alazez1423
21 Jun 2003, 09:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
جوانتانامو العراق
لا أجد أصدق من وصف «جوانتانامو العراق» تعبيرا عن حال العراق الآن، وما يفعله جنود الاحتلال الأميركي البريطاني بشعبه ومؤسساته ومقدراته.
في جوانتانامو الكوبية مئات من العرب والمسلمين مكبلون بلا تهم محددة في أقفاص حديدية، يسامون سوء العذاب ليل نهار، ولا أحد من أهلهم أو من العالم كله يعرف عما يفعل بهم شيئا، ولا من منهم لايزال حيا، ومن أفضى به العذاب الى الموت أو الانتحار أو الجنون.
مئات من البشر في مشاهد ظنت الانسانية أن التاريخ طواها في ظلام النسيان مع عهود العبودية المروعة، فإذا بها تعود أكثر بشاعة وترويعا على ايدي وحوش نهمة بلا ضمير، أمام أنظار عالم ضائع بلا إرادة.
ويبدو أن كل ما جرى ويجرى في جوانتانامو كوبا، لم يكن سوى تجربة مصغرة لجوانتانامو الكبرى في العراق، حيث وطن كامل، من أعرق وأغنى أوطان العالم بالموارد الاقتصادية والبشرية وثمار الحضارات من آداب وفنون وقيم، في قبضة احتلال همجي في ثياب عصرية براقة، يحركه ويسوقه غرور قوة مادية وحشية بلا قلب.
الآن ـ بمرأى من العالم وسمعه ـ شعب كامل، من أسخى شعوب الدنيا عطاء حضاريا وابداعيا، بين براثن جنود هم وآلاتهم الجهنمية سواء في العمى وبلادة الاحساس، استطاعوا في غفلة من العرب والمسلمين والشعوب جميعا أن يغزوا العراق ويفرضوا على شعبه ـ بعد الخراب والهوان ـ استارا كثيفة من العتمة والعزلة، حتى لم يعد أحد من الأمة او من العالم يعرف حقائق ما يرتكبون من جرائم مروعة في الوطن المنكوب.
لقد استفردوا العراق وشعبه، غنيمة حرب مستباحة بلا منازع او رقيب، تماما كما استفردوا ضحايا جوانتانامو في اقصى الدنيا.
وقد يكون غريبا ومحزنا أن يتلاشى او يخفت صوت الجماهير الواعية التي حاولت في شتى انحاء العالم منع العدوان على الحرب قبل وقوعه، لكن الأغرب والاشد حزنا وإيلاما ذلك الصمت المريب الى حد الموات الذي يطبق على انفاس الجماهير العربية وجماهير المسلمين، التي استسلمت وتكتفي الآن بالذهول المهين والألم، مسلمين شعب العراق الشقيق لجلاديه، متعامين عن مشاهد نكبته المروعة، متعامين عن أنينه واستغاثته.
لقد صار لسان حال شعبنا في العراق ينطق بقول الشاعر القديم السري الرفاء:
ما أكثر الناس، لابل ما أقلهم **** الله يعلم أني لم أقل فندا
إني لأفتح عيني حين أفتحها **** على كثير، ولكن لا أرى أحدا
أو بقول أبي العتاهية في المعنى نفسه:
ما أكثر الناس لعمري وما **** أقلهم في حاصل العدة
أو بالقول الشهير:
وما أكثر الاخوان حين تعدهم **** ولكنهم في النائبات قليل
أو قول يزيد المهلبي في المعنى ذاته:
وإن الناس جمعهم كثير **** ولكن من تسر به قليل
وفي العصر الحديث، لخص شاعرنا أحمد عبدالمعطي حجازي شعوره بالوحدة والغربة، وافتقاده المواسى والنصير بصرخته في الزحام الأعمى حوله: «هذا الزحام: لا أحد..»
إن مجمل الصورة يتجلى في الحديث الشريف: «يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها». والسبب ليس قلة المسلمين، وإنما كثرتهم الفارغة، أو كما يقول الحديث الشريف: «كغثاء السيل».
ومع ذلك، فليس لنا أن نستسلم لليأس من انفسنا ومن أشقائنا، فهم أنفسهم ضحايا مغلوبون على أمرهم. ولذا، فإننا سنظل ننادي أملا في استحياء الهمم الخامدة، واشعال جذوتها.
