المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من كلام ابن القيم رحمه الله ....



الزيدي
11 Mar 2004, 02:56 PM
قال ابن القيم رحمه الله :

" فسبحان الله كم من قلب منكوس وصاحبه لا يشعر وقلب ممسوخ وقلب مخسوف به.

وكم من مفتون بثناء الناس عليه ومغرور بستر الله عليه ومستدرج بنعم الله عليه وكل هذه عقوبات وإهانة ويظن الجاهل أنها كرامة .

ومنها مكر الله بالماكر ومخادعته للمخادع واستهزاؤه بالمستهزىء وإزاغته لقلب الزائغ عن الحق ومنها نكس القلب حتى يرى الباطل حقا والحق باطلا والمعروف منكرا والمنكر معروفا .

ويفسد ويرى أنه يصلح ويصد عن سبيل الله وهو يرى أنه يدعى إليها ويشتري الضلالة بالهدى وهو يرى أنه على الهدى ويتبع هواه وهو يزعم أنه مطيع لمولاه .

وكل هذا من عقوبات الذنوب الجارية علي القلوب ومنها حجاب القلب عن الرب فى الدنيا والحجاب الأكبر يوم القيامة كما قال تعالى كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون فمنعتهم الذنوب أن يقطعوا المسافة بينهم وبين قلوبهم فيصلوا اليها فيروا ما يصلحها ويزكيها وما يفسدها ويشقيها.

وأن يقطعوا المسافة بين قلوبهم وبين ربهم فتصل القلوب إليه فتفوز بقربه وكرامته وتقربه عينا وتطيب به نفسا بل كانت الذنوب حجابا بينهم وبين قلوبهم وحجابا بينهم وبين ربهم وخالقهم.

ومنها المعيشة الضنك في الدنيا وفي البرزخ والعذاب فى الآخرة قال تعالي : "ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى "

وفسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر ولا ريب أنه من المعيشة الضنك والآية تتناول ما هو أعم منه وإن كانت نكرة فى سياق الإثبات فإن عمومها من حيث المعنى فإنه سبحانه رتب المعيشة الضنك على الإعراض عن ذكره .

فالمعرض عنه له من ضنك المعيشة بحسب إعراضه وإن تنعم فى الدنيا بأصناف النعم ففي قلبه من الوحشة والذل والحسرات التي يقطع القلوب والأماني الباطلة والعذاب الحاضر ما فيه .

وإنما تواريه عند سكرات الشهوات والعشق وحب الدنيا والرياسة إن لم ينضم إلى ذلك سكر الخمر فسكرها هذه الأمور أعظم من سكر الخمر فإنه يفيق صاحبه ويصحوا وسكر الهوى وحب الدنيا لا يصحوا صاحبه إلا إذا سكر في عسكر الأموات فالمعيشة الضنك لازمة لمن أعرض عن ذكر الله الذي أنزله على رسوله فى دنياه وفي البرزخ ويوم معاده .