المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الآلاف من السعوديين في الشمالية يعيشون تحت خط الفقر



فهيد لزام
23 Nov 2013, 11:23 PM
الآلاف من السعوديين في الشمالية يعيشون تحت خط الفقر
-
5018
-
عرعر - تحقيق: فهيد لزام
كثير من سكان منطقة الحدود الشمالية يرزخ تحت خط الفقر فالعائلات الفقيرة تعيش على مساعدات الجيران وقليل من النقود من الضمان الاجتماعي وما تقدمه الجمعية الخيرية للفقراء والمحتاجين من طعام وقليل من المال والبطانيات اضافة الى الدفيات واللحم وفي تقرير صحفي حصلت "منتديات رفحا" على نسخة منه ننشر جزء منه في التحقيق الصحفي عن حي "الصنادق" في عرعر أو مساكن الصفيح هذا المعلم البارز ولكنه ليس معلماً سياحياً وإنما منعطف خطر تشعر معه بفجوة كبيرة تستعيد معها ذكريات ما قبل النفط، وترتسم بين عينيك عشرات الأسئلة التي لا تملك إجابتها.
زرناه في فصل الشتاء فكان أطفاله غرقى وحالتهم رثة وسياط البرد تلذعهم دون أن يجدوا سياجا مسلحا يحميهم، ولا كسوة جديدة تحول بينهم وبين مربعانية شتاء الشمال القارس، ورأينا كباره - لحظتها- يتقطعون حسرة على حال أبنائهم وأسرهم، وكانت ملامحهم البائسة أبلغ من عباراتهم المقهورة...وعدنا إليه -مرة أخرى- والصيف يلقي بأشعة شمسه المتوهجة على مساكنه التي تحولت إلى أفران تلهب جسد هؤلاء المعوزين، والحال لم يتغير بل ازداد سوءا ؛ لأن الحلول الجيدة والفاعلة تكاد تكون غائبة أو متأخرة حتى هذه اللحظة، وكل ما هنالك وعود لم يتحقق منها شيء.
ولأن المجتمع شح على سكان هذا الحي بالحلول الحاسمة والسليمة واكتفى بأن يقدم لهم لقمة عيش أو فتات نقود لا يحصلون عليها إلا بعد أن يقفوا في الطوابير أو ينتظروا طويلا أمام أبواب الجهات المعنية التي تجزئ حل مشكلتهم وتكتفي بما يسد جزءا من بطون أطفالهم وفي جزء من الوقت -أيضا، ثم تتركهم بعد ذلك ينتظرون فصلا مماثلا وحلا يشبه ما سبقه؛ حتى غدت دفاتر مدارس أبنائهم وبناتهم عبئاً يثقل كاهلهم؛ ففضلوا أن يبقى عدد من هؤلاء الأبناء خارج دائرة التعليم الذي لا يستطيعون تحمل مصروفاته، وهم بذلك أراحوا أنفسهم من سخرية أطفال الآخرين على ملابس أبنائهم المهلهلة.
(بيت ملك)

وقد قامت منتديات رفحا بجولة في هذا الحي حيث التقت عددا من المواطنين وتحدثت معهم حول معاناتهم، وفي البدء زرنا المواطن قعيران مبرد الذي تبدو عليه ملامح الشيخوخة والبؤس فتحدث عن معاناته قائلا: أنا كبير في السن، وليس لي مصدر دخل غير ما يأتينا من الضمان الاجتماعي وليس عندي أي عائل ولا مصدر آخر ولا بيت ملك يستر أبنائي وبناتي السبعة، ومعاناتنا في الصيف والشتاء متشابهة، ونحن بأمس الحاجة إلى معونة مادية، وأهم من ذلك توفر سكن فهو مشكلتنا الكبرى.
(وظيفة صغيرة)

أما المواطن عراك بن فريج فقد ذكر أنه يعيش على راتبه من وظيفة صغيرة، ولكنها لا تسد جزءا بسيطا من احتياجات عائلته الكبيرة المكونة من عشرة أفراد، ويضيف : حرمتني الوظيفة من أن يكون لي معاشا من الضمان، وليس لنا بعد الله إلا مواقف حكومتنا الرشيدة ثم أهل الخير، ونحن بلا سكن، وقد يكون بيننا من منح قطعة أرض لكنه باعها ليسد بعض حاجات أطفاله.
وعن معاناتهم مع فصلي الشتاء والصيف يقول: نعاني أشد المعاناة في الشتاء خاصة؛ لأن أطفالنا لا يستطيعون مقاومة موجات البرد القاسية، وحالنا مثله في الصيف؛ فالكهرباء مؤجرة تشاركنا في مصرف أسرنا إذ ندفع لها شهريا 250ريالاً، وهي تنقطع يوميا في أوقات معينة، ولا يوجد عندنا من وسائل التبريد ما يكافح لهيب الصيف الشديد.

