رفحاوي
08 Jul 2003, 03:57 AM
"الرياض" تفتح ملف الجنسية السعودية وأوضاع حاملي البطاقات ومزوري الوثائق الرسمية.. (6/1)
تحقيق - أحمد الجميعة:
* نازحو القبائل العربية الوصف الذي اطلق على حالة استثنائية لعدد من الأفراد والجماعات ممن ينتسبون إلى اصول عربية أصيلة، وعاشوا حياة "البداوة" في صحراء الجزيرة العربية خلف مواشيهم بحثاً عن الربيع والكلأ دون أن يحملوا ما يثبت هويتهم، وهم ما يطلق عليهم لدى البعض ب "البدون".
هؤلاء الأفراد الذين اشبعوا حاجة في نفوسهم امام مناظر الربيع الساحرة خلال مدة زمنية طويلة وتنقلوا بين عدد من دول الجزيرة استقر الكثير منهم في المملكة خصوصا في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية (حفر الباطن، رفحا، عرعر، القريات، طريف..) وجدوا انفسهم خلال العقدين الماضيين امام مجتمع مدني متحضر. وداخل مدن بدأت تتسع وتتطور في جميع المجالات.. جعلت الكثيرين منهم يحاول الانخراط داخل هذا المجتمع الذي اعتقدوا أنهم جزء منه لكنهم أحسوا بالفرق ليس في المعيشة وطلب الرزق وانما في اثبات هويتهم الوطنية وفي هذه المرحلة أطلق عليهم في بعض الدول المجاورة وصف "البدون" باعتبار أنهم لا يحملون أي جنسية، وتم في المملكة منحهم الإقامة بموجب رخصة نظامية على شكل بطاقة مدتها خمس سنوات.. وهذه البطاقة التي اتخذت كاجراء مؤقت الى حين بحث حالتهم ومنحهم الجنسية السعودية، كانت بالنسبة لهم "اثبات شخصية" امام الجهات الأمنية والحكومية واتاحة الفرصة لهم بالعمل في القطاعات الخاصة ودخول ابنائهم لتلقي تعليمهم في المدارس الحكومية والأهلية، والتنقل بين المدن والمحافظات والقرى والمراكز لزيارة اهلهم وذويهم وطلب الرزق..
وقد أسهمت المملكة انطلاقا من واجبها الوطني والإنساني والاجتماعي تجاه أفراد هذه القبائل بتصحيح اوضاعهم بأسلوب نظامي وحضاري باعتبارهم يعودون إلى قبائل عربية ذات منشأ أصلي في المملكة، حيث قامت في بداية الأمر بحصر اسمائهم ومنحهم بطاقة "الإقامة"، ثم قامت بعد ذلك بإنشاء لجنة مركزية لدراسة أوضاعهم بطريقة تكفل لهم الهوية الوطنية عن طريق منحهم الجنسية السعودية اسوة ببقية المواطنين بعد انهاء جميع الإجراءات النظامية في هذا الشأن.
وكانت هذه الخطوات المتلاحقة نحو تحقيق مطلب هذه الفئة وهو اثبات هويتهم وانتمائهم الوطني قد لاقت استحسان الكثيرين منهم وعبروا عن عن سعادتهم بأسلوب وزارة الداخلية في معالجة اوضاعهم التي تدل على نظرة ثاقبة وحكمة ومسؤولية في مساواتهم ببقية المواطنين في الحقوق والواجبات.
"الرياض" في بداية التفكير لاعداد هذا الموضوع وطرح محاوره على معالي وكيل وزارة الداخلية الدكتور أحمد بن محمد السالم كانت تعتقد أن هناك صعوبات ومشكلات في معالجة اوضاع هذه الفئة ولكن معالي الدكتور السالم نفى أن يكون هناك شيء من هذه المشكلات أو الصعوبات مؤكدا أنهم لم يعودوا يمثلون مشكلة داخل المجتمع السعودي نظير الإجراءات والترتيبات التي اتخذتها الوزارة في هذا الشأن مشيرا أن بعضاً منهم منحوا الجنسية السعودية والبقية تستكمل اجراءاتهم لتحقيق هويتهم الوطنية.
وقد بارك معاليه فكرة "الرياض" ووجه المسؤولين في وكالة وزارة الداخلية للأحوال المدنية بتسهيل مهمة "الرياض" في الكشف عن كل الإجراءات المتخذة تجاه هذه الفئة وكل ما له علاقة بالجنسية السعودية.
