المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رأي في اصل تسمية مكة



salah
22 Dec 2004, 06:54 PM
السلام عليكم جميعا اخواني واخواتي في رفحاء ومنتداها
احاول ليوم ان ابحث اصل مفردة مكة
وهو رأي شخصي قادتني الى مطالعاتي في المادة ومقابلاتها
فقد يحتمل الصواب وربما يحتمل الخطأ

لن احاول تدوين ما تمنحنا اياه المعجمية العربية في شأن مكة
فلقد جربت ، وانتهيت الى انني احتاج الى مؤلف صغير اذا تناولت الأمر من خلالها وبمختلف ظواهره

لذا سأحيل الى مصدر واحد حاول الأحاطة بآراء علماء اللغة حول مكة وهو كتاب معجم البلدان للحموي في المادة ذاتها
وانهى مطالعته برأي له ، لا يخلو من طرافة واقتراب من المناخ الذي تحيل اليه المفردة ، فلقد قال الحموي (وقال عبيد الله الفقير اليه وجدنا انها سمّيت مكة من مكّ الثدي اي مصّه ، لقلة مائها ، كانوا يمتكون الماء : اي يستخرجونه )

وهناك من علماء اللغة من ذهب الى ان الأمر لا يعدو الأبدال بين حرفي الميم والباء ، وهو ابدال معروف ليس في اللغة العربية وحدها ، بل وفي الساميات ايضا فهما حرفان شفهيان مجهوران متقاربان في المخرج والصفة ، لذا كثر تبادلهما .
واسوق امثلة سريعة من العربية لبيان الأبدال بين حرفي الميم والباء : كثب وكثم ( جمع ) ، كبح و كمح ، بتر ومتر ، بحت ومحت ( خالص ) يشب ويشم ، غيهب وغيهم ، كعسب و كعسم ( هرب ) ، اسهم واسهب في الكلام ، زردب و زردم ( خنق ) ، الرباء والرماء ( الزيادة ) ، اربد وارمد وجمهرة واسعة من المفردات .

اما الأبدال بين الحرفين في بعض اللغات السامية ( الجزيرية ) الأخرى ، فيمكن ملاحظته في : في العبرية ترد مفردة ( رب ) بباء مثلثة ( P ) لتطلق على العظيم والسامي ، وعندما نبدل باءها المثلثة ميما سنحصل على ( رام ) بذات المعنى وهما من اسماء الله الحسنى بالعبرية ، مع الأشارة الى ان رب من المشترك السامي ( أي الذي تشترك فيه اكثر من لغة جزيرية قديمة ) .
وبين العربية والعبرية ترد مفردة ( بحن ) للأختبار والأمتحان وفي العربية جذر ( محن ) يمنحنا الدلالة ذاتها .
وذات الفعلين يردان بلفظهما في السريانية ايضا ، أي ان بحن السريانية تقابلها محن العربية .
وايضا مفردة ( زبنا ) السريانية ، بباء مثلثة P وتعني الزمن والوقت والحين ، تقابلها زمن العربية .

يرى بعض علماء الساميات ان اصل مفردة مكة يعود الى اللغة الحبشية في صورة مفردة ( مكورابا ) بمعنى معبد او هيكل ، ومن الضروري ان نعرف ان اسم الحبشة ذاته يعود الى قبيلة ( حبشت) السامية المهاجرة ، ورغم ان في الحبشة اجناسا من الساميين والكوشيين والأفارقة ، وان عدد لغاتها من هذه الأصول يبلغ قرابة الأربعين لغة ، الأ ان اللغات السامية التي حملتها العشائر العربية الجنوبية ، أماتت العديد من اللغات الأصلية المعزولة ، ومن هنا سيكون من اليسير علينا معرفة ان اوسع لغتين متداولتين في الحبشة وهما الأمهرية والجعزية من اصل سامي جزيريّ ، وهذا سيقودني الى الحديث عن سامية مفرة مكورابا .

