المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سوابق" الجنرال شارون ..............



خطاب
13 Aug 2002, 10:31 AM
سوابق" الجنرال شارون



(الشبكة الإسلامية) امنون كابليوك *


يستعرض الصحفي امنون كابليوك هنا سجل جرائم شارون السابقة ، لكن قلم الكاتب دفع بالمقال للنشر في صحيفة الليموند ديبلوماتك الفرنسية قبل مدة من احتفال سجل شارون بالمزيد من الجرائم التي آبرزها مجزرتا غزة وجنين .
ـــــــــــ
حوالي خمسين قتيلا في تسعة أيام: تلك هي محصلة العملية التي نفذها رئيس الوزراء الإسرائيلي في 18 تشرين الأول/أكتوبر إثر اغتيال وزير السياحة (المستقيل) رحبعام زائفي. وكما حصل غداة اعتداءات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر أعاد الجيش الإسرائيلي احتلال ست مدن تابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية حتى أثمرت الضغوط الأميركية والأوروبية عن إعلان إسرائيلي بالانسحاب.
وقد فرض الجيش على الأرض حصارًا حقيقيًا على السكان المدنيين خارقًا في ذلك -وبحسب تعبير وزارة الخارجية الفرنسية - ما ينص عليه "قانون حقوق الإنسان الدولي" [2] . ويبدو رمزيًا في هذا السياق المصير الذي لقيته مستشفى العائلة المقدسة في بيت لحم والموضوعة تحت الحماية الفرنسية وقد تعرضت لإطلاق قذائف متكررة من الدبابات الإسرائيلية.
لكن الأسوأ حدث في بيت ريما حيث عمد الجنود الإسرائيليون إلى إحكام الطوق طوال يومي 23 و24 تشرين الأول/أكتوبر حول هذه القرية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية وصولاً إلى حد منع سيارات الإسعاف من الدخول إليها. وقد كانت حصيلة عمليات "التمشيط" 9 قتلى من بينهم خمسة عناصر من الشرطة الفلسطينية إضافة إلى عشرات الجرحى. أما قتلة الوزير زائفي فقد أُعلن عن اعتقالهم قبل العملية…
ذلك أن الجنرال شارون يتجاهل مقاومة الاحتلال وعمليات القمع مدعيًا خوض "حرب ضد الإرهاب". لذلك مارس التصفيات الجسدية (أكثر من خمسين خلال عام من الانتفاضة) ، وتدمير البيوت والحقول واقتلاع عشرات الألوف من الأشجار وخصوصًا الزيتون ، إضافة إلى مصادرة الأراضي الفلسطينية. تدمير من جهة وإعمار من جهة أخرى للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. ويتسبب إغلاق المدن والقرى الفلسطينية في بطالة لا سابق لها تصل إلى 50 في المئة من اليد العاملة.
اضطر العديد من النساء الفلسطينيات لأن يلدن أطفالهن أرضاً بالقرب من الحواجز الإسرائيلية أمام أعين الجنود الصارمين ، وقد توفي طفلان عند ولادتهما. وفي 19 تشرين الأول/أكتوبر توفيت امرأة حامل عند أحد المعابر وكانت الضحية الفلسطينية الخامسة والعشرين التي تتوفى منذ بدء الانتفاضة بسبب عدم إمكانية إيصالها إلى المستشفى.
تندرج ممارسة شارون هذه في سياق حياة مكرسة كلها للحرب ضد العرب. فمن الهجمات التي قادها ما وراء الحدود في الخمسينيات على رأس الوحدة العسكرية 101 السيئة السمعة، وصولاً إلى سياسته الراهنة كرئيس للوزراء لم يتغير نهج أرييل شارون الذي يختصر باللجوء إلى القوة والتدمير على خلفية احتقار الأرواح البشرية لخصومه العرب. ولمناسبة انتخابه رئيساً للوزراء في شباط/فبراير 2000 أمل البعض في رؤية "شارون جديد" أكثر اعتدالاً وأقل عدائية. لكن الآمال خابت إذ وصل إلى رأس السلطة شارون نفسه المعروف بعملياته الانتقامية منذ ما يقارب الخمسين عاماً.
