أخبار رفحاء
05 Aug 2008, 01:42 AM
كيميائي تخصص في إعلام الأسرة العربية
الأحمد: حق الطفل العربي في إعلامنا ما زال مهضوماً
رفحاء: فواز عزيز
تحدث الإعلامي الدكتور مالك الأحمد عن علاقته بالإعلام وعن المجلات والفضائيات الإسلامية واصفاً تجربة القنوات الفضائية الإسلامية بالحديثة ومؤكداً نجاح بعضها رغم الضعف الفني وغياب برامج المنوعات. كما تحدث عن إعلام الطفل وندرة المواد المصورة للأطفال ذات البعد التربوي الهادف والمأمونة أخلاقيا وبمستوى فني يستحق المشاهدة.
الأحمد أسس وتولى تحرير عدد من الصحف والمجلات منها: مجلة الأسرة ومجلة شباب، ومجلة "سنان" الخاصة بالأطفال. بينما توقفت صحيفته اليومية "المحايد" لضعف الموارد المالية.
كتب مالك الأحمد في عدد من الصحف والمجلات، وشارك في كثير من المؤتمرات والندوات الإعلامية ومع كل هذا هو الأكاديمي وأستاذ الهندسة الكيميائية في جامعة الملك سعود.
وكان لنا معه هذا الحوار:
*كيف كانت بدايتك مع الإعلام؟
- علاقتي بالإعلام بدأت منذ الصغر فنحن أسرة مثقفة ومتعلمة بدءاً بالجد ثم الوالد والإخوة.
كانت لدينا مكتبة عامرة مما شجعني - ابتداء- على القراءة واكتشفت في المرحلة المتوسطة قدرتي الجيدة على الكتابة وكانت مادة التعبير والإنشاء من المواد المحببة إلي وغالبا ما كنت أحصل فيها على العلامة الكاملة وحصلت على جائزة في الكتابة على مستوى المدارس . بالطبع هناك علاقة بين الكتابة وحب القراءة والاطلاع والإعلام. وبعد حصولي على الدكتوراه شاركت في الكتابة في مجلة البيان الثقافية وكانت المجلة ناشئة ومن ثم اقتربت من الإعلام أكثر عندما توليت مسؤولية مكتب المجلة في الرياض. النقلة الحقيقية لحياتي الإعلامية كانت عند إنشاء مجلة الأسرة. مثلت الأسرة - بالنسبة إلي- تجربة ثرية وفريدة تعلمت من خلالها أساليب إنشاء المجلات وإدارتها.
وتعرفت على أعداد ضخمة من المحررين والعاملين في مجالات الإعلام وحضرت أكبر مؤتمر عالمي للمجلات في نيويورك واستفدت كثيرا من لقاءاتي بالمختصين.
* ما تقييمك لمستوى الصحافة الإسلامية من واقع تجربتك في تأسيس وتحرير عدد من الصحف والمجلات الإسلامية؟
- الصحافة الإسلامية تجربة جديدة غضة عمرها لا يتجاوز العقدين ولا تقارن بالصحافة الأخرى التي تجاوزت القرن. وهي - برؤية شمولية - بدأت متأخرة حتى عن الصحوة الإسلامية وركزت في بداية نشأتها على النمط الدعوي الوعظي المباشر.
مستوى الصحافة الإسلامية حاليا لم يتطور مقارنة بالمجالات الأخرى للمؤسسات والجهات الدعوية والإسلامية كالإدارية والفكرية بل بعض المجلات تتدهور في المستوى التحريري.
الصحافة الإسلامية عانت من مجموعة من العناصر منها صعوبة الحصول على ترخيص إضافة إلى مستوى الرقيب الإعلامي العالمي. وكذلك حساسية الكثير من المتدينين في بعض الجوانب ذات الطبيعة الإعلامية ولا ننسى قلة الإمكانات في الجوانب المالية وقلة بل وندرة الطاقات البشرية المتخصصة وذات الخبرة في المجال الإعلامي. وأخيرا التداخل الحاد بين الرؤية المطبوعة كمنتج يباع وذي عائد مادي وبين النظرة الدعوية البحتة.