واجد ان بحثنا عن اصل مفردة مكة او بكة يجب ان يتجه الى المعجمية السامية ومايمكن ان تمنحنا اياه من مفاتيح .
يرى الباحث عبد الحق فاضل ان الها بابليا اسمه ( بكه) والكاف هنا تشبه صوت الجيم الأكدي او الجيم المصرية ، هو الأصل الذي خرجت عنه المفردة .
ولقد ذهب مذهبا عسيرا في اشتقاق نظائر له او حتى في تأصيله .

واقول ان هذا الأمر يقترب كثيرا من الحقيقة ، رغم ان الأستاذ عبد الحق فاضل غفل وبشكل كامل عن الأبدال في الساميات ، الذي يجعلنا نقف قريبين جدا من فهم اصل الجذر ونبتعد عن الوعورة التي تقود اليها محاولة التأصيل .
فهذا الأله البابلي كان معروفا منذ مايزيد على الألفي عام قبل الميلاد ، ومازالت آثاره يمكن تلمسها في مفردة بغداد ، التي لم يعد بالأمكان تأصيلها واشتقاقها من المعجمية الفارسية بسبب ان حجرة للحدود اكتشفت في موقع بغداد الحالية كان يحمل اسمها وتعود الحجرة الى ايام الملك البابلي حمورابي ، الملك السادس من ملوك سلالة بابل الأولى ، ولقد دام حكمه من 1792 ــ 1750 ق. م ، وهو صاحب الشريعة المعروفة . وكانت الحجرة تشير الى ان هذا الموقع تحفظ في اسلحة واعتدة الجيوش البابلية .

الأشكال الكبير الذي وقع في الدكتور عبد الحق فاضل رحمه الله انه لم يتمكن من تعريف الأله البابلي ولا كيف انتقل من البابلية الى جنوبي الهلال الخصيب ولو بكلمة واحدة ليتمكن من تعزيز طرحه وكيف دخل الى هذا النسيج اللغوي وماهي صوره الأخرى .
وهذه كانت اسبابا لعدم الأخذ برأيه
وهنا اريد التأكيد على ان الأله ( بكه ) تواتر تداوله حتى الدولة البابلية في عصرها المتأخر ( الكلدانية ) في صورة بل التي قلب الفرس لامه غينا كما هو معروف في ان اللسان الفارسي يقلب اللام السريانية غينا ، حتى عدّ عالم الساميات لسترانج ان الأصل في بغداد هو بلداد وداد مفردة كلدانية مازالت متداولة في العامية العراقية وتعني حبيبي ، ويكون جماع المفردة ( بل حبيبي ) .
لا اريد الأستطراد في هذه المفردة وخصوصا شطرها الثاني (داد) الذي يحتاج بيان اصله الى بحث مستقل . واعود الى التذكير اننا سنجدها ايضا في ( بعلبك ) وبعل مفردة من المشترك السامي وتعني السيد والرفيع واما شطر المفردة الثاني فهو ( بك ) الأله البابلي الذي شاع في الهلال الخصيب وقبائله ودويلاته القديمة .

وهنا اريد التأكيد على ان المفردة هاجرت بأتجاه معجميات اخرى كالمعجمية الفارسية في صورة ( باك ) بباء مثلثة p وتعني الطاهر والصافي وهي صفة تُطلق على الصحابي الجليل سلمان الفارسي . وهذا الأمر شائع بين اللغات اذ تهاجر المفردات من لسان الى آخر وتخضع لقوانينه اللغوية والأشتقاقية المختلفة .

ومن هنا اجد ان مكورابي المفردة الحبشية التي يُعتقد انها اصل كلمة مكة ، هي ذات اصل سامي يعود الى الأله البابلي ( بكه ) بأبدال الباء ميما كما رأينا ومن ( رب ) المفردة المشتركة بين اللغات الجزيرية القديمة والتي تعني العالي والرفيع والعظيم .
وكما نعرف فأن الملك البابلي نيوبيد امتدّ نفوذه الى تيماء وما يحيطها ولقد مكث بنفسه هناك عقدا كاملا لمحاربة الفراعنة ، وقد يكون الأسم قد شاع وانتشر في هذا المحيط السامي حتى صار متلازما مع المدن المقدسة كما في بغداد وبعلبك بأضافته الى مفردات وآلهة اخرى .
اما في مكة فلقد دخلها دون ان يطرأ عليه شيء سوى الأبدال وماتخضع له المفردات عند دخولها الى بيئة جديدة .

