المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ويسعون في الأرض فساداً



الجزائري
27 May 2005, 10:56 PM
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وبعد:
فقد أصيب المسلمون في هذا العصر بمحن عظيمة، وأحاطت به الفتن من كل جانب ووقع كثيرٌ من المسلمين فيها، وظهرت المنكرات، واستعلن الناس بالمعاصي بلا خوف ولا حياء وسبب ذلك كله:التهاون بدين الله وعدم تعظيم حدوده وشريعته وغفلة كثير من المصلحِين عن القيام بشرع الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنّه لا خلاص للمسلمين ولا نجاة لهم من هذه المصائب والفتن إلا بالتوبة الصادقة إلى الله تعالى وتعظيم أوامره ونواهيه، والأخذ على أيد السفهاء وأطرِهم على الحق أطراً.
وإنّ من أعظم الفتن التي ظهرت في عصرنا هذا ما يقوم به تجّار الفساد وسماسرة الرذيلة ومحبّو إشاعة الفاحشة في المؤمنين: من إصدار مجلات خبيثة تحادّ الله ورسوله في أمره ونهيه فتحمل بين صفحاتها أنواعاً من الصور العارية والوجوه الفاتنة المثيرة للشهوات، الجالبة للفساد، وقد ثبت بالاستقراء أنّ هذه المجلات مشتملة على أساليب عديدة في الدعاية إلى الفسوق والفجور وإثارة الشهوات وتفريغها فيما حرّمه الله ورسوله ومن ذلك أنّ فيها:
 الصور الفاتنة على أغلفة تلك المجلات وفي باطنها.
 النساء في كامل زينتهن يحملن الفتنة ويغرين بها.
 الأقوال الساقطة الماجنة، والكلمات المنظومة والمنثورة البعيدة عن الحياء والفضيلة، الهادمة للأخلاق المفسدة للأمة.
 القصص الغرامية المخزية، وأخبار الممثلين والممثلات والراقصين والراقصات من الفاسقين والفاسقات.
 في هذه المجلات الدعوة الصريحة إلى التبرج والسفور واختلاط الجنسين وتمزيق الحجاب.
 في هذه المجلات عرض الألبسة الفاتنة الكاسية العارية على نساء المؤمنين لإغرائهن بالعري والخلاعة والتشبه بالبغايا والفاجرات.
 في هذه المجلات العناق والضمّ والقبلات بين الرجال والنساء.
 في هذه المجلات المقالات الملتهبة التي تثير موات الغريزة الجنسية في نفوس الشباب والشابات فتدفعهم بقوة ليسلكوا طريق الغواية والانحراف والوقوع في الفواحش والآثام والعشق والغرام.
فكم شُغِفَ بهذه المجلات السامة من شباب وشابات فهلكوا بسببها وخرجوا عن حدود الفطرة والدين. ولقد غيّرت هذه المجلات في أذهان كثيرٍ من الناس كثيراً من أحكام الشريعة ومبادئ الفطرة السليمة بسبب ما تبثه من مقالات ومطارحات. واستمرأ كثيرٌ من الناس المعاصي والفواحش وتعدي حدود الله بسبب الركون إلى هذه المجلات واستيلائها على عقولهم وأفكارهم.
والحاصل: أن هذه المجلات قوامها التجارة بجسد المرأة التي أسعفها الشيطان بجميع أسباب الإغراء ووسائل الفتنة للوصول إلى: نشر الإباحية، وهتك الحرمات، وإفساد نساء المسلمين، وتحويل المجتمعات الإسلامية إلى قطعان بهيمة لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً، ولا تُقيم لشرع الله المطهّر وزناً ولا ترفع به رأساً كما هو الحال في كثير من المجتمعات بل وصل الأمر ببعضها إلى التمتّع بالجنسين عن طريق العريّ الكامل فيما يسمونه (مدن العراة) عياذاً بالله من انتكاس الفطرة والوقوع فيما حرّمه الله ورسوله.
هذا وإنّه بناءً على ما تقدم ذكره من واقع هذه المجلات ومعرفة آثارها وأهدافها السيئة وكثرة ما يرد إلى اللجنة من تذّمر الغيورين من العلماء وطلبة العلم وعامّة المسلمين من انتشار عرض هذه المجلات في المكتبات والبقالات والأسواق التجارية فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ترى ما يلي:
أولاً: يَحرُم إصدار مثل هذه المجلات الهابطة سواء كانت مجلات عامّة، أو خاصّة بالأزياء النسائية، ومن فعل ذلك فله نصيب من قوله تعالى:{إنّ الذين يُحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهُم عذابٌ أليمٌ في الدنيا والآخرة}.الآية.
ثانياً: يَحرُم العمل في هذه المجلات على أيّ وجه كان سواءً كان العمل في إدارتها أو تحريرها أو طباعتها أو توزيعها؛ لأن ذلك من الإعانة على الإثم والباطل والفساد والله جلّ وعلا يقول:{ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب}.
ثالثاً: تحريم الدعاية لهذه المجلات وترويجها بأيّة وسيلة؛ لأن ذلك من الدلالة على الشر والدعوة إليه وقد ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال:(من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً). أخرجه مسلم في صحيحه.
رابعاً: يَحرُم بيع هذه المجلات، والكسب الحاصل من ورائها كسب حرام، ومن وقع في شيءٍ من ذلك وجب عليه التوبة إلى الله تعالى والتخلّص من هذا الكسب الخبيث.
خامساً: يَحرُم على المسلم شراء هذه المجلات واقتناؤها لما فيها من الفتنة والمنكرات، كما أنّ في شرائها تقوية لنفوذ أصحاب هذه المجلات ورفعاً لرصيدهم المالي وتشجيعاً لهم على الإنتاج والترويج. وعلى المسلم أيضاً أن يحذر من تمكين أهل بيته ذكوراً وإناثاً من هذه المجلات حفظاً لهم من الفتنة والافتتان بها، وليعلم المسلم أنه راع ومسؤول عن رعيته يوم القيامة.
سادساً: على المسلم أن يغضّ بصره عن النظر في تلك المجلات الفاسدة طاعة لله ورسوله وبعداً عن الفتنة ومواقعها وعلى الإنسان ألا يدّعي العصمة لنفسه فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. وقال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى -:(وكم من نظرة ألقت في قلب صاحبها البلاء).
فمن تعلّق بما في تلك المجلات من صور وغيرها أفسدت عليه قلبه وحياته وصرفته إلى ما لا ينفعه في دنياه وآخرته؛ لأن صلاح القلب وحياته إنما هو في التعلق بالله جلّ جلاله وعبادته وحلاوة مناجاته والإخلاص له وامتلاؤه بحبه سبحانه.
سابعاً: يجب على من ولاّه الله عل أي من بلاد الإسلام أن ينصح للمسلمين وأن يجنبهم الفساد وأهله ويباعدهم عن كل ما يضرهم في دينهم ودنياهم ومن ذلك منع هذه المجلات المفسدة من النشر والتوزيع وكفّ شرها عنهم وهذا من نصر الله ودينه ومن أسباب الفلاح والنجاح والتمكين في الأرض كما قال الله سبحانه:{ولينصُرنّ الله من ينصره إنّ الله لقويٌ عزيز*الذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وللهِ عاقبة الأمور}.
والحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء