رفحاوي
13 Sep 2003, 01:30 PM
اعجبني هذا الموضوع لانه يكشف الوجه الحقيقي لما تدعيه الدول الغربية بانها تساعد الدول الافريقية من باب المساعدة الانسانية فقط ...
[HR]
محمد البشير موسى*
" إنّ ما ننفقه في تشاد الآن لكونها من أفقر دول العالم ، نستردّه بكلّ يسر خلال السنوات الأربع القادمة ، لأنَ أراضي تشاد من أغنى الأراضي في أفريقيا و الموظفين التشاديين كلّهم أو 90% منهم من مدارسنا …".
القس الأب " أشو غيري " ـ وزير خارجية الفاتيكان ـ:(1)
بدأ النظام الاقتصادي الرأسمالي ينهار شيئاً فشيئاً بعد ما يسمى بأحداث 23/جمادى الثانية 1422هـ11/ سبتمبر 2001م ، وبدأ يُعاني من أزمات اقتصادية متتالية،وظهر ذلك جليّاً في إفلاس شركات عديدة في عدد من دولها، وتسريح أعداد هائلة من العمال ، وفي نفس الوقت زاد الطلب على الطاقة في تلك البلدان ، مما حدا بها إلى مراجعة أماكن نفوذها السابقة في العالم الإسلامي ، وإيجاد أماكن احتياطية تغذّي وتساهم في انتعاش اقتصادها ، فكان الصراع الأمريكي الفرنسي الظاهري على المستعمرات الفرنسية السابقة ، والتي تسعى فرنسا لجعل ثرواتها مدخرات مستقبلية لها ، بحيث تنتقل من دولة إلى أخرى .
أما الولايات المتحدة فإنها تسعى لإيجاد مصادر جديدة وبديلة لتأمين إمداداتها من النفط . فقد أصبحت خلال العقد الماضي تعتمد بصورة كبيرة على النفط المستورد، إذ تستورد نحو ثلثي احتياجاتها. وازدادت كميات النفط التي تستوردها من دول جنوب الصحراء الإفريقية ولا سيما نيجيريا وأنجولا. حيث تستورد يومياً أكثر من 8،5 مليون برميل من النفط .
ويتمتع قطاع النفط في دول جنوب الصحراء الإفريقية بواحد من أسرع معدلات النمو في العالم. وتشير تقديرات "مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي" إلى أن واردات النفط الأمريكية من دول غرب إفريقيا سترتفع بعد عشر سنوات إلى 25% من إجمالي الواردات مقارنة بـ16% في الوقت الحالي.
وتعتبر أنجولا على رأس الدول الإفريقية التي تشهد طفرة في قطاع النفط مع ما تعانيها من فقر وأمراض وحرب مستمرة منذ فترة طويلة. وسيرتفع إنتاجها بإذن الله من 722 ألف برميل يومياً منذ عام 2001 ، ليصل إلى 3،28 مليون برميل يومياً بحلول عام 2020. كما يتوقع أن يرتفع معدل الإنتاج اليومي لنيجيريا من 2،2 مليون برميل حالياً إلى 4،4 مليون برميل بحلول عام 2020 .
لم تخل الساحة الأفريقية في السنين الأخيرة من صراع علني أو خفي بين الأميركيين والفرنسيين ولعل حروب أفريقيا الأخيرة: " رواندي وبورندي، وكونغو، وساحل العاج " خير شاهد على هذا الصراع الذي يتم بالوكالة .
وفي تصريح واضح يَكشف النوايا الأمريكية لغزو القارة ، أعلن وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد عن فصل جديد من فصول الاستراتيجية الأمريكية بأنها ستتوجّه إلى أفريقيا وذلك بعد الانتهاء من عملياتها العسكرية في الشرق الأوسط [ أفغانستان ، العراق ] .
وعلى إثر هذه التصريحات كانت زيارة الرئيس الأمريكي " جورج بوش " للقارة الأفريقية في (8/5/1424هـ 8/7/2003م ) ، وذلك للبحث عن مناطق بديلة واحتياطية للنفط غير تلك التي في آسيا ، ومن ضمنها البترول التشادي ، ودعم حركات التنصير وجهود المنصرين ، وذلك ضمن الميزانية المخصصة لما يقال عنه مكافحة " الإيدز " حيث أصدر قانوناً بذلك في مايو الماضي2003م، ويقضي بإنشاء صندوق لمكافحة الإيدز في العالم بمبلغ 15 مليار دولار على مدار خمس سنوات .
