المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هوامش على مذبحة غزة ...



متعب فهد
22 Jan 2009, 11:32 AM
هوامش على مذبحة غزة

(9) وعد الله المنافقين والمنافقات نار جهنم

في غزوة تبوك، وهي المعروفة بأنها غزوة العسرة، واجه المسلمون ضنكا شديدا ومشقة بالغة، وفي تلك الظروف العصيبة والكروب النازلة اشتد نشاط المنافقين فلم يراعوا لا طبيعة الظرف ولم يفكروا في التوحد عند الأزمة ولم يتوانوا عن شق الصف وإثارة البلبلة والفتنة.

وكان التعامل القرآني مع هذه الطائفة بعد فعلتهم هذه أن نزلت سورة التوبة ففضحتهم فسميت الفاضحة، حتى أنها السورة الوحيدة التي نزلت بغير البسملة، وقال العلماء لأن جو السورة الفاضح المتهدد المتوعد للمنافقين لم يكن يناسبه البدء بـ “بسم الله الرحمن الرحيم”.

كان من تلك الصفات التي فضحها لنا القرآن الكريم من المنافقين صفة الألسنة الحداد، التي تهوى التثبيط ولا يعجبها شئ، وتلك الحادثة التي رواها البخاري ومسلم مفادها أن الرجل من المسلمين حين كان يأتي بالنفقة الكبيرة ويضعها بين يدي رسول الله كان المنافقون يقولون : مرائي. فإذا جاء من لا يملك إلا القليل فوضعه بين يدي رسول الله ضحكوا وتغامزوا من قلة نفقته وقالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا.

فأنزل الله قوله (الذين يلمزون المطوعين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم * استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين)

منذ قليل استشهد سعيد صيام القائد البارز في حركة حماس، حسنا .. كان شيئا متوقعا بطبيعة الحال وإن يكن أحزننا، فلقد قالها إسماعيل هنية في مهرجان انطلاقة حماس التاسع عشر قبل سنتين قال “لقد دخلنا حماس لنكون شهداء لا لنكون وزراء”.

جيد، لا أحسب أن استشهاد صيام سيؤثر بحال في المنافقين، ولا في الذين كانوا منذ أيام يقولون بأن قادة حماس مختبئون في خنادقهم والشعب الفلسطيني هم من يدفع الثمن، صحيح أنهم يقولون هذا نفاقا فهم يعرفون أن حماس جزء من الشعب متخلل فيه لا يمكن فصله، ولقد استشهد من قبله نزار ريان مع عائلته فلم يغن هذا عندهم شيئا، وظلوا على نفاقهم.

إذن فقد قالوا إن قادة حماس يختبئون في الخنادق. ولما استشهد سعيد صيام سيقولون: انظروا، هاهي حماس لم تعد العدة ولم تحسب الحسابات واستطاعت إسرائيل أن تغتال قادتها، إن حماس حركة مراهقة في عالم السياسة لا تفهم الموازين ولا تحسب الأوضاع.

إنهم في كل الأحوال (يسخرون منهم) ولكن الله يخبرنا بأن قد (سخر الله منهم ولهم عذاب أليم)

ومنذ البداية :

لو لم تدخل حماس الانتخابات لقالوا : انظروا إلى الإسلاميين، لا يحترمون خيار الشعب، ولا يعترفون بالديمقراطية، ويريدون أن يجبروا الشعب على برنامجهم وأن يجروا الأوطان إلى الخراب والدمار والانتحار، ولا يفهمون السياسة بل هم متهورون مندفعون يعشقون الموت ولو كان بلافائدة، أما كانوا يدخلون الانتخابات ولنر هل سيختارهم الشعب أم لا؟ فإن اختارهم فحق لهم أن ينفذوا برنامجهم الذي ارتضاه الشعب، وإن لم يختارهم فيجب أن ينزلوا على رغبة الشعب ولا يجروا الشعوب والأوطان إلى برنامجهم التدميري الخاص.

