مقال رائع لماضي الماضي: عمارة يعقوبيان
اعجبني كثيرا هذا المقال لصدقه وخلوه من قذارة الاعلام ...
[line]
عمارة يعقوبيان
ماضي الماضي
منذ عام ونحن نقرأ ونشاهد ونسمع كل اسبوع بل ان هذا الامر اصبح شبه يومي في الشهر السابق والحالي عن اضخم انتاج سينمائي تعرفه السينما المصرية والمتمثل في فيلم (عمارة يعقوبيان) المأخوذ عن رواية طبيب الاسنان علاء الاسواني والتي صدرت في عام 2000 والذي كتب له السيناريو والحوار الكاتب الكبير وحيد حامد واخراجه ابنه مروان حامد اما البطولة فيتقاسمها مع النجم عادل امام كل من نور الشريف ويسرا واسعاد يونس واحمد بدير واحمد راتب والدفراوي وغيرهم.
قيل ان هذا الفيلم سيكتسح سوق الافلام حتى ان نجوم افلام الايرادات من الكوميديين الجدد تركوا لهذا الفيلم الساحة ليبدأ الموسم وحيدا ويأكل الجو وبعد ما يلتهم مافي الجيوب ويرضي مافي النفوس يبدأون في سباق للفوز بالجمهور في ماتبقى من الموسم الصيفي والحقيقة ان هذا الفيلم اكتسح السينما المصرية فعلاً ولكن بخيبة كبرى وبآمال تتباعد عن تقديم سينما عربية مشرفة ومن قبل رائدتها الوحيدة في العالم العربي (مصر).
انا لم اقرأ الرواية ولكنني قرأت الكثير عنها وماشاهدته ترك الكثير من احداث الرواية او لعله صاغها بما يتناسب والرؤية السينمائية فشخوص الفيلم هم سكان عمارة يعقوبيان بشققها وسطوحها وهي العمارة الكائنة في شارع طلعت حرب بالقاهرة حتى يومنا هذا وربما كانت الرواية جميلة في نظر البعض ولكن الفيلم حولها الى رواية قبيحة في نظر الكل.
قيل ان ميزانية الفيلم 22 مليون جنيه وهذه هي الضخامة التي تحدثوا عنها فالمبلغ لم ينفق على ضخامة الانتاج ولكنه ذهب على مايبدو كأجور للممثلين لان الفيلم بعد انتاجه لايصنف ضمن الضخم في امكانياته اطلاقاً.
وحتى تتاح لكم مشاهدة هذا الفيلم تذكروا قبل ان تشاهدوه ان نسبة 90٪ من مشاهده تتضمن مايلي:
1 - العلاقات الجنسية بين الرجال والرجال.
2 - العلاقات الجنسية المحرمة بين الرجال والنساء.
3 - كل من يدخل المسجد ليصلى سيتحول شكلياً في الايام التالية الى رجل يرتدي الثوب الابيض والعمامة البيضاء ويطلق لحيتة ويحسن شاربة وبعدها بشهر سيتحول الى ارهابي يسعى للانتقام من كل من حرمه من وظيفة او غيرها.
4 - اسهل من يصل الى مجلس الشعب هم تجار المخدرات الذين يستطيعون عبر الاموال المحرمة شراء الطريق الى الكرسي.
5 - الغني مفتري والفقير مضطهد.
قد يكون كاتب الرواية طرح كل هذه كرموز لحالة سياسية خاصة تفهم بشكل واضح من خلال اسلوب كتابة الرواية ولكنها عندما تحولت الى فيلم فقدت تلك الرمزية التي يقصدها الروائي وتحولت الى مجموعة من المشاهد غير المتجانسة والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
1 - مشاهد للعلاقات الجنسية بين الرجال والرجال عبر شخصية رئيس تحرير الجريدة الشاذ وبنسبة تصل الى 10 ٪ حيث لايكتفي المخرج بالايحاء فالمشاهد في نظره غبي لايفهم الا بالطرح المباشر ولو سمحت الرقابة بالمزيد لتحولت كل المشاهد الى ماهو اكثر من الطرح الصريح.
2 - عادل امام لايزال ذلك (الدون جوان) الذي تقع كل النساء في غرامه رغم ان قسمات وجهه توحي بأنه على اعتاب السبعين .
3 - نور الشريف لايزال يقدم دور التاجر الذي يدعي التقوى وهو عنها بعيد فهو يتعاطي المخدرات بشرب سجائر الحشيش مع ابنه وكأنهم في غرزه قبل ان نكتشف انه حقق ثروته الهائلة وهو ملمع الجزم من تجارة المخدرات.
4 - يسرا مغنية اجنبية تشدو بأغانيها الفرنسية والانجليزية على مدار عشر مدة الفيلم.
5 - من الصعوبة ان يتم حصر عدد زجاجات البيرة والكحول التي تم فتحها وشربها في الفيلم ولاتوجد اي مشاهد لشرب الماء او الشاي فالحياة كلها كحول.
