almgtahd
09 Mar 2005, 07:54 PM
حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة
الحق الرابع : حق الأولاد
الأولاد تشمل البنين والبنات وحقوق الأولاد كثيرة من أهمها التربية وهي : تنمية الدين والأخلاق في نفوسهم حتى يكونوا على جانب كبير من ذلك ، قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ َ) (التحريم:6) الآية . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته ) (4) . فالأولاد أمانة في عنق الوالدين وهما مسؤولان عنهم يوم القيامة ، وبتربيتهم التربية الدينية والأخلاقية يخرج الوالدان من تبعة هذه الرعية ، ويصلح الأولاد فيكونوا قرة عين الأبوين في الدنيا والآخرة يقول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) (الطور:21) ألتناهم : أي نقصناهم .: ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعوا له ) (5) . فهذا من ثمرة تأديب الولد إذا تربى تربية صالحة أن يكون نافعا لوالديه حتى بعد الممات .
ولقد استهان كثير من الوالدين بهذا الحق فأضاعوا أولادهم ونسوهم ، كأن لا مسئولية لهم عليهم لا يسألون أين ذهبوا ؟ ولا متى جاءوا ؟ ولا من أصدقائهم وأصحابهم ؟ ولا يوجهونهم إلى الخير ولا ينهونهم عن شر . ومن العجب أن هؤلاء حريصون كل الحرص على أموالهم بحفظها وتنميتها والسهر على ما يصلحها مع أنهم ينمون هذا المال ويصلحون لغيرهم غالبا أما الأولاد فليسوا منهم في شيء مع أن المحافظة عليه أولى وأنفع في الدنيا والآخرة . وكما أن الوالد يجب عليه تغذية جسم الولد بالطعام والشراب وكسوة بدنه باللباس كذلك يجب عليه أن يغذي قلبه بالعلم والإيمان ويكسو روحه بلباس التقوى فذلك خير .
ومن حقوق الأولاد أن ينفق عليهم بالمعروف من غير إسراف ولا تقصير ؛ لأن ذلك من واجب أولاده عليه ومن شكر نعمة الله عليه بما أعطاه ممن المال ، وكيف يمنعهم المال في حياته ويبخل عليهم به ليجمعه لهم فيأخذونه قهرا بعد مماته ؟ حتى لو بخل عليهم بما يجب فلهم أن يأخذوا من ماله ما يكفيهم بالمعروف كما أفتى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم هند بنت عتبة .
ومن حقوق الأولاد أن لا يفضل أحدا منهم على أحد في العطايا والهبات فلا يعطي بعض أولاده شيئا ويحرم الآخر ، فإن ذلك من الجور والظلم والله لا يحب الظالمين ، ولأن ذلك يؤدي إلى تنفير المحرومين وحدوث العداوة بينهم وبين الموهوبين ، بل ربما تكون العداوة بين المحرومين وبين آبائهم . وبعض الناس يمتاز أحد من أبنائه على الآخرين بالبر والعطف على والديه ، فيخصه والده بالهبة والعطية من أجل ما امتاز به من البر ولكن هذا غير مبرر للتخصيص فالمتميز بالبر لا يجوز أن يعطى عوضا عن بره ، لأن أجر بره على الله ، ولأن تمييز البار بالعطية يوجب أن يعجب ببره ويرى له فضلا وأن ينفر الآخر ويستمر في عقوقه ، ثم إننا لا ندري فقد تتغير الأحوال فينقلب البار عاقا والعاق بارا ً ، لأن القلوب بيد الله يقلّبها كيف يشاء .
وفي الصحيحين صحيح البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير أن أباه بشير بن سعد وهبه غلاما فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أكل ولدك نحلته مثل هذا ؟ قال : لا . قال فأرجعه)(6) .وفي رواية : ( اتقوا واعدلوا بين أولادكم ) (7) . وفي لفظ : (أشهد على هذا غيري ، فإني لا أشهد على جور) (8) . فسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم تفضيل بعض الأولاد على بعض جورا والجور ظلم وحرام .
لكن لو أعطي بعضهم شيئا يحتاجه والثاني لا يحتاجه مثل أن يحتاج أحد الأولاد إلى أدوات مكتبية أو علاج أو زواج فلا بأس أن يخصه بما يحتاج إليه لأن هذا التخصيص من اجل الحاجة فيكون كالنفقة .
ومتى قام الوالد بما يجب عليه للولد من التربية والنفقة فإنه حري أن يوفق الولد للقيام ببر والده ومراعاة الحقوق ، ومتى فرق الوالد بما يجب عليه من ذلك كان جديرا بالعقوبة بأن ينكر الولد حقه ويبتلى بعقوقه جزاء وفاقا وكما تدين تدان .
--------------------------------------------------------------------------------
(4) أخرجه البخاري كتاب الجمعة باب الجمعة في القرى والمدن (893) ومسلم كتاب الإمارة باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر (1827) .
(5) أخرجه مسلم كتاب الوصية باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته (1631) .
(6) أخرجه البخاري كتاب الهبة باب الهبة للولد (2587) ومسلم كتاب الهبات باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة (1623/9).
(7) أخرجه البخاري كتاب الهبة باب الإشهاد في الهبة (2587) ومسلم في الموضع السابق (1623/13).
(8) أخرجه البخاري كتاب الشهادات باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد (2650) ومسلم في الموضع السابق (1623/14).
