الباحث عن الحق
25 Dec 2003, 04:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فإنه مما لاشك فيه أن الشريعة جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها ودفع المفاسد وتقليلها، وهذا مما دلت عليه أدلة كثيرة من القرآن والسنة مما ليس هذا مكان الاسترسال فيه. فالأحكام الشرعية تنظر لمصلحة الفرد والجماعة في الحاضر والمستقبل، في الدنيا والآخرة.
ومسألة قيادة المرأة للسيارة يحتاج المرء فيها للنظر في المصالح والمفاسد مع الاستدلال على ذلك من القرآن والسنة. فالمصالح والمفاسد معتبرة هي ما اعتبره الشرع مصلحة شرعية أو مفسدة شرعية، فلا تقارن مفسدة شرعية بمصلحة مالية مثلاً،فالربا مفسدة شرعية وزيادة مال المرابي مصلحة مالية لكنها غير معتبرة لأنه ليس لها ما يسندها من القرآن والسنة.
لذلك أقول إن المفاسد لقيادة المرأة كثيرة منها :
1- مخالفة أمر الله للمرأة بالقرار في البيت: قال تعالى:" وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" فالمرأة مأمورة بالقرار في البيت وعدم الخروج منه إلا لحاجتها. فبالسماح للمرأة بقيادة السيارة تسهيل لها للخروج من البيت بسبب وبدون سبب.
2- هدم القوامة: يقول الله تعالى:" الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم . . الآية". فخروج المرأة من بيتها وقيادتها للسيارة يضعف القوامة بمعناها الشامل، فلا يستطيع رب البيت المحافظة والحماية وضبط أهل بيته من نساء وبنات، فلا يدري أين ذهبت بنته أو زوجه وإلى أين ومتى تعود وغير ذلك. مما يمهد لانهيار مقومات الأسرة البناءة.
3- فتح الباب لاختلاط الرجال والنساء: وهذا مما نهى الشرع الحكيم عنه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " اتقوا الدنيا ولتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" ولا شك أن العلمانيين المنافقين يسعون لإخراج المرأة من البيت واختلاطها بالرجال وذلك ليوافق ما في قلوبهم من مرض وهوى، وأول طريق لذلك هو قيادة المرأة واو كانت بشروط، فيجب الحذر من ذلك وتفويت الفرصة عليهم.
4- سبب من أسباب انتشار الفساد في المجتمع: وذاك لأنه إذا قادت المرأة السيارة كثر تواجدها بجوار الرجال في جميع الأماكن مما يسهل لضعفاء الإيمان من الرجال والنساء سبل الفساد.
5- سبب لنزع الحجاب ولو بعد حين: من خلال رخص القيادة التي يجب على رجل الأمن مطابقة الصورة بالحقيقة عند الاشتباه. كذلك فإن قيادة المرأة للسيارة تجعلها تتساهل بمسألة الحجاب وذلك من خلال المحاكاة لبنات جنسها اللاتي لا يتحجبن، فإن أول من سيقوم بالقيادة من النساء، هن أولئك المتحررات من الدين، مما يجعل القيادة قرين نزع الحجاب.
6- سبب من أسباب عمل المرأة في غير ما تحتاج إليه النساء : من تدريس وتطبيب وما شابه ذلك. حيث سنحتاج لشرطة نسائية للتحقيق عند حصول الحوادث ونقل النساء إلى مركز الشرطة إذا استدعى الأمر ذلك. وهذا سيؤدي إلى تسهيل وتسريع عجلة تغريب المرأة وإهانتها.
هذه بعض المفاسد الشرعية. وفي المقابل لا توجد مصالح شرعية إلا ما قد يثيره البعض من أن هذا سوف يكون سبباً في تقليل عدد السائقين. وهذا القول لا يصح أبداً، وذلك لأن السائقين ليسوا موجودين لنقل النساء فقط، بل لخدمة البيت في شراء الحاجيات وما شابهه، فقيادة المرأة لا تعني عدم استقدام السائقين. والخطأ بالركوب مع السائق بدون محرم لا يبرر الوقوع في خطأ آخر وهو قيادة المرأة للسيارة وما فيه من المفاسد الشرعية السابقة الذكر.
أما حديث عائشة رضي الله عنها فليس فيه دليل على جواز قيادة المرأة، لأن الحال مختلف، فلم يروى أن أم المؤمنين عائشة كانت تخرج في كل حين راكبة الناقة. فالمسألة متعلقة بخروج المرأة الحر والمتكرر في أي وقت مع إمكانية السفر وقطع المسافات بسهولة وتعرضها للخطر والفتنة وهتك أحكام الله في القوامة والقرار وعدم الاختلاط. وتعريض المجتمع والأسرة للانحلال والتفسخ مع الزمن.
هذا هو واقع المسألة، وليست المسألة هي ركوب آلة أو دابة أو قيادتها، فيستدل عليها بركوب عائشة الناقة. فالركوب غير الركوب والواقع غير الواقع والمفاسد غير المفاسد، فهل من معتبر ؟!