محاور الموضوع
"الرياض" تطرح موضوع الجنسية السعودية في ثلاثة محاور رئيسة هي:
- أوضاع نازحي القبائل العربية.
- مزورو الوثائق الرسمية للحصول على الجنسية.
- اجراءات منح الجنسية السعودية والقضايا المتعلقة.
كما تتناول المحور الأول في حلقتين الأولى اوضاع القبائل النازحة وأماكن وجودهم والثانية عن الإجراءات التي اتخذت من وزارة الداخلية ممثلة في وكالة الوزارة للأحوال المدنية لتصحيح اوضاعهم من خلال اللجنة المركزية المشكلة لهذا الغرض.
وفي المحور الثاني من الموضوع تلتقي "الرياض" في الحلقة الثالثة عدداً من السجناء المتورطين في تزوير الوثائق الرسمية للحصول على الجنسية في سجني الحائر بالرياض وبريمان بجدة.
كما تلتقي في الحلقة الرابعة مدير عام مركز المعلومات الوطني للحديث عن موضوع الوثائق الرسمية والاحتياجات الأمنية المتخذة للتقليل من تزوير الوثائق للحصول على الجنسية (الجواز بطاقة الأحوال).
وفي المحور الثالث نتحدث في الحلقة الخامسة من اجراءات منح الجنسية من واقع عمل ادارات التجنس في الأحوال المدنية بالمناطق.
كما نتناول في الحلقة السادسة "الأخيرة" المواد الأساس لنظام منح الجنسية في المملكة والقضايا المرتبطة بهذا النظام من خلال لقاء موسع مع وكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية.
القبائل النازحة
نتحدث اليوم في الحلقة الأولى هذه عن القبائل النازحة واوضاعهم الاجتماعية والمعيشية، وأماكن وجودهم في عدد من مناطق المملكة، والأسباب التي منعتهم من الحصول على الجنسية خلال المدة الماضية.
وكانت "الرياض" قد التقت مع عدد من افراد تلك القبائل في أماكنهم الرئيسة بمحافظة حفر الباطن وامتدادا الى جهة شمال (رفحا، عرعر، طريف، القريات) حيث مظاهر الحياة "البدوية" البسيطة التي كانت تمثل لهم حضارة وثقافة اصيلة لا يمكنهم التخلي عنها والاندماج بسهولة داخل المجتمع الأهلي المدني.. هذا الإرث "العربي" القديم لا يمكن أن نتخيل الأسئلة التي ثارت في داخلنا لحظة الوصول إلى تلك المناطق اسئلة تنطلق من الفارق بين "المدينة" التي أتينا منها وبين "المساكن" المتناثرة في الصحراء التي بدأت تنغمس في بيئتنا تدريجيا.. كان التساؤل الأهم بالنسبة لنا كيف يمكن لهؤلاء أن يعيشوا في هذه المساكن التي لا يوجد بها ابسط متطلبات الحياة العصرية وبالقرب منهم مدن متحضرة ومتطورة كحفر الباطن مثلا؟
في لحظة دخولنا الى ساحة تلك "المساكن" استشعرنا بيئة وثقافة تحمل ارثاً مليئاً بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة لمسناه من الرجال والنساء والأطفال الذين التقيناهم.. أحسوا في البداية بوجود رجل غريب بينهم.. أو ثقافة أخرى لم يعتادوا عليها حتى السيارة التي كنا نستقلها غريبة عليهم.. الأشخاص الذين حضروا اليهم لا يعرفونهم.. سبب الزيارة يجهلونه.. في تلك اللحظات رأينا رؤوساً تطل علينا من نوافذ خشبية.. واطفالاً توجهوا إلينا بسرعة وطرح احدهم وهو محمد ( 10سنوات) السؤال الأهم بالنسبة لهم.. ماذا تريدون؟.
أجبته نريد أن نتعرف عليكم وعلى أوضاعكم ومعيشتكم ثم شرحت له بسرعة سبب الزيارة وطلبت منه أن يساعدنا في التعرف على بيئتهم... اخذته في سيارتي وقال لي: سيارتك مكيفة؟ قلت له هذا شيء طبيعي.. رد علي بسرعة نحن لا نعرف المكيف حتى في شدة الحر.. كل ما نعرفه من الكهرباء مصباح أو اثنين نستنير بهما داخل "مساكنا" بعد ذلك توجه بنا الى منزله وقال: هذه امي واخوتي الصغار اما والدي فقد خرج من الفجر إلى مدينة حفر الباطن ليجلب لنا الطعام ويبحث عن الرزق.. دخلنا في "مساكنهم" ثم أخذ يرفع صوته: "وين القهوة"؟ عرفت لحظتها انني امام افراد وجماعات يعتزون بقيمهم ومبادئهم القائمة على الكرم والشجاعة وحب الآخر رغم ظروفهم المعيشية الصعبة.
