ناصح
12 Jun 2005, 12:16 PM
وإني لتعروني لذكراك هزة **** كما انتقض العصفور بلّله القطر
اللهم إنا نحمدك ونستعينك ونستغفرك ونتوب إليك ، اللهم لاتجمع علينا عسرين يا أرحم الراحمين .
في تمام الساعة الثالثة عصراً جاءني اتصال يخبرني بأن الشيخ / سفر بن عبدالرحمن الحوالي قد دخل المستشفى فجأة وفي تمام الساعة السابعة مع أذان المغرب كان عدد الاتصالات قد وصل إلى ستين اتصالاً غير عشرات الرسائل التي وصلت عبر الهاتف .
يا الله لطفك ورحمتك ، ادخل الشيخ المستشفى في غيبوبة ونزيف في المخ إلى العناية المركزة وأجريت له عملية خطيرة .
الأنترنت الخبر الأول في ساحات النقاش والحوار المواقع الإسلامية عدد من القنوات، شيء مهيب يحصل في الأمة ، لقد مرض البطل حقاً مرض البطل .
فماذا يعني ذلك ..
العلمانية حاربها فكسر أنيابها ، والصوفية بارزها ، وفضح عوارها ، والمرجئة هتك ستارها ، والأشاعرة نازلها وزلزل دارها ، والنصارى أذاقهم مُرَّ الردود ، واليهود ذكرهم بالموعود يا إلهي أكلُّ هؤلاء نازلهم سفر بن عبدالرحمن فأبغضوه وعادوه .
وغيرهم من المتزلفين والمارقين والخوارج الغالين . فماذا أبقى له من صديق ؟ لقد سلك طريقاً لايقدر عليه إلا العظماء ، ويسقط فيه الضعفاء والدهماء سلَّ الحسام وجعل الكتاب والسنة هما الإمام ، نادى مراراً للعودة إلى منهج السلف النقي التقي ولم يبال بمن ذهب من عنده أو بقي تساقطت جماجم بدع وضلالات حوله ، عاد المئات ، أسلم العشرات وهو .. هو .. ذلك الرجل النحيل المتواضع الذي لايتكلف في كلامه ولايتصنع لطلابه وزواره ، قريب من أحبائه ، يدعو بالصلاح لاعدائه أنيس مجلس ، نظيف قلب ولسان ، غيور على السنن ومحارب البدع .
وليس أدل على ذلك من الكم الهائل من المكالمات والدعوات لهذا البطل المقدام .
لقد طاف البلاد وماخاف من الإرجاف ، تعود على الوقوف في الصف لمقابلة الأفكار الضالة المنحرفة بدون أن يحني رأسه أو يسمح لخصمه أن يجد مدخلاً عليه .
عرفته عن قرب وقد قارع العلمانية والحداثة فكان أعجوبة في ذلك حتى قبل أنه مولع بكتب الكفار والمفكرين فلما قارع ودكدك حصون الأشاعرة قالوا هو متخصص في كتب علم الكلام والمنطق فلعله نزعه عرق من ابن تيمية .
ولما واجه الصوفية كان حديث الناس إذ كيف يجرؤ على مواجهة التصوف في الحجاز .
ولما أن أعلن عن عزمه على الرد على النصارى ونقض كتبهم وخرافاتهم قامت عليه الحرب الضروس من أرباب النصارى وأذنابهم .
وما أن دخلت أمريكا وحلفائها إلى الخليج حتى كان رده عليهم ونصيحته للأمة أسرع من رصاصهم فقال الناس إنه رجل فتن بالمجلات والصحف والسياسة حتى اليهود قبل سجنه وبعده أذاقهم مرارة التحدي وكان ينادي ( قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ) .
وأما حين بعث الكفار رسالة يبررون احتلال قوات بلادهم للعراق وأفغانستان أبى إلا أن تكون رسالته لهم وثيقة للتاريخ فجعلها بحق رسالة من مكة .
ولما غلا الغلاة ومرق المارقون وتذرع بفعلهم المنافقون أوقف كلاً منهم عند حده ولم يرض أن تبغي طائفة على طائفة عاملاً بقوله تعالى ( ولايجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا ) فعدل وأنصف مع الجميع فكان له من الرفعة ماكان وإني أشهد شهادة لله لقد كان درسه في جدة في شرح العقيدة الطحاوية أشبه بروضة غناء وحديقة وارفة الأرجاء طيبة الأنداء ترى أصحاب الهمم والأقلام حوله ينهلون من معينه الرقراق وهو يتدفق كالعافية تسري في بدن المريض فيجد لها لذة ونشوة وطرباً .
