salah
16 May 2003, 06:19 PM
تحيّات طيّبات عليكم جميعا اخواتي واخواني في المنتدى
اودّ اولا ان اهدي هذا الموضوع لاختي الفاضلة ام احمد , واعزّيها بوفاة والدها المغفور له بأذن الله واساله ان يسكنه فسيح جناته انه سميع مجيب ,
وثانيا , اتمنى على من يطالع هذه المادة ان يكون صبورا لأنها تتناول مفردة ليست متداولة بكثرة في الجزيرة العربية .
قبل ايام نشب خلاف بين بعض الأخوة الخليجيين حول مفردة ( سولعي ) التي تعني الدلوع او الدلوعة والمترف والممشوق القوام , وهل هي من الموروث الشعبي الأماراتي ام انها دخيلة عليه من لغات اخرى , وهل انّ هذه المفردة متداولة في الأمارات دون سواها من اقطار الخليج ؟
من الغريب انّ شخصا اماراتيا نفى نفيا قاطعا ان تكون هذه المفردة اماراتية واكّد انه لم يسمعها من قبل ابدا ,، ولقد فشلت محاولات عديدة لأقناعه , فتداخلت بهذا الموضوع , وها انا اضيف عليه واعيد كتابة بعض نتائجه وانشره هنا في المنتدى من اجل ان نعرف جميعا انّ المفردات التي نتكلم بها مهما بدت غريبة لأول وهلة فأن لها اصلا وتجذيرا في اللغة العربية او شقيقاتها من اللغات السامية .
قبل ان ابدأ بكتابة الموضوع سألت احد اخواني في المنتدى , انْ كانت مفردة السولعي متداولة عندكم ؟ فجاءني جوابه بالأيجاب بل واضاف اليّ معلومة جميلة مفادها ان مفردة السولعي طالما تكرّرت في الاشعار والقصائد المغنّاة , كما في اغنية للمنهالي واخرى للفنانة اريام تقول كلماتها :
له جمال وحسن مفتون
ما خلج من مثله انسان
له يديلة فوك المتون
سولعي من لبّة اوطاني
في الحقيقة انّ هناك بلدا خليجيا آخر يستعمل هذه المفردة او مفردة قريبة جدا عليها , و هو العراق .
فنحن في العراق نقول للمرأة النحيفة ( مسلْوعه ) يتسكين اللام وكسر الواو وفتح العين , وللرجل ( مسلْوع ) , وهي نعت للنحافة المفرطة وليست من الصفات المحمودة والخصال التي تدلّ على الجمال في تلك الأزمان التي تكون فيها البدانة هي الجمال بعينه ، فقديما كانت البدانة تدلّ على النعمة ويسر الحال والترف.
الآن صارت النحافة مما تبذل المرأة جهدا بدنيا ونفسيا بالغا لتحصل عليه , فتحوّلت المفردة من صفة مذمومة للجمال الى صفة محمودة مع تبدّل الأحوال والمقاييس ,
اخواتي واخواني .. لقد راجعت المفردة في مختلف القواميس العربية الموروثة من خلال جذرها الثلاثي ( سلع ).. كلسان العرب لأبن منظور والمحكم لأبن سيدة وصحاح الجوهري وغيرها ( فهذا هو مجال عملي الأكاديمي ) وكذلك بعض اللغات من الساميات والتي تشترك في احيان كثيرة مع لغتنا بذات القاموس واصول الأشتقاق اللغوي , لذا فأنا اعتقد ان مغزى المفردة ومعناها يمكن ان يكون مصدرها شجرة نحيفة ترتقي الى الأعلى على هيئة حبال ومفردها ( السلع ) وبأمكانكم مراجعتها في لسان العرب في المجلد الثالث (الصفحة 2067 ) . واضيف الى شجر السلع نوعا ىخر من اشجار الصنوبر اسمه ( سولع ) . وهو يشترك معه في موطن الزراعة والأمتشاق الطوليّ .
ولا تخفى عليكم الدلالة من تشبيه النحافة التي تنحو الى الطول بهذا النوع من الشجر خصوصا اذا عرفنا ان هذا الشجر مما ينمو في براري الجزيرة والخليج وما جاورها .
