المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عائلة (ابوعمار) من (روايات) النسب للاشراف الى (تهمة) الاصول اليهودية



مراسل الموقع
29 Nov 2004, 12:52 AM
المصدر : إعداد: علي عيد


ثمة ارتباط جدلي واضح بين سياسة عرفات وشخصيته ونشأته الغامضة, فولادته التي اختلف على مكانها ومن ثم اصول عائلته جعلها الكثيرمن السياسيين والمؤرخين سيما الذين اختلفوا معه يشككون في انتمائه ويقدمون قراءات مختلفة لشخصيته مستندين الى ضعف الوثيقة التي تثبت ولادته وتضارب الروايات, فكثير من خصومه قالوا بأن اصوله يهودية وهي تهمة لا ترقى الى الحقيقة والثبوت فيما لو نظرنا لتاريخ ابوعمار النضالي حيث كان خصما مزعجا لاسرائيل ومدافعا شرسا عن حقوق الشعب الفلسطيني, وبصرف النظر عن ادائه السياسي فقد كان يمتلك فكرا ثوريا وان غلب عليه احيانا منهجه التسووي, ودخوله في مفاوضات سرية ومعلنة مع الدولة العبرية.
ظل مولد عرفات لغزا غامضا لم يستطع الباحثون الوصول الى حقيقة ثابتة فيه الا ان مراحل حياته اللاحقة مثبتة بالوقائع العريضة دون التفاصيل.
ففي موضوع اصوله ومرجعية العائلة التي ينتهي اليها يؤكد البعض انه ابن اسرة فلسطينية الاصل والتاريخ ويرى آخرون ان ما تم جمعه من معلومات يفيد بأن عائلة عرفات تعود جذورها الى اصول يهودية مغربية حيث انتقلت هذه العائلة للعيش في فلسطين.
مسقط الرأس الغامض
تقول اكثر المصادر التي كتبت عن تاريخ عرفات انه ولد بالقاهرة في 42 اغسطس عام 1929 وان اسمه الحقيقي محمد عبدالرؤوف عرفات القدوة وانه بعد اربع سنوات من ولادته انتقل به والده الى القدس بعد وفاة والدته مع اشقائه فتحي وانعام وخديجة ليعيشوا في منزل خالٍ لهم هناك, فوالدته زهوة ابوالسعود توفيت في الثلاثين إثر مرض في الكلى ليتزوج والده بعدها بسنتين من امرأة مصرية طلقها بعد 5 سنوات لأنها لم تنجب له اطفالا وتزوج بعدها بامرأة ثالثة تدعى فاطمة محمود حمدي ورزق منها بولدٍ وبنتين هم محسن وميرفت ومديحة وهم الاخوة غير الاشقاء لعرفات.
وتقول بعض المصادر ان لعرفات شقيقين آخرين هما جمال ومصطفى وهما اكبر منه سنا مما يعني انهما من الزوجة الاولى لوالد عرفات زهوة.
اما الرواية التي اكدها ابوعمار نفسه حول ولادته هي انه ولد في القدس في 4 اغسطس عام 1929 داخل وقف اسلامي مكون من 13 منزلا حجريا وهو وقف ملاصق لحائط البراق الذي عرج منه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الى السماء ويسميه اليهود الآن (حائط المبكى) حسب ادعائهم.
ويؤكد مقربون من عرفات ممن سبقوه في السن انه ربما ولد في القدس وسجل فيها الا ان الظروف اضطرت عائلته للسفر الى القاهرة بعد ولادته مباشرة فسجل مرة ثانية هناك ليحصل على مجانية التعليم, اذ لا يفصل بين التسجيل الاول والثاني سوى اسابيع وهي الفترة التي انتقل فيها من القدس الى القاهرة.
اصول حلبية
ويقول المؤرخ الفلسطيني جرير القدوة وهو زوج شقيقة عرفات, ووالد ناصر القدوة ممثل فلسطين في الامم المتحدة ان عرفات ولد لابوين معروفين من عائلتين عريقتين من غزة والقدس وكانت بين العائلتين علاقات مصاهرة ونسب قديمة, وابوه عبدالرؤوف عرفات القدوة الحسيني المولود في غزة وجده السيد داوود نقيب الاشراف في غزة في اواخر العهد العثماني وهو منصب شرفي توارثته العائلة, اما امه فهي زهوة ابوالسعود بنت عائلة (ابوالسعود) المقدسية والمعروفة, كان كبيرها آنذاك الشيخ حسن ابوالسعود مفتي السادة الشافعية المقيمين في زاويتهم عند الركن الجنوبي للحرم الشريف (دمرها الصهاينة عند احتلال القدس عام 1967) مع حي المغاربة المجاور لينشؤوا الساحة التي يسمونها ساحة المبكى بجانب (حائط البراق).