حصلت أولى هذه العمليات ضد قرية كيبيا الفلسطينية في الضفة الغربية خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 1953. وكانت قيادة الأركان قد طلبت منه رداً على هجوم دموي نفذته مجموعة فلسطينية تسللت إلى إسرائيل، أن يفجر بعض بيوت القرية لدفع سكانها إلى الفرار. لكن "ارييل" الشاب فضل اللجوء إلى خطة أخرى إذ أقدم جنوده على تفجير 45 منزلاً مع ساكنيها بواسطة 600 كلغ من المتفجرات. فقضى 69 شخصًا ، نصفهم من النساء والأطفال تحت الأنقاض كما ارتفع عدد الجرحى إلى العشرات.
لم تكن عملية كيبيا حادثة معزولة ؛ إذ انتهت جميع العمليات التي قادها شارون خلف خطوط الهدنة مع الدول العربية إلى خسائر مرتفعة في صفوف الخصوم لم تأمر بها قيادة الأركان أو الحكومة. ففي شباط/فبراير 1955، أوقع الهجوم الذي قاده ضد معسكر مصري في غزة 38 جنديًا مصريًا، سقطوا جميعهم تقريبا في كمين نصبه لهم جنود شارون. وبعد هذه الخسارة، قرر الرئيس المصري جمال عبد الناصر إبرام صفقة سلاح كبيرة مع الكتلة السوفياتية. وفي شهر كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه، توج الهجوم على مواقع سورية بالقرب من بحيرة طبريا بمقتل 56 جنديا سوريا. وقد أقلقت هذه النتائج "الناجحة أكثر من اللزوم" التي حققها هذا الضابط الشاب المتحمس، رئيسَ الوزراء في حينه، ديفيد بن غوريون مع أنه مصنّف بين الصقور!
أما الكولونيل موشي دايان فقدم له الأمور على هذا النحو: "إن النتيجة التي يحققها "أريك" تصل إلى عشرات القتلى، فهو لم ينجز عملية لم يوقع فيها هذا العدد في صفوف العدو" [3] .
في مطلع السبعينيات كان الجنرال شارون بصفته مسؤولاً عن القطاع الجنوبي، يقود الحملة ضد الفدائيين في قطاع غزة الذي تحتله إسرائيل منذ العام 1967. فوضع لائحة بأكثر من مئة فلسطيني "مطلوبين" وراح يصفيهم واحدًا تلو الآخر. في الفترة نفسها، اعتمد القوة العسكرية دون أوامر عليا لطرد الألوف من البدو من منطقة رفح جنوب قطاع غزة. وقد تم تدمير منازلهم وردم آبار المياه حولها. تعرضت إسرائيل لموجة استنكار من جراء هذه "السياسة اللا أخلاقية" التي تحرم شعبًا تحت الاحتلال من أبسط حقوقه.
في نهاية نيسان/أبريل 1985، تم إخلاء صحراء سيناء عملاً باتفاقية السلام المصرية ــ الإسرائيلية، لكن فصلها الأخير كتبه شارون في دور نيرون ولو دون موسيقى: التدمير الكامل لمدينة يميت التي شيدت في سيناء تحت الاحتلال الإسرائيلي. فلقد قرر (وحده) أن مصر لا تستحق امتلاك هذه المدينة الجميلة فأمر بهدمها.
وبعد أشهر أتاحت حرب لبنان (حزيران/يونيو 1982) إدراك الخيط الأحمر الرابط بين تدمير كيبيا ويميت والخراب الذي أوقعه السيد شارون نفسه في العاصمة اللبنانية حيث قيادة الفدائيين ، ولكن أيضا حيث يقطن مئات الألوف من المواطنين، رجالا ونساء وأطفالا، من الذين لا علاقة لهم بالنزاع.
كتب الصحافيان الإسرائيليان زئيف شيف (هاآرتس) وايهودي يعري (من التلفزيون الإسرائيلي): "ولدت حرب لبنان داخل العقل المضطرب لرجل صاحب تصميم لا حدود له جرّ أمة بكاملها وراء البحث العبثي عن أهداف خيالية في قسم منها. فلقد بنيت هذه الحرب على الأوهام واتسم مسارها بالترتيبات الدنيئة ، وجاءت نهايتها مليئة بالخيبة (...). إذا أردنا استخدام لغة حادة يمكننا التأكيد أن ما حصل في إسرائيل خلال التحضير لهذه الحرب والأشهر الأولى لانطلاقها هو انقلاب من الصنف غير العادي (...). فبدل السيطرة على مؤسسات القرار في الدولة أو حلها كما يفعل الانقلابيون عادة، أوجد شارون صيغة سمحت له بمصادرة آلية اتخاذ القرارات. فحرم المؤسسات الديموقراطية من سلطة الرقابة والإشراف، كما أضعف الكوابح التي تشكل جزءا من نظام الحكم" [4] .
