المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمريكا وبريطانيا تقترفان أكبر كارثة بضرب العراق



خطاب
13 Aug 2002, 10:47 AM
أمريكا وبريطانيا تقترفان أكبر كارثة بضرب العراق



(بعد أقل من شهر على تعيين الأسقف الجديد للكنيسة البروتستانتية الأنجليكانية البريطانية، وقف هذا بقوة ضد توجهات بلير بضرب العراق، ووصف ذلك بأنه سلوك غير أخلاقي ، كما أكد آخر استطلاع للرأي العام البريطاني على معارضة نسبة كبيرة من البريطانيين لمشاركة عسكرية بريطانية في حرب قادمة في العراق. وأشار الاستطلاع الذي أجرته القناة الرابعة بالتلفزيون البريطاني أن 52 في المئة لا يوافقون على الاستعانة بالقوات البريطانية، في حين أن 34 في المئة فقط يؤيدون ذلك في حالة شن الولايات المتحدة لحرب على العراق.

ووسط تكهنات بأن بلير من المحتمل أن يكون قد تعهد بشكل غير معلن بتأييد الرئيس الأمريكي جورج بوش في حالة الهجوم على العراق أعرب الكثير من الساسة والمعلقين عن قلقهم. وقال تام دالييل، وهو واحد من أكبر منتقدي بلير في حزب العمال: إن بلير لابد أن يستدعي البرلمان من عطلته الصيفية لمناقشة أهم قرار في الحياة السياسية لأعضاء البرلمان.
وكان ذلك بعد تحذير من الفيلد مارشال اللورد برامول الرئيس السابق للأركان من أن بلير بذلك قد يستدرج إلى حرب فوضوية للغاية في الشرق الأوسط في حالة مشاركته في الهجوم على العراق. كما تزامن مع قرار للبحرية الملكية بإرسال حاملة الطائرات آرك رويال إلى البحر المتوسط، مما أثار تكهنات بأنها تتخذ موقعا تحسبا لأي هجوم في المستقبل. إلا أن الحكومة البريطانية نفت ذلك.

وتنسجم نتائج الاستطلاع مع جهود أخرى معارضة للحرب في العراق، حيث قدمت أمس مجموعة من رجال الكنيسة البارزين في بريطانيا عريضة يعارضون فيها أي تدخل بريطاني في العراق، واعتبروا الحرب غير أخلاقية وغير قانونية.
وانضم إلى العريضة أسقف الكنيسة الإنكليزية المنتخب روان ويليامز والزعيم الروحي لنحو 70 مليون أنجليكاني في كل أنحاء العالم، إلى أكثر من 2500 شخصية وقعوا على العريضة التي أدانت أي عمل عسكري محتمل تقوده واشنطن ضد بغداد.
وجاء في العريضة التي أشرفت على تنظيمها مجموعة باكس كريستي المسيحية: من المؤسف أن أقوي دولة في العالم ما زالت تعتبر الحرب والتلويح بها أداة مقبولة في السياسة الخارجية، وكطريقة لانتهاك المبادئ العامة للأمم المتحدة والتعاليم المسيحية الأخلاقية .

ويشير موقف الكنيسة من ضرب العراق لإجماع لم يحصل داخل أطر المؤسسة الدينية البريطانية منذ الحرب العالمية الثانية، فمع أن رجال الدين الذين انقسموا على أنفسهم في حرب الفوكلاند في الثمانينات من القرن الماضي، جاء الموقعون ليمثلوا كل الطيف الديني بتنوعاته المحافظة والليبرالية.
ويعتبر احتجاج القادة المسيحيين واحدًا من مظاهر النقد الموجه لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي تردد حتى الآن بتقديم أي شرح للرأي العام البريطاني حول الموقف البريطاني الواضح من الحرب، مع أن بلير ـ وتساوقا مع التهديدات القادمة من داخل البيت الأبيض ـ شدد لهجته ضد العراق والرئيس العراقي صدام حسين.