اما والد ياسر عرفات او (محمد) فكان يقيم وسط اهله في شارع الزاوية بغزة حيث ان بيوتهم متجاورة وما زالت قائمة منها ما هو قديم ومنها ما بني فوقه كما ان قبور العائلة موجودة وقائمة في ركن من مقبرة المدينة حيث كان ابوه تاجرا بدأ عمله في غزة ثم انتقل الى القدس وهناك تزوج ثم سافر الى مصر ليستقر فيها بعد ان سبقه اليها بعض اجداده للتجارة الا انه عاد قبيل وفاته الى غزة وعاش فيها وسط عائلته وتوفي ودفن في خان يونس عام 1953.
يهودي مغربي
يقول عدد من الذين كتبوا في تاريخ ياسر عرفات ومن بينهم الصحفي اسامة فوزي رئيس تحرير مجلة عرب تايمز الصادرة في الولايات المتحدة والكاتب الفلسطيني غازي حسين وآخر يدعى عبدالله الغريب ان عائلة ابوعمار -القدوة- تعود بجذورها لاصول يهودية مغربية حسب المرجعية الاسلامية لآل الحسيني في المغرب حيث ان جدّ عرفات (عبدالرحمن القدوة) قدم من المغرب الى القدس اواخر القرن التاسع عشر وكانت الدولة العثمانية حينها تمنع الحجاج اليهود من الاقامة في القدس اكثر من ثلاثة ايام, وكان الامين القائم على المسجد الاقصى هو الشيخ عصام السعيد, وتعتبر عائلة السعيد فرعا من فروع عائلة الحسيني, وتتصاهر معها حيث اعلن عبدالرحمن القدوة جد عرفات اسلامه بعد ثلاثة ايام من وصوله الى القدس وبقي ملازما للشيخ عصام السعيد في الاقصى ثم تزوج ابنته وكانت عانسا ومعقدة, فأنجبا ولدا واحداً اسمياه عرفات الذي ينتمي اليه ابوعمار, وكان عرفات شبه منبوذ من قبل عائلتي السعيد والحسيني بسبب اصل والده وبسبب التمسك الشديد للعائلات الفلسطينية بتقاليدها وعاداتها في المصاهرة ولذلك لم يزوجوه عندما بلغ سن الزواج وكان يدير حينها شركة لبيع القبعات للمهاجرين اليهود الى القدس.
فأحرق الفلسطينيون محله وبيته فهرب الى غزة وتزوج زهوة ابوالسعود احدى بنات عائلة القدوة تعمل في صيد الاسماك واسس مرة اخرى شركة لبيع القبعات فهدده الغزاويون بالقتل واحرقوا منزله فهرب الى القاهرة واقام في حارة اليهود وافتتح حانوتا لتجارة الاجبان.
الا ان هذه الرواية تحتوي على الكثير من المغالطات لناحية نسب(ابوعمار) حيث تقول: ان عرفات هو ابوه الذي تزوج من زهوة ابوالسعود الا ان المعروف وشبه المؤكد ان والد عرفات يدعى عبدالرؤوف القدوة, والمغالطة الثانية هي اصول والدته زهوة, فهي ليست من عائلة غزاوية بل من عائلة مقدسية وهو امر مؤكد.
