المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [ علامة تعجب رمضانية ! ] - سقيا من العجب تصب في أنهر النصيحة.



الباحث عن الحق
05 Sep 2008, 03:33 PM
كم في هذه الدنيا من غرائب، وأكثرها استفزازا لصاحبكم هو (التغافل) وليس (الغفلة).. وكل ما يرتبط بتاء (التمثيل) و (الإدعاء)، فهذا يتجاهل.. وليس جاهلا على الحقيقة، وذاك يتغابى فليس غبيًّا إلا بالقدر المفروض على طبائعنا.. وأقله (التتنيك) !

يستفزني من أوجه، وإلا لما أعجبنا قول الحكيم:
وتغافل عن أمور إنه *** لم يفز بالوصل إلا من غفل
فهذا وجه آخر !

تلك الأوجه المستفزة تتعلق بيقين المطلوب منا (دينيًا) من أمرٍ ونهي، إذ صار (التغافل) عن هذه الأمور عربون راحة من المسؤولية الملقاة على عاتق كل موحدٍ ومؤمن بهذا الدين، وفي حين أن واجب التذكير يتناسب طرديًا مع كميّة العربون.. أكتب لكم هذه الأسطر، مع أنني أقدّم مثل هذا العربون حينا.. وأتوب منه حينًا كحالنا جميعًا، إلا أن بعض الناس يتلفظ بحكيم من القول فينقذ أمثالنا، ورحم الله ذلك المتلفظ إذا قال:

إذا لم يعظ في الناس من هو مذنبٌ *** فمن يعظ العاصين بعد محمد
فقد أنقذنا جميعًا !

ولا بأس أن أعدد شيئا من غرائب هذه الدنيا ما دمت قد كشفت عن تعجبي منها، ولذا فلتطلّوا معي على عجيبةِ صيرورة شهرِ الخير إلى (حراجٍٍ للمعاصي)، وهو خيّرٌ بوحيٍ من السماء، وحراجٌٍ للمعاصي بفعلنا نحن، وكل عامٍ يُرذلون.. ويتساءلون..: أين المطر؟! وإذا صاح فيهم من قرأ قوله تعالى (معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون)؛ منّ أحدهم بصيامه وصلاته، "نحمد الله.. نحن نصلي ونصوم"، ومنطق المسلم وعقله يقول: "أي نعم.. كلنا نصلي، وصدقوني، حتى الذين قضى الله عليهم أن يدخلوا النار بقدر معاصيهم.. كانوا يصلون ويصومون.. وإلى الجنة سيدخلون بإذن الله –عز وجل-، لكنهم عصوا وأصروا على تلك المعاصي حتى فاجأتهم المنية.. ولزمهم التطهير مما اقترفوا.. فدخلوا النار إلى حين"، وبزعم الرحمة أقول: لماذا نعذب أنفسنا بأعمالنا؟! ولماذا نقطع الخيرات عنا بأعمالنا؟!

ثم فلنعجب -أيضًا- حين نقارن أنفسنا بين الأشهر الماضية.. وهذا الشهر، لنخرج بنتيجة مفادها أن بعضنا قد زاد جرعته من البث الفضائي إلى ساعاتٍ كثيرة لم يكنْ يحلمُ بمثلها في الأشهر الماضية، إذ يوفّر لهم الدعاة على أبواب جهنم من المغريات في هذا الشهر مالم يتوفر لهم في بقية الأشهر، فمن شاء فليتأوه من هذه الحال، ومن شاء فليردد: ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا. وهكذا تُنْتَج المعاصي بأيدٍ مسلمة، وتسعى لنشرها أرجلٌ مسلمة، لتستمع إليها وتبصرها حواسٌ مسلمة.. ولمّا يزل الداعي يصرخ فينا: أيا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ومع أن قنوات الخير والبرامج النافعة قد وجدت طريقها خلال هذا السيل الجارف من الفسوق، إلا أن البعض لا يستلذ إلا بالمحرمات، فينفتح عليها.. وينسى ربه واليوم الآخر.. والقبر !

ثم يبكي أحدنا حاله لأنه لا يصبر على تلاوة القرآن.. ولا يختمه في هذا الشهر، ويستثقل قيام الليل، ولا يحس للصيام لذة، وينام عن الصلوات، ولا يعرف من جماعة المسلمين إلا أواخر أطرافها والتأفف والسهو وأحلام اليقظة.. وكل هذا في رمضان، شهر الغفران، والعتق من النيران.. إلخ مما يستحضره الجميع، وما ذاك إلا لأنه قد قيدتنا ذنوبنا كما يقول الإمام أحمد -رحمة الله عليه-، ولو خاف أحدنا مقام ربه لنهى النفس عن الهوى الذي تعلقنا به في المسلسلات والبرامج التي تنضح بالمحرمات الزائدة أيضا في هذا الشهر، والله حسيب أصحاب تلك القنوات، أولئك التجار الذين أعمتهم الدنيا عن الآخرة.. وحتمية الموت وفراق هذه اللذة المؤقتة.