6 - الصلاة للارهابي فلايتواجد في المساجد غيرهم.
7 - التعامل مع الله يتم وفق هذا المنطق (البطل يقول) (ان الله جل جلاله سيمنحه نسبة 20 ٪ خصم على ذنوبه وقد تزيد الى 30 او 40 او 80 بل انها قد تصل الى 100 ٪ لان الله غفور رحيم».
8 - البنت تسعى لسداد دين والدها ليس لان اعماله معلقة بين السماء والارض ولكن حتى يدخل الجنة (وكأن مابين الجنة والنار ذلك الدين فقط).
9 - الشاذ يبرر شذوذه بان الزنا حرام فالزنا قد ينتج عنه ابناء لايعرف من ابائهم والشذوذ لايخلف الابناء.
10 - كانت نهاية الشاذ على يد حرامي وكان من الاجدى ان تكون على يد اخطر الامراض وهو الايدز فالحرامي يمكن تجنبه اما الايدز فعبرة لكن من اراد ان يعتبر (في الرواية كان الراوي يقصد امراً آخر) ولكن في الفيلم كان تغيير المفهوم سيكون اوقع.
11 - مشاهد الجنس اعتقد انها تؤهل الفيلم الى الحصول على جائزة اقبح فيلم لانه حقيقة لايحترم ان الحضور هم من العوائل اباء وامهات واطفال وشباب وشابات اتوا على سمعة وجود فيلم يخاطب عقولهم فوجوده كتالوج لاشكال متعددة من العلاقات المحرمة.
ولو اخذنا بعض العبارات التي يعتقد كاتب الفيلم انها هي المحرك للاحداث مثل.
1 - مصر مش للمصريين (لتساءلنا ترى ماهو تعريف المصريين اليسوا هم الخمسة وسبعون مليون مواطن مصري) ام ان التعريف الجديد هو ان الاثرياء ليسوا مصريين وان المصريين هم فقط الفقراء والغلبانين.
2 - لو الحياة من غير جوازات سفر لهج كل المصريين (ترى الى اين سيهجون ومن ماذا ومن سيبقى بعد مايهجون).
3 - احراق العلم الاسرائيلي اصبح كليشة موجودة في كل فيلم بسبب وبدون سبب بس حتى نقول ان الفيلم يرفض التطبيع (طيب والله العظيم ان مشاهد العلاقات الجنسية في الفيلم هي اكبر تطبيع مع اي حد لاقيم ولا مبادىء له كالدولة اليهودية).
4 - فرض الشخصيات القبطية ضمن احداث الفيلم دون مبرر منطقي بهدف تأكيد التعايش السلمي بين المسلمين والاقباط.
ماذا اصاب السينما المصرية؟
هل فشلت حتى في تحويل حتى الروايات الناجحة الى افلام ناجحة؟
الا يوجد غير مشاهد الجنس وسيلة للجذب؟
اننا نشاهد مئات الافلام الامريكية ولايوجد واحد منها بدون هدف وبدون فكرة تجعلك تشاهد الفيلم بعقلك قبل ان تشاهده بعينيك ولايعنيك ان كان به احضان او قبلات لان الفكرة تطغى على الكثير من المشاهد.
لو قلنا ان السينما المصرية للمصريين فقط فهذا خطأ لانها هي الصناعة الوحيدة في العالم العربي التي تنفرد بها مصر فهي اذاً للعرب جميعاً ولهذا اين هي من عقولنا والى متى والسينما تخاطب الفقير وتحرضه على الغني والى متى وهي تقدم الاغنياء منحلين من كل القيم والاخلاق وماهو الحل من وجهة نظر كتاب هذه الافلام الذين لايقدمون لنا اكثر من مفهوم ان الشمس تشرق صباحاً وتغرب ليلاً اننا نفهم كل هذا ومانريد ان نفهمه اكثر هو ان الشمس تشرق كل صباح وهي محملة بالامال والاحلام والطموحات وتغرب لتحمل معها الهموم والآمال لننتظرها في اليوم التالي بمزيد من الآمال والاحلام والطموحات.
الايكفي المواطن العربي ماهو فيه من هم وغم لنزيد همومه ونعقدها او نسفه همومه واحلامه ونختزلها في عالم يحميه مجموعة من المنحلين فلم ار في هذا الفيلم اي نموذج اجابي الكل سلبيون وفسقة ومجرمون واذا كان كل افراد المجتمع بهذه الصفات فلماذا يهربون من بلدهم؟
ليبقوا فيها بدلاً من نشر الوباء في كل المعمورة.
هذا ماقدمه النجوم الكبار لكم في هذا الموسم فماذا سيقدم النجوم الصغار من افلام اذا كان هذا ماقدمه قدوتهم.
على السينما المصرية او لنقل العربية التي منح توكيلها الحصري للمصريين السلام.
ارفقوا بشبابنا وشاباتنا ارفقوا بعقولنا ارفقوا بأحلامنا وامالنا او دعونا في سلام من كل هذه الافلام.
http://www.alriyadh.com/2006/07/09/article170065.html
