ورق التوت
26 Aug 2009, 05:52 AM
هز صباح هذا اليوم الأربعاء موقف غريب وقع أمام احدى محطات البنزين في محافظة رفحاء , وقال أحد شهود العيان أنه شاهد سيارة موديل هايلكس 2007 تقف أمام التموينات بعد صلاة الفجر بنصف ساعة ونزل منها أحد الشباب المراهق ولم تمض دقيقة واحدة إلا ودوي الإنفجار يهز المكان وسنوافيكم بالتفاصيل وعدد المصابين حال وصولها .
ماحدث أعلاه ليس من نسج الخيال ولم يحدث في منطقة خيالية , بل مشهد يتكرر كل صباح من أيام هذا الشهر الكريم , دعوني أنقل لكم هنا مالذي حدث بالضبط قبل دوي الإنفجار بعشر دقائق .
الظلام والسكينة تعمان المكان , أعمدة الإنارة الخاصة بالشوارع تعلن نهاية استلامها لهذا اليوم , باب أحد المنازل الرفحاوية يفتح وشبح يخرج منه في ذلك الظلام الحالك وتعابير وجهه تظهر بصعوبة على اشعاع جهازه الجوال الذي يقوم الآن بطلب الإتصال بأحدهم ,
يرد المطلوب : هلا فهد !
فهد : بالخير عزوز .. هاه أمرّك !
عزوز : شوي بس ياما ينام أبوي !
فهد : يعني كم خمس دقايق !
عزوز : لا أقل .. طق لك فرّة و تعال !
انقطعت المكالمة ورفيقنا فهد يتحرك بريبة وبحذر خوفاً من أن يخرج أحد من الجيران أو تقع المصيبة ويخرج الوالد بنفسه .. قام بتشغيل السيارة ولم يشعل الإضاءة بل نزل إلى المرتبة الخلفية وسحب منها أشياء أكثر ماتشبه لوحات الإشعة وغطى به نوافذ سيارته ثم عاد إلى مقعده وسحب ستارة رقيقة وثبتها أمامه وأصبح يعيش في ظلمة حالكة يستحيل فيها أن يرصده أي كائن كان .
تجول صاحبنا في حي زميله لمدة دقيقتين ولاحظ أن أحدهم خرج من منزله وقام بخطوات مشابهة تماماً لما قام به ... شعر فهد بشيء من التوتر وخاف أن تفسد الخطة وقام بالإتصال عاجلاً بعزوز وطلب منه أن يخرج وبأسرع وقتٍ ممكن , لم يدر في خلد فهد أنّ عزوز قد احترف الهروب من المنزل وبطرقٍ لا تخطر على بال شالروك هولمز نفسه .. استقل عزوز الهايلكس وسلّم على فهد وبدأ يتمتم بكلمات غريبة تنبأك عن رعب يتلجلج في كيان هذا المراهق والذي سينتقل العام القادم إلى ثالث ثانوي وأنه قد ينهي مستقبله بسبب عملية التفجير التي سيقدم عليها مع رفيق دربه فهد .
كانت الوجهة هي احدى محطات البنزين والتي تبقي أبوابها مشرّعة ( 24/ 7 ) ...فهد يبدو هادئاً بعض الشيء ومتحكماً بأعصابه أكثر من زميله عزوز والذي لم يتمالك نفسده من شدة القلق فأطفأ المسجل الذي كان يترنم على ألحان كسرات شعبية ..
توقف فهد أمام المحطة المستهدفة ونزل من السيارة وهو يستطلع المكان من أي كائن قد يتعرّف على ملامحه ثم دخل إلى التموينات وهناك أقدم على أمر في غاية الشناعة .. لم يتصور يوما من الأيام وهو طالب في الإبتدائية ومعلمه الفاضل يحذر من مغبة " التفجير " في نهار رمضان بغير عذر أنه سيكون أحد هؤلاء المحرومين وأنه سيقدم على هذه العملية دون أن يجبره أحدٌ عليها بل باختياره وبمحض حريته ..ساقته خطاه التي سيأتي يومٌ يسأل فيه عنها إلى ثلاجة المرطبات وتناول منها علبتين ديو ثم أغلقها وخطف من فوق ذلك الرّف فطيرتين لوزين وأخرج من محفظته حفنة ريالات ورماها في وجه البائع الذي تبلّد احساسه من كثرة المشاهد المهولة التي رأها في هذا الشهر الكريم .
التفجير هنا يختلف عن ذلك الذي خُدع به فئة من الشعب وظنّوه أقصر الطرق إلى منازل الخلد .. يختلف عن ذلك الذي تسقط فيه العمارات الشاهقة والحصون المؤمنة ويندلع على أثره نيران لاتخمد .. تفجيرنا هذا تخر بسببه أهم ممتلكاتنا وأغلى خصائصنا ..تنهار بسببه قيم المرؤة وجذور الفطرة ويصبح الإنسان مسخاً لايعرف معروفاً ولاينكر منكرا.. أنا هنا لا أتكلم عن ظاهرة شاذة , بل أقول لمن يظن ذلك توجّه إلى أقرب تموينات تفتح بعد صلاة الفجر " خصوصاً محطة القوافل " واسأل البائع عن كراتين الديو التي فرغت وعن رفوف لوزين التي خوت على عروشها .
أين هو دور المسؤولين ؟! أين دور خطباء الجمعة وأئمة المساجد ؟! أين دور التربويين ؟! أين الاقترحات الفعّالة لتوجيه النشء ؟! أين استغلال أماكن تجمعهم ؟! أين دور أولياء الأمور ؟! أسئلة غائبة بحاجة إلى اجابة ..