وكان من بين أهداف هذه الزيارة تقليص النفوذ الغربي وخاصة الفرنسي من القارة عموماً ومن أيّة قوة أخرى ، وظهر ذلك جليّاً في كلمة بوش في جزيرة العبيد في غوريه Goree في السنغال ، عندما أعلن عزمه على تعويض أفريقيا عن قرون العنجهيّة الاستعمارية الغربية . ولعل منذ أحداث 23جمادى الثانية/ 11سبتمر ، بدأ صدام ظاهري بين فرنسا وأمريكا مردّه سعي فرنسا في ضمان حصتها من الغنائم سواء أكان ذلك في أفغانستان أو العراق أو غيرهما، ومنذ زيارة كلينتون إلى القارة 1997م ، بدأت الولايات المتحدة مزاحمة فرنسا في مستعمراتها ، وبدأ يغير الحكام الموالين لفرنسا في هذه الدول ( موبوتو )، وفرض هيمنتها على اقتصادياتها ، وظهر ذلك أيضاً ضمن الزيارة التي قام بها بوش أخيراً ، لتبدأ دورة جديدة من الاستهدام أو الهيمنة الأمريكية للقارة .
وقد ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية (7-7-2003) أن وزارة الدفاع الأمريكية تناقش الآن مع بعض الدول في شمال وغرب أفريقيا -ومنها الجزائر ومالي- إمكانية بناء قواعد عسكرية مؤقتة تستخدم عند الحاجة، وأن اتفاقيات لتزويد الطائرات الأمريكية بالوقود تم إبرامها مع كل من السنغال قلعة فرنسا الغربية ، والجابون وغيرها وذلك لمزاحمة النفوذ الفرنسي في أفريقيا .
تشاد والتي تبلغ مساحتها (284000،1كلم2 ) وتأتي في المرتبة الخامسة بين دول القارة من حيث المساحة . لم تكن بعيدة عن هذا الصراع ، فهي الآن على أبواب مرحلة جديدة من تاريخها ، مرحلة البترول والذهب ، حيث كان بداية تصدير النفط التشادي في شهر جمادى الأولى الماضي 1424هـ ـ يوليو 2003م.
بعد صراع طويل بين الشركات الفرنسية والأمريكية ، وتحت الخفاء كان هناك صراع آخر بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروتستنتية ، كلّ تسعى للهيمنة على هذه الثروة وغيرها من الثروات لدفع إما عجلة اقتصادها الذي على وشك الانهيار، أو استثمار العائدات لدفع عجلة التنصير في القارة ، كما صرّح بذلك أكثر من مسؤول .
ففي مؤتمر "روما " بتاريخ (28/10/1413هـ 20/4/1993م) أجمع الكرادلة بوضع خطّة شاملة لتنصير أفريقيا كلّها، وعن تنصير تشاد قالوا : " إنّ تشاد منطقة هامة وإنّ أيّة فكرة تظهر فيها تلقى سرعة انتشار كبيرة لوقوعها في مفترق الطرق في قلب أفريقيا ، وهي مقبلة على مرحلة جديدة من الحياة الاقتصادية ، وربّما تُصبح في عام ( 1427هـ 2006م) ثالث أهمّ منطقة اقتصادية في إفريقيا حسب الدوائر الاقتصادية الأمريكية وإن كانت الجمهورية الفرنسية غير مشجّعة لهذا الاتجاه .
فعليه أيها الآباء أمامكم مهمّة صعبة ، خصوصاً عندما تصلون إلى المناطق المسلمة ، وغالبية سكان هذه المناطق من أصول بدوية ، وفيهم الجفوة والغلظة ، وهي قبائل مقاتلة شريرة متعطّشة للدماء ، كما تعرفون مما سبق من المعارك التي دارت بينهم وبين القوات الفرنسية . ومنفذنا أو سبيلنا إلى هذه المناطق الفقر والحاجة والجهل والأمّية ، والرسول بولس كان رسول الأمّيين ولكم فيه القدوة الحسنة . وأرجو من الحكومة الأمريكية أن لا تستعجل في استخراج البترول التشادي . وأمّا اليورانيوم فعندنا ضمانات كافية ، ووسائلنا العمليّة معروفة لديكم . وأمّا الميزانية فقد تفضّل قداسة البابا بتخصيص ملياري دولار أمريكي للبدء في هذا المشروع الضخم ، وهو جزء من الميزانية الأولية التي تمّ تحديدها في جلسة (19/2/1993م) .