انقطع المطر.. وكسفت الشمس.. وخسف القمر.. وتآكلت الأموال.. والحروب تحرق الأرض ومن فوقها عن أيماننا وشمائلنا وفوقنا ومن أسفل منا، والأعداء يتربصون بنا الدوائر قد أحرقهم الغيظ.. إلخ، وبعضنا لاهية قلوبهم، فاغرة أفواههم أمام تلك الغانية وذلك الوسيم، غرّنا الأمان.. وحلم الرحمن، ومن يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، لا أهدف أبدًا إلى زرع اليأس في القلوب، أو الحث على البكاء على أحوالنا، فتلك بضاعة الفاشل الذي لا يملك إلا نتاج الغدد الدمعية بلا تقدم عملي وفكري يخدم به دينه ونفسه، ليسعى كل واحدٍ منا ليكون سببًا في زيادة أمننا، وهطول الأمطار علينا، ودفعًا لأعدائنا، والركون إلى النعم التي من بها ربنا علينا، وذلك بالتوبة والإنابة والاستغفار.. والاستغفار.. والاستغفار.. والصدقة، وخوف مقام الله تعالى بالبعد عن المعاصي التي استمرت معنا أعوامًا مديدة (محكومية أصدرناها على أنفسنا)، فلنودعها غير مأسوفٍ عليها بلحظة حزمٍ نستسلم فيها لله -تعالى-، ونسعى إلى تطهير أنفسنا سعيا، بعيدًا عن النظر إلى التدين من خلال الأشخاص والمواقف والتاريخ والسياسة والأخطاء البشرية.. فتلك المُلهية.. والمُهلكة؛ إنما ينفرد أحدنا بنفسه، ويستحضر يسر الدين ووضوح طريق الصراط المستقيم، فيأتمر بأوامر الله تعالى، وينتهي فورًا -بلا صراع وهمي زائف مع النفس- من تلك المعاصي وهاتيك الهفوات التي أرهقتنا، وحرمتنا نعيم اللذة بالإيمان، وهدوء الحياة من ضجيج المعاصي، ونقائها من سواد الذنوب، وترطيبها بالتدين بعد جفاف الجفاء.

صِدْقًا.. أنا -فيما سبق- أخاطب ببعضه نفسي، فمن وجد شيئا يتعلق به.. فنحن في الخطاب مشتركون !

وفق الله الجميع.

المقال في المدونة/
http://pen2rebel.jeeran.com/archive/2008/9/667223.html

الحمدان
05 Sep 2008, 04:52 PM
جزاك الله خير 00 ووفقك الله ياباحث عن الحق0stp

ولد الشايب
05 Sep 2008, 05:14 PM
الباحث ...

ما اجمل كتاباتك وأروعها ....

أخوك

ولد الشايب

الباحث عن الحق
06 Sep 2008, 01:30 AM
الحمدان’ وإيّاك عزيزي، وفقك الله -جل وعلا-.

نجمة سهيل
06 Sep 2008, 01:38 AM
مشاء الله
مقال كعادته يتربع على قمم الروعه

الله يجزاك خير

*العنا*
06 Sep 2008, 02:15 AM
و ما أمر هؤلاء المتغافلين ..
إلا إنهم في إستغفال عصيب عن أنفسهم ..


و ستمر السنون !
و حتماً .. سيلقون إثمار هذا الأستغفال يوماً ..
و يا ويل ما سيلاقونه حينها من ندم و آه !!


:


الباحث عن الحق ..

دائماً متميز بسيل قلمك
و إبداعك مذهل ..

شكراً لك ..

همّام
06 Sep 2008, 04:18 AM
والله إن نفوسنا في خطر
فكانت وقايتها مأمورا بها ( قوا انفسكم ...)
ونحن بحاجة ماسة إلى مثل هذه الكتابات
توقفنا عند عتبات الأبواب وعن خطورة المنعطفات
ونتعاهد بها أنفسنا

حفظك الرحمن بعينه التي لا تنام

الباحث عن الحق
06 Sep 2008, 07:40 PM
ولد الشايب’ أشكر لك حسن ظنك بأخيك عزيزي، بورك فيك.

ذويبان11
06 Sep 2008, 11:53 PM
جزاك الله خيرا اخي

على هذه الكلمات التي تلامس الكثير من واقعنا

الباحث عن الحق
10 Sep 2008, 05:29 AM
نجمة سهيل’ وإياك أختي، وفقك الله تعالى.

$ثريا$
10 Sep 2008, 05:48 AM
بارك الله في أمثالك وممن يحملون قلما كقلمك يحمل كل تلك الروعه

عروووبة
10 Sep 2008, 09:07 AM
جزاك الله خيرا اخي الباحث عن الحق

أبو تركي
10 Sep 2008, 12:05 PM
جزاك الله خير..

الوسام
15 Sep 2008, 04:08 AM
يعطيك العافيه