جميع هذه العوامل أثرت في الصحافة الإسلامية لكن التجربة نجحت إلى حد معقول مقارنة بالظروف والإمكانات وإن كان المأمول أكبر بكثير من الواقع الحالي.
* أسست صحيفة المحايد كصحيفة يومية إلا أنها صدرت أسبوعية ثم توقفت، لماذا لم تستمر المحايد في الصدور؟
- المحايد كانت تجربة ثرية في الصحافة الهادفة وكان يرجى أن تتحول إلى يومية لكن الظروف المادية لم تسمح بذلك. وكانت تجربة فريدة في الصحافة السعودية الجادة حيث الصدور الأسبوعي مع التحديات التحريرية الضخمة التي رافقت ذلك. حاولت التنافس مع الصحف الأسبوعية الأخرى والتي غلب عليها الطبيعة "الصفراء"، كما حاولت منافسة الصحف اليومية ذات الإمكانيات البشرية والمالية والفنية فضلا عن ميزة الإصدار المحلي. لم تصمد المحايد لأن المعلنين لم يقتنعوا بهذه الصيغة (أسبوعية، هادفة، جادة).
* في الوقت الذي لا يزال إصدار صحيفة أو مجلة أمراً صعباً، نلاحظ سهولة بث قناة فضائية أياً كان توجهها، ألا ترى في ذلك تناقضاً؟
-إصدار الصحف والمجلات مازال مرهونا بوزارات الإعلام في العالم العربي والتي -في الغالب- يسيطر عليها هاجس الأمن الثقافي بمعنى أن القائمين عليها يرون أنهم مسؤولون عن جماهير الناس وما يصل إليهم من محتوى فضلا عن الحساسية المفرطة سواء في نقل الخبر أو التحليل فضلا عن المقالات، لذلك نجد أن الصحافة العربية لم تتطور بما يتناسب مع التطور الاجتماعي والثقافي واستمرت يسيطر عليها هاجس وزارات الإعلام من جهة وإدارات التحرير (غير المستقلة غالبا) وأقصد هنا التطور في المحتوى وصياغته والأهداف التحريرية وخدمة المجتمع المحلي وليس الجانب الفني.
أما بالنسبة للفضائيات فأرى - شخصيا - رغم السلبيات الكثيرة حاليا، إلا أنها مثلت فتحا إعلاميا ومثلت التقنية وسيلة فعالة لوصول الرسالة الإعلامية بسهولة وبتكلفة يسيرة. وسهولة إنشائها أتى من تحررها من القيود ووجود المناطق الحرة -نسبيا- فضلا عن إمكانية البث من خارج العالم العربي.
وبالطبع صدرت وثيقة لتنظيم البث الفضائي (أصدرها وزراء الإعلام بناء على توجيهات من وزراء الداخلية) وفيها الكثير من الإيجابيات لكنها تحوي أيضا العديد من السلبيات ومثلت محاولة جديدة (لا أظنها ستنجح) لإعادة هذه الفضائيات لحظيرة وزارات الإعلام العربية.
* كثرت القنوات الفضائية ذات التوجه الإسلامي، هل تعتقد أنها تستطيع جذب المشاهد؟
-القنوات الإسلامية شأنها شأن الصحافة الإسلامية تجربة جديدة وحديثة بل التحديات أمامها أكبر من الصحافة.
لقد نجحت بعض الفضائيات الإسلامية كالمجد في السعودية والناس في مصر رغم الضعف الفني وغياب برامج المنوعات الجاذبة لسبب بسيط وهو أن الناس في حاجة إلى الدين وفي حاجة لتعلمه وهناك أجيال من العرب (في بعض البلدان) مصدرهم شبه الوحيد للدين هو هذه القنوات.
فالقنوات الإسلامية غطت حاجة لجمهور عريض مع أمانة عالية في المحتوى.
هذه القنوات جذبت نوعية معينة من المشاهدين ولم تجذب الجميع، وجذبتهم في أوقات ولم تستطع أن تحافظ عليهم لأسباب كثيرة أبرزها أن جهاز التلفاز هو جهاز تسلية ولتحويله إلى جهاز معرفي وثقافي فإن هذا الأمر يحتاج لجهود ضخمة فنية وإعلامية يصعب على القنوات الإسلامية إدراكها ومن ثم تنفيذها.