لقد أوقع اجتياح لبنان وحصار بيروت (حزيران/يونيو ــ آب/اغسطس 1982) 15 ألف قتيل مدني بين اللبنانيين والفلسطينيين. فالطائرات كانت تشن هجمات يومية على العاصمة وقد تكثف القصف في مطلع آب/أغسطس إلى درجة اضطر معها الرئيس رونالد ريغان للاعتراض لدى مناحيم بيغن على هذه "الأفعال غير المقبولة"، فأقدم عند ذاك رئيس الوزراء على تدبير غير مسبوق عندما سحب من وزير دفاعه الحق في قصف بيروت بالطيران.
في منتصف أيلول/سبتمبر 1982 وبعد أسبوعين على مغادرة مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية العاصمة اللبنانية، أقدم شارون على احتلال بيروت ناقضًا بذلك وعودا كان قطعها. وبعد 24 ساعة دخلت ميليشيا الكتائب المارونية اليمينية المتطرفة والحليفة لإسرائيل إلى مخيمي صبرا وشاتيلا في جنوب المدينة تحت أنظار الجيش الإسرائيلي وبمساعدته ومباركة السيد شارون. وراح المجرمون يجهزون على السكان في شكل منظم وكان جنود الجنرال شارون موجودين في محيط المخيمات حتى إن موقع قيادة العمليات الإسرائيلية كان يطل على مسرح المجزرة وهي من الأفظع في تاريخ النزاع العربي ــ الإسرائيلي [5] . وبعد انقضاء ساعتين على بداية المجزرة كانت التقارير بدأت تصل إلى القيادة الإسرائيلية لكن لم يتحرك أحد لوقفها. ولم تتوقف المذبحة قبل 48 ساعة، فكانت المحصلة رهيبة: أكثر من ألف قتيل غالبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ. كما عمد المهاجمون إلى اختطاف مئات غيرهم من سكان المخيم الذين لا يزالون في عداد "المفقودين" حتى اليوم.
وخلصت لجنة تحقيق إسرائيلية إلى تحميل الجنرال شارون مسؤولية شخصية عن المجزرة وأوصت بسحب صلاحياته كوزير للدفاع [6] ، فاضطر هكذا إلى التخلي عن هذا المنصب الذي يسعى إليه العسكريون.
أما الوسيط الأميركي السيد فيليب حبيب الذي أشرف على خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت فكان في حالة غضب شديد: "إن شارون سفاح يدفعه كرهه للفلسطينيين. لقد قدمت ضمانات إلى عرفات بأنه لن يتم التعرض للفلسطينيين (الباقين في بيروت)، لكن شارون لم يحترم هذه الضمانات. إن وعدًا يعطيه هذا الرجل لا يساوي شيئًا" [7] .
هذه الصفة امتاز بها شارون طوال مسيرته العسكرية والسياسية. حتى إن بن غوريون الذي كان معجبًا بهذا العسكري الشاب والجسور تساءل إذا كان "ايريك" قادراً على قول الصدق يومًا.
ـــــــــــــ
[1] صحافي، القدس
[2] وكالة فرانس برس، 25/10/2001
[3] Uzi Benziman, Sharon ne s'arrête pas au (feu) rouge, Ed. Adam, tel Aviv, 1985.
[4] Zeev Schif, Ehoud Yaari, Guerre trompeuse, Ed. Schocken, Tel Aviv, 1984
[5] Amnon Kapeliouk, Sabra et Chatila, Enquête sur un massacre, Seuil, Paris, déc.1982
[6] كتبت لجنة كاهان: "يجب تحميل وزير الدفاع مسؤولية إهمال الأخطار حول حدوث أعمال ثأر ومجازر ينفذها رجال الكتائب ضد سكان المخيمات، ولأنه لم يأخذ في الحسبان هذا الخطر عندما أدخل الكتائب إلى المخيمات. من جهة أخرى يجب تحميل وزير الدفاع مسؤولية عدم إعطاء الأوامر اللازمة لتفادي أو لمنع خطر وقوع مجزرة وذلك كشرط مسبق لدخول الكتائب إلى المخيمات. وتشكل هذه الأخطاء تخلفا عن المهمة الموكلة إلى وزير الدفاع".
[7] باتريك سيل، الأسد، المؤسسة العامة للدراسات والنشر، بيروت.

الإثنين : 05/08/2002

منقول