أما الاحتجاج بواقع المسلمين في البلاد الأخرى، فهذا ليس دليل شرعي يحتج به، فلا يحتج على الأقلية التي تعمل بمقتضى الشرع بفعل الأكثرية ما دام فعلهم لا يقره الشرع، يقول الله تعالى: " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين " فأكثر الناس ضلال غير مهتدين، فهذه الخمور تباع في بعض بلاد المسلمين فهل يعني هذا أن بيعها حلال؟!
أخيرً، لعله من المناسب في هذا المقام أن أنقل لكم فتوى إمام أهل السنة في زمانه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - في مسألة قيادة المرأة...................
..................
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أله وصحبه ومن اهتدى بهداه ، أما بعد :
فقد كثرت الأسئلة عن حكم قيادة المرأة للسيارة, والجواب :
لا شك أن ذلك لا يجوز لأن قيادتها للسيارة تؤدي إلى مفاسد كثيرة وعواقب وخيمة ومنها الاختلاط بالرجال بدون حذر، ومنها ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور، والشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة، وقد أمر الله – جل وعلا – نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت، والحجاب، وتجنب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع . . قال تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله) وقال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) وقال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" ما خلا رجل بامرأة إلا والشيطان ثالثهما". فالشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة. بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة، وجعل عقوبته من أشد العقوبات صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة، وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك، وهذا لا يخفى، ولكن الجهل بالأحكام الشرعية وبالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية إلى المنكرات مع ما يبتلى به الكثير من من مرض القلوب ومحبة الإباحية والتمتع بالنظر إلى الأجنبيات كل هذا يسبب الخوض في هذا الأمر وأشباهه بغير علم وبغير مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار، وقال تعالى: ( قل إنما حرم ربي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ).
وقال سبحانه: ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين . إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ). وقال صلى الله عليه وسلم: " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء". وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: " كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت فهل بعد ذلك الخير من شر قال نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا فقال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك " متفق عليه.
وأني أدعو كل مسلم أن يتقي الله في قوله وفي عمله وأن يحذر الفتن والداعين إليها وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله – جل وعلا – أو يفضي إلى ذلك، وأن يحذر كل الحذر من هؤلاء الدعاة الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف. وقانا الله شر الفتن وأهلها، وحفظ لهذه الأمة دينها وكفاها شر دعاة السوء، ووفق كتاب صحفنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر المسلمين ونجاتهم في الدنيا والآخرة إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الشيخ عبد العزيز بن باز
وصلّى الله على الحبيب وسلّم.......
منقول
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فإنه مما لاشك فيه أن الشريعة جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها ودفع المفاسد وتقليلها، وهذا مما دلت عليه أدلة كثيرة من القرآن والسنة مما ليس هذا مكان الاسترسال فيه. فالأحكام الشرعية تنظر لمصلحة الفرد والجماعة في الحاضر والمستقبل، في الدنيا والآخرة.
ومسألة قيادة المرأة للسيارة يحتاج المرء فيها للنظر في المصالح والمفاسد مع الاستدلال على ذلك من القرآن والسنة. فالمصالح والمفاسد معتبرة هي ما اعتبره الشرع مصلحة شرعية أو مفسدة شرعية، فلا تقارن مفسدة شرعية بمصلحة مالية مثلاً،فالربا مفسدة شرعية وزيادة مال المرابي مصلحة مالية لكنها غير معتبرة لأنه ليس لها ما يسندها من القرآن والسنة.
لذلك أقول إن المفاسد لقيادة المرأة كثيرة منها :
1- مخالفة أمر الله للمرأة بالقرار في البيت: قال تعالى:" وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" فالمرأة مأمورة بالقرار في البيت وعدم الخروج منه إلا لحاجتها. فبالسماح للمرأة بقيادة السيارة تسهيل لها للخروج من البيت بسبب وبدون سبب.
2- هدم القوامة: يقول الله تعالى:" الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم . . الآية". فخروج المرأة من بيتها وقيادتها للسيارة يضعف القوامة بمعناها الشامل، فلا يستطيع رب البيت المحافظة والحماية وضبط أهل بيته من نساء وبنات، فلا يدري أين ذهبت بنته أو زوجه وإلى أين ومتى تعود وغير ذلك. مما يمهد لانهيار مقومات الأسرة البناءة.
3- فتح الباب لاختلاط الرجال والنساء: وهذا مما نهى الشرع الحكيم عنه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " اتقوا الدنيا ولتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" ولا شك أن العلمانيين المنافقين يسعون لإخراج المرأة من البيت واختلاطها بالرجال وذلك ليوافق ما في قلوبهم من مرض وهوى، وأول طريق لذلك هو قيادة المرأة واو كانت بشروط، فيجب الحذر من ذلك وتفويت الفرصة عليهم.
4- سبب من أسباب انتشار الفساد في المجتمع: وذاك لأنه إذا قادت المرأة السيارة كثر تواجدها بجوار الرجال في جميع الأماكن مما يسهل لضعفاء الإيمان من الرجال والنساء سبل الفساد.