* لا يمكن حصر القنوات الفضائية العربية بسبب تزايدها اليومي، هذا التكاثر هل يعتبر ظاهرة إيجابية أم سلبية، ولماذا؟
-الفضائيات العربية تتزايد للأسباب التالية: ( الوفرة المالية، حب الظهور الإعلامي لدى بعض رجال الأعمال، سهولة التراخيص، تيسر التقنية)، وهي ظاهرة طبيعية لمجتمعات مُحتكرة إعلاميا لعقود من جانب جهات حكومية. والفضائيات العربية إفراز لواقع المجتمعات بما فيها من إيجابيات وسلبيات. الغناء والرقص متوافر في الكثير من البلدان العربية فما المانع من نقله لجميع المشاهدين! الأفلام والمسلسلات محبوبة لدى فئة عريضة من الناس فلماذا لا تتوافر لهم ( 24 ) ساعة!
بمعنى آخر ليست هي إيجابية بالمطلق ولا سلبية بالكلية، فهناك الكثير من القنوات المفيدة والبرامج الجيدة والنافعة وهناك الكثير من القنوات الهابطة والبرامج السيئة وإن كانت السيطرة حاليا للقنوات السيئة غير المفيدة.
* ما رأيك بالإعلام العربي الموجه للطفل؟ وما الذي يستحقه الطفل العربي من إعلامنا؟
- إعلام الطفل جزء من رؤية المجتمع للطفل. الطفل في العالم الغربي يعيش في بحبوحة اجتماعية وأيضا ثقافية وإعلامية وفي كل بيت العديد من المجلات والقصص المصورة (هناك مجلة في اليابان للأطفال بعمر سنتين)، بينما حظ الطفل العربي من المادة المقروءة لا يتجاوز بضعة أسطر في السنة (كما أوضحت الدراسات حول الطفل العربي والقراءة). وفي جانب المادة المسموعة، فعدا بضع أشرطة أغاني وأناشيد للطفل، لا يوجد شيء يستهدفه سمعيا. أما في مجال الإعلام المرئي فقد غلبت أفلام الكرتون الغربية على الشاشات (ومازالت). هناك بضع قنوات اليوم للأطفال لكن الجيد والمأمون منها دينيا ضعيف فنيا وتربويا وذو المحتوى التغريبي جيد في الصورة بديع في المحتوى. وعندما فكرت - قبل سنين - في إصدار مجلة للأطفال (بعد إصدار مجلة الأسرة ) اختلفت مع أحد المثقفين فقال :"بدلا من أن تصدر مجلة للكبار مثل مجلة.. نصدر مجلة أطفال!"
- وكأنه يقول يا للهول مجلة للأطفال!- فالرؤية لإعلام الطفل ضاعت بين السيئة وغير الواعية وضاع أطفالنا بين الاثنتين.
* كونك أكاديمي وإعلامي؛ ألا ترى أنه يمكن للجامعات الاستفادة من البث الفضائي في التعليم عن بعد؟
- البث الفضائي أداة تقنية يمكن أن تستغل في التعليم بشكل ممتاز وهناك تجارب معروفة لنقل المحاضرات من أماكن بعيدة لتعم الفائدة. بالطبع يمكن أن يساعد البث الفضائي في التعليم عن بعد لكنه ليس بديلاً أبدا عن التعليم العادي بل يستفاد منه موسميا وفي ظروف معينة. أظن الإنترنت أفضل في التعليم عن بعد، لإمكانية نقل وتبادل الملفات والمقررات وأيضا ميزة التفاعلية العالية التي يفقدها البث الفضائي حاليا.
*في ظل ثورة "اليوتيوب" والمدونات المرئية، هل نحن أمام تحول الإعلام من المؤسسات إلى الأفراد؟ وما مدى تأثير ذلك؟
- لاشك أن الإنترنت - بشكل عام- أثرت على الإعلام التقليدي وباتت منافسه حقيقية له ويظهر هذا من أرقام الإعلانات (في بريطانيا - على سبيل المثال- يكاد في هذا العام 2008 يقترب الإنفاق الإعلاني على الإنترنت من الإنفاق على التلفزيون).