ومن جهة اخرى فقد تكون المفردة مما تشترك فيه اكثر من لغة سامية قديمة , واذا سلمنا بهذا الأمر فستكون المفردة من اصل ارأمي وعربي , لأن الواو التي تدلّ على التصغير ليست عربية بل ارامية تسلّلت الى لهجاتنا منذ زمن بعيد , فالآراميون هم ابناء عمومة للعرب وكانت الجزيرة هي الموطن الذي خرجوا منه , وتعتبر مناطق تيماء والجوف ودومة الجندل وبئر الحبقا وما يحيطها هي الأماكن التي عرفت اولى تجمعاتهم البشرية قبل حوالي اربعة الآف عام . وما دفعني الى هذا الأعتقاد هو كثرة المفردات العربية الدارجة التي تعرّضت للتصغير بأضافة الواو مثل ( زغير = زغيرون / حبيب = حبوب / دلع = دلوع ) وكذلك في اسماء الأشخاص ( ايمان = امونه / سمير= سمور / هند = هنودة / حليمة = حلومة .... )
فعلامة التصغير في العربية هي الياء وتغيير تشكيل المفردة وليس الواو , مثل ( نهر _ نهير ) ( سلام _ سُليم ) ..
او ان تكون قد خضعت لنظام الأبدال في اللغة , والأبدال موضوع يدخل في باب فقه اللغة وسأحاول ان اكتب موضوعا عنه انْ رأى اخواني في ادارة المنتدى ضرورة لذلك ,
وما اقصده في الأبدال هو مجموعة من العلاقات التي تحكم عملية ابدال حرف في الكلمة بحرف آخر دون ان يتغّير معناها كما في ( لدن و ليّن ) و ( وخزه الشيب و وخطه الشيب ) و ( غطسه و غمسه ) وامثالها في اللغة كثيرة جدا وبأمكانكم الرجوع الى كتاب ابن السكيت في الأبدال ومباحث عبد الله امين في الأشتقاق ( ص 355 )
ومن هنا اعتقد ان هناك ابدالا بين حرفي الدال والسين , خصوصا ان المعاجم العربية احتفظت لنا ببعض المفردات المُبدلة كما في ( ناد الغصن و ناس الغصن ) و ( ماد و ماس ) اي تبختر وهنا رأيتم ان الدال يتحوّل الى سين دون ان يترك تأثيرا في معنى المفردة ..
فأذا فعلنا نفس الشيء مع دولعي من الدلع والدلوعة والسولعي ,
اي نرفع السين ونضع بدلا عنه حرف الدال , فيكون المعنى واحدا .. اي ( سولعي = دولعي ) .
هذا من جهة , ومن جهة اخرى فهناك من يؤكد ان المفردة تدلّ على نوع من انواع الغزلان , وهنا اريد التأكيد من جهتي ان المفردة قد تشير الى النوع الذي كان يعيش في العصر الجاهلي والعصور اللاحقة عليه في موضع قرب المدينة المنورة اسمه ( سلع ) وقيل انه جبل بالمدينة , وقد يكون المكان قد اخذ تسميته لكثرة نبات السلع , وكذلك الحال مع قطعان الغزلان التي تعيش في سلع وماجاورها قد اكتسبت التسمية منه لنحافتها ورشاقتها التي تشبه هذا النبات , وهذا الأمر معروف في تسمية الأنعام على اسم المناطق التي تتكاثر فيها , فهناك الخيول الصقلاوية نسبة الى موضع بذات الأسم .. وهنا ايضا اودّ القول ان ( سلع ) هي عاصمة العرب الأنباط وموضعها شمالي الجزيرة العربية وليس ببعيد عن موضعنا هذا .