كم علَّمنا من مسألة وأخرجنا من معضلة ، فتارة نحن معه في مسائل الإيمان والكفر وضوابطهما عند السلف وقد أخذ منا ستة أشهر في هذه المسائل وحدها كأجمل مايكون .
لقد عرَّفنا عن أهل الضلال والانحراف فنحن معه في جدالٍ عن المعتزلة والجهمية والقول بخلق القرآن أو المنزلة بين المنزلتين أو إنكار الصفات أو الأسماء حتى إذا أمضى معنا شطراً عاد فنظر إلى الأشاعرة وعقائدهم والخوارج ونحلهم ولعمر الله ما إن تقضت وتصرمت حبال تلك الإيام حتى وصل إلى التوبة والإحسان من شر الطحاوية فكان شيئاً آخر من الزهد والورع ودقائق العبارات والإشارات ولقد رأيته بعد المغرب يحمل هم الأمة فتارة مع البدع والمنكرات وأخرى مع الصحف والمجلات لم يكن هو مجموعة من الناس بل كان أمة لوحدة قام بحمل يعجز عنه المئات وكيف لا أحزن على مثله في زمن كثر خبثه .
ولقد رأيت المئات من البشر يتدفقون على منزله في الثاني عشر من ربيع الأول لعام 1420هـ وهو اليوم الذي خرج فيه من السجن بعد خمس سنوات قضاها فيه فوالله إنه لذاك الرجل الذي دخل كأنما أدخل إلى محل يصهره مثل الذهب فخرج صافياً نقياً، هكذا حسبته والله حسيبه .
كلما جلست إليه حدثني عن البدع والمحدثات وكلما ظننت أنني سبقته بمعرفة نحلة وجدت أنني في أول الطريق بل حتى غرائب الكتب والمخطوطات كان عجيباً فيها فقد سألته مرة عن مخطوطة عندي بعنوان مسائل الامتحان للشيرازي وذكرت له أنني سألت بعض كبار العلماء المتخصصين فلم يعرفوا أن أحداً تكلم عليها فقال لي على البديهة أنها سيئة وخلاف منهج السلف ولكني لم أطلع عليها وقد ذمها ابن تيمية فقلت متلهثاً وأين ذمها ؟ فقال في المجلد الرابع من الفتاوي وهذا بعد خروجه من السجن بشهرين فقط ونحن في جبال السراة ، فلما عدت للموضع وافق الخبر الخبر ولقد صاحبت ذات مرة رجلاً متخصصاً في الصوفية ويحضر رسالة في التصوف وهو بحقٍ بحثا مطلع إلا أنه مبغض للشيخ سفر ومعاد له لأنه في نظره لايعرف الاعتقاد وقد أخذته بدون أن يشعر أو يدري فلما تواجه مع الشيخ سأله عن الصوفية وإذا بالبحر يتدفق فتحمس للسؤال عن بعض المراجع النادرة والشخصيات العابرة التي واجهه صعوبة في البحث عنها فكان جوابه أسرع في تفكيره وصوابه أكثر مما دار في خلد صاحبنا المبغض للشيخ فخرجنا بعد فوائد ومسائل فقال صاحبي غشنى فلان غشني فلان يعني الذي قدح في الشيخ وغرر بي هذا الشخص .
ولو تتبعت ماحصل في المجالس من العجائب والغرائب والفوائد لكانت مجلدات حافلة بما يرفع رؤوس أهل السنة عالياً .