للشيخ
http://www.binothaimeen.com/allimages/top-1.gif
الحق الرابع : حق الأولاد
الأولاد تشمل البنين والبنات وحقوق الأولاد كثيرة من أهمها التربية وهي : تنمية الدين والأخلاق في نفوسهم حتى يكونوا على جانب كبير من ذلك ، قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ َ) (التحريم:6) الآية . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته ) (4) . فالأولاد أمانة في عنق الوالدين وهما مسؤولان عنهم يوم القيامة ، وبتربيتهم التربية الدينية والأخلاقية يخرج الوالدان من تبعة هذه الرعية ، ويصلح الأولاد فيكونوا قرة عين الأبوين في الدنيا والآخرة يقول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) (الطور:21) ألتناهم : أي نقصناهم .: ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعوا له ) (5) . فهذا من ثمرة تأديب الولد إذا تربى تربية صالحة أن يكون نافعا لوالديه حتى بعد الممات .
ولقد استهان كثير من الوالدين بهذا الحق فأضاعوا أولادهم ونسوهم ، كأن لا مسئولية لهم عليهم لا يسألون أين ذهبوا ؟ ولا متى جاءوا ؟ ولا من أصدقائهم وأصحابهم ؟ ولا يوجهونهم إلى الخير ولا ينهونهم عن شر . ومن العجب أن هؤلاء حريصون كل الحرص على أموالهم بحفظها وتنميتها والسهر على ما يصلحها مع أنهم ينمون هذا المال ويصلحون لغيرهم غالبا أما الأولاد فليسوا منهم في شيء مع أن المحافظة عليه أولى وأنفع في الدنيا والآخرة . وكما أن الوالد يجب عليه تغذية جسم الولد بالطعام والشراب وكسوة بدنه باللباس كذلك يجب عليه أن يغذي قلبه بالعلم والإيمان ويكسو روحه بلباس التقوى فذلك خير .
ومن حقوق الأولاد أن ينفق عليهم بالمعروف من غير إسراف ولا تقصير ؛ لأن ذلك من واجب أولاده عليه ومن شكر نعمة الله عليه بما أعطاه ممن المال ، وكيف يمنعهم المال في حياته ويبخل عليهم به ليجمعه لهم فيأخذونه قهرا بعد مماته ؟ حتى لو بخل عليهم بما يجب فلهم أن يأخذوا من ماله ما يكفيهم بالمعروف كما أفتى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم هند بنت عتبة .
ومن حقوق الأولاد أن لا يفضل أحدا منهم على أحد في العطايا والهبات فلا يعطي بعض أولاده شيئا ويحرم الآخر ، فإن ذلك من الجور والظلم والله لا يحب الظالمين ، ولأن ذلك يؤدي إلى تنفير المحرومين وحدوث العداوة بينهم وبين الموهوبين ، بل ربما تكون العداوة بين المحرومين وبين آبائهم . وبعض الناس يمتاز أحد من أبنائه على الآخرين بالبر والعطف على والديه ، فيخصه والده بالهبة والعطية من أجل ما امتاز به من البر ولكن هذا غير مبرر للتخصيص فالمتميز بالبر لا يجوز أن يعطى عوضا عن بره ، لأن أجر بره على الله ، ولأن تمييز البار بالعطية يوجب أن يعجب ببره ويرى له فضلا وأن ينفر الآخر ويستمر في عقوقه ، ثم إننا لا ندري فقد تتغير الأحوال فينقلب البار عاقا والعاق بارا ً ، لأن القلوب بيد الله يقلّبها كيف يشاء .
وفي الصحيحين صحيح البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير أن أباه بشير بن سعد وهبه غلاما فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أكل ولدك نحلته مثل هذا ؟ قال : لا . قال فأرجعه)(6) .وفي رواية : ( اتقوا واعدلوا بين أولادكم ) (7) . وفي لفظ : (أشهد على هذا غيري ، فإني لا أشهد على جور) (8) . فسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم تفضيل بعض الأولاد على بعض جورا والجور ظلم وحرام .
لكن لو أعطي بعضهم شيئا يحتاجه والثاني لا يحتاجه مثل أن يحتاج أحد الأولاد إلى أدوات مكتبية أو علاج أو زواج فلا بأس أن يخصه بما يحتاج إليه لأن هذا التخصيص من اجل الحاجة فيكون كالنفقة .
ومتى قام الوالد بما يجب عليه للولد من التربية والنفقة فإنه حري أن يوفق الولد للقيام ببر والده ومراعاة الحقوق ، ومتى فرق الوالد بما يجب عليه من ذلك كان جديرا بالعقوبة بأن ينكر الولد حقه ويبتلى بعقوقه جزاء وفاقا وكما تدين تدان .
--------------------------------------------------------------------------------
(4) أخرجه البخاري كتاب الجمعة باب الجمعة في القرى والمدن (893) ومسلم كتاب الإمارة باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر (1827) .
(5) أخرجه مسلم كتاب الوصية باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته (1631) .
(6) أخرجه البخاري كتاب الهبة باب الهبة للولد (2587) ومسلم كتاب الهبات باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة (1623/9).
(7) أخرجه البخاري كتاب الهبة باب الإشهاد في الهبة (2587) ومسلم في الموضع السابق (1623/13).
(8) أخرجه البخاري كتاب الشهادات باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد (2650) ومسلم في الموضع السابق (1623/14).
للشيخ
http://www.binothaimeen.com/allimages/top-1.gif