أولئك الأوغاد متوقفة عندها، فنزلت من السيارة وبطريقة سينمائية جدا توقفت أمام سيارتهم وأنا أحترق من الغضب؛ إذ وجدت الشخص الذي ألقى علي القارورة عاملا من الجنسية الفلبينية والسائق شاب سعودي، أما هم فقد أدهشهم وجودي أمامهم وقد تركوني أصرخ خلفهم فأغلق السائق قفل الباب حين توجهت إليه مسرعا، واستغرقت في ضرب بابه ومحاولة فتحه وعَيْني كلها على ذلك العامل السافل، ليس احتقارا له.. لكن مَن مِثله عليه أن يحترم كونه مقيما قد يُسَفّر بسبب هذا التصرف الحقير، لكنني لم أفلح في فتح الباب، حتى أضاء اللون الأخضر في الإشارة فانطلقوا بعد أن ألقيت على زجاجهم الخلفي عصى غليظا لم تحدث شيئا مع الأسف الشديد.

خلق هذا الموقف خوفا لدي من قطع الشارع، والمشي بجواره.

لكل منا مخاوفه في هذه الحياة، أما التي يصنعها الخيال فذكرها متعة، والحديث عنها إيناس، لكن الهم كل الهم في تلك المخاوف التي تجدها واقعا أثناء سيرك في هذه الدنية، فتخنقك بضيقها خنقا؛ لأنها مخاوف تخلق خوفا آخر يجعلك تهاب ذكرها حتى عند أقرب الناس إليك، وترغمك على الانفراد بها ومواجهتها لوحدك.

هذه بعض من مخاوفي.. فآنسوني(!) بذكر مخاوفكم!

العلياني
07 Mar 2008, 03:03 AM
لكل بني آدم منا مخاوف في حياته، بعضها من صنع الخيال.. لكن الأدوات واقعية، وبعضها واقع والأدوات واقعية كذلك، تفننت بحياتي في صنع مخاوف من الخيال ولأدواتها واقع في الحياة، أذكر أنني كنت في جلسة مع بني آدم آخر يصدف أنه صديقي فبدأنا نتذاكر مخاوفنا في هذه الحياة منذ أيام الطفولة إلى عصرنا الحالي، بعد أن أصبحنا مخضرمين في أنظارنا؛ وليست تلك الخضرمة التي تحتوي الجاهلية والإسلام؛ بل هي خضرمة من صنع أنفسنا كذلك لكنها لا تدخل في باب المخاوف لذلك لن أذكرها مع أنني فعلت ذلك الآن !

الذي دعاني لكتابة هذا الموضوع هو تأملي –ما شاء الله علي- في مخاوفي الواقعية والخيالية طوال حياتي، والتي من آثارها أنني كنت أقرض أظافر يدي قرضا، فلم أبصر هذه الأظافر منذ عشرين سنة، أي منذ كان عمري أربع سنوات؛ فلا أدري ما هو شعور صاحب الأظافر، ولا أهتم بهذه المسألة إلا حين أريد أن أفتح علبة للبيبسي.. فأستعين بصديق، فإن لم يكن الصديق موجودا أخذت أبصر العلبة بأسى، والعين بصيرة والأظافر قصيرة.. حتى أجد عودًا ما أو مفتاحا يكون سلاحا في معركة فتح العلب.

بعد تأملي اكتشفت أنه لم تمر علي مخاوف في حياتي مثل ما مرّ عليّ في هذا الأسبوع.. وآخرها ليلة البارحة (الخميس 21/2/1429هـ)، بعض هذه المواقف لن أذكرها لأنها بلاوي متلتلة غير قابلة للعرض، ولا يدري عنها إلا شخصين أحدهما متواجد هنا، فإن وسوست له نفسه أن يكشف عنها فسأرسل له بعض الزنوج (أنا لست عنصريًّا) ليقتلوه على الطريقة الزنجية، ولمن لم يعرف هذه الطريقة فإنها –وبكل بساطة- جعل الضحية يعض رصيف الشارع من الزاوية البارزة، فتصبح أسنانه العلوية عاضة على جزء الرصيف "الأفقي" الذي نمشي فوقه، والسفلية عاضة على جزء الرصيف "العمودي" الذي يحجز السيارات لارتفاعه، ثم ضربة واحدة بالرجل على قفاه كفيلة بانقسام الرأس بطريقة بشعة، وقد تكون هذه القِتلة من مخاوف أحدكم بعد أن ذكرتها.