لفظة التفجير التي أوردتها في هذا المقال هي الشفرة الخاصة بين الشباب بغرض الإفطار في نهار رمضان ويطلقونها كناية عن تفجير المدفع إيذاناً للناس بالإفطار .
دمتم بخير ..
تابعوا جديدي على هذا الرابط
http://red2rebel.blogspot.com/
ماحدث أعلاه ليس من نسج الخيال ولم يحدث في منطقة خيالية , بل مشهد يتكرر كل صباح من أيام هذا الشهر الكريم , دعوني أنقل لكم هنا مالذي حدث بالضبط قبل دوي الإنفجار بعشر دقائق .
الظلام والسكينة تعمان المكان , أعمدة الإنارة الخاصة بالشوارع تعلن نهاية استلامها لهذا اليوم , باب أحد المنازل الرفحاوية يفتح وشبح يخرج منه في ذلك الظلام الحالك وتعابير وجهه تظهر بصعوبة على اشعاع جهازه الجوال الذي يقوم الآن بطلب الإتصال بأحدهم ,
يرد المطلوب : هلا فهد !
فهد : بالخير عزوز .. هاه أمرّك !
عزوز : شوي بس ياما ينام أبوي !
فهد : يعني كم خمس دقايق !
عزوز : لا أقل .. طق لك فرّة و تعال !
انقطعت المكالمة ورفيقنا فهد يتحرك بريبة وبحذر خوفاً من أن يخرج أحد من الجيران أو تقع المصيبة ويخرج الوالد بنفسه .. قام بتشغيل السيارة ولم يشعل الإضاءة بل نزل إلى المرتبة الخلفية وسحب منها أشياء أكثر ماتشبه لوحات الإشعة وغطى به نوافذ سيارته ثم عاد إلى مقعده وسحب ستارة رقيقة وثبتها أمامه وأصبح يعيش في ظلمة حالكة يستحيل فيها أن يرصده أي كائن كان .
تجول صاحبنا في حي زميله لمدة دقيقتين ولاحظ أن أحدهم خرج من منزله وقام بخطوات مشابهة تماماً لما قام به ... شعر فهد بشيء من التوتر وخاف أن تفسد الخطة وقام بالإتصال عاجلاً بعزوز وطلب منه أن يخرج وبأسرع وقتٍ ممكن , لم يدر في خلد فهد أنّ عزوز قد احترف الهروب من المنزل وبطرقٍ لا تخطر على بال شالروك هولمز نفسه .. استقل عزوز الهايلكس وسلّم على فهد وبدأ يتمتم بكلمات غريبة تنبأك عن رعب يتلجلج في كيان هذا المراهق والذي سينتقل العام القادم إلى ثالث ثانوي وأنه قد ينهي مستقبله بسبب عملية التفجير التي سيقدم عليها مع رفيق دربه فهد .
كانت الوجهة هي احدى محطات البنزين والتي تبقي أبوابها مشرّعة ( 24/ 7 ) ...فهد يبدو هادئاً بعض الشيء ومتحكماً بأعصابه أكثر من زميله عزوز والذي لم يتمالك نفسده من شدة القلق فأطفأ المسجل الذي كان يترنم على ألحان كسرات شعبية ..
توقف فهد أمام المحطة المستهدفة ونزل من السيارة وهو يستطلع المكان من أي كائن قد يتعرّف على ملامحه ثم دخل إلى التموينات وهناك أقدم على أمر في غاية الشناعة .. لم يتصور يوما من الأيام وهو طالب في الإبتدائية ومعلمه الفاضل يحذر من مغبة " التفجير " في نهار رمضان بغير عذر أنه سيكون أحد هؤلاء المحرومين وأنه سيقدم على هذه العملية دون أن يجبره أحدٌ عليها بل باختياره وبمحض حريته ..ساقته خطاه التي سيأتي يومٌ يسأل فيه عنها إلى ثلاجة المرطبات وتناول منها علبتين ديو ثم أغلقها وخطف من فوق ذلك الرّف فطيرتين لوزين وأخرج من محفظته حفنة ريالات ورماها في وجه البائع الذي تبلّد احساسه من كثرة المشاهد المهولة التي رأها في هذا الشهر الكريم .
التفجير هنا يختلف عن ذلك الذي خُدع به فئة من الشعب وظنّوه أقصر الطرق إلى منازل الخلد .. يختلف عن ذلك الذي تسقط فيه العمارات الشاهقة والحصون المؤمنة ويندلع على أثره نيران لاتخمد .. تفجيرنا هذا تخر بسببه أهم ممتلكاتنا وأغلى خصائصنا ..تنهار بسببه قيم المرؤة وجذور الفطرة ويصبح الإنسان مسخاً لايعرف معروفاً ولاينكر منكرا.. أنا هنا لا أتكلم عن ظاهرة شاذة , بل أقول لمن يظن ذلك توجّه إلى أقرب تموينات تفتح بعد صلاة الفجر " خصوصاً محطة القوافل " واسأل البائع عن كراتين الديو التي فرغت وعن رفوف لوزين التي خوت على عروشها .
أين هو دور المسؤولين ؟! أين دور خطباء الجمعة وأئمة المساجد ؟! أين دور التربويين ؟! أين الاقترحات الفعّالة لتوجيه النشء ؟! أين استغلال أماكن تجمعهم ؟! أين دور أولياء الأمور ؟! أسئلة غائبة بحاجة إلى اجابة ..
لفظة التفجير التي أوردتها في هذا المقال هي الشفرة الخاصة بين الشباب بغرض الإفطار في نهار رمضان ويطلقونها كناية عن تفجير المدفع إيذاناً للناس بالإفطار .
دمتم بخير ..
تابعوا جديدي على هذا الرابط
http://red2rebel.blogspot.com/