salah
21 Dec 2009, 12:02 AM
تحيات طيبات عليكم جميعا أخواتي وأخواني في رفحاء
أكتب بين حين وآخر مقالات صغيرة في تفكيك مجموعة من المفردات الواردة في معاجمنا
واردت اليوم أن نتشارك هذه المقالة التي تناولت فيها مفردة طوبى.
في الحقيقة لا أعرف كيف أتعامل مع برنامج الكتابة في حاسوبي، فما أن أكتب المفردة بحروفها اللاتينية حتى ينقلب السطر رأسا على عقب ولا يعود بوسعي قراءته إلا بعد أن أحذفها وأكتفي بكتابتها بمقابلها الصوتي في اللغة العربية، لذا أعتذر عن إيراد بعض المفردات بطريقة ليست كما في لغاتها الأم.
مفردة طوبى ورأي فيها
بماذا كان يفكّر االفيلسوف الإنجليزي توماس مور عندما كتب مؤلفه باللاتينية (المدينة الفاضلة في جزيرة يوطوبيا الجديدة) عام 1516.
كان مور أول من استعمل المفردة في عصر النهضة ومن ثم شاعت لتدلّ على واقع آخر غير محسوس مواز للواقع المادي.
وبعد قرون على يوطوبيا مور بدأت حركة التعريب في ثقافتنا العربية وتمّت ترجمة المفردة إلى يوتوبيا ويوطوبيا واوتوبيا وصارت النسبة إليها طوباوية أو طوبائية وطوباوي بمعنى المثالي أو الخيالي كما لو كانت نسيا منسيا في لغتنا.
ولكن هل احتفظت لنا المعجمات بمفردة طوبى واشتقاقاتها؟
وهل نسبتها كأصل في لغتنا أم تناولتها كمفردة من المعرّب والدخيل؟.
وردت مفردة طوبى في القرآن الكريم باشتقاقات مختلفة نحو خمسين مرة ، كما جاءت في نصّ حديث نبوي شريف: (إن الإسلام بدا غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء).
يرى مجموعة باحثين أنها من الجذر طيب، وقد تُلفظ طيبى.
ولكن يجب الإشارة إلى أن العرب عرفت المفردة في زمن مبكر سابق على الإسلام وهو الأمر الذي جعلها تأتي في النصوص القرآنية بصيغ مستقرة على كثرة اشتقاقاتها وهي من الشواهد التي ادّخرتها مصادرنا القديمة.
حكى أبو حاكم السجستاني طرفة قال: (قرأ عليّ أعرابي بالحرم (طيبى لهم)
فقلت:طوبى
قال: طيبى
قلت طوبى
قال طيبى
فلمّا طال عليّ قلتُ: طوطو
فقال: طيطي.)
هذا الإصرار قادت إليه سليقة الأعرابي لأنه رأى أنها من الجذر طيب.
بيد أن بعض ما معنا من معاجم سواء موروثة أو معاصرة تناولت المفردة في سياقات الدخيل والمعرّب فقالوا أنها من الهندية معرّب عن توبى، وهي اسم شجرة في الجنة، أما الجواليقي في كتاب المعرّب فحاول إرجاعها إلى الجذر طيب في قوله طوبى أصلها طيبى.
وذهب صاحب غرائب اللغة الأب روفائيل نخلة إلى أنها من اللغة السريانية وأصلها طوبو وتعني السعادة.
والمفردة بلا ريب من المشترك الجزيري قالت بها العرب قديما كما أورد صاحب التاج وهي أصيلة.
ولقد دخلت في لغات أخرى ومنها اليونانية التي تنافذت معجميا مع كثير من المفردات العربية والجزيرية منذ زمن بعيد وكذلك اللغة الحبشية والتي هي من اللغات الجزيرية.
وعودة إلى توماس مور وكتابه اليوطوبيا، فربما يكون أخذها من اليونانية حيث ترد كمفردة مركبة من كلمتين هما: (او) بمعنى ليس، و(توبو) بمعنى مكان، أي اللامكان.
ورغم أن المفردة كما أراد لها توماس مور معنى اللامكان إلا أنه لم يستطع ان ينجو فلقد تعرّض للسجن في مكان معروف على نحو واسع وهو برج لندن قبل أن يحكم عليه بالإعدام عام 1535.