أقول: أنه بعد تأملي هذه الأيام اكتشفت أنه قد اجتمعت فيها (أي في هذه الأيام) مخاوف لم يمر علي مثلها، بعضها يُذكر وبعضها لا يُذكر أبدًا، ومع ذلك فإن هذه الأيام تعتبر احتفالية خاصة جدا إذ اكتشفت أنني لم أقرض فيها أظافري في موت فجائي لهذه العادة، ذلك أنني حككت جبيني فشعرت بألم شديد ثم سحبت يدي مندهشا وجعلتها أمام عيني لأرى أظافري بارزة في منظر أثار الهيبة في نفسي؛ إذ هناك جزء جديد قد ظهر في جسدي لم أحس به في حياتي أبدًا، ولأول مرة أبصره وأشعر به، وبيني وبينكم أحسست أن أظافري البارزة تغريني لأعود لتلك العادة المؤلمة.. عض الأظفار، لكنني لا زلت أقاوم نفسي علّي أقطع هذه العادة، الذي أدهشني أن انقطاع هذه العادة كان في مثل هذه الأسابيع التي اجتمعت فيها مخاوف مخيفة(!) كما ذكرت لكم، أما الذي يُذكر من هذه المخاوف فهو أنني اكتشفت أننا لم ندفع فاتورة الكهرباء التابعة لشقتنا العريقة(ّ!) منذ مدة طويلة، وقد نسيناها تماما لانشغالنا بأسابيع الاختبارات في الترم الماضي، ثم قبلها بمدة قصيرة اختبارات منتصف الترم.. ولأكون صريحا فإنه من الممكن أنه قد مرت علينا أيام قد انتبهنا فيها للفاتورة لكننا تكاسلنا عن دفعها، أو أننا جعلنا دفعها ليس من الأولويات المهمة.. إلخ إلخ، لأجد نفسي وحيدا في شقتي إذ سافر الأصحاب والأصدقاء (هم اثنان فقط).. وتركوني منفردا في الشقة أرخي سمعي –تغمرني الهيبة- لصوت طقطقة الثلاجة، وصوت الباب إذ يدفعه الهواء، وصوت الهواء إذ يتسلل من أسفل الباب، إضافة إلى أنه ما إن آتي من صلاة المغرب حتى أجد الأباليس كلها تجتمع حولي يتسابقون -تبرّعًا- في تذكيري أن الفاتورة لم تدفع منذ زمن طويل، ويتبرع أحدهم أيضا (استشرافا للمستقبل) فينبهني أن الكهرباء قد يفصل في هذه الليلة.. فانتبه!.

يا سلام على الشعور الجميل حين أتذكر هذا الأمر، خصوصا أن غرفتي في طرف الشقة، وثوبي بعيد عني خطوات، لذلك بدأت بالتخطيط حول هروب سريع من وحشة الظلمة المفاجِئة لا يعيقه ثوبي ولا البعد بين مكاني وبين باب الهروب، وذلك بإزالة كل عائق يقف في طريقي؛ فيكون الأمر هكذا: أقفز من مكاني إلى الثوب المهيأ بطريقة معينة ثم أنطلق إلى باب الهروب وألبس الثوب في الطريق.. لا يستغرق الأمر ثواني معدودة، خصوصا أن المحمول لن يتوقف عن العمل لدقائق لوجود البطارية المتهالكة؛ فأطمئن أثناء الهروب أن عبدالباسط يصدح بتلاوة عطرة مرتفعة الصوت.

أما بقية المخاوف التي غمرتني هذا الأسبوع فهي غير قابلة للعرض، لكن لا بأس من ذكر المخاوف التي تمر علي في حياتي.