الأوضاع المعيشية
* سألت أم محمد.. من متى وأنتم في هذا المكان؟ وكيف معيشتكم؟
- أجابتني: منذ سنوات ونحن نسكن هذه "المساكن" التي استقررنا فيها بعد رحلة طويلة من التنقل في الصحراء خلف مواشينا.. ونعاني من ظروف معيشية وصحية واجتماعية صعبة للغاية.. تحملنا ما نستطيع أن نتحمله فوق طاقتنا.. ولكن كما ترى نحن بانتظار الهوية والانتقال إلى المدينة مكلف مادياً بالنسبة لنا.. وكل ما نملكه قد لا يكفي احيانا إلا لوجبة طعام واحدة، أو اثنتين.. كل ما نأمله أن تنتهي معاناتنا بمنحنا الجنسية واثبات هويتنا والاستفادة من التسجيل في الجمعيات الخيرية والضمان الاجتماعي.. وايجاد فرصة عمل مناسبة للزوج الذي اتعبته الحياة كما اتعبتني واولادي..
* سألتها مرة أخرى.. هل يأتي أحد لمساعدتكم والنظر في حالكم؟
- أجابتني: هناك جهود "طيبة" من جمعية حفر الباطن الخيرية لتقديم المساعدات وايصال بعض المواد الغذائية لنا.. ولكن هذه لا تكفي جميع "المساكن" الموجودة في هذا المكان.. كما أن حضورهم يكون في مواسم معينة كشهر رمضان والأعياد (بكت أمامي ثم قالت) نحن والله لا نخشى أن نموت من الجوع.. ولكن نتمنى أن نغير من حياتنا البدائية التي نعيش فيها.. فداخل هذه المساكن لا يوجد سوى أنفس عزيزة.. صابرة.. متحملة ظروف الحياة القاسية.. لقد خرج من هذه "المساكن" رجال تحملوا كل هذه المسؤوليات بعضهم انتقل إلى المدينة للعمل.. وبعض آخر بقي ينتظر الفرج الذي اقترب موعده..
يتبع ....
تحقيق - أحمد الجميعة:
* نازحو القبائل العربية الوصف الذي اطلق على حالة استثنائية لعدد من الأفراد والجماعات ممن ينتسبون إلى اصول عربية أصيلة، وعاشوا حياة "البداوة" في صحراء الجزيرة العربية خلف مواشيهم بحثاً عن الربيع والكلأ دون أن يحملوا ما يثبت هويتهم، وهم ما يطلق عليهم لدى البعض ب "البدون".
هؤلاء الأفراد الذين اشبعوا حاجة في نفوسهم امام مناظر الربيع الساحرة خلال مدة زمنية طويلة وتنقلوا بين عدد من دول الجزيرة استقر الكثير منهم في المملكة خصوصا في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية (حفر الباطن، رفحا، عرعر، القريات، طريف..) وجدوا انفسهم خلال العقدين الماضيين امام مجتمع مدني متحضر. وداخل مدن بدأت تتسع وتتطور في جميع المجالات.. جعلت الكثيرين منهم يحاول الانخراط داخل هذا المجتمع الذي اعتقدوا أنهم جزء منه لكنهم أحسوا بالفرق ليس في المعيشة وطلب الرزق وانما في اثبات هويتهم الوطنية وفي هذه المرحلة أطلق عليهم في بعض الدول المجاورة وصف "البدون" باعتبار أنهم لا يحملون أي جنسية، وتم في المملكة منحهم الإقامة بموجب رخصة نظامية على شكل بطاقة مدتها خمس سنوات.. وهذه البطاقة التي اتخذت كاجراء مؤقت الى حين بحث حالتهم ومنحهم الجنسية السعودية، كانت بالنسبة لهم "اثبات شخصية" امام الجهات الأمنية والحكومية واتاحة الفرصة لهم بالعمل في القطاعات الخاصة ودخول ابنائهم لتلقي تعليمهم في المدارس الحكومية والأهلية، والتنقل بين المدن والمحافظات والقرى والمراكز لزيارة اهلهم وذويهم وطلب الرزق..