(مشكلة المدارس)

ويتحدث عبد الله عفوج سعد عن مشكلته الخاصة ومشكلة سكان هذا الحي فيقول: أنا غير موظف وليس لي مصدر مالي إلا معاش الضمان الاجتماعي، وهو لا يكفي حاجات أسرتي الضرورية فأنا أعول خمسة أفراد وأقسم مكافأة الضمان بين رسم الكهرباء الثابت 250ريالاً، وقيمة شراء الماء، وشراء ما يحتاجه أبنائي من ضرورة المأكل والملبس.
ويشير عبد الله إلى مشكلة كبيرة تؤرق سكان صفيح عرعر فيقول: من الصعوبات التي نواجهها كلنا مشكلة المدارس، فلا توجد مدرسة قريبة منا، وعندما يذهب أبناؤنا إلى أقرب مدرسة يتعرضون لعبور شارع خطر تمر به السيارات مسرعة، هذا غير ما يتعرض له أبناؤنا من الضرب أثناء ذهابهم وإيابهم، وهذا أصعب من الحاجة نفسها، فأبناؤنا يتعرضون يوميا للعنف لبعدهم عن سكنهم، وإن كانوا هم في الأصل بلا سكن لأن هذه الصنادق لا تحمينا من برد الشتاء ولا حر الصيف.
(تقلبات الشتاء والصيف)
أما مفرح عقيل فيتحدث بألم عن مشكلته حيث يقول: أحلت إلى التقاعد من عملي، فلم تتجاوز مكافأة التقاعد 1725ريالاً، وعندي اثنا عشر فردا أعولهم، فكيف أستطيع أن أقوم بسد أبسط ما يحتاجونه، وكان الأمر في البداية أهون لأنني كنت أحصل على مكافأة من الضمان الاجتماعي، ولكن بعد ذلك رفضوا، وقالوا: مالك شيء إلا إذا أتيت بتقرير، وبقيت على هذه الحال، أعاني من رسوم الكهرباء 250ريالاً، وشراء الماء، ثم بعد ذلك لا يكفي ما يتبقى من التقاعد حتى لشراء أشد ضروريات أسرتي، يضاف لذلك أننا بلا سكن يحمينا من ظروف تقلبات شتاء وصيف الشمال القاسية عدا هذه الصنادق التي هي اسم سكن فقط، وحتى الذي عنده منحة أرض منا باعها من أجل أن يطعم ويكسو أطفاله.

(تطاير الصفيح)

الجدير بالذكر أن كل من قابلناهم ذكروا أن هذا الصفيح يتطاير في أوقات الرياح - كل عام- وكثيرا ما بحثوا بعد هدوء هذه العواصف عن أجزاء سكنهم المبعثر هنا وهناك؛ فأعادوا من جديد أجزاء منزل يأوون إليه، وإن كان في حقيقته أوهى من بيت العنكبوت.
ويضيف هؤلاء السكان : عندما تهب هذه العواصف، وأحيانا أثناء نزول الأمطار؛ نلجأ مع أسرنا إلى أحضان الجبال المجاورة فنستكن فيها إلى أن تنتهي هذه العواصف، وخلال هذه الظروف نمر بلحظات عصيبة لا يمكن لنا أن نصف شدتها، فضلا عن الرعب الذي نعيشه خلال لحظات تطاير قطع الصفيح ذات الأطراف الحادة التي تحولت إلى سلاح فاتك يدمر من يكون في طريقه، وأسعدنا حظا من كان له أقارب في أحد أحياء المدينة حيث يذهب إليهم إلى أن تهدأ الظروف، ثم يعود ليجمع شتات صفيحه المبعثر في مسافات طويلة، وقد لا يجده إلا بعد مئات الأمتار.

(شكوى الأطفال)
من جهة أخرى وجدنا الأطفال الذين حضروا جولتنا في هذا الحي يتهافتون إلينا ليشكوا سوء حالهم، ظنا منهم أننا نملك حلا سريعا لمشكلتهم، وتحدث الأطفال(عبد الكريم، وعايد، وعبد الله، وماهر) عن مشكلة قطعهم مسافة طويلة إلى المدارس سيرا على الأقدام وتعرضهم-أثناء الخروج من المدارس- للاعتداء والتهديد بالضرب بالأيدي بشكل شبه يومي، وربما وصل الأمر إلى تهديدهم بالسكاكين مما زرع الرعب في نفوسهم، وهو مما قد يجعلهم يكرهون الدراسة أو على الأقل تشكل لهم قلقا ينتابهم فيفسد عليهم أجواء طلب العلم، ويجعل الخوف يستبد بهم. وفي نهاية الحوار أكد كل من حضروا هذا اللقاء أن من حولهم من السكان أنهم يحملون أوراقا ثبوتية، وإذا كان هناك أحد لا يحمل هذه الأوراق فإنهم لا يشكلون نسبة كبيرة. (جريدة الرياض)............