ولكن إذا استعجلت الحكومة الأمريكية في مشروعها ونجحت فيه فإننا نحصل على ما أنفقنا في المنطقة من عائدات البترول و أكثر ، والبروتستانت متفاهمون معنا في هذا الصدد ، وقد ننجز أهدافنا قبل استخراج البترول ، وعندئذ تكون ثروة البلاد كلّها في خدمة ربّنا المسيح ".(2)
وهكذا كان التخطيط من قبل الدوائر السياسية والكنسية معاً للهيمنة على ثروات تشاد من البترول والذهب واليورانيوم ، والصراع البروتستنتي والكاثوليكي يرجع إلى ما قبل القضاء على الممالك الإسلامية الثلاث في تشاد : ( مملكة كانم ، مملكة بقرمي ، مملكة وداي ) والتي كانت حجرة عثرة لمشاريعهم التنصيرية في القارة ، فبعد القضاء عليها ووصول القوات الفرنسية إلى الأراضي التشادية بعد تقسيم ممتلكات الممالك إلى دول عدّة في عام ( 1309هـ 1892م) ، وجدت الكنسية الكاثوليكية موطئ قدم لها على التراب التشادي ، ومن ثم لحق بها الكنسية الكاثوليكية .
ومنذ ذلك الوقت بدأ الفرنسيون باستغلال الثروات التشادية ، ووضع بعضها كمخزون احتياطي لها ، ففي عام 1944م اقترح وزير التخطيط الفرنسي بألا يستخرج البترول التشادي إلا في عام 2030م .إلا أنه في عام 1961م بدأت فرنسا بالتنقيب عن البترول بواسطة بعض الشركات ، و في نهاية عام 1964 خلصت تلك الدراسات بعدم وجود البترول على الأراضي التشادية .وفي عام 1965م كمحاولة لاستهلاك الوقت والتنقيب عن كافة المحتويات في الأراضي التشادية من بترول وخلافه ، قام معهد البحوث والدراسات في فرنسا بالتنقيب للمرة الثانية . ولكن كانت النتيجة أيضاً حسب زعمه سلبية . فهم مقيدون بما صرّح به وزير التخطيط الفرنسي ، لكي يبقى البترول التشادي من ضمن الموارد الاحتياطية للخزينة الفرنسية .
وبعد التغيرات التي طرأت على السياسة التشادية كردّة فعل لثورة " فرولينا" الشمالية والتي اندلعت عام 1966م، وقيام ما يسمّى بالثورة التصحيحية التي أقدم عليها الرئيس السابق " تومبلباي " بتغيير المعالم الفرنسية واليهودية في تشاد ، ومنها تغير اسم العاصمة من " فورت لامي " إلى " إنجمينا " وغيرها . والتي كانت إحدى الأسباب التي أدت إلى اغتياله من قبل عملاء المخابرات الفرنسية . هذه التغيرات جعلت الحكومات التشادية المتعاقبة تسعى لاستخراج ثرواتها الكامنة من البترول والذهب واليورانيوم وغيرها بعيداً عن الهيمنة الفرنسية .
ففي عام 1970م وإثر اتفاق بين (تومبلباي) و الرئيس الأمريكي (جونسون) وصلت شركة (كونوكو) الأمريكية إلى تشاد للتنقيب عن البترول، حيث تمكنت في عام 1974م من اكتشاف البترول بكميات كبيرة في عدة مناطق من البلاد. و لكن هذه المحاولات جميعها توقفت بسبب الحرب المشتعلة في الشمال بين الثورة الشمالية والحكومة التي تولت السلطة بعد مقتل " تومبلباي " .
ثمّ بدأت بعض المحاولات في الثمانينات من القرن الماضي ، وتوّج هذا الأمر في عام 1999م بعد انسحاب الشركات المحسوبة على فرنسا ، ودخول الشركات الأمريكية أو المحسوبة عليها كبتروناس الماليزية، ففي شهر جمادى الأولى 1424هـ ـ يوليو 2003م تمَّ تصدير البترول بعد عشرات الأعوام بين أخذ وجذب مع الشركات الفرنسية .
