تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الخلل في المناهج الدراسية الغربية



رفحاوي
13 Jul 2003, 03:30 PM
جذور الفكر العنصري فى أوروبا

2001/09/04
خالد الأصور- باحث مصري

http://www.islamonline.net/arabic/arts/2001/09/Images/pic5.jpg

منذ أن أطلق المفكر الإنجليزي "جوزيف كبلنج" (1865-1936) بيت الشعر الذي يحمل معنى أن "الشرق شرق، والغرب غرب، وهما ثقافتان ومفاهيم لن يلتقيا" أخذت حقيقة هذه العبارة تتجذر في أرض الواقع، في الشرق والغرب على حد سواء، وتترسخ أكثر مما سبق، ذلك أن هذه الفرقة بين الشرق والغرب ليست وليدة القرن التاسع عشر وحقبة الاستعمار، وإنما هي أمر يعود إلى صراعات متتالية عبر القرون.

يقول المؤرخ البريطاني الشهير "آرنولد توينبي": "إن دراسة الجنس أو العرف كعامل منتج للحضارة تفترض وجود علاقة بين الصفات النفسية وبين طائفة من المظاهر الطبيعية، ويعتبر اللون هو الصفة البدنية التي يعول عليها الأوروبيون –أكثر من غيرها- في الدفاع عن نظريات العرف الأبيض المتفوق، وإن أكثر النظريات العنصرية شيوعًا هي تلك التي تضع في المقام الأول السلالة ذات البشرة البيضاء، والشعر الأصفر، والعيون الشهباء، ويدعوها البعض بـ"الإنسان النوردي" أي الشمالي، ويدعوها الفيلسوف الألماني "نيتشة" بـ"الوحش الأشقر".

الأجناس الراقية والسفلى

ولعل أول من أشار إلى الإنسان "النوردي" نبيل فرنسي يدعى "الكونت دي نموبينو" وقد تزامن هذا الإعلان عن الإعلاء من قيمة العرف مع شيوع نظريات "داروين" (1809-1882) من النشوء والارتقاء، وكذلك انتشار علم البيولوجيا في القرن التاسع عشر.

وكان كبار المفكرين البريطانيين والفرنسيين في القرن التاسع عشر يعتبرون الاستعمار هدفًا ساميًا؛ لأنه ينشر الحضارة بين الشعوب المستعمرة!!

ويعتبر الرائد الأكبر للنظرية العنصرية هو "أرنودي جوبينو" (1816-1882) الذي عمل في السلك الدبلوماسي، ووضع مؤلفًا بعنوان: "بحث في عدم التساوي بين الأجناس البشرية" في عام (1853)، وتتلخص نظريته في أن "الاختلاط بين الأجناس الراقية والأجناس السفلى هو السبب الرئيسي في تدهور حضارات أوروبا السابقة"!!

وقد انتشرت هذه المدرسة العنصرية في معظم الدول الأوروبية، وكان أهم تلاميذ "جوبينو" "هيوستون شامبرلين" وهو بريطاني عاش معظم حياته في ألمانيا، وكتب باللغة الألمانية أهم كتبه تحت عنوان: "أسس القرن التاسع عشر" وكان فكره وفكر أستاذه "جوبينو" هو الأرضية المشتركة الأساسية التي قامت عليها النظرية العنصرية للفكر النازي في ألمانيا باعتراف "هتلر".

وقد ترتب على ما سبق أن سيطرت العنصرية على فكر الإنسان الأوروبي الأبيض، مصداقًا للأغنية "الفولكلورية" المستوحاة من التراث الأدبي الزنجي، والتي تقول:

إذا كنت من البيض.. فأنت على حق..

وإذا كنت أسمر.. الزم مكانك..

وإذا كنت أسود البشرة.. فتراجع إلى الخلف..

أفكار عنصرية

وبإلقاء نظرة فاحصة على واقع المجتمع الأوروبي يتضح لكل ذي بصر وبصيرة أن العنصرية تطل برأسها "الأخطبوطي" في معظم البلدان الأوروبية.