فلما دخلت قالوا: وكيف ستوازن بين السياسة والمقاومة؟ وكيف ستكون في سلطة مرجعيتها أوسلو التي يرفضونها؟ وماذا سيفعلون في الاتفاقيات الموقعة؟ وماذا سيفعلون وهم يعلمون أن العالم لا يقبلهم؟ ألا يفكرون في مصلحة الشعوب بعد أن هددت أمريكا وإسرائيل بالحصار وقطع المعونات؟
كيف لحركة تحرير وطني أن تشغل نفسها بالسياسة .. فلتحرر الأوطان أولا ثم لتبحث عن السلطة. هل هذا هو وقت التنافس على الحكم الذاتي المحدود؟

وحين حاولت حماس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية قالوا: الآن أدركوا أنهم لا يستطيعون تسيير السلطة وحدهم. حماس الآن في مأزق. ماذا ستفعل في المرتبات؟ كيف ستسير الأمور في الأرض المحتلة؟ كيف ستتعامل مع المسار التفاوضي؟ حماس ليس أمامها إلا شهور معدودات في الحكم، لا تستطيع الأشجار أن تواجه الإعصار العاتي الذي يقتلع الأحجار بله الأشجار.

وعادت من جديد نغمة الحركة التي تركت المقاومة وانشغلت بالسياسة (لم يقلها أحد لفتح طول مسارها منذ دخولها غزة، وحتى استسلامها وتنازلها عن كل شئ).

لما بدا أن حماس يمكنها أن تواجه الواقع وأنها فيما يبدو مستمرة في تسيير الأمور رغم ما يفعله الاحتلال وما يفعله محمود عباس، عادوا من جديد لنغمة حكومة الوحدة الوطنية.

وبعد مخاض عسير تشكلت حكومة الوحدة الوطنية، مخاض كان النفاق فيها يتجسد بشرا، وتفاصيله تطول.

وإذا بحكومة الوحدة الوطنية تواجه انفلاتا أمنيا من عصابات عباس دحلان، فإذا بالمنافقون يقولون: انظروا كيف لا تستطيع حكومة حماس (لم يقولوا حكومة الوحدة الوطنية) أن تسيطر على الوضع ولا أن توفر للمواطن أمانا بعد أن عجزت أن توفر له لقمة العيش، أليس من الأفضل لحركة لا تستطيع السيطرة على الأوضاع أن تعود لخندقها في المقاومة. إن الناس تتباكى الآن على عهد فتح لما كانوا فيه من أمان.

فلما قامت حماس بحركتها المباركة وسيطرت على الأوضاع وأعادت الأمان، انهال الجميع عليها يستنكر ذلك الانقلاب الدموي، ذلك الانقسام الخطير بين غزة والضفة، بين حماس وفتح، لايجب أن تصفى القضية الفلسطينية بأيدي أبنائها. لقد ارتكبت حماس جريمة كبرى وخطأ عظيما.

(في كل مرة تعود نغمة أنها أخطأت حين دخلت الانتخابات)

حماس إذا قاومت وأطلقت الصواريخ قالوا: صواريخ عبثية لا تنتج إلا مزيدا من الحصار وتعطي إسرائيل مبرر ذبح الشعب الفلسطيني.
فإذا مضت أيام لم تطلق الصواريخ قالوا: ها قد تركوا المقاومة وقنعوا بالسلطة الهشة في غزة.

إذا بدا أن حكومة حماس متعثرة في دفع الرواتب قالوا: هذا ماقلناه من قبل ولم يسمعوا، إن العالم غير مستعد في هذه اللحظة وفي أجواء الحرب على الإرهاب لقبول حكومة ترأسها حماس.
فإذا بدا أن الأمور تسير جيدا والرواتب تدفع قالوا: من أين يأتيها كل هذا المال؟ لابد هو من إيران وسوريا وتلك الدول الأخرى التي تتاجر بالقضية الفلسطينية لتكون ضمن أوراق قوتها في اللعبة الدولية. حماس تدمر الشعب الفلسطيني لأجل خطة إيرانية سورية.

دعا محمود عباس أكثر من مرة إلى انتخابات مبكرة، ورفضت حماس بمنطلق المنطق والقانون وهي لم تستكمل مدتها الشرعية في السلطة.