من المخاوف التي يصنعها خيالي هو خوفي حين أكون في التشهد الأخير أو في السجود أو في جِلسة ما بين السجدتين، وأصابع رجلي تكون مشدودة من الجهة التي أطأ عليها الأرض؛ فأقول في نفسي: ماذا لو جاء أحدهم بشفرة حلاقة وأمرّها على أصابعي المشدودة؟! الذي أتمناه أنني لم أصنع خوفا لأحدهم من خلال ذكر هذا الأمر، كونوا واقعيين؛ كيف يفعل هذا عاقل.. مستحيل يا ناس!

أيضا من المخاوف الخيالية التي منعتني من سلوك سبيل الخطابة في الجُمَع مع حبي لها ويسر السبيل –بحمد الله تعالى-؛ هو أن أكَلَّف بالخطبة في إحدى الجوامع فأستيقظ لأجد الساعة الثانية ظهرا، وأبصر في جوالي 20 اتصالا من الخطيب الأصلي الذي أوكلني مكانه، ومن الشباب، ومن مؤذن الجامع، ومن أحد موظفي الأوقاف، ثم أثناء نظرك القلق إلى الجوال تصيح النغمة معلنة اتصالا من موظف الأوقاف، فما إن يتوقف مللا حتى يتصل عليك الخطيب الذي وكلك، وتتوقف أنت حائرا تكاد تبكي وتصرخ وكأن كل نغمة صادرة طعنة في قلبك، ثم لأنك لم تجب عليهم تأتيك الرسائل تترى.. وتأبى أن تفتحها خوفا، ويا سلام سلم على هذا الشعور المقرف والمخيف.. والمرعب، واعذروني إن تجاوزت في خيالي لكنه حاجز صنعته لأمنع نفسي عن الخطابة..!

وقوعي أمام مجموعة من الناس من المخاوف التي تثير القلق، ولمّا تحصل لي حتى الآن –بحمد الله تعالى واللهم ثبتنا-، كالوقوع في السوق، أو في قاعة الدرس، أو في احتفالية ما، وعلى ذكر الاحتفالية.. من المواقف المخيفة جدا والواقعية أن أدخل العرس فتتخطفني جميع الأعين ليبدأ جسدي بتحرك لا إرادي يؤثر على طريقة مشيتي، حتى أصل إلى العريس فأكاد أحتضنه من التوتر.. هذا من مخاوفي أيضا.

ومن المخاوف التي طرأت عليّ حديثا، هو خوفي حين أقطع الشارع على أقدامي من مرور سيارة تحوي مشاغبا سيقوم حين مرور سيارته المسرعة قريبا مني برمي قارورة زجاجية علي، فتراني أقف طويلا قبل أن أقطع الطريق لأضمن أنه فارغ من السيارات.. فأقطعه راكضا، والخوف حقا حين أقطع الطريق الأول لأجدني أرغم على الوقوف في الرصيف الذي ينتصف الطريقين لازدحام الطريق الثاني فجأة، فأبحث عن شجرة أنتظر عندها وأجعلها حاجزا إن فكر أحد ما برمي شيء علي.

قد طرأ علي هذا الخوف قبل سنتين إذ كنت أمارس رياضة الركض في طريق الصباخ ببريدة، وهو طريق مضيء ينتصف مزارعا مخيفة عن يمينه وشماله، فكنت أركض ليلا معاكسا للطريق لأبصر السيارات فأبتعد عنها إذا اقتربت، وأدخل في الطريق إذا خلا منها، وبينما أنا على هذه الطريقة يومًا إذ أبصرت أمامي سيارة تمشي الهوينى، فابتعدت إلى جانب الطريق، فلما اقتربَت السيارة وجدتها تنحرف إلى أقرب نقطة إليّ وقد زادت سرعتها كثيرا، وفي حركة مفاجئة أخرج من بجانب السائق جزءا من جسده وألقى من يده قارورة زجاجية بقوة...! عقدت الدهشة لساني وتخشبت في مكاني، لكن القارورة مرّت قريبة جدا من رأسي.. فلم تصبني، التفتّ إلى جهة سيارتهم وركضت نحوها وأنا أصرخ فيهم بانزعاج، لكنهم لم يتوقفوا وقد كان الشارع فارغا في تلك اللحظة، ثم انحرفوا مع الشارع فلا أبصرهم ولا يبصروني، فمرّ من أمامي كهل مصري على شاحنة نقل متوسطة الحجم وتوقف بعد أن أشرت له بيدي، ثم ركبت معه سريعا وخبرته الخبر، ثم قلت له: أرجوك.. الحق بهم. ويبدو أن الموقف قد أعجبه كثيرا فانطلق مسرعا، حتى توقفنا عند إشارة ووجدت سيارة أولئك الأوغاد متوقفة عندها، فنزلت من السيارة وبطريقة سينمائية جدا توقفت أمام سيارتهم وأنا أحترق من الغضب؛ إذ وجدت الشخص الذي ألقى علي القارورة عاملا من الجنسية الفلبينية والسائق شاب سعودي، أما هم فقد أدهشهم وجودي أمامهم وقد تركوني أصرخ خلفهم فأغلق السائق قفل الباب حين توجهت إليه مسرعا، واستغرقت في ضرب بابه ومحاولة فتحه وعَيْني كلها على ذلك العامل السافل، ليس احتقارا له.. لكن مَن مِثله عليه أن يحترم كونه مقيما قد يُسَفّر بسبب هذا التصرف الحقير، لكنني لم أفلح في فتح الباب، حتى أضاء اللون الأخضر في الإشارة فانطلقوا بعد أن ألقيت على زجاجهم الخلفي عصى غليظا لم تحدث شيئا مع الأسف الشديد.