ففي بريطانيا لم تكن العنصرية يومًا غريبة عن المجتمع البريطاني، فبعد انتصار "الفاشية" في إيطاليا، و"النازية" في ألمانيا، أسس البريطاني "أوزوالد موسلي" اتحاد "الفاشيين البريطاني" عام (1933)، وقام أعضاء الاتحاد آنذاك من أصحاب "القمصان السوداء" بالهجوم على الأقليات المهاجرة في شرق العاصمة لندن، وفي مايو 1976 لقي صبي من أبناء المهاجرين في العاشرة من عمره مصرعه على يد عصابة الحزب القومي من الشباب البريطاني، حيث صرح أحد قادة الحزب ويدعى "جون كنجسلي" بتصريح عن الحادث، جاء فيه: "نعم.. واحد يسقط ضحية، لكي يغادر مليون إنسان هذا البلد -بريطانيا-".. وقد ظهرت هذه الأفكار العنصرية كتيار رئيسي في السياسة البريطانية المعاصرة، وفي العام الماضي وقع العديد من الانفجارات في بعض مناطق لندن، وأعلنت جماعة يمنية متطرفة تطلق على نفسها اسم "الذئاب البيضاء" مسئوليتها عن بعض هذه الانفجارات، وذكرت الشرطة أن الجماعة هي فرع (لمجموعة 18) القتالية التي اشتقت اسمها من الترتيب الأبجدي للحروف الأولى من اسم الزعيم النازي "أدولف هتلر"، و"الذئاب" هي إحدى أربع جماعات عنصرية أعلنت مسئوليتها عن الهجمات التي وقعت بقنابل في وقت سابق ضد جاليات السود وبنجلاديش، وبعثت مجموعة "الذئاب" برسائل كراهية إلى برلمانيين سود ومجلات آسيوية، وقالت في بيان أرسلته للصحف: إنه يجب على كل غير البيض واليهود مغادرة بريطانيا!!

عودة الصليبيين

وتشهد فرنسا حالات كثيرة لتنامي العنصرية البغيضة ذات الجذور العميقة في النفسية الفرنسية منذ الحروب الصليبية، وهاهو "فولتير" الرمز الأكبر للتنوير الفرنسي في العصر الحديث يرسل إلى "كاترين الثانية" قيصرة روسيا، رسالة يقول فيها: "أتمنى لو كنت قادرًا على مساعدتك على الأقل بقتل حفنة من الأتراك المسلمين"!!

ومن أبرز التطورات التي شهدتها فرنسا في السنوات الأخيرة فوز الجبهة الوطنية العنصرية ببعض المدن في الانتخابات البلدية، وقد أثار هذا الفوز مسلمي فرنسا نظرًا لأنه يعني أن الجبهة العنصرية المعادية للمهاجرين من شمال أفريقيا أصبحت تشكل ملمحًا كريهًا ومرفوضًا من ملامح السياسة الفرنسية، ولا أدل على ذلك من أن "جاك لانج" وزير الثقافة السابق صرح بأن هذا الفوز "ليس ثورة انتخابية، وأنها نبتة عنصرية سامة ترسخ جذورها في المجتمع، وقد سيطرت حالة من الدهشة والذهول في فرنسا عندما حصلت الجبهة بزعامة "جان ماري لوبان" على 17% من أصوات الناخبين في الانتخابات الرئاسية السابقة.

وفي العدد 28 من مجلة "جولياس" المسيحية المعتدلة تحقيق ضاف عما وصفته المجلة بـ "عودة الصليبيين" أثبتت بالبراهين أن المنظمة المتطرفة المعروفة باسم "الإخاء المسيحي" ومنظمة "إخاء القديس بطرس" قد عقدتا حلفًا سياسيًا مع حزب الجبهة الوطنية العنصرية، وأطلقوا على هذا الحلف المضاد للمهاجرين اسم "الوطنيون الكاثوليك" وهو نوع من التحزب العرقي المتطرف.

النازية الجديدة

وفي ألمانيا صار المسلم عامة، والتركي خاصة قضية الساعة، فإذا تحدث الناس عن البطالة أقحم الأتراك على أنهم السبب في تفشيها، رغم أن الألمان دفعوا بهم إلى الأعمال التي يأنفون منها، مثل: المناجم وشق الطرق، وسائر الأعمال الخطرة، وإذا استعر النقاش حول مشاكل البيئة زج بهم أيضًا لأن "ذبائحهم الحلال" سبب القذارة!!

"اخرجوا أيها الأتراك".. إنه وسام الاستحقاق الأكبر على طريقة النازية الجديدة، إنه الشعار الذي يرفعونه ويطبقونه أيضًا.. الجدران والأبواب ودورات المياه والمجلات والصحف ملأى بالعبارات العنصرية المعادية.

"اخرجوا يا رعاة الإبل".. لقب آخر أعم وأشمل، إنه الإهانة الجماعية للشرق كله.. ليس ذلك فحسب، بل إن مجلة "دير شبيجل" الألمانية نشرت في عددها رقم 8221 نماذج من رسائل قرائها جاء فيها: هؤلاء الجرذان، الحثالات، الحشرات القذرة، هؤلاء الآسيويون الهمج اجتاحوا بلادنا كالجراد، وحولوا ألمانيا إلى مستعمرة ألمانية إسلامية، يجب أن نخصي رجالهم وأن نستأصل أرحام نسائهم، وأن نشجع الاعتداء على محلاتهم.. إنهم أنصاف قردة وليسوا بشرًا، ولقد آن الأوان لظهور هتلر جديد!!