يتبع ...
[HR]
محمد البشير موسى*
" إنّ ما ننفقه في تشاد الآن لكونها من أفقر دول العالم ، نستردّه بكلّ يسر خلال السنوات الأربع القادمة ، لأنَ أراضي تشاد من أغنى الأراضي في أفريقيا و الموظفين التشاديين كلّهم أو 90% منهم من مدارسنا …".
القس الأب " أشو غيري " ـ وزير خارجية الفاتيكان ـ:(1)
بدأ النظام الاقتصادي الرأسمالي ينهار شيئاً فشيئاً بعد ما يسمى بأحداث 23/جمادى الثانية 1422هـ11/ سبتمبر 2001م ، وبدأ يُعاني من أزمات اقتصادية متتالية،وظهر ذلك جليّاً في إفلاس شركات عديدة في عدد من دولها، وتسريح أعداد هائلة من العمال ، وفي نفس الوقت زاد الطلب على الطاقة في تلك البلدان ، مما حدا بها إلى مراجعة أماكن نفوذها السابقة في العالم الإسلامي ، وإيجاد أماكن احتياطية تغذّي وتساهم في انتعاش اقتصادها ، فكان الصراع الأمريكي الفرنسي الظاهري على المستعمرات الفرنسية السابقة ، والتي تسعى فرنسا لجعل ثرواتها مدخرات مستقبلية لها ، بحيث تنتقل من دولة إلى أخرى .
أما الولايات المتحدة فإنها تسعى لإيجاد مصادر جديدة وبديلة لتأمين إمداداتها من النفط . فقد أصبحت خلال العقد الماضي تعتمد بصورة كبيرة على النفط المستورد، إذ تستورد نحو ثلثي احتياجاتها. وازدادت كميات النفط التي تستوردها من دول جنوب الصحراء الإفريقية ولا سيما نيجيريا وأنجولا. حيث تستورد يومياً أكثر من 8،5 مليون برميل من النفط .
ويتمتع قطاع النفط في دول جنوب الصحراء الإفريقية بواحد من أسرع معدلات النمو في العالم. وتشير تقديرات "مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي" إلى أن واردات النفط الأمريكية من دول غرب إفريقيا سترتفع بعد عشر سنوات إلى 25% من إجمالي الواردات مقارنة بـ16% في الوقت الحالي.
وتعتبر أنجولا على رأس الدول الإفريقية التي تشهد طفرة في قطاع النفط مع ما تعانيها من فقر وأمراض وحرب مستمرة منذ فترة طويلة. وسيرتفع إنتاجها بإذن الله من 722 ألف برميل يومياً منذ عام 2001 ، ليصل إلى 3،28 مليون برميل يومياً بحلول عام 2020. كما يتوقع أن يرتفع معدل الإنتاج اليومي لنيجيريا من 2،2 مليون برميل حالياً إلى 4،4 مليون برميل بحلول عام 2020 .
لم تخل الساحة الأفريقية في السنين الأخيرة من صراع علني أو خفي بين الأميركيين والفرنسيين ولعل حروب أفريقيا الأخيرة: " رواندي وبورندي، وكونغو، وساحل العاج " خير شاهد على هذا الصراع الذي يتم بالوكالة .
وفي تصريح واضح يَكشف النوايا الأمريكية لغزو القارة ، أعلن وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد عن فصل جديد من فصول الاستراتيجية الأمريكية بأنها ستتوجّه إلى أفريقيا وذلك بعد الانتهاء من عملياتها العسكرية في الشرق الأوسط [ أفغانستان ، العراق ] .
وعلى إثر هذه التصريحات كانت زيارة الرئيس الأمريكي " جورج بوش " للقارة الأفريقية في (8/5/1424هـ 8/7/2003م ) ، وذلك للبحث عن مناطق بديلة واحتياطية للنفط غير تلك التي في آسيا ، ومن ضمنها البترول التشادي ، ودعم حركات التنصير وجهود المنصرين ، وذلك ضمن الميزانية المخصصة لما يقال عنه مكافحة " الإيدز " حيث أصدر قانوناً بذلك في مايو الماضي2003م، ويقضي بإنشاء صندوق لمكافحة الإيدز في العالم بمبلغ 15 مليار دولار على مدار خمس سنوات .