5- سبب لنزع الحجاب ولو بعد حين: من خلال رخص القيادة التي يجب على رجل الأمن مطابقة الصورة بالحقيقة عند الاشتباه. كذلك فإن قيادة المرأة للسيارة تجعلها تتساهل بمسألة الحجاب وذلك من خلال المحاكاة لبنات جنسها اللاتي لا يتحجبن، فإن أول من سيقوم بالقيادة من النساء، هن أولئك المتحررات من الدين، مما يجعل القيادة قرين نزع الحجاب.
6- سبب من أسباب عمل المرأة في غير ما تحتاج إليه النساء : من تدريس وتطبيب وما شابه ذلك. حيث سنحتاج لشرطة نسائية للتحقيق عند حصول الحوادث ونقل النساء إلى مركز الشرطة إذا استدعى الأمر ذلك. وهذا سيؤدي إلى تسهيل وتسريع عجلة تغريب المرأة وإهانتها.
هذه بعض المفاسد الشرعية. وفي المقابل لا توجد مصالح شرعية إلا ما قد يثيره البعض من أن هذا سوف يكون سبباً في تقليل عدد السائقين. وهذا القول لا يصح أبداً، وذلك لأن السائقين ليسوا موجودين لنقل النساء فقط، بل لخدمة البيت في شراء الحاجيات وما شابهه، فقيادة المرأة لا تعني عدم استقدام السائقين. والخطأ بالركوب مع السائق بدون محرم لا يبرر الوقوع في خطأ آخر وهو قيادة المرأة للسيارة وما فيه من المفاسد الشرعية السابقة الذكر.
أما حديث عائشة رضي الله عنها فليس فيه دليل على جواز قيادة المرأة، لأن الحال مختلف، فلم يروى أن أم المؤمنين عائشة كانت تخرج في كل حين راكبة الناقة. فالمسألة متعلقة بخروج المرأة الحر والمتكرر في أي وقت مع إمكانية السفر وقطع المسافات بسهولة وتعرضها للخطر والفتنة وهتك أحكام الله في القوامة والقرار وعدم الاختلاط. وتعريض المجتمع والأسرة للانحلال والتفسخ مع الزمن.
هذا هو واقع المسألة، وليست المسألة هي ركوب آلة أو دابة أو قيادتها، فيستدل عليها بركوب عائشة الناقة. فالركوب غير الركوب والواقع غير الواقع والمفاسد غير المفاسد، فهل من معتبر ؟!
أما الاحتجاج بواقع المسلمين في البلاد الأخرى، فهذا ليس دليل شرعي يحتج به، فلا يحتج على الأقلية التي تعمل بمقتضى الشرع بفعل الأكثرية ما دام فعلهم لا يقره الشرع، يقول الله تعالى: " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين " فأكثر الناس ضلال غير مهتدين، فهذه الخمور تباع في بعض بلاد المسلمين فهل يعني هذا أن بيعها حلال؟!
أخيرً، لعله من المناسب في هذا المقام أن أنقل لكم فتوى إمام أهل السنة في زمانه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - في مسألة قيادة المرأة...................
..................
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أله وصحبه ومن اهتدى بهداه ، أما بعد :
فقد كثرت الأسئلة عن حكم قيادة المرأة للسيارة, والجواب :
لا شك أن ذلك لا يجوز لأن قيادتها للسيارة تؤدي إلى مفاسد كثيرة وعواقب وخيمة ومنها الاختلاط بالرجال بدون حذر، ومنها ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور، والشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة، وقد أمر الله – جل وعلا – نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت، والحجاب، وتجنب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع . . قال تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله) وقال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) وقال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" ما خلا رجل بامرأة إلا والشيطان ثالثهما". فالشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة. بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة، وجعل عقوبته من أشد العقوبات صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة، وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك، وهذا لا يخفى، ولكن الجهل بالأحكام الشرعية وبالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية إلى المنكرات مع ما يبتلى به الكثير من من مرض القلوب ومحبة الإباحية والتمتع بالنظر إلى الأجنبيات كل هذا يسبب الخوض في هذا الأمر وأشباهه بغير علم وبغير مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار، وقال تعالى: ( قل إنما حرم ربي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ).
وقال سبحانه: ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين . إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ). وقال صلى الله عليه وسلم: " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء". وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: " كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت فهل بعد ذلك الخير من شر قال نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا فقال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك " متفق عليه.
وأني أدعو كل مسلم أن يتقي الله في قوله وفي عمله وأن يحذر الفتن والداعين إليها وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله – جل وعلا – أو يفضي إلى ذلك، وأن يحذر كل الحذر من هؤلاء الدعاة الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف. وقانا الله شر الفتن وأهلها، وحفظ لهذه الأمة دينها وكفاها شر دعاة السوء، ووفق كتاب صحفنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر المسلمين ونجاتهم في الدنيا والآخرة إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الشيخ عبد العزيز بن باز
وصلّى الله على الحبيب وسلّم.......
منقول