ولا زلت أذكر أنني حاولت معه جاهداً أن أكتب له ترجمة فأبى وامتنع حتى إذا رأى طليعة لترجمته في إحدى المواقع كنت قد كتبتها قال لي رجاءً لاتكتب عني فأنا لا أساوي شيء ، اكتب عن العظام الكبار كالأنبياء والصحابة والتابعين من نحن حتى تكتب عنا ؟
ولقد رأيته في يوم الأحد الموافق للسابع والعشرين من الشهر السادس من عام 1411هـ وقد كان يوماً مطيراً يأتي متأخراً عن درسه المعتاد الذي يكون قبل المغرب بساعة فجاءنا بعد المغرب مباشرة وأخبرنا بأنه منع من الدروس والمحاضرات ثم أخذ يطلب منا وبإلحاح قوي أن نواصل طلب العلم وأن نستمر فيه بالقراءة على أهل العلم وأيضاً أوصى الطلاب بالهدوء وعدم الإثارة كل هذا والطلاب والله في فزع وحيرة وغم وهم ولقد رأيت الدموع تتحدر من عيني كثير منهم لفراق دروسه .
فهو غاية في التواضع والأدب وآية في الحفظ والعلم نادرة في التحليل والفهم ، جامع لكثير مما افترق ، قارئ لأخبار وآثار من سبق ، لايماري أو يجاري بل يحب التواضع وعدم الشهرة .
وكيف لايحزن الطلاب لفراق درسه وهو درس العلم والتواضع في وقت واحد فمرة حضر الشيخ ابن عثيمين فكان شيخنا كالتلميذ بين يديه ومرة حضر الشيخ ربيع المدخلي ففعل معه مثل الشيخ ابن عثيمين وتكلما في الدرس نيابة عنه ومع ماكان بينه وبين الشيخ ربيع وغيرهم كثير .
فلما حضر الداعية أحمد ديدات في المسجد وألقى موعظة بعد الدرس تكلم الشيخ والعبرة تختفه فقال ( كأني بالشيخ أحمد ديدات هو وولده يطوف به البلدان ليرد على النصارى بموسى عليه السلام وهو يقول ( إني لا أملك إلا نفسي وأخي فأفرق بيننا وبين القوم الفاسقين ) ولما دافع عنه الشيخ ابن باز ما كان ليقرأ خطابه إلا ليهدِّي الشباب المندفعين من طلابه وماذا عساي أن أصف درساً عقد منه أكثر من ثلاثمائة وثلاثين مجلساً بعد العصر ونحو ذلك بعد المغرب .
لقد جلس لنا بعد العصر لتعليم العقيدة الصافية من كتاب شرح الطحاوية لابن أبي العز وجلس لنا بعد المغرب إلى العشاء للاجابة على أسئلة الطلاب .
اللهم إنا نحمدك ونستعينك ونستغفرك ونتوب إليك ، اللهم لاتجمع علينا عسرين يا أرحم الراحمين .
في تمام الساعة الثالثة عصراً جاءني اتصال يخبرني بأن الشيخ / سفر بن عبدالرحمن الحوالي قد دخل المستشفى فجأة وفي تمام الساعة السابعة مع أذان المغرب كان عدد الاتصالات قد وصل إلى ستين اتصالاً غير عشرات الرسائل التي وصلت عبر الهاتف .
يا الله لطفك ورحمتك ، ادخل الشيخ المستشفى في غيبوبة ونزيف في المخ إلى العناية المركزة وأجريت له عملية خطيرة .
الأنترنت الخبر الأول في ساحات النقاش والحوار المواقع الإسلامية عدد من القنوات، شيء مهيب يحصل في الأمة ، لقد مرض البطل حقاً مرض البطل .
فماذا يعني ذلك ..
العلمانية حاربها فكسر أنيابها ، والصوفية بارزها ، وفضح عوارها ، والمرجئة هتك ستارها ، والأشاعرة نازلها وزلزل دارها ، والنصارى أذاقهم مُرَّ الردود ، واليهود ذكرهم بالموعود يا إلهي أكلُّ هؤلاء نازلهم سفر بن عبدالرحمن فأبغضوه وعادوه .
وغيرهم من المتزلفين والمارقين والخوارج الغالين . فماذا أبقى له من صديق ؟ لقد سلك طريقاً لايقدر عليه إلا العظماء ، ويسقط فيه الضعفاء والدهماء سلَّ الحسام وجعل الكتاب والسنة هما الإمام ، نادى مراراً للعودة إلى منهج السلف النقي التقي ولم يبال بمن ذهب من عنده أو بقي تساقطت جماجم بدع وضلالات حوله ، عاد المئات ، أسلم العشرات وهو .. هو .. ذلك الرجل النحيل المتواضع الذي لايتكلف في كلامه ولايتصنع لطلابه وزواره ، قريب من أحبائه ، يدعو بالصلاح لاعدائه أنيس مجلس ، نظيف قلب ولسان ، غيور على السنن ومحارب البدع .