سنظل نصرخ مع شاعرنا أبي البقاء الرندي في ندائه من أجل انقاذ الأندلس ومسلميه:
ألا نفوس أبيات لها همم؟
أما على الخير أنصار وأعوان؟ ( من بريدي )
جوانتانامو العراق
لا أجد أصدق من وصف «جوانتانامو العراق» تعبيرا عن حال العراق الآن، وما يفعله جنود الاحتلال الأميركي البريطاني بشعبه ومؤسساته ومقدراته.
في جوانتانامو الكوبية مئات من العرب والمسلمين مكبلون بلا تهم محددة في أقفاص حديدية، يسامون سوء العذاب ليل نهار، ولا أحد من أهلهم أو من العالم كله يعرف عما يفعل بهم شيئا، ولا من منهم لايزال حيا، ومن أفضى به العذاب الى الموت أو الانتحار أو الجنون.
مئات من البشر في مشاهد ظنت الانسانية أن التاريخ طواها في ظلام النسيان مع عهود العبودية المروعة، فإذا بها تعود أكثر بشاعة وترويعا على ايدي وحوش نهمة بلا ضمير، أمام أنظار عالم ضائع بلا إرادة.
ويبدو أن كل ما جرى ويجرى في جوانتانامو كوبا، لم يكن سوى تجربة مصغرة لجوانتانامو الكبرى في العراق، حيث وطن كامل، من أعرق وأغنى أوطان العالم بالموارد الاقتصادية والبشرية وثمار الحضارات من آداب وفنون وقيم، في قبضة احتلال همجي في ثياب عصرية براقة، يحركه ويسوقه غرور قوة مادية وحشية بلا قلب.
الآن ـ بمرأى من العالم وسمعه ـ شعب كامل، من أسخى شعوب الدنيا عطاء حضاريا وابداعيا، بين براثن جنود هم وآلاتهم الجهنمية سواء في العمى وبلادة الاحساس، استطاعوا في غفلة من العرب والمسلمين والشعوب جميعا أن يغزوا العراق ويفرضوا على شعبه ـ بعد الخراب والهوان ـ استارا كثيفة من العتمة والعزلة، حتى لم يعد أحد من الأمة او من العالم يعرف حقائق ما يرتكبون من جرائم مروعة في الوطن المنكوب.
لقد استفردوا العراق وشعبه، غنيمة حرب مستباحة بلا منازع او رقيب، تماما كما استفردوا ضحايا جوانتانامو في اقصى الدنيا.
وقد يكون غريبا ومحزنا أن يتلاشى او يخفت صوت الجماهير الواعية التي حاولت في شتى انحاء العالم منع العدوان على الحرب قبل وقوعه، لكن الأغرب والاشد حزنا وإيلاما ذلك الصمت المريب الى حد الموات الذي يطبق على انفاس الجماهير العربية وجماهير المسلمين، التي استسلمت وتكتفي الآن بالذهول المهين والألم، مسلمين شعب العراق الشقيق لجلاديه، متعامين عن مشاهد نكبته المروعة، متعامين عن أنينه واستغاثته.
لقد صار لسان حال شعبنا في العراق ينطق بقول الشاعر القديم السري الرفاء:
ما أكثر الناس، لابل ما أقلهم **** الله يعلم أني لم أقل فندا
إني لأفتح عيني حين أفتحها **** على كثير، ولكن لا أرى أحدا
أو بقول أبي العتاهية في المعنى نفسه:
ما أكثر الناس لعمري وما **** أقلهم في حاصل العدة
أو بالقول الشهير:
وما أكثر الاخوان حين تعدهم **** ولكنهم في النائبات قليل
أو قول يزيد المهلبي في المعنى ذاته:
وإن الناس جمعهم كثير **** ولكن من تسر به قليل
وفي العصر الحديث، لخص شاعرنا أحمد عبدالمعطي حجازي شعوره بالوحدة والغربة، وافتقاده المواسى والنصير بصرخته في الزحام الأعمى حوله: «هذا الزحام: لا أحد..»
إن مجمل الصورة يتجلى في الحديث الشريف: «يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها». والسبب ليس قلة المسلمين، وإنما كثرتهم الفارغة، أو كما يقول الحديث الشريف: «كغثاء السيل».
ومع ذلك، فليس لنا أن نستسلم لليأس من انفسنا ومن أشقائنا، فهم أنفسهم ضحايا مغلوبون على أمرهم. ولذا، فإننا سنظل ننادي أملا في استحياء الهمم الخامدة، واشعال جذوتها.
سنظل نصرخ مع شاعرنا أبي البقاء الرندي في ندائه من أجل انقاذ الأندلس ومسلميه:
ألا نفوس أبيات لها همم؟
أما على الخير أنصار وأعوان؟ ( من بريدي )