قالوا: يتمسكون بالسلطة، لا يحترمون رأي الشعب، لماذا يخافون من الانتخابات؟ إنهم يحبون الانقسام، اكتفوا بسلطتهم في غزة ولم يعد يشغل بالهم القدس وفلسطين.
ولو كانت قبلت لقالوا: فمافائدة السنين التي ضاعت دون أن تبدو نتيجة؟ أما كان من الأفضل أن تسمع حماس لمن نصحوها بألا يدخلوا الانتخابات؟ ترى ماذا سيفعلون الآن؟ هل سيعودون من جديد إلى المربع الصفر ويدخلون الانتخابات ثانية؟ ألم يستفيدوا من تجربة الانتخابات الماضية والتي لم يستطيعوا إكمال مدتهم في الحكومة لأن الظروف والأجواء الدولية والإقليمية لا تسمح بهذا.

سعت إسرائيل إلى هدنة مع حماس، وكان الوسيط هو الوسيط المصري المخزي، وبعد مخاض عسير تمت التهدئة.

قالوا: هاهي حماس تفعل ما كانت تأخذه على فتح وتقيم هدنة مع إسرائيل. ألم يعلموا أن حسابات السلطة مختلفة عن حسابات المقاومة؟ الآن تعلم حماس كيف ظلمت فتح حين اهمتها بالخيانة للتعامل مع إسرائيل. ها .. هل تقبل حماس الآن أن تتهم بالخيانة؟ وانظروا كيف تمسكوا بهدنة تشمل غزة فقط (ومن تمسك كانت إسرائيل ومصر ولم تكن حماس) إنهم بهذا يعمقون الانقسام بين الوطن الواحد والقضية الواحدة.

ولو لم تقبل بالهدنة لبكوا صراخا على الشعب الفلسطيني الذي يموت كل يوم ويحكمه انتحاريون لا يفهمون أن المقاومة ينبغي أن تكون لها أجندة سياسية، وأن واضع السيف موضع القلم كواضع القلم موضع السيف، وأن كل حركات المقاومة قبلت أحيانا بالتهدئة مع العدو، ولا ضير في استراحة المقاتل حتى يعود أشد بأسا مستعدا لجولة جديدة من القتال والنضال.

وبعد غدر إسرائيل كالعادة وعدم التزامها ببنود التهدئة، وسكوت مصر وكأنها لم تكن يوما وسيطا.. رفضت حماس تجديد التهدئة.

فلما رفضتها وبدأت عملياتها العسكرية التي أعلنت عنها من القاهرة قالوا: هاهي حماس رفضت تجديد التهدئة رغم أنها ليست مستعدة للمقاومة، وهاهي تتلقى ضربة قاسية وتدخل شعبها في مذبحة رهيبة. أما كانت تستمع لمن نصحوها بأن تجدد التهدئة ؟

ولو جددت التهدئة لقالوا وأكثروا وأعادوا نغمة المقاومة التي عشقت السلطة فتركت المقاومة، وبأنها تعيد سيرة فتح التي اتهمتها ذات يوم بالخيانة، هاهي حماس تقول “التهدئة خيار استراتيجي” وقريبا تقول “السلام خيار استراتيجي”.

صدق الله تعالى :
{ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ *

أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْخِزْيُ ٱلْعَظِيمُ*

يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ ٱسْتَهْزِءُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ *

وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ *

لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ *

ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ *

وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ *

كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ*

لله دركم من كتاب والله أنهم في جهاد .... منقول

رفحاوي
23 Jan 2009, 02:53 AM
نقل رائع أخي منعب فهد ...

جزاك الله خيراً ...

سعود الشمري
24 Jan 2009, 12:19 AM
شكرا لك اخ متعب


نقل طيب ومفيد لاهنت

الجبل الأخضر
24 Jan 2009, 01:03 AM
جزاك الله خير

نقل موفق

اللهم انصر اخواننا في حماس على اليهود الغاصبين واعوانهم ؟؟؟