وكان من بين أهداف هذه الزيارة تقليص النفوذ الغربي وخاصة الفرنسي من القارة عموماً ومن أيّة قوة أخرى ، وظهر ذلك جليّاً في كلمة بوش في جزيرة العبيد في غوريه Goree في السنغال ، عندما أعلن عزمه على تعويض أفريقيا عن قرون العنجهيّة الاستعمارية الغربية . ولعل منذ أحداث 23جمادى الثانية/ 11سبتمر ، بدأ صدام ظاهري بين فرنسا وأمريكا مردّه سعي فرنسا في ضمان حصتها من الغنائم سواء أكان ذلك في أفغانستان أو العراق أو غيرهما، ومنذ زيارة كلينتون إلى القارة 1997م ، بدأت الولايات المتحدة مزاحمة فرنسا في مستعمراتها ، وبدأ يغير الحكام الموالين لفرنسا في هذه الدول ( موبوتو )، وفرض هيمنتها على اقتصادياتها ، وظهر ذلك أيضاً ضمن الزيارة التي قام بها بوش أخيراً ، لتبدأ دورة جديدة من الاستهدام أو الهيمنة الأمريكية للقارة .
وقد ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية (7-7-2003) أن وزارة الدفاع الأمريكية تناقش الآن مع بعض الدول في شمال وغرب أفريقيا -ومنها الجزائر ومالي- إمكانية بناء قواعد عسكرية مؤقتة تستخدم عند الحاجة، وأن اتفاقيات لتزويد الطائرات الأمريكية بالوقود تم إبرامها مع كل من السنغال قلعة فرنسا الغربية ، والجابون وغيرها وذلك لمزاحمة النفوذ الفرنسي في أفريقيا .
تشاد والتي تبلغ مساحتها (284000،1كلم2 ) وتأتي في المرتبة الخامسة بين دول القارة من حيث المساحة . لم تكن بعيدة عن هذا الصراع ، فهي الآن على أبواب مرحلة جديدة من تاريخها ، مرحلة البترول والذهب ، حيث كان بداية تصدير النفط التشادي في شهر جمادى الأولى الماضي 1424هـ ـ يوليو 2003م.
بعد صراع طويل بين الشركات الفرنسية والأمريكية ، وتحت الخفاء كان هناك صراع آخر بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروتستنتية ، كلّ تسعى للهيمنة على هذه الثروة وغيرها من الثروات لدفع إما عجلة اقتصادها الذي على وشك الانهيار، أو استثمار العائدات لدفع عجلة التنصير في القارة ، كما صرّح بذلك أكثر من مسؤول .
ففي مؤتمر "روما " بتاريخ (28/10/1413هـ 20/4/1993م) أجمع الكرادلة بوضع خطّة شاملة لتنصير أفريقيا كلّها، وعن تنصير تشاد قالوا : " إنّ تشاد منطقة هامة وإنّ أيّة فكرة تظهر فيها تلقى سرعة انتشار كبيرة لوقوعها في مفترق الطرق في قلب أفريقيا ، وهي مقبلة على مرحلة جديدة من الحياة الاقتصادية ، وربّما تُصبح في عام ( 1427هـ 2006م) ثالث أهمّ منطقة اقتصادية في إفريقيا حسب الدوائر الاقتصادية الأمريكية وإن كانت الجمهورية الفرنسية غير مشجّعة لهذا الاتجاه .
فعليه أيها الآباء أمامكم مهمّة صعبة ، خصوصاً عندما تصلون إلى المناطق المسلمة ، وغالبية سكان هذه المناطق من أصول بدوية ، وفيهم الجفوة والغلظة ، وهي قبائل مقاتلة شريرة متعطّشة للدماء ، كما تعرفون مما سبق من المعارك التي دارت بينهم وبين القوات الفرنسية . ومنفذنا أو سبيلنا إلى هذه المناطق الفقر والحاجة والجهل والأمّية ، والرسول بولس كان رسول الأمّيين ولكم فيه القدوة الحسنة . وأرجو من الحكومة الأمريكية أن لا تستعجل في استخراج البترول التشادي . وأمّا اليورانيوم فعندنا ضمانات كافية ، ووسائلنا العمليّة معروفة لديكم . وأمّا الميزانية فقد تفضّل قداسة البابا بتخصيص ملياري دولار أمريكي للبدء في هذا المشروع الضخم ، وهو جزء من الميزانية الأولية التي تمّ تحديدها في جلسة (19/2/1993م) .
