المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف ماتت أحزاني



اللورد1
12 Mar 2008, 05:14 PM
كيف ماتت أحزاني
ماتت أحزاني عندما أدركت أنك جرح أصبح يطرق ناقوس النسيان ,
عصفورة عضت اليد التي كانت تحنو عليها بلمساتها الناعمة الشفافة الرقيقة ,
عفوا سيدتي فأنا لم أنتبه إلى أنياب وحشية أخذت تنمو بسرعة ,
داخل هذا المنقار البريء الجميل .
ألا تذكرين لقاءنا الأول عندما كنت تائهة في عالم مليء بالغدر والخيانة والأحقاد ,
تتلاطم في عينيك أمواج حيرة تلقفتها عيناي , لترنو إليك بابتسامة مطمئنة ,
من رجل يعيش في عالم مختلف ملؤه الحب والحنان ,
ودون أن ألمسك ضممتك إلى صدري بنظرتي الحانية ,
وسرعان ما أرحت رأسك على صدري ,
وألقيت عن كاهلك كل هموم الأرض ,
لتثقلي بها صدري الذي تقاسمت همومك مع عطفي وحناني المكان فيه .
كنت أحلم عندما ضممتك بنظراتي , بحب بريء طاهر ,
يحلق بي على أجنحة الروح , ليسمو بي إلى عالم سحري ,
ترفرف فيه المشاعر والأحاسيس بعيدا عن قيود الجسد ,
وحدود الزمان والمكان , لكنك في الوقت ذاته ,
وأنت تحتضنين نظرتي الحانية كنت تحلمين أيضا حلما مختلفا ,
كنت تحلمين برجل حنون ساذج , تنطلي عليه حيلك وأكاذيبك ,
تمثلين معه دور العاشقة المتيمة , وتمتطين مشاعره وأحاسيسه ,
لا لتحلقي بها في عالم الروح , ولكن لتهوي بها في مهالك الرذيلة ,
وأودية المهانة والانحطاط , ولتحققي أهدافا دنيئة سولتها لك نفس
دنس أمرها بالسوء كل شريف طاهر فيها .
لا شك أنك لعبت دورك ببراعة متناهية , وتستحقين مني على
هذا الدور كل التهنئة , فلقد أجدت الأداء وكأنك
قد تخرجت من أكبر أكاديميات التمثيل والاستعراض ,
لكنني سيدتي أؤمن بالحكمة القائلة :
بإمكانك أن تخدع بعض الناس بعض الوقت ,
لكنك لا تستطيع خداع كل الناس كل الوقت ,
ونسيت أثناء الاندماج في تصوير المشاهد , إتقان بعض التفاصيل الصغيرة
وبعض الرتوش , التي كانت بالنسبة إليك بسيطة جدا وتافهة جدا ,
وكانت بالنسبة لروحي الشفافة بداية اكتشاف ممثلة عبقرية ,
لا تجيد سوى أدوار الكذب والخداع والنفاق .
عندما كنت تتركين نفسك على سجيتها , كانت تظهر ملامح فجورك ,
وبعض ملامح أنانيتك , وحبك للسيطرة والسيادة ,
وانقيادك لشهوات ومنافع مادية رخيصة , وأدركت رويدا رويدا
كم هي إنسانيتك رخيصة لديك , وكم من السهل
عليك التخلي عن كل قلب ضحى بمهجته , من أجل إسعاد ثغرك ,
لأنك – عفوا – لا تعرفين من ألوان السعادة إلا سعادة الثغر ,
فالسعادة تأبى أن تنفذ إلى داخل روحك , لأن تلك الروح ران عليها
ما كسبت من خطايا وآثام , شكلت حاجزا صلدا قاسيا ,
يمنع النور أن ينفذ إليها .
أصدقك القول : أنني اكتشفت ذلك مبكرا ,
ولكنني بدأت ألتمس لك الأعذار , فمجتمعك المخملي الذي تعيشين فيه ,
رغم رائحة العطور التي تهفهف فيه , والنظافة التي تزينه ,
إلا أنه مليء بالقاذورات , والأمراض والأدران , التي تصيب النفس والروح ,
ولا يلقي لها ذلك المجتمع بالا , لأن كل من فيه مشغول بملذاته