وليس أدل على ذلك من الكم الهائل من المكالمات والدعوات لهذا البطل المقدام .
لقد طاف البلاد وماخاف من الإرجاف ، تعود على الوقوف في الصف لمقابلة الأفكار الضالة المنحرفة بدون أن يحني رأسه أو يسمح لخصمه أن يجد مدخلاً عليه .
عرفته عن قرب وقد قارع العلمانية والحداثة فكان أعجوبة في ذلك حتى قبل أنه مولع بكتب الكفار والمفكرين فلما قارع ودكدك حصون الأشاعرة قالوا هو متخصص في كتب علم الكلام والمنطق فلعله نزعه عرق من ابن تيمية .
ولما واجه الصوفية كان حديث الناس إذ كيف يجرؤ على مواجهة التصوف في الحجاز .
ولما أن أعلن عن عزمه على الرد على النصارى ونقض كتبهم وخرافاتهم قامت عليه الحرب الضروس من أرباب النصارى وأذنابهم .
وما أن دخلت أمريكا وحلفائها إلى الخليج حتى كان رده عليهم ونصيحته للأمة أسرع من رصاصهم فقال الناس إنه رجل فتن بالمجلات والصحف والسياسة حتى اليهود قبل سجنه وبعده أذاقهم مرارة التحدي وكان ينادي ( قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ) .
وأما حين بعث الكفار رسالة يبررون احتلال قوات بلادهم للعراق وأفغانستان أبى إلا أن تكون رسالته لهم وثيقة للتاريخ فجعلها بحق رسالة من مكة .
ولما غلا الغلاة ومرق المارقون وتذرع بفعلهم المنافقون أوقف كلاً منهم عند حده ولم يرض أن تبغي طائفة على طائفة عاملاً بقوله تعالى ( ولايجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا ) فعدل وأنصف مع الجميع فكان له من الرفعة ماكان وإني أشهد شهادة لله لقد كان درسه في جدة في شرح العقيدة الطحاوية أشبه بروضة غناء وحديقة وارفة الأرجاء طيبة الأنداء ترى أصحاب الهمم والأقلام حوله ينهلون من معينه الرقراق وهو يتدفق كالعافية تسري في بدن المريض فيجد لها لذة ونشوة وطرباً .
كم علَّمنا من مسألة وأخرجنا من معضلة ، فتارة نحن معه في مسائل الإيمان والكفر وضوابطهما عند السلف وقد أخذ منا ستة أشهر في هذه المسائل وحدها كأجمل مايكون .
لقد عرَّفنا عن أهل الضلال والانحراف فنحن معه في جدالٍ عن المعتزلة والجهمية والقول بخلق القرآن أو المنزلة بين المنزلتين أو إنكار الصفات أو الأسماء حتى إذا أمضى معنا شطراً عاد فنظر إلى الأشاعرة وعقائدهم والخوارج ونحلهم ولعمر الله ما إن تقضت وتصرمت حبال تلك الإيام حتى وصل إلى التوبة والإحسان من شر الطحاوية فكان شيئاً آخر من الزهد والورع ودقائق العبارات والإشارات ولقد رأيته بعد المغرب يحمل هم الأمة فتارة مع البدع والمنكرات وأخرى مع الصحف والمجلات لم يكن هو مجموعة من الناس بل كان أمة لوحدة قام بحمل يعجز عنه المئات وكيف لا أحزن على مثله في زمن كثر خبثه .
ولقد رأيت المئات من البشر يتدفقون على منزله في الثاني عشر من ربيع الأول لعام 1420هـ وهو اليوم الذي خرج فيه من السجن بعد خمس سنوات قضاها فيه فوالله إنه لذاك الرجل الذي دخل كأنما أدخل إلى محل يصهره مثل الذهب فخرج صافياً نقياً، هكذا حسبته والله حسيبه .