وقد أسهمت المملكة انطلاقا من واجبها الوطني والإنساني والاجتماعي تجاه أفراد هذه القبائل بتصحيح اوضاعهم بأسلوب نظامي وحضاري باعتبارهم يعودون إلى قبائل عربية ذات منشأ أصلي في المملكة، حيث قامت في بداية الأمر بحصر اسمائهم ومنحهم بطاقة "الإقامة"، ثم قامت بعد ذلك بإنشاء لجنة مركزية لدراسة أوضاعهم بطريقة تكفل لهم الهوية الوطنية عن طريق منحهم الجنسية السعودية اسوة ببقية المواطنين بعد انهاء جميع الإجراءات النظامية في هذا الشأن.
وكانت هذه الخطوات المتلاحقة نحو تحقيق مطلب هذه الفئة وهو اثبات هويتهم وانتمائهم الوطني قد لاقت استحسان الكثيرين منهم وعبروا عن عن سعادتهم بأسلوب وزارة الداخلية في معالجة اوضاعهم التي تدل على نظرة ثاقبة وحكمة ومسؤولية في مساواتهم ببقية المواطنين في الحقوق والواجبات.
"الرياض" في بداية التفكير لاعداد هذا الموضوع وطرح محاوره على معالي وكيل وزارة الداخلية الدكتور أحمد بن محمد السالم كانت تعتقد أن هناك صعوبات ومشكلات في معالجة اوضاع هذه الفئة ولكن معالي الدكتور السالم نفى أن يكون هناك شيء من هذه المشكلات أو الصعوبات مؤكدا أنهم لم يعودوا يمثلون مشكلة داخل المجتمع السعودي نظير الإجراءات والترتيبات التي اتخذتها الوزارة في هذا الشأن مشيرا أن بعضاً منهم منحوا الجنسية السعودية والبقية تستكمل اجراءاتهم لتحقيق هويتهم الوطنية.
وقد بارك معاليه فكرة "الرياض" ووجه المسؤولين في وكالة وزارة الداخلية للأحوال المدنية بتسهيل مهمة "الرياض" في الكشف عن كل الإجراءات المتخذة تجاه هذه الفئة وكل ما له علاقة بالجنسية السعودية.
محاور الموضوع
"الرياض" تطرح موضوع الجنسية السعودية في ثلاثة محاور رئيسة هي:
- أوضاع نازحي القبائل العربية.
- مزورو الوثائق الرسمية للحصول على الجنسية.
- اجراءات منح الجنسية السعودية والقضايا المتعلقة.
كما تتناول المحور الأول في حلقتين الأولى اوضاع القبائل النازحة وأماكن وجودهم والثانية عن الإجراءات التي اتخذت من وزارة الداخلية ممثلة في وكالة الوزارة للأحوال المدنية لتصحيح اوضاعهم من خلال اللجنة المركزية المشكلة لهذا الغرض.
وفي المحور الثاني من الموضوع تلتقي "الرياض" في الحلقة الثالثة عدداً من السجناء المتورطين في تزوير الوثائق الرسمية للحصول على الجنسية في سجني الحائر بالرياض وبريمان بجدة.
كما تلتقي في الحلقة الرابعة مدير عام مركز المعلومات الوطني للحديث عن موضوع الوثائق الرسمية والاحتياجات الأمنية المتخذة للتقليل من تزوير الوثائق للحصول على الجنسية (الجواز بطاقة الأحوال).
وفي المحور الثالث نتحدث في الحلقة الخامسة من اجراءات منح الجنسية من واقع عمل ادارات التجنس في الأحوال المدنية بالمناطق.
كما نتناول في الحلقة السادسة "الأخيرة" المواد الأساس لنظام منح الجنسية في المملكة والقضايا المرتبطة بهذا النظام من خلال لقاء موسع مع وكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية.
القبائل النازحة
نتحدث اليوم في الحلقة الأولى هذه عن القبائل النازحة واوضاعهم الاجتماعية والمعيشية، وأماكن وجودهم في عدد من مناطق المملكة، والأسباب التي منعتهم من الحصول على الجنسية خلال المدة الماضية.