وماديته وترهاته حتى الثمالة .
ففرشت لك قلبي مهدا وسريرا , وجعلت لك جفني غطاءا وثيرا ,
وأعطيتك أعز ما أملك من خلاصة الحنان , ومهجة الروح ,
وبهجة الأنس , وصفاء القلوب , علك بهذا تدركين كنه عالم جديد ,
تعشقينه وتنجذبين إليه , فأنا أعشق التحدي ,
وقد تحديت كل ذرة في كيانك تحرك شهوتك وماديتك ,
بكل ذرة في كياني تحرك مشاعري وروحي .
ومنيت نفسي بانتشال خضراء الدمن , تلك الفتاة الحسناء ,
من بيئة السوء التي ترعرعت فيها ,
لترفل في ثياب عالم سندسي ندي , نسجته لك روحي .
لكنني كنت كحامل المسك , بجوار المزابل , فمهما كانت رائحة مسكي فواحة ,
لكنها لا تستطيع أن تطغى على رائحة المزابل المنتنة العفنة .
ومع ذلك تحليت بالصبر , فما دخل الصبر أمرا إلا زانه ,
وما نزع من أمر إلا شانه , كيف لا وأنا موقن أن ما نقشته سنين ,
لا تمحوه أيام أو ساعات .
لكن آخر ما كنت أتصوره يا سيدتي , أن تطعني قلبا غمرك بلطفه وحنانه ,
وأن تقطعي يدا امتدت إليك بالمعروف , دون سبب أو مبرر ,
سوى ما يمليه عليك طبع قد نشأت عليه , وأصبتني في مقتل ,
أحسست أن عملي فجأة استحال هباء منثورا .
خنجر غدرك يا سيدتي غاص إلى أعماق روحي ,
بعد أن قطع أوصال جسدي , وجعل من شراييني ,
قربانا تقدمينه على مذبح صلوات عالمك الشيطاني ,
الذي لم تخلصي فيه إلا للغدر والنفاق والخداع .
لكنني مازلت أحتفظ بشموخي , وأعتز بكبريائي , الذي حاولت تدنيسه ,
وسعيت دائما لجرفه في تيار نهرك الوضيع ,
لذلك أحببت أن تكون لي الكلمة الفصل ,
وأحببت أن أكتب بنفسي السطر الأخير في قصتنا ,
أردت أهمس لك يا سيدتي الهمسة الأخيرة : ما قيمة حسنك الباهر ,
إن كانت مقلتي قد أصابهما العمى , وبت أرى كل شيء ولا أرى ذلك الحسن ,
أليس غريبا أن أصبح كفيفا عن كل محاسنك ومفاتنك ,
ومازلت أبصر جمال الدنيا بكل ما فيها ,
لقد أيقنت الآن أنك جوهرة مزيفة , وقعت في يد خبير يكشف زيفها ,
فلم يعد يغره رونقها وبريقها كما يغر الآخرين فقد ذهب عنك بالنسبة
إلي ذلك البريق الذي يغطيك من الخارج , فأصبحت حجرا حقيرا منبوذا ,
وأصبحت في نظري كالعجوز الشمطاء المتزينة .
لقد تحولت إلى ماضٍ
لا يعني لي شيئا , سوى نقطة سواد قاتمة مرت في حياتي ,
علمت اليوم كيف ماتت أحزاني , تلاشت كما يتلاشى الغبار في ريح عاصفة ,
عندما قررت أن أدون ذكراك على هامش صفحاتي المهترئة ,
لخصتها ببيت شعر يتيم :
ما عشت عمرك فاحفظن إياك خضراء الدمن…….

ذويبان11
12 Mar 2008, 08:50 PM
يعطيك العافيه

نجمة سهيل
17 Mar 2008, 11:34 PM
خاطره جدا" رئعه
سلمت الذاكره التي نسقتها
والأنامل التي سطرتها
حروف تجمعت وكونت كلمات في غاية الجمال

اللورد1
18 Mar 2008, 12:34 PM
يعطيك العافيه

شكرا على مرورك اخوي

اللورد1
18 Mar 2008, 12:35 PM
خاطره جدا" رئعه
سلمت الذاكره التي نسقتها
والأنامل التي سطرتها
حروف تجمعت وكونت كلمات في غاية الجمال
شكرا على مرورك يا اخية