افتراءات
ويرد جرير القدوة على الروايات السابقة واصفا اياها بالافتراءات مؤكدا ان الصحفي اسامة فوزي الذي هرب الى امريكا بعد ان طردته جميع وسائل الاعلام العربية ادعى انه التقط اختلاقاته من كاتب فلسطيني يدعى غازي حسين ويقيم في دمشق حيث صدَّر كتابا يتم توزيعه في الولايات المتحدة عن طريق دائرة توزيع الكتب في (عرب تايمز) ويضيف القدوة ان جهل الكاتب بلغ حدّ عدم معرفته باسم ياسر عرفات الصحيح ولا اسم ابيه ولا جده ولا والدته او مكانتها او اخوته واخواته فهو يستشهد باقوال رجال مضوا ورجال كذب على لسانهم منهم مشارقة ومغاربة ومن الذين افترى عليهم المرحوم الحاج امين الحسيني مفتي فلسطين الذي كان عالما بالانساب يستحيل ان تصدر عنه هذه المزاعم التي اوردها فوزي, حيث كان بين ياسر عرفات والحاج الحسيني احترام متبادل منذ ان عاد الى مصر عامي 1947 و1948,. ومن الدلالات على هذه العلاقة لقاؤهما في مؤتمر القمة الاسلامية في لاهور (الباكستان) وهو اللقاء التاريخي الذي سلم فيه المفتي الحسيني لياسر عرفات راية الثورة والتضحية والشعب امانة في عنقه امام حشد من الناس والصحفيين.
نسبة لجبل عرفات
ويقول ابوناصر (جرير القدوة) :ان عرفات هو الجد القريب لابوعمار وهو الجد السابع عندما جاءت هذه العائلة الى غزة قادمة من حلب وقد اخذ اسمه عرفات نسبة للجبل المقدس في مكة المكرمة حيث ولدته امه هناك ايام الحج.. وقد جاءت هذه العائلة من حلب الشهباء الى الشام وما تزال اصولهم مستقرة هناك الى الآن, ولها مقام ديني محترم وزاوية قائمة, وقد برز من هذه العائلة قادة دينيون متعاقبون كما برز عسكريون شاركوا في امجاد سيف الدولة الحمداني حيث ترجع اصولهم الى سلالة الحسين بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهما.
اما (القدوة) كما يقول زوج شقيقة عرفات فهو لقب شرف ديني يطلق على الرجل الصالح ذي المكانة الدينية القيادية في اهله وبلده وعصره كما ورد في كتاب (بحر الانساب) لفضيلة الشيخ حسين محمد الرفاعي امين عام دار الكتب المصرية-الجزء الرابع حيث يقول: اول من حمل اسم (القدوة) هو الشيخ (يوسف القدوة) الذي توفي في قريته (جبرين الفستق) بجوار حلب عام 567هـ اي منذ اكثر من 850 عاما مضت.
وبالعودة الى ابوعمار يقول ابوناصر انه نشأ في زاوية اخواله (آل ابوالسعود) عند الركن الجنوبي الغربي للحرم الشريف بالقدس وبالتحديد في بيت خاله سليم.
ويتفق مع جرير القدوة في ان ابوعمار من اصول حلبية وان لا صحة لكون عائلته يهودية الاصل.
الدكتور حيدر عبدالشافي رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض في مدريد وعبدالله الحوراني المفكر الفسلطيني ورئيس اللجنة السياسية في المجلس الوطني ود.سليم المبيض المؤرخ الفلسطيني وصالح عبدالعال الامين العام للجبهة الاسلامية الفلسطينية ومدير مركز البشير للدراسات الحضارية ويرى مجموع هؤلاء ان ياسر عرفات هو من عائلة القدوة حلبية الاصل وان والده قد خدم في الجيش التركي وقد ارسل الوالي العثماني العائلة الى قطاع غزة لرعاية نقباء الاشراف فيها حيث تمتد عائلته بصلة نسب الى العائلات الحسينية في القدس.
اخوال لا اعمام
ويعتبر البعض ان مايثير الشك في اصول عرفات هو كون وجود اقرباء كثر لعائلته من اهالي خان يونس بقطاع غزة الا ان المؤكد ان لا اعمام له ولا ابناء عمومة كما ان جميع الشهادات تشير الى ثبوت صلته بعائلة اخواله آل الحسيني.
ويقول البعض ان ابوعمار ساهم شخصيا في الجدل المثار حول اصول عائلته وجذورها وفتح الطريق امام الخصوم السياسيين ليشككوا بانتمائه الفلسطيني بل وحتى الديني من ناحية العقيدة الى حد القول بأنه من اصول يهودية حيث حاول ياسر عرفات ان يضيف هالة من السرية حول نفسه احيانا وهالة من الوجاهة والعراقة على اصوله احيانا اخرى ليأخذ شرعية القيادة من خلال شرف النسب وقد بدأ بالتكتم والسرية عندما غير اسمه من محمد الى ياسر كمقدمة للجدل وهو الجدل الذي سيمتد لاحقا ليطال دوره السياسي والنضالي وحقيقة انتمائه للثورة.

جريدة عكاظ