وقد حملت موجة الاضطهاد والعنصرية هذه أحد الصحافيين الألمان لأن يعيش بنفسه "يوميات عامل تركي مغترب" حيث تنكر في زي تركي، لحيته وشاربه وشعر رأسه صبغها بلون أسود، ووضع على رأسه قبعة زرقاء، وعلى عينيه نظارة سوداء وأطلق على نفسه اسم "علي أوغلو"، وبدأ رحلة العذاب لمدة سنتين ونصف، صور وسجل في الخفاء أوضاع العمل الاستغلالية والعنصرية الفجة التي يعانيها المسلمون الأتراك، خاصة عبر تجربته الذاتية حين يقول: يضطر المرء للتنكر كي ينزع القناع عن المجتمع، إذ لا يمكن التوصل للحقيقة في هذا المجتمع إلا بالخداع.

الدرك الأسفل

وصور هذا الصحفي –ويدعى "جنتر ولاراف"- وسجل جميع التجارب المرعبة التي مر بها بآلة تصوير فيديو كان يحملها خفية، وقد احتلت تحقيقاته صفحات وصفحات من مجلته، قدم خلالها عرضًا موثقًا اقشعرت من هوله الأبدان، ولعل أبلغ ما قاله عبارته التي اختتم بها تحقيقاته: لقد حمدت الله أنني لست تركيًا!! وقد أصدر هذه التحقيقات في كتاب عنونه بـ"في الدرك الأسفل" بيع منه مليونا نسخة في ألمانيا وحدها، وترجم إلى مختلف اللغات الأوروبية الرئيسة، كما ترجم إلى التركية.

ويقول "ولاراف" في كتابه هذا: إن الطريقة التي يستخدم بها العمال المسلمون ليست إلا تطبيقًا للرأي السائد في ألمانيا القائل: "يجب طرد الأجانب وعدم تزويدهم بأي عمل، وإن كان ولا بد، فليزودوا بأسوأ الأعمال، وفي أحقر الظروف".

ويروي "ولاراف" أنه طلب من عامل تركي أن يتخلى عن خوذته الواقية لعامل ألماني أثناء تساقط نفايات معدنية، وقد علق هذا العامل على ذلك الطلب متسائلاً بمرارة عما إذا كان رأس الألماني هو حقًا أفضل من رأسه.

ويقول "ولاراف": لقد اهتززت من الأعماق حين اكتشفت هذه التفرقة العنصرية وتجارة العبيد الجديدة في المجتمع الألماني.

ومن التندرات الساخرة التي يتناقلونها ضد المسلمين الأتراك قولهم: ما الفرق بين الحادثة والكارثة؟ والإجابة: الحادثة أن تغرق سفينة محملة بالمسلمين الأتراك في ميناء "هامبورج"، أما الكارثة فهي أن ينجح أحد هؤلاء الأتراك في النجاة من الغرق والسباحة إلى الشاطئ الألماني!!

السلالة السوداء

وقد صدر في باريس حديثًا كتاب بعنوان "العنصرية مشروحة لابنتي" للكاتب المغربي الطاهر بن حلون، وذلك عن دار نشر "لوموي"، حيث تحدث عن الظروف التي دفعته إلى تأليف هذا الكتاب، موضحًا أن مظاهر العنصرية التي واجهها في حياته ليست شيئًا يذكر بالمقارنة مع ما يتعرض له العمال المهاجرون الذين يرفض الناس الجلوس إلى جانبهم في الأتوبيسات.

وقال: إنه فوجئ بشعور شديد بالقلق لدى الأطفال الذين التقى بهم وهم من أبناء المهاجرين الذين ليس أمامهم أي سبيل سوى الحياة في فرنسا، وهم يشعرون بخطر نبذهم.

وأشار ابن جلون إلى ثلاث وسائل تربوية غير الكتابة لمكافحة العنصرية، وهي: المدرسة والأسرة ووسائل الإعلام، مؤكدًا أنه إذا لم يواكب الإعلام ما يجري في المدرسة والأسرة فإن أي جهد لا يفيد، ولا بد من تنشئة الأطفال على احترام الآخرين، وتجنب استخدام كلمات مثل السلالة السوداء أو السلالة البيضاء؛ وذلك لأن الإنسانية كلها في الحقيقة سلالة واحدة