الميزة الجديدة والإضافية في الإنترنت هي الإعلام الشخصي. بمعنى آخر أن كل شخص أصبح مراسلاً إعلانياً كما هو متلقٍ في نفس الوقت فـ"اليوتيوب" و"ماي سبيس" وغيرها أصبحت تنافس في استقطاب جمهور المشاهدين لكن مكمن الضعف فيها -خصوصا في جانب الأخبار وجانب المعلومات- انخفاض مستوى المصداقية وعدم القدرة على التحقق من المادة في نفس الوقت كان للقطات الفيديو أثر ضخم في نقل الحدث ووقت وقوعه بل لأول مرة تنقل التلفزيونات عن الإنترنت مصورة لحادثة إطلاق نار في إحدى الجامعات الأمريكية. الإنترنت مثلت ثورة إعلامية ومعرفية ولكنها لن تزيح الإعلام التقليدي من موقعه بل ستسير إلى جانبه وللعلم فإن أقوى وأهم المواقع في الإنترنت يعود لمؤسسات إعلام تقليدي سواء صحف أو تلفزيونات.
* ما هو مستقبل الإعلام العربي؟
- الإعلام العربي تتنازعه بضع مؤثرات منها:
- الرقابة الحكومية والتي وإن تراخت لكنها باقية لفترة طويلة مستقبلا.
- التنافس الحاد مع الإعلام الجديد (الإنترنت).
- التحديات التقنية والمهنية للرقي بالإعلام والمنافسة على المستوى العالمي - استحضار قيم ومعتقدات المجتمع العربي الإسلامية في الرسالة الإعلامية بعيدا عن أفكار التغريب والأطروحات العلمانية. وأخيرا يبقى الإعلام العربي انعكاساً للمجتمعات العربية والفئة الموجهة له والمسيطرة على القرار فيه.
* ما رأيك في الإعلام في العصر الحاضر؟
للتكملة
هـــــنــــــا (http://www.alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?issueno=2864&id=64608)
الأحمد: حق الطفل العربي في إعلامنا ما زال مهضوماً
رفحاء: فواز عزيز
تحدث الإعلامي الدكتور مالك الأحمد عن علاقته بالإعلام وعن المجلات والفضائيات الإسلامية واصفاً تجربة القنوات الفضائية الإسلامية بالحديثة ومؤكداً نجاح بعضها رغم الضعف الفني وغياب برامج المنوعات. كما تحدث عن إعلام الطفل وندرة المواد المصورة للأطفال ذات البعد التربوي الهادف والمأمونة أخلاقيا وبمستوى فني يستحق المشاهدة.
الأحمد أسس وتولى تحرير عدد من الصحف والمجلات منها: مجلة الأسرة ومجلة شباب، ومجلة "سنان" الخاصة بالأطفال. بينما توقفت صحيفته اليومية "المحايد" لضعف الموارد المالية.
كتب مالك الأحمد في عدد من الصحف والمجلات، وشارك في كثير من المؤتمرات والندوات الإعلامية ومع كل هذا هو الأكاديمي وأستاذ الهندسة الكيميائية في جامعة الملك سعود.
وكان لنا معه هذا الحوار:
*كيف كانت بدايتك مع الإعلام؟
- علاقتي بالإعلام بدأت منذ الصغر فنحن أسرة مثقفة ومتعلمة بدءاً بالجد ثم الوالد والإخوة.
كانت لدينا مكتبة عامرة مما شجعني - ابتداء- على القراءة واكتشفت في المرحلة المتوسطة قدرتي الجيدة على الكتابة وكانت مادة التعبير والإنشاء من المواد المحببة إلي وغالبا ما كنت أحصل فيها على العلامة الكاملة وحصلت على جائزة في الكتابة على مستوى المدارس . بالطبع هناك علاقة بين الكتابة وحب القراءة والاطلاع والإعلام. وبعد حصولي على الدكتوراه شاركت في الكتابة في مجلة البيان الثقافية وكانت المجلة ناشئة ومن ثم اقتربت من الإعلام أكثر عندما توليت مسؤولية مكتب المجلة في الرياض. النقلة الحقيقية لحياتي الإعلامية كانت عند إنشاء مجلة الأسرة. مثلت الأسرة - بالنسبة إلي- تجربة ثرية وفريدة تعلمت من خلالها أساليب إنشاء المجلات وإدارتها.
