ابن القيّم.....وأرباب الذباب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأولياء والمرسلين نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
من هم أرباب الذّباب؟؟؟
وما علاقة ابن القيّم بهم؟؟؟
ولماذا سُمّوا بأرباب الذباب؟؟؟
أرباب الذّباب : هم من يتصيّدون عيوب الناس مع إبعاد حسناتهم .
ولنضرب لذلك مثلا قريبا وهو واقع في هذا الوقت ، ألا وهو تصيّد عثرات العلماء والدعاة ، يحصل من بعض الناس - وربما الملتزمين منهم - الوقوع في غيبة العلماء والدعاة والمصلحين عبر تتبّع عثراتهم وأخطائهم ثم نشرها على الملأ ، متناسين حسناتهم العظيمة في نفع الأمة وشباب المسلمين ، متناسين فضل هؤلاء على شباب الصحوة الإسلاميّة ، متناسين مؤلفاتهم وأشرطتهم النافعة ، متناسين دروسهم العلميّة النافعة ، متناسين تلك الحسنات أمثال الجبال ، متصيدين تلك الأخطاء القليلة ، والتي ربما خيّل إليهم أنها أخطاء وهي ليست أخطاء - تجد أن العالم قد شابت لحيته ، ناشرا للعلم داعيا إلى الكتاب والسنّة ، ثم يأتي ( طويلب علم ) أو جاهل أو عامّي أو مقلّد أعمى ، فتجده يخرج المذكّرات والأشرطة والمقالات يحذّر منه ويبدّعه ، وبعضهم ينتقصه في الإستراحات والمجالس .
إلى هؤلاء وأمثالهم أهدي هذه الكلمات لهم ، وهي كلمات لأمام من الأمة العظماء - رحمة الله عليهم - ألا وهو
ابن القيم - رحمه الله رحمة واسعة - ، حيث يقول رحمه الله ، في كتابه الرائع ( التوبة ) ص232 بعد أن قسم الناس بصفت الحيوانات :
( ومن الناس من طبعه طبع خنزير يمرّ بالطيّبات فلا يلوي عليها . فإذا قام الإنسان عن رجيعه ذمه ، وهكذا كثير من الناس . يسمع منك ويرى من المحاسن أضعاف أضعاف المساوئ فلايحفظها ولاينقلها ولاتناسبه، فإذا
رأى سقطة أو كلمة عوراء وجد بغيته ومايناسبها ، فجعلها فاكهته ونقله ) اهـ .رحمك الله أيها العالم الجهبذ.
إلى أولئك الذين جالوا ومالوا ، وأبدوا وأعادوا ، وقعقعوا وفرقعوا في ذلك الطريق ، أقول لهم : ابحثوا في عيوبكم ، واتركوا عيوب خلق الله .
يقول ابن عباس رضي الله عنه: ( إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوبك )
ويروى عنه صلى الله عليه وسلم مرفوعا: ( يُبصِر أحدكم القذاة في عين أخيه ولا يبصر الجذع في نفسه ) .
قال الإمام أبو حاتم بن حبان رحمه الله (الواجب على العاقل لزوم السلامة بترك التجسس عن عيوب الناس، مع الاشتغال بإصلاح عيوب نفسه، فإن من اشتغل بعيوبه عن عيوب غيره ؛ أراح بدنه ولم يتعب قلبه، فكلما اطلع على عيب لنفسه هان عليه ما يرى مثله من أخيه، وإن من اشتغل بعيوب الناس عن عيوب نفسه عمي قلبه وتعب بدنه، وتعذر عليه ترك عيوب نفسه، وإن من أعجز الناس من عاب الناس بما فيهم وأعجز منه من عابهم بما فيه، ومن عاب الناس عابوه).
وعن محمد بن سيرين رحمه الله قال: ( كنا نُحَدَّثُ أن أكثر الناس خطايا أفرغُهم لذِكْرِ خطايا الناس ) .
وقال مالك بن دينار: ( كفى بالمرء خيانة أن يكون أميناً للخونة، وكفى المرء شراً أن لا يكون صالحاً ويقع في الصالحين ) .
وصدق الشافعي - رحمه الله رحمة واسعة - حين قال :
إن شئت أن تحيا ودينك سـالم وحـظـك موفـور وعرضك صيّـنُ
لسانك لا تذكر به عورة امـرئ فـكـلك عـورات وللنـاس ألـســــنُ
وعينك إن أبدت إليك مساوئـاً فصنها، وقل: يا عين للناس أعينُ
فلنشتغل أيها الأحبة بعيوب أنفسنا ، ولنحترم علمائنا ودعاتنا وندعو لهم بالتوفيق والسداد ، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يهدينا إلى صراطه المستقيم ، ويجمعنا في جنات النعيم ، ويقينا حر الجحيم ، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في كل مكان وتحت كل سماء ، اللهم انصرهم في الشيشان وفي أفغانستان وكشمير وفلسطين...
اللهم سدد رميهم ، اللهم ثبت أقدامهم ، اللهم انصرهم على عدوّك وعدوّهم ، اللهم وحّد صفوفهم ، وأنزل السكينة ياذا الجلال والإكرام...
اللهم عليك بدول الكفر والطغيان...
اللهم عليك بأمريكا وأعوانها من الكفر والمنافقين ، اللهم أنزل عليهم عقابك ياجبار ياقهار ، فإنهم لايعجزونك اللهم زلزلهم واجعلهم لمن خلفهم آية...
اللهم اهد ولاة أمورنا ، وارزقهم البطانة الصالحة ، ووفقهم لتحكيم الشريعة تحكيما عاما ياحي ياقيوم ، اللهم أبعد عنهم كيد الفجار ، وشر الأشرار ياذا الجلال والإكرام...
وصلى الله على الحبيب وسلّم
أخوكم المحب
الباحث عن الحق
وقفة :
شر الورى من بعيب الناس مشتغلاً مثل الذباب يراعي موضع العلل