كلما جلست إليه حدثني عن البدع والمحدثات وكلما ظننت أنني سبقته بمعرفة نحلة وجدت أنني في أول الطريق بل حتى غرائب الكتب والمخطوطات كان عجيباً فيها فقد سألته مرة عن مخطوطة عندي بعنوان مسائل الامتحان للشيرازي وذكرت له أنني سألت بعض كبار العلماء المتخصصين فلم يعرفوا أن أحداً تكلم عليها فقال لي على البديهة أنها سيئة وخلاف منهج السلف ولكني لم أطلع عليها وقد ذمها ابن تيمية فقلت متلهثاً وأين ذمها ؟ فقال في المجلد الرابع من الفتاوي وهذا بعد خروجه من السجن بشهرين فقط ونحن في جبال السراة ، فلما عدت للموضع وافق الخبر الخبر ولقد صاحبت ذات مرة رجلاً متخصصاً في الصوفية ويحضر رسالة في التصوف وهو بحقٍ بحثا مطلع إلا أنه مبغض للشيخ سفر ومعاد له لأنه في نظره لايعرف الاعتقاد وقد أخذته بدون أن يشعر أو يدري فلما تواجه مع الشيخ سأله عن الصوفية وإذا بالبحر يتدفق فتحمس للسؤال عن بعض المراجع النادرة والشخصيات العابرة التي واجهه صعوبة في البحث عنها فكان جوابه أسرع في تفكيره وصوابه أكثر مما دار في خلد صاحبنا المبغض للشيخ فخرجنا بعد فوائد ومسائل فقال صاحبي غشنى فلان غشني فلان يعني الذي قدح في الشيخ وغرر بي هذا الشخص .
ولو تتبعت ماحصل في المجالس من العجائب والغرائب والفوائد لكانت مجلدات حافلة بما يرفع رؤوس أهل السنة عالياً .
ولا زلت أذكر أنني حاولت معه جاهداً أن أكتب له ترجمة فأبى وامتنع حتى إذا رأى طليعة لترجمته في إحدى المواقع كنت قد كتبتها قال لي رجاءً لاتكتب عني فأنا لا أساوي شيء ، اكتب عن العظام الكبار كالأنبياء والصحابة والتابعين من نحن حتى تكتب عنا ؟
ولقد رأيته في يوم الأحد الموافق للسابع والعشرين من الشهر السادس من عام 1411هـ وقد كان يوماً مطيراً يأتي متأخراً عن درسه المعتاد الذي يكون قبل المغرب بساعة فجاءنا بعد المغرب مباشرة وأخبرنا بأنه منع من الدروس والمحاضرات ثم أخذ يطلب منا وبإلحاح قوي أن نواصل طلب العلم وأن نستمر فيه بالقراءة على أهل العلم وأيضاً أوصى الطلاب بالهدوء وعدم الإثارة كل هذا والطلاب والله في فزع وحيرة وغم وهم ولقد رأيت الدموع تتحدر من عيني كثير منهم لفراق دروسه .
فهو غاية في التواضع والأدب وآية في الحفظ والعلم نادرة في التحليل والفهم ، جامع لكثير مما افترق ، قارئ لأخبار وآثار من سبق ، لايماري أو يجاري بل يحب التواضع وعدم الشهرة .
وكيف لايحزن الطلاب لفراق درسه وهو درس العلم والتواضع في وقت واحد فمرة حضر الشيخ ابن عثيمين فكان شيخنا كالتلميذ بين يديه ومرة حضر الشيخ ربيع المدخلي ففعل معه مثل الشيخ ابن عثيمين وتكلما في الدرس نيابة عنه ومع ماكان بينه وبين الشيخ ربيع وغيرهم كثير .
فلما حضر الداعية أحمد ديدات في المسجد وألقى موعظة بعد الدرس تكلم الشيخ والعبرة تختفه فقال ( كأني بالشيخ أحمد ديدات هو وولده يطوف به البلدان ليرد على النصارى بموسى عليه السلام وهو يقول ( إني لا أملك إلا نفسي وأخي فأفرق بيننا وبين القوم الفاسقين ) ولما دافع عنه الشيخ ابن باز ما كان ليقرأ خطابه إلا ليهدِّي الشباب المندفعين من طلابه وماذا عساي أن أصف درساً عقد منه أكثر من ثلاثمائة وثلاثين مجلساً بعد العصر ونحو ذلك بعد المغرب .
لقد جلس لنا بعد العصر لتعليم العقيدة الصافية من كتاب شرح الطحاوية لابن أبي العز وجلس لنا بعد المغرب إلى العشاء للاجابة على أسئلة الطلاب .