وتعرفت على أعداد ضخمة من المحررين والعاملين في مجالات الإعلام وحضرت أكبر مؤتمر عالمي للمجلات في نيويورك واستفدت كثيرا من لقاءاتي بالمختصين.
* ما تقييمك لمستوى الصحافة الإسلامية من واقع تجربتك في تأسيس وتحرير عدد من الصحف والمجلات الإسلامية؟
- الصحافة الإسلامية تجربة جديدة غضة عمرها لا يتجاوز العقدين ولا تقارن بالصحافة الأخرى التي تجاوزت القرن. وهي - برؤية شمولية - بدأت متأخرة حتى عن الصحوة الإسلامية وركزت في بداية نشأتها على النمط الدعوي الوعظي المباشر.
مستوى الصحافة الإسلامية حاليا لم يتطور مقارنة بالمجالات الأخرى للمؤسسات والجهات الدعوية والإسلامية كالإدارية والفكرية بل بعض المجلات تتدهور في المستوى التحريري.
الصحافة الإسلامية عانت من مجموعة من العناصر منها صعوبة الحصول على ترخيص إضافة إلى مستوى الرقيب الإعلامي العالمي. وكذلك حساسية الكثير من المتدينين في بعض الجوانب ذات الطبيعة الإعلامية ولا ننسى قلة الإمكانات في الجوانب المالية وقلة بل وندرة الطاقات البشرية المتخصصة وذات الخبرة في المجال الإعلامي. وأخيرا التداخل الحاد بين الرؤية المطبوعة كمنتج يباع وذي عائد مادي وبين النظرة الدعوية البحتة.
جميع هذه العوامل أثرت في الصحافة الإسلامية لكن التجربة نجحت إلى حد معقول مقارنة بالظروف والإمكانات وإن كان المأمول أكبر بكثير من الواقع الحالي.
* أسست صحيفة المحايد كصحيفة يومية إلا أنها صدرت أسبوعية ثم توقفت، لماذا لم تستمر المحايد في الصدور؟
- المحايد كانت تجربة ثرية في الصحافة الهادفة وكان يرجى أن تتحول إلى يومية لكن الظروف المادية لم تسمح بذلك. وكانت تجربة فريدة في الصحافة السعودية الجادة حيث الصدور الأسبوعي مع التحديات التحريرية الضخمة التي رافقت ذلك. حاولت التنافس مع الصحف الأسبوعية الأخرى والتي غلب عليها الطبيعة "الصفراء"، كما حاولت منافسة الصحف اليومية ذات الإمكانيات البشرية والمالية والفنية فضلا عن ميزة الإصدار المحلي. لم تصمد المحايد لأن المعلنين لم يقتنعوا بهذه الصيغة (أسبوعية، هادفة، جادة).
* في الوقت الذي لا يزال إصدار صحيفة أو مجلة أمراً صعباً، نلاحظ سهولة بث قناة فضائية أياً كان توجهها، ألا ترى في ذلك تناقضاً؟
-إصدار الصحف والمجلات مازال مرهونا بوزارات الإعلام في العالم العربي والتي -في الغالب- يسيطر عليها هاجس الأمن الثقافي بمعنى أن القائمين عليها يرون أنهم مسؤولون عن جماهير الناس وما يصل إليهم من محتوى فضلا عن الحساسية المفرطة سواء في نقل الخبر أو التحليل فضلا عن المقالات، لذلك نجد أن الصحافة العربية لم تتطور بما يتناسب مع التطور الاجتماعي والثقافي واستمرت يسيطر عليها هاجس وزارات الإعلام من جهة وإدارات التحرير (غير المستقلة غالبا) وأقصد هنا التطور في المحتوى وصياغته والأهداف التحريرية وخدمة المجتمع المحلي وليس الجانب الفني.