المرجوجه
23 Dec 2004, 12:55 PM
وعيلكم السلام..

معلومات وفيره اخوي صلاح .. ومجهود كبير بالبحث..
عمري ما فكرت ليه سموها مكه.. والحين .. فعلا استفدت من المعلومات ..

يعطيك العافية..

salah
26 Dec 2004, 02:34 AM
المرجوووووووووجة اختي العزيزة
حمدا لله على سلامتك ورجوعك الى اخواتك واخوتك
افتقدنا كثيرا الى عذوبة مشاركاتك

اسعدني ان المادة لاقت قبولك واستحسانك

اشكر لك حضورك على المادة ايضا وايضا

ليث
26 Dec 2004, 02:40 AM
دااااااائما مبدع

salah
26 Dec 2004, 02:43 AM
اخواتي واخواني ، السلام عليكم ورحم الله

مكة ام بكة

سألني احد الأساتذة الباحثين في التراث الحجازي , حول المادة
واثبت سؤاله واجابتي عليها للأستزادة ,
مشيرا الى ان نظام الكتابة بالخط المسماري غير متوفر في اجهزة الحاسوب
لذا اكتفيت بالأشارة الى مايناظر الحرف في عربيتنا المعاصرة .

السؤال :
هل هُناك تبادل بين " الميم " و " الباء " ... في اللغات الساميّة القديمة ؟؟ .. وهل ابدلت ( السريانيّة ) او الأكّديّة القديمة ( البابلية والآشوريّة ) حرف الميم الى باء ..؟
ام قصدت فقط ( الجزيريّة ) بكتلتيها الشمالية والجنوبية ؟؟

واذا كان الأول صحيحاً .. كيف يُشار الى اللفظة " بكة " في نظام ( الخط المسماري ) .. ؟ اقصد بأي علامات ( سومريّة ) نكتبها ..؟ ..

القصد يا اخي الكريم .. هل نستطيع تأصيلها ..؟ ..

حبي واحترامي

وكانت الأجابة :

نعم هناك تبادلا واسعا بين حرفي الميم والباء ولقد اوردت في متن مطالعتي بعضا من هذا التبادل ، ولكن كان عليّ ان اكون اكثر وضوحا في تحديد مصطلح ( الجزيرية ) اذ انها ربما تحيل الى العربية بشقيها الجنوبي والشمالي . بينما المقصود من اللغات الجزيرية هو ما اعنيه تماما باللغات السامية ، لأنها جميعا نشأت في الرحم المبارك للجزيرة ، والمصطلح من وضع عالم الساميات الكبير طه باقر يرحمه الله ، وانا حاولت ان اتننقّل بينه وبين مصطلح الساميات ليكون ما اعنيه اكثر وضوحا .
وربما بزوال هذا اللبس الذي تسببتُ به سيزول جانبا واسعا من من الأستفهام بشأنه .