أكتب بين حين وآخر مقالات صغيرة في تفكيك مجموعة من المفردات الواردة في معاجمنا
واردت اليوم أن نتشارك هذه المقالة التي تناولت فيها مفردة طوبى.
في الحقيقة لا أعرف كيف أتعامل مع برنامج الكتابة في حاسوبي، فما أن أكتب المفردة بحروفها اللاتينية حتى ينقلب السطر رأسا على عقب ولا يعود بوسعي قراءته إلا بعد أن أحذفها وأكتفي بكتابتها بمقابلها الصوتي في اللغة العربية، لذا أعتذر عن إيراد بعض المفردات بطريقة ليست كما في لغاتها الأم.
مفردة طوبى ورأي فيها
بماذا كان يفكّر االفيلسوف الإنجليزي توماس مور عندما كتب مؤلفه باللاتينية (المدينة الفاضلة في جزيرة يوطوبيا الجديدة) عام 1516.
كان مور أول من استعمل المفردة في عصر النهضة ومن ثم شاعت لتدلّ على واقع آخر غير محسوس مواز للواقع المادي.
وبعد قرون على يوطوبيا مور بدأت حركة التعريب في ثقافتنا العربية وتمّت ترجمة المفردة إلى يوتوبيا ويوطوبيا واوتوبيا وصارت النسبة إليها طوباوية أو طوبائية وطوباوي بمعنى المثالي أو الخيالي كما لو كانت نسيا منسيا في لغتنا.
ولكن هل احتفظت لنا المعجمات بمفردة طوبى واشتقاقاتها؟
وهل نسبتها كأصل في لغتنا أم تناولتها كمفردة من المعرّب والدخيل؟.
وردت مفردة طوبى في القرآن الكريم باشتقاقات مختلفة نحو خمسين مرة ، كما جاءت في نصّ حديث نبوي شريف: (إن الإسلام بدا غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء).
يرى مجموعة باحثين أنها من الجذر طيب، وقد تُلفظ طيبى.
ولكن يجب الإشارة إلى أن العرب عرفت المفردة في زمن مبكر سابق على الإسلام وهو الأمر الذي جعلها تأتي في النصوص القرآنية بصيغ مستقرة على كثرة اشتقاقاتها وهي من الشواهد التي ادّخرتها مصادرنا القديمة.
حكى أبو حاكم السجستاني طرفة قال: (قرأ عليّ أعرابي بالحرم (طيبى لهم)
فقلت:طوبى
قال: طيبى
قلت طوبى
قال طيبى
فلمّا طال عليّ قلتُ: طوطو
فقال: طيطي.)
هذا الإصرار قادت إليه سليقة الأعرابي لأنه رأى أنها من الجذر طيب.
بيد أن بعض ما معنا من معاجم سواء موروثة أو معاصرة تناولت المفردة في سياقات الدخيل والمعرّب فقالوا أنها من الهندية معرّب عن توبى، وهي اسم شجرة في الجنة، أما الجواليقي في كتاب المعرّب فحاول إرجاعها إلى الجذر طيب في قوله طوبى أصلها طيبى.
وذهب صاحب غرائب اللغة الأب روفائيل نخلة إلى أنها من اللغة السريانية وأصلها طوبو وتعني السعادة.
والمفردة بلا ريب من المشترك الجزيري قالت بها العرب قديما كما أورد صاحب التاج وهي أصيلة.
ولقد دخلت في لغات أخرى ومنها اليونانية التي تنافذت معجميا مع كثير من المفردات العربية والجزيرية منذ زمن بعيد وكذلك اللغة الحبشية والتي هي من اللغات الجزيرية.
وعودة إلى توماس مور وكتابه اليوطوبيا، فربما يكون أخذها من اليونانية حيث ترد كمفردة مركبة من كلمتين هما: (او) بمعنى ليس، و(توبو) بمعنى مكان، أي اللامكان.
ورغم أن المفردة كما أراد لها توماس مور معنى اللامكان إلا أنه لم يستطع ان ينجو فلقد تعرّض للسجن في مكان معروف على نحو واسع وهو برج لندن قبل أن يحكم عليه بالإعدام عام 1535.