أما بالنسبة للفضائيات فأرى - شخصيا - رغم السلبيات الكثيرة حاليا، إلا أنها مثلت فتحا إعلاميا ومثلت التقنية وسيلة فعالة لوصول الرسالة الإعلامية بسهولة وبتكلفة يسيرة. وسهولة إنشائها أتى من تحررها من القيود ووجود المناطق الحرة -نسبيا- فضلا عن إمكانية البث من خارج العالم العربي.
وبالطبع صدرت وثيقة لتنظيم البث الفضائي (أصدرها وزراء الإعلام بناء على توجيهات من وزراء الداخلية) وفيها الكثير من الإيجابيات لكنها تحوي أيضا العديد من السلبيات ومثلت محاولة جديدة (لا أظنها ستنجح) لإعادة هذه الفضائيات لحظيرة وزارات الإعلام العربية.
* كثرت القنوات الفضائية ذات التوجه الإسلامي، هل تعتقد أنها تستطيع جذب المشاهد؟
-القنوات الإسلامية شأنها شأن الصحافة الإسلامية تجربة جديدة وحديثة بل التحديات أمامها أكبر من الصحافة.
لقد نجحت بعض الفضائيات الإسلامية كالمجد في السعودية والناس في مصر رغم الضعف الفني وغياب برامج المنوعات الجاذبة لسبب بسيط وهو أن الناس في حاجة إلى الدين وفي حاجة لتعلمه وهناك أجيال من العرب (في بعض البلدان) مصدرهم شبه الوحيد للدين هو هذه القنوات.
فالقنوات الإسلامية غطت حاجة لجمهور عريض مع أمانة عالية في المحتوى.
هذه القنوات جذبت نوعية معينة من المشاهدين ولم تجذب الجميع، وجذبتهم في أوقات ولم تستطع أن تحافظ عليهم لأسباب كثيرة أبرزها أن جهاز التلفاز هو جهاز تسلية ولتحويله إلى جهاز معرفي وثقافي فإن هذا الأمر يحتاج لجهود ضخمة فنية وإعلامية يصعب على القنوات الإسلامية إدراكها ومن ثم تنفيذها.
* لا يمكن حصر القنوات الفضائية العربية بسبب تزايدها اليومي، هذا التكاثر هل يعتبر ظاهرة إيجابية أم سلبية، ولماذا؟
-الفضائيات العربية تتزايد للأسباب التالية: ( الوفرة المالية، حب الظهور الإعلامي لدى بعض رجال الأعمال، سهولة التراخيص، تيسر التقنية)، وهي ظاهرة طبيعية لمجتمعات مُحتكرة إعلاميا لعقود من جانب جهات حكومية. والفضائيات العربية إفراز لواقع المجتمعات بما فيها من إيجابيات وسلبيات. الغناء والرقص متوافر في الكثير من البلدان العربية فما المانع من نقله لجميع المشاهدين! الأفلام والمسلسلات محبوبة لدى فئة عريضة من الناس فلماذا لا تتوافر لهم ( 24 ) ساعة!
بمعنى آخر ليست هي إيجابية بالمطلق ولا سلبية بالكلية، فهناك الكثير من القنوات المفيدة والبرامج الجيدة والنافعة وهناك الكثير من القنوات الهابطة والبرامج السيئة وإن كانت السيطرة حاليا للقنوات السيئة غير المفيدة.
* ما رأيك بالإعلام العربي الموجه للطفل؟ وما الذي يستحقه الطفل العربي من إعلامنا؟
- إعلام الطفل جزء من رؤية المجتمع للطفل. الطفل في العالم الغربي يعيش في بحبوحة اجتماعية وأيضا ثقافية وإعلامية وفي كل بيت العديد من المجلات والقصص المصورة (هناك مجلة في اليابان للأطفال بعمر سنتين)، بينما حظ الطفل العربي من المادة المقروءة لا يتجاوز بضعة أسطر في السنة (كما أوضحت الدراسات حول الطفل العربي والقراءة). وفي جانب المادة المسموعة، فعدا بضع أشرطة أغاني وأناشيد للطفل، لا يوجد شيء يستهدفه سمعيا. أما في مجال الإعلام المرئي فقد غلبت أفلام الكرتون الغربية على الشاشات (ومازالت). هناك بضع قنوات اليوم للأطفال لكن الجيد والمأمون منها دينيا ضعيف فنيا وتربويا وذو المحتوى التغريبي جيد في الصورة بديع في المحتوى. وعندما فكرت - قبل سنين - في إصدار مجلة للأطفال (بعد إصدار مجلة الأسرة ) اختلفت مع أحد المثقفين فقال :"بدلا من أن تصدر مجلة للكبار مثل مجلة.. نصدر مجلة أطفال!"
- وكأنه يقول يا للهول مجلة للأطفال!- فالرؤية لإعلام الطفل ضاعت بين السيئة وغير الواعية وضاع أطفالنا بين الاثنتين.
* كونك أكاديمي وإعلامي؛ ألا ترى أنه يمكن للجامعات الاستفادة من البث الفضائي في التعليم عن بعد؟
- البث الفضائي أداة تقنية يمكن أن تستغل في التعليم بشكل ممتاز وهناك تجارب معروفة لنقل المحاضرات من أماكن بعيدة لتعم الفائدة. بالطبع يمكن أن يساعد البث الفضائي في التعليم عن بعد لكنه ليس بديلاً أبدا عن التعليم العادي بل يستفاد منه موسميا وفي ظروف معينة. أظن الإنترنت أفضل في التعليم عن بعد، لإمكانية نقل وتبادل الملفات والمقررات وأيضا ميزة التفاعلية العالية التي يفقدها البث الفضائي حاليا.
*في ظل ثورة "اليوتيوب" والمدونات المرئية، هل نحن أمام تحول الإعلام من المؤسسات إلى الأفراد؟ وما مدى تأثير ذلك؟
- لاشك أن الإنترنت - بشكل عام- أثرت على الإعلام التقليدي وباتت منافسه حقيقية له ويظهر هذا من أرقام الإعلانات (في بريطانيا - على سبيل المثال- يكاد في هذا العام 2008 يقترب الإنفاق الإعلاني على الإنترنت من الإنفاق على التلفزيون).
الميزة الجديدة والإضافية في الإنترنت هي الإعلام الشخصي. بمعنى آخر أن كل شخص أصبح مراسلاً إعلانياً كما هو متلقٍ في نفس الوقت فـ"اليوتيوب" و"ماي سبيس" وغيرها أصبحت تنافس في استقطاب جمهور المشاهدين لكن مكمن الضعف فيها -خصوصا في جانب الأخبار وجانب المعلومات- انخفاض مستوى المصداقية وعدم القدرة على التحقق من المادة في نفس الوقت كان للقطات الفيديو أثر ضخم في نقل الحدث ووقت وقوعه بل لأول مرة تنقل التلفزيونات عن الإنترنت مصورة لحادثة إطلاق نار في إحدى الجامعات الأمريكية. الإنترنت مثلت ثورة إعلامية ومعرفية ولكنها لن تزيح الإعلام التقليدي من موقعه بل ستسير إلى جانبه وللعلم فإن أقوى وأهم المواقع في الإنترنت يعود لمؤسسات إعلام تقليدي سواء صحف أو تلفزيونات.
* ما هو مستقبل الإعلام العربي؟
- الإعلام العربي تتنازعه بضع مؤثرات منها:
- الرقابة الحكومية والتي وإن تراخت لكنها باقية لفترة طويلة مستقبلا.
- التنافس الحاد مع الإعلام الجديد (الإنترنت).
- التحديات التقنية والمهنية للرقي بالإعلام والمنافسة على المستوى العالمي - استحضار قيم ومعتقدات المجتمع العربي الإسلامية في الرسالة الإعلامية بعيدا عن أفكار التغريب والأطروحات العلمانية. وأخيرا يبقى الإعلام العربي انعكاساً للمجتمعات العربية والفئة الموجهة له والمسيطرة على القرار فيه.
* ما رأيك في الإعلام في العصر الحاضر؟
للتكملة
هـــــنــــــا (http://www.alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?issueno=2864&id=64608)