اما ما اعنيه بالسريانية ، فهي ذاتها اللغة الآرامية التي نشأت في المحيط السامي وتخصيصا في جنوب الهلال الخصيب وانتشرت بأتجاه شماله وشماله الشرقي واصبحت لغة غالبة في الشرق القديم حتى صارت لغة الدواوين في غير الشعوب السامية كما في ايران وامتدت حتى جزيرة الفيلة جنوب مصر وصار اسمها ( الآرامية الدولية ) اما الشعوب الآرامية فلقد استوطنت العراق وانشأت فيه مجموعة دويلات قامت الدولة الآشورية بالقضاء على معظمها .
وهناك امر آخر بشأن الآرامية ، وهو يرتبط بالدويلات العربية التي تأسست جنوبي الهلال الخصيب وغرب الفرات ، فهي كانت تستعمل اللغة الآرامية في دواينها وتشترك الفاظها مع العربية على السنة الناس كما في دويلات الأنباط والحضر وتدمر .
وعند ظهور المسيحية انقسم الآراميون الى قسمين ، فمن دخل الدين الجديد صار اسمه سريانيا نسبة الى سوريا حيث كان ملكهم ابجر الأسود الذي دخل المسيحية وتبعه الكثيرون من قومه ،ومن بقي على وثنيته فمكث على التسمية القديمة اي ( آرامي ) حتى صارت هذه المفردة تدل على الوثنية بأطلاق .
ومع انتشار الديانة المسيحية وتنصّر شعوب الشرق الأوسط القديم ، ذابت مفردة الآراميين وحلّت محلها مفردة السريان ، وهي المفردة التي نجدها تتكرر عند علماء اللغة العرب منذ زمن مبكر كما في كتاب العين ومحيط ابن عباد ومخصص ابن سيدة ولسان ابن منظور وسواها .
بل وان مفردات ( سرياني ، نبطي ، حيري ، سوادي ، عبادي ) التي تزخر بها معاجمنا الموروثة ، يُراد بها الألفاظ الآرامية الشائعة بين سكان البلاد .
والآن تماهت اللغات السامية القديمة ( الآشورية والآرامية والكلدانية ) في نسيج لهجي واحد يُدعى ( السورت ) كما هو شائع في شمال العراق وسوريا .

اما الأبدال بين الحرفين في بعض اللغات السامية ( الجزيرية ) الأخرى ، فيمكن ملاحظته في : في العبرية ترد مفردة ( رب ) بباء مثلثة ( P ) لتطلق على العظيم والسامي ، وعندما نبدل باءها المثلثة ميما سنحصل على ( رام ) بذات المعنى وهما من اسماء الله الحسنى بالعبرية ، مع الأشارة الى ان رب من المشترك السامي ( أي الذي تشترك فيه اكثر من لغة جزيرية قديمة ) .
وبين العربية والعبرية ترد مفردة ( بحن ) للأختبار والأمتحان وفي العربية جذر ( محن ) يمنحنا الدلالة ذاتها .
وذات الفعلين يردان بلفظهما في السريانية ايضا ، أي ان بحن السريانية تقابلها محن العربية .

اما نظام كتابتها في اصل المفردة ( بكه ) هو الباء المعجمة التحتية وصوت الجيم الأكدي الذي يساوي صوت الجيم المصري الذي اُبدل كافا كما في بعلبك لقرب المخرج ، وهاء السكت الذي يأخذ قيمة الف الأطلاق في الآرامية ( السريانية ) .

وسريعا سأذكر كيف فكّر علماء العربية بصوتي الباء والميم مردفين اياهما بصوت الواو .
فعند سيبويه ( ومما بين الشفتين مخرج الباء والميم والواو )
وابن جني ( ومما بين الشفتين مخرج الباء والميم والواو ) اي انه نقل الكلام عن سيبويه بحرفه .
وابن سيده في المفصّل ( ومما بين الشفتين مخرج الميم والباء الاّ ان الميم ترجع الى الخياشيم بما فيها من الغنة فلذلك تسمعها كالنون .
وابن الجزري (.. والباء والميم مما بين الشفتين ، فينطبقان على الباء والميم وهذه الأحرف الأربعة يقال لها الشفهية والشفوية نسبة الى الموضع الذي تخرج منه وهو الشفتان .

وهنا يتبيّن لنا اسباب تبادلهما الواسع في جميع اللغات السامية

محبتي الصافية لحضورك استاذي العزيز

salah
26 Dec 2004, 02:47 AM
اخي العزيز ليث
اشكر لك مرورك الكريم والنبيل على المادة
دمت ابدا لمحبة اخيك الصافية

رفحاوي
26 Dec 2004, 05:45 AM
دااااااااااااااااائما محير

رمال
27 Dec 2004, 10:26 PM
مشكور على هالمعلومه