خلق هذا الموقف خوفا لدي من قطع الشارع، والمشي بجواره.

لكل منا مخاوفه في هذه الحياة، أما التي يصنعها الخيال فذكرها متعة، والحديث عنها إيناس، لكن الهم كل الهم في تلك المخاوف التي تجدها واقعا أثناء سيرك في هذه الدنية، فتخنقك بضيقها خنقا؛ لأنها مخاوف تخلق خوفا آخر يجعلك تهاب ذكرها حتى عند أقرب الناس إليك، وترغمك على الانفراد بها ومواجهتها لوحدك.

هذه بعض من مخاوفي.. فآنسوني(!) بذكر مخاوفكم!
__________________

الباحث عن الحق
07 Mar 2008, 11:11 AM
العلياني’ لن أستغرب من ردك؛ فهذا متوقع هنا.. شكرا على رفع الموضوع بالموضوع !! : /

ذويبان11
07 Mar 2008, 01:52 PM
ومن مخاوفي خشية السقوط والانزلاق في الماكن العامه
ومن المخاوف ايضا شبك الافياش الكهربائيه
اخي الباحث بورك فيك والمخاوف كثيره

صرخة مالها فم
07 Mar 2008, 03:19 PM
مخاوفنا كثيرة وكلما تركنا لها العنان زادت وتوالدت
عندما كنت صغيرة كنت دائماً أتخيل أن هناك شي كبير سيسقط على رأسي من السماء هذا الشعور كنت أشعر به عندما أكون خارج المنزل في الشارع ، عندما أذهب لشراء غرض لوالدتي ؛ فكنت جري بسرعة كبيرة حتى اتفادا هذا الشي الذي سيسقط وأعتقد إن منبع هذا الشعور من أفلام الكرتون ومن بنك بنثر تحديداً عندما شاهدت خزانة كبيرة تسقط على أحدهم في إحدى الحلقات . فتوالد عندي هذا الشعور ولكني الآن اضحك كثيراً كلما تذكرة ذلك.

من مخاوفي أيضاً الحشرات أكرهها وأخاف منها لدرجة كبيرة وخاصة الصرصور تلك الحشرة البشعة والمقرفة .
حدث عندما كنت طفلة ، أن استقر احدها في شعري بعد رحلة طياران أصابتنا بالفزع ولم يجد هذا النتن مدرج لهبوطه غير رأسي الصغير ، أصبت بحالة هستيرية صراخ وتنطيط مع نفض شعري بقوة حتى أتخلص منه . وأصبح جسمي مثل الجوال عندما يوضع على الهزاز ومن ذلك اليوم والعداء قائم بيني وبين كل أنواع الحشرات .


ولكني أرى أن مواجهة مخاوفي حتى أتخطاها وحتى لا تصبح نقطة ضعف في حياتي أفضل بكثير من ألاستسلام لها وتكبيرها في خيالي .

شكراً لك أنعشت ذاكرتي .