وكانت "الرياض" قد التقت مع عدد من افراد تلك القبائل في أماكنهم الرئيسة بمحافظة حفر الباطن وامتدادا الى جهة شمال (رفحا، عرعر، طريف، القريات) حيث مظاهر الحياة "البدوية" البسيطة التي كانت تمثل لهم حضارة وثقافة اصيلة لا يمكنهم التخلي عنها والاندماج بسهولة داخل المجتمع الأهلي المدني.. هذا الإرث "العربي" القديم لا يمكن أن نتخيل الأسئلة التي ثارت في داخلنا لحظة الوصول إلى تلك المناطق اسئلة تنطلق من الفارق بين "المدينة" التي أتينا منها وبين "المساكن" المتناثرة في الصحراء التي بدأت تنغمس في بيئتنا تدريجيا.. كان التساؤل الأهم بالنسبة لنا كيف يمكن لهؤلاء أن يعيشوا في هذه المساكن التي لا يوجد بها ابسط متطلبات الحياة العصرية وبالقرب منهم مدن متحضرة ومتطورة كحفر الباطن مثلا؟
في لحظة دخولنا الى ساحة تلك "المساكن" استشعرنا بيئة وثقافة تحمل ارثاً مليئاً بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة لمسناه من الرجال والنساء والأطفال الذين التقيناهم.. أحسوا في البداية بوجود رجل غريب بينهم.. أو ثقافة أخرى لم يعتادوا عليها حتى السيارة التي كنا نستقلها غريبة عليهم.. الأشخاص الذين حضروا اليهم لا يعرفونهم.. سبب الزيارة يجهلونه.. في تلك اللحظات رأينا رؤوساً تطل علينا من نوافذ خشبية.. واطفالاً توجهوا إلينا بسرعة وطرح احدهم وهو محمد ( 10سنوات) السؤال الأهم بالنسبة لهم.. ماذا تريدون؟.
أجبته نريد أن نتعرف عليكم وعلى أوضاعكم ومعيشتكم ثم شرحت له بسرعة سبب الزيارة وطلبت منه أن يساعدنا في التعرف على بيئتهم... اخذته في سيارتي وقال لي: سيارتك مكيفة؟ قلت له هذا شيء طبيعي.. رد علي بسرعة نحن لا نعرف المكيف حتى في شدة الحر.. كل ما نعرفه من الكهرباء مصباح أو اثنين نستنير بهما داخل "مساكنا" بعد ذلك توجه بنا الى منزله وقال: هذه امي واخوتي الصغار اما والدي فقد خرج من الفجر إلى مدينة حفر الباطن ليجلب لنا الطعام ويبحث عن الرزق.. دخلنا في "مساكنهم" ثم أخذ يرفع صوته: "وين القهوة"؟ عرفت لحظتها انني امام افراد وجماعات يعتزون بقيمهم ومبادئهم القائمة على الكرم والشجاعة وحب الآخر رغم ظروفهم المعيشية الصعبة.
الأوضاع المعيشية
* سألت أم محمد.. من متى وأنتم في هذا المكان؟ وكيف معيشتكم؟
- أجابتني: منذ سنوات ونحن نسكن هذه "المساكن" التي استقررنا فيها بعد رحلة طويلة من التنقل في الصحراء خلف مواشينا.. ونعاني من ظروف معيشية وصحية واجتماعية صعبة للغاية.. تحملنا ما نستطيع أن نتحمله فوق طاقتنا.. ولكن كما ترى نحن بانتظار الهوية والانتقال إلى المدينة مكلف مادياً بالنسبة لنا.. وكل ما نملكه قد لا يكفي احيانا إلا لوجبة طعام واحدة، أو اثنتين.. كل ما نأمله أن تنتهي معاناتنا بمنحنا الجنسية واثبات هويتنا والاستفادة من التسجيل في الجمعيات الخيرية والضمان الاجتماعي.. وايجاد فرصة عمل مناسبة للزوج الذي اتعبته الحياة كما اتعبتني واولادي..
* سألتها مرة أخرى.. هل يأتي أحد لمساعدتكم والنظر في حالكم؟
- أجابتني: هناك جهود "طيبة" من جمعية حفر الباطن الخيرية لتقديم المساعدات وايصال بعض المواد الغذائية لنا.. ولكن هذه لا تكفي جميع "المساكن" الموجودة في هذا المكان.. كما أن حضورهم يكون في مواسم معينة كشهر رمضان والأعياد (بكت أمامي ثم قالت) نحن والله لا نخشى أن نموت من الجوع.. ولكن نتمنى أن نغير من حياتنا البدائية التي نعيش فيها.. فداخل هذه المساكن لا يوجد سوى أنفس عزيزة.. صابرة.. متحملة ظروف الحياة القاسية.. لقد خرج من هذه "المساكن" رجال تحملوا كل هذه المسؤوليات بعضهم انتقل إلى المدينة للعمل.. وبعض آخر بقي ينتظر الفرج الذي اقترب موعده..
يتبع ....