ولكن إذا استعجلت الحكومة الأمريكية في مشروعها ونجحت فيه فإننا نحصل على ما أنفقنا في المنطقة من عائدات البترول و أكثر ، والبروتستانت متفاهمون معنا في هذا الصدد ، وقد ننجز أهدافنا قبل استخراج البترول ، وعندئذ تكون ثروة البلاد كلّها في خدمة ربّنا المسيح ".(2)
وهكذا كان التخطيط من قبل الدوائر السياسية والكنسية معاً للهيمنة على ثروات تشاد من البترول والذهب واليورانيوم ، والصراع البروتستنتي والكاثوليكي يرجع إلى ما قبل القضاء على الممالك الإسلامية الثلاث في تشاد : ( مملكة كانم ، مملكة بقرمي ، مملكة وداي ) والتي كانت حجرة عثرة لمشاريعهم التنصيرية في القارة ، فبعد القضاء عليها ووصول القوات الفرنسية إلى الأراضي التشادية بعد تقسيم ممتلكات الممالك إلى دول عدّة في عام ( 1309هـ 1892م) ، وجدت الكنسية الكاثوليكية موطئ قدم لها على التراب التشادي ، ومن ثم لحق بها الكنسية الكاثوليكية .
ومنذ ذلك الوقت بدأ الفرنسيون باستغلال الثروات التشادية ، ووضع بعضها كمخزون احتياطي لها ، ففي عام 1944م اقترح وزير التخطيط الفرنسي بألا يستخرج البترول التشادي إلا في عام 2030م .إلا أنه في عام 1961م بدأت فرنسا بالتنقيب عن البترول بواسطة بعض الشركات ، و في نهاية عام 1964 خلصت تلك الدراسات بعدم وجود البترول على الأراضي التشادية .وفي عام 1965م كمحاولة لاستهلاك الوقت والتنقيب عن كافة المحتويات في الأراضي التشادية من بترول وخلافه ، قام معهد البحوث والدراسات في فرنسا بالتنقيب للمرة الثانية . ولكن كانت النتيجة أيضاً حسب زعمه سلبية . فهم مقيدون بما صرّح به وزير التخطيط الفرنسي ، لكي يبقى البترول التشادي من ضمن الموارد الاحتياطية للخزينة الفرنسية .
وبعد التغيرات التي طرأت على السياسة التشادية كردّة فعل لثورة " فرولينا" الشمالية والتي اندلعت عام 1966م، وقيام ما يسمّى بالثورة التصحيحية التي أقدم عليها الرئيس السابق " تومبلباي " بتغيير المعالم الفرنسية واليهودية في تشاد ، ومنها تغير اسم العاصمة من " فورت لامي " إلى " إنجمينا " وغيرها . والتي كانت إحدى الأسباب التي أدت إلى اغتياله من قبل عملاء المخابرات الفرنسية . هذه التغيرات جعلت الحكومات التشادية المتعاقبة تسعى لاستخراج ثرواتها الكامنة من البترول والذهب واليورانيوم وغيرها بعيداً عن الهيمنة الفرنسية .
ففي عام 1970م وإثر اتفاق بين (تومبلباي) و الرئيس الأمريكي (جونسون) وصلت شركة (كونوكو) الأمريكية إلى تشاد للتنقيب عن البترول، حيث تمكنت في عام 1974م من اكتشاف البترول بكميات كبيرة في عدة مناطق من البلاد. و لكن هذه المحاولات جميعها توقفت بسبب الحرب المشتعلة في الشمال بين الثورة الشمالية والحكومة التي تولت السلطة بعد مقتل " تومبلباي " .
ثمّ بدأت بعض المحاولات في الثمانينات من القرن الماضي ، وتوّج هذا الأمر في عام 1999م بعد انسحاب الشركات المحسوبة على فرنسا ، ودخول الشركات الأمريكية أو المحسوبة عليها كبتروناس الماليزية، ففي شهر جمادى الأولى 1424هـ ـ يوليو 2003م تمَّ تصدير البترول بعد عشرات الأعوام بين أخذ وجذب مع الشركات الفرنسية .
يتبع ...