ولا بدّ لي من الأشارة الى انّ ( سلع ) من الأماكن التي ورد ذكرها في الشعر والمأثور الجاهلي , وهناك بيت للشاعر الشنفرى يرثي به خاله تأبط شرّا ( الذي قُتل في سلع) يقول فيه :
انّ بالشّعْب الذي دون سلْع :::.......:::: لقتيــلا دمــه ما يُـطلّ
مع خالص مودّتي لكم جميعا
اودّ اولا ان اهدي هذا الموضوع لاختي الفاضلة ام احمد , واعزّيها بوفاة والدها المغفور له بأذن الله واساله ان يسكنه فسيح جناته انه سميع مجيب ,
وثانيا , اتمنى على من يطالع هذه المادة ان يكون صبورا لأنها تتناول مفردة ليست متداولة بكثرة في الجزيرة العربية .
قبل ايام نشب خلاف بين بعض الأخوة الخليجيين حول مفردة ( سولعي ) التي تعني الدلوع او الدلوعة والمترف والممشوق القوام , وهل هي من الموروث الشعبي الأماراتي ام انها دخيلة عليه من لغات اخرى , وهل انّ هذه المفردة متداولة في الأمارات دون سواها من اقطار الخليج ؟
من الغريب انّ شخصا اماراتيا نفى نفيا قاطعا ان تكون هذه المفردة اماراتية واكّد انه لم يسمعها من قبل ابدا ,، ولقد فشلت محاولات عديدة لأقناعه , فتداخلت بهذا الموضوع , وها انا اضيف عليه واعيد كتابة بعض نتائجه وانشره هنا في المنتدى من اجل ان نعرف جميعا انّ المفردات التي نتكلم بها مهما بدت غريبة لأول وهلة فأن لها اصلا وتجذيرا في اللغة العربية او شقيقاتها من اللغات السامية .
قبل ان ابدأ بكتابة الموضوع سألت احد اخواني في المنتدى , انْ كانت مفردة السولعي متداولة عندكم ؟ فجاءني جوابه بالأيجاب بل واضاف اليّ معلومة جميلة مفادها ان مفردة السولعي طالما تكرّرت في الاشعار والقصائد المغنّاة , كما في اغنية للمنهالي واخرى للفنانة اريام تقول كلماتها :
له جمال وحسن مفتون
ما خلج من مثله انسان
له يديلة فوك المتون
سولعي من لبّة اوطاني
في الحقيقة انّ هناك بلدا خليجيا آخر يستعمل هذه المفردة او مفردة قريبة جدا عليها , و هو العراق .
فنحن في العراق نقول للمرأة النحيفة ( مسلْوعه ) يتسكين اللام وكسر الواو وفتح العين , وللرجل ( مسلْوع ) , وهي نعت للنحافة المفرطة وليست من الصفات المحمودة والخصال التي تدلّ على الجمال في تلك الأزمان التي تكون فيها البدانة هي الجمال بعينه ، فقديما كانت البدانة تدلّ على النعمة ويسر الحال والترف.
الآن صارت النحافة مما تبذل المرأة جهدا بدنيا ونفسيا بالغا لتحصل عليه , فتحوّلت المفردة من صفة مذمومة للجمال الى صفة محمودة مع تبدّل الأحوال والمقاييس ,
اخواتي واخواني .. لقد راجعت المفردة في مختلف القواميس العربية الموروثة من خلال جذرها الثلاثي ( سلع ).. كلسان العرب لأبن منظور والمحكم لأبن سيدة وصحاح الجوهري وغيرها ( فهذا هو مجال عملي الأكاديمي ) وكذلك بعض اللغات من الساميات والتي تشترك في احيان كثيرة مع لغتنا بذات القاموس واصول الأشتقاق اللغوي , لذا فأنا اعتقد ان مغزى المفردة ومعناها يمكن ان يكون مصدرها شجرة نحيفة ترتقي الى الأعلى على هيئة حبال ومفردها ( السلع ) وبأمكانكم مراجعتها في لسان العرب في المجلد الثالث (الصفحة 2067 ) . واضيف الى شجر السلع نوعا ىخر من اشجار الصنوبر اسمه ( سولع ) . وهو يشترك معه في موطن الزراعة والأمتشاق الطوليّ .
ولا تخفى عليكم الدلالة من تشبيه النحافة التي تنحو الى الطول بهذا النوع من الشجر خصوصا اذا عرفنا ان هذا الشجر مما ينمو في براري الجزيرة والخليج وما جاورها .