ويطالب عدد من أقدم النواب العماليين في البرلمان البريطاني رئيس الوزراء بمناقشة موضوع الحرب في العراق علانية، فقد كتب تام دالييل لبلير يطالبه بمناقشة الموضوع، معتبرًا أن علي بلير تقع مسؤولية أخلاقية بهذا الشأن. ويبدو أن دالييل حصل على وعد من الحكومة بمناقشة الموضوع حالما يتم اتخاذ قرار بإعلان الحرب.
وقررت مجموعة باكس كريستي المسيحية الداعية للسلام تقديم العريضة لبلير في الذكرى السنوية لاستخدام القنبلة الذرية ضد المواطنين اليابانيين في هيروشيما عام 1945.
وكان من بين الموقعين على العريضة أسقف غيلفورد الذي قال لصحيفة التايمز: نريد توضيحا أخلاقيا ومبررًا لهذا الفعل، وحتي الآن لم نحصل عليه .
وقالت الدكتورة تينا بييتي من الجماعة المسيحية التي أشرفت على العريضة: إن هناك عددا متزايدا من الاشخاص الذين يعبرون عن امتعاضهم من الخطط الأمريكية. وقالت: إن الحرب ستكون لها اثار خطيرة ومدمرة على شعوب الشرق الأوسط، وإن هناك واجبا أخلاقيا على المسيحيين لمعارضتها. وكان الإعلام البريطاني قد تكهن يوم أمس الأول من أن إرسال حاملة الطائرات البارجة آرك إلى الخليج العربي تعتبر جزءًا من التحضيرات للهجوم على العراق. إلا أن الحكومة ردت علي التكهنات باعتباره كلاما تافها، وأن إرسال البارجة جزء من برنامج يجري الإعداد له سلفا منذ العام الماضي.
إلا أن أحد مسؤولي حزب المحافظين المعارض، أخبر هيئة الإذاعة البريطانية أن هناك مخاوف من بدء الحكومة بنشر القوات البريطانية في الخليج، وأن إرسال البارجة، ما هو إلا رسالة عن طبيعة القوات التي تخطط الحكومة لإرسالها للمنطقة.

وحذر مسؤول بريطاني سابق من الحرب في العراق، إلا أنه تكهن أن أمريكا تخطط لعملية عسكرية سريعة ذات نتائج جيدة، إما من خلال انقـلاب داخل العراق، أو عملية من خارجه، وفي كلا الحالتين فإن هذه العملية السريعة التي ستحاول أمريكا القيام بها دون الرجوع للقانون الدولي، ستجعل كثيرًا من المشككين ينسون شكوكهم كما يقول وزير الخارجية السابق لورد دوغلاس هيرد.

وقالت مصادر إعلامية: إن مخاوف عدد من رجال القوات المسلحة لا تنبع من عجزهم عن ضرب القدرة العسكرية العراقية، وإنما من آثار هذه الحرب على الشرق الأوسط، وقال مسؤول عسكري كبير: إن السعوديين خائفون، مشيرًا إلى التهديدات الأمريكية لضرب العراق.
ويتركز النقد الدائر الآن في الصحف المعارضة للحرب إلى أن الحرب التي تخطط لها أمريكا في العراق لا استراتيجية واضحة لها، وليس لها أي سند قانوني. وحسب أحد كتاب الغارديان لا تخدم إلا المصالح المحلية لإدارة بوش، حيث سيستخدم انتصاره في العراق كرافعة انتخابية له، كما أن إدامة الحرب في المنطقة تعني ديمومة الجمهوريين في البيت الأبيض.

وحذر دينيس هيلي، وزير المالية والدفاع البريطاني السابق من الانخراط في حرب لا استراتيجية لها. وقال: إن ما يجب تغييره ليس النظام العراقي، ولكن سياسة أمريكا تجاه الشرق الأوسط. وطالب هيلي واشنطن برسم سياسة جديدة، تمنع رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون من ممارساته ضد الفلسطينيين، وتوقف المستوطنات، وتوقف عمليات النيل من السلطة الوطنية الفلسطينية.
وطلب هيلي من بلير أن يمتنع عن دعم الدعوات الأمريكية للإطاحة بعرقات، مشيرًا إلى أن السياسة البريطانية تجاه الشرق الأوسط ـ خاصة بعد الحرب العالمية الثانية ـ اتسمت بالجهل وقصر النظر، مذكرًا أن حرب الخليج الأولى كانت كارثة على المدنيين في الشرق الأوسط، وبافتعال حرب جديدة فأمريكا وحليفتها بريطانيا ستقترفان أكبر الكوارث في التاريخ.


منقول