ومن جهة اخرى فقد تكون المفردة مما تشترك فيه اكثر من لغة سامية قديمة , واذا سلمنا بهذا الأمر فستكون المفردة من اصل ارأمي وعربي , لأن الواو التي تدلّ على التصغير ليست عربية بل ارامية تسلّلت الى لهجاتنا منذ زمن بعيد , فالآراميون هم ابناء عمومة للعرب وكانت الجزيرة هي الموطن الذي خرجوا منه , وتعتبر مناطق تيماء والجوف ودومة الجندل وبئر الحبقا وما يحيطها هي الأماكن التي عرفت اولى تجمعاتهم البشرية قبل حوالي اربعة الآف عام . وما دفعني الى هذا الأعتقاد هو كثرة المفردات العربية الدارجة التي تعرّضت للتصغير بأضافة الواو مثل ( زغير = زغيرون / حبيب = حبوب / دلع = دلوع ) وكذلك في اسماء الأشخاص ( ايمان = امونه / سمير= سمور / هند = هنودة / حليمة = حلومة .... )
فعلامة التصغير في العربية هي الياء وتغيير تشكيل المفردة وليس الواو , مثل ( نهر _ نهير ) ( سلام _ سُليم ) ..
او ان تكون قد خضعت لنظام الأبدال في اللغة , والأبدال موضوع يدخل في باب فقه اللغة وسأحاول ان اكتب موضوعا عنه انْ رأى اخواني في ادارة المنتدى ضرورة لذلك ,
وما اقصده في الأبدال هو مجموعة من العلاقات التي تحكم عملية ابدال حرف في الكلمة بحرف آخر دون ان يتغّير معناها كما في ( لدن و ليّن ) و ( وخزه الشيب و وخطه الشيب ) و ( غطسه و غمسه ) وامثالها في اللغة كثيرة جدا وبأمكانكم الرجوع الى كتاب ابن السكيت في الأبدال ومباحث عبد الله امين في الأشتقاق ( ص 355 )
ومن هنا اعتقد ان هناك ابدالا بين حرفي الدال والسين , خصوصا ان المعاجم العربية احتفظت لنا ببعض المفردات المُبدلة كما في ( ناد الغصن و ناس الغصن ) و ( ماد و ماس ) اي تبختر وهنا رأيتم ان الدال يتحوّل الى سين دون ان يترك تأثيرا في معنى المفردة ..
فأذا فعلنا نفس الشيء مع دولعي من الدلع والدلوعة والسولعي ,
اي نرفع السين ونضع بدلا عنه حرف الدال , فيكون المعنى واحدا .. اي ( سولعي = دولعي ) .
هذا من جهة , ومن جهة اخرى فهناك من يؤكد ان المفردة تدلّ على نوع من انواع الغزلان , وهنا اريد التأكيد من جهتي ان المفردة قد تشير الى النوع الذي كان يعيش في العصر الجاهلي والعصور اللاحقة عليه في موضع قرب المدينة المنورة اسمه ( سلع ) وقيل انه جبل بالمدينة , وقد يكون المكان قد اخذ تسميته لكثرة نبات السلع , وكذلك الحال مع قطعان الغزلان التي تعيش في سلع وماجاورها قد اكتسبت التسمية منه لنحافتها ورشاقتها التي تشبه هذا النبات , وهذا الأمر معروف في تسمية الأنعام على اسم المناطق التي تتكاثر فيها , فهناك الخيول الصقلاوية نسبة الى موضع بذات الأسم .. وهنا ايضا اودّ القول ان ( سلع ) هي عاصمة العرب الأنباط وموضعها شمالي الجزيرة العربية وليس ببعيد عن موضعنا هذا .
ولا بدّ لي من الأشارة الى انّ ( سلع ) من الأماكن التي ورد ذكرها في الشعر والمأثور الجاهلي , وهناك بيت للشاعر الشنفرى يرثي به خاله تأبط شرّا ( الذي قُتل في سلع) يقول فيه :
انّ بالشّعْب الذي دون سلْع :::.......:::: لقتيــلا دمــه ما يُـطلّ
